نحتاج من يذكّر الناس، أنهم يوم يؤدون صلاة عيد نهاية الشهر في (مسجد العيد) الواقع بحكمة إلهية تقريبا!، في المنطقة المحايدة بين فرجان، العوضية بعمقها، والفاضل بعمقه، والصفافير بعمقه،.. نحتاج من يذكرهم أن هذا المسجد ليس مبنى ضخما، أنه هو كائن حي محبوس خلف جدران كونكريتية، عاقبته بها، نزعة أمن الدولة نظير ادائه الوطني المتميز، عقابا شديدا، ثم تآمرعليه (أقرأوها تحاملت) عليه ست من جمعياتنا السياسية تحاملا مشينا، حين أسقطته من ذاكرتنا في حفل رسمي، شيد خصيصا لترميم تلك الذاكرة!
على الرغم من أن ما حدث في قاعة المعارض مساء الأربعاء الماضي، كان مجرد إخفاق إداري - آخر -، لاعلاقة له كما أسلفنا بالنوايا أو بالجهود العضلية أو بالهمة الوطنية التي بذلها أعضاء اللجنة العليا الممثلة للجمعيات، لكنه إذ يتناسخ مع إخفاقات أخرى سابقة لجمعياتنا السياسية، ويأتي في مرحلة حرجة من تاريخنا، يصبح هذا الإخفاق أسوأ من أي تفريط مقبول بميزان (الإجتهاد المشروع) أي ذاك الذي تسجل له حين يخطئ حسنة واحدة، وعشر حين يحسن!
أن عبث خطباء تلك الأمسية الكئيبة بالتاريخ، ليس سوى الوجه الظاهر الذي كان بمقدور أي شخص أن يلاحظه بالعين المجردة من أقصى مكان في القاعة، غير أن ما لم يكن يرى بالعين المجردة، وكان يفعل فعله تحت الجلد، هو ما تمت ممارسته من عبث بالذاكرة البحرينية، وبوصف هذه الذاكرة هي (الغاية القصوى) لتلك الفعالية، فالصياغة الركيكة لمكونات الحفل، من مسرحية وفيلم وثائقي، ومعرض صور، وصياغة ركيكة لمشهدية الإحتفال برمتها (أي مكونات المسرح والصالة) من ناس يحركون الحدث ويصورونه، وسعف نخيل، وتركيز كاميرا الفيديو اثناء الفعالية على صور وزوايا بعينها من مكونات المكان من لوحات المرسم الحسيني وصور لرموز دينية شيعية، جميع هذه المظاهر برغم عفويتها غير المشكوك فيها (وربما بسبب هذه العفوية!)، أفضت لغير ما هو مقصود من هذا الإحتفال تماما!
في فهمي المتواضع، فإن المقصد الجوهري في هذه المناسبة لا بد أن يكون ترجيح الهوية البحرينية الوطنية الكبرى الجامعة، بمقابل الهويات الحزبية والطائفية الإقصائية التي تتنازع المشهد السياسي البحريني الآن! حيث استطاعت الهيئة بوصفها تعبيرا عن هاجس الناس وتمثيلا حقيقيا غير متكلف لإجماعهم، إنتزاع تلك الهوية الوطنية الجامعة، من بين أيدي المستشار شارلز بلجريف (العابثة)، فجعلت لمأتم بن خميس معنى مختلفا عن معنى المأتم الحسيني، وجعلت من مسجد العيد (الذي نسوا تكريمه،.. ويحكم!!!) معنى غير معنى المسجد الذي يصلون فيه من عيد إلى عيد!،...فقد صار مسجد العيد في زمن الهيئة، ثالث ثالوث تقوم عليه ذاكرتنا الخمسينية، هو (مأتم بن خميس - مبنى البلدية - مسجد العيد)!
لا نفهم، إلا من باب الإقصاء والعصبية الحزبية الفاعلة في بيئتنا السياسية، إعراض هذه الجمعيات عن الإستعانة بخبراء، يعرفون علاقة الفن بالذاكرة، من مسرحيين وكتاب، ومؤرخين وشركات إعلان متخصصة، فقد اختارت الجمعيات من بين اعضائها من تتوسم فيهم (نشاطا وشطارة) فكان من نتيجة هذا، أن لجأ هؤلاء لما يعرفون من تهويش ومزايدة، فأقحموا، صورا ومشاهد، وانشطة موازية، تعمل بالضد، مثل موضوع (عبد الهادي الخواجة) الذي يقع، بصرف النظر عن وجه الحق والباطل فيه (لا تزايدون على الناس، ذبحتونه!)، يقع في بؤرة التنافر الطائفي، والتحشيد السياسي، الذي يطلق رصاصاته للخلف!
التعليقات (0)