لابد أن الموتى من أعضاء هيئة الاتحاد الوطني، قد تساءلوا من داخل قبورهم مساء الأربعاء الماضي: ما العيب في أن نقول أن السلطات البريطانية الاستعمارية قد لعبت على التناقضات الطبيعية بين السلطة والمعارضة، وبين الطائفتين الكريمتين، لتدير مصالحها على حساب البحرين وأهلها، وأنه آن لنا أن نصحح هذا الوضع، بدل أن ندفن تاريخنا (بدواعي الكسل) مثلما تدفن ربات البيوت الكسولات، القمامة تحت السجادة؟
في مناسبة ذكرى مرور خمسين عاما على تشكيل هيئة الاتحاد الوطني، قال وزير شئون البلديات والزراعة الدكتور محمد علي بن الشيخ منصور الستري، ما تيسر له في شأن تاريخ الهيئة وأفاض بكلام غير قليل من خارج هذا التاريخ، بما يلائم مزاج السلطة وخطابها العائلي التوفيقي، وبالمقابل قال المهندس عبدالرحمن النعيمي ما عنده من تاريخ الهيئة وأفاض بكلام كثير من خارج هذا التأريخ أيضا بما يلائم مزاج جمعيات المعارضة وخطابها المناوئ !
عذرنا أمام هيئة الاتحاد يرحهم الله، أن الذين يتعاطفون مع المعارضة وخطابها لم يعجبهم بعض ما جاء في خطاب الوزير مثلما أن الذين يتعاطفون مع السلطة لم يعجبهم، بعض ما جاء على لسان النعيمي، وأن كل من الفريقين احتمل الآخر على مضض، بمقتضيات سنن التعاطي السياسي والاجتماعي المتحضر،.. لكن ما عذرنا في رفض (أو تمنع) رؤساء الجمعيات الراعية للحفل، عن الصعود على المنصة مع الوزير الذي أنيطت به مهمة تكريم أعضاء الهيئة، وتسليم دروع التكريم لمن أناب عنهم، من أهلهم وذويهم؟
لا أظن أن تمنع هؤلاء، يتعلق بالغيرة على التاريخ الذي تحامل عليه الوزير، فلم يكن تحامل جمعياتهم نفسها على هذا التاريخ أقل، سواء في خطابها أو فيلمها الوثائقي، أو في عموم أدائها في هذه المناسبة، فالفعالية برمتها، من الصور الفوتوغرافية غير الموثقة بكلمة واحدة !، الى ما سمي بالفيلم الوثائقي، وما سمي بالعرض المسرحي، في تطاول معيب على معنى ومستوى (المسرح والسينما) البحرينيان، وقد كان الحفل برمته أكبر إساءة توجه للتاريخ بما اشتمل عليه من توظيب ركيك وإدارة سيئة واجتهادات غير مسئولة، (على الأقل)، أبشعها، الحط من قدر رجال الهيئة، بمساواتهم في التكريم مع فقراء (مثلي، وغيري) ممن أسهم ببعض صور قديمة، فرغتها اللجنة المحترمة من معناها التوثيقي، أو المساواة بين مأتم بن خميس التاريخي الذي وفر ملجأ تشكيل الهيئة، وبين صالة (المعارض) التي لا تصلح بسبب الصدى، لأي شيء يدخل فيه عنصر الصوت!
المسألة لا تتعلق بالنوايا ولا حتى بما لنا من مآخذ على الأداء السياسي السيئ لهذه الجمعيات، أنها تتعلق فحسب، ومرة بعد مرة، بالخلل الفظيع فيما أطلقت عليه في بعض المقالات مؤخرا، الحبارات أو (خثاقات العلاقات العامة) الطابنة في بنية هذه الجمعيات والتي لا تجيد من أعمال العلاقات العامة، غير نفث الحبر، وإثارة الغبار حول نفسها!
هل كانت دعوة عريف الحفل لرؤساء الجمعيات الست، للمساهمة في عملية التكريم، وليدة لحظة إرتجالية، خذلها رؤساء الجمعيات بعفوية؟، أم هو موقف مدروس مؤسس؟ مهما يكن،الجواب، فإن الأمر بدا للمراقب من أرض الصالة، حركة لا كياسة سياسية أو اجتماعية فيها، تماما مثلما بدت غير قليل من مظاهر هذه الفعالية السيئة التدبير، وعلى رأسها اقتحام مجموعة من الناشطين الشباب، للصالة وإقامة فعالية موازية (ترويج قضية عبد الهادي الخواجة) غير معلن عنها أمام صمت كي لا نقول بتشجيع اللجنة وتدبيرها، وإرباك الفعالية الأصلية، بما تسببوا فيه من مضاعفة الضوضاء في صالة تشكو أصلا من علة فنية!
التعليقات (0)