كما وعد الدكتور عبدالله الديهي بالحديث عن كيفيات توظيفه للوزراء اقتبس قول الإمام " ثم انظر في أمور عمالك فاستعملهم اختبارا ولا تولهم محاباة وأثرا فإنهما جماع من شعب الجور والخيانة وتوخ منهم أهل التجربة والحياء من أهل البيوتات الصالحة والقدم في الإسلام المتقدمة فإنهم أكرم أخلاقا وأصح إعراضا وأقل في المطامع إشرافا وأبعد في عواقب الأمور نظرا " الذي يختصر حكم الإمام في التوظيف.

وقد قسم الشيخ الديهي موضوعه لهذه الليلة لثلاثة جوانب أولها هي المعايير التي يطلبها أمير المؤمنين في توظيف وزرائه ومحافظيه ، ففي الأول يركز الإمام علي عليه السلام على أن لا يكون الوزير سابقا قد خدم في دولة الظلم والجور لأنه عاش على المحاباة وتأصل السوء فيه وهذا ما يدلل عليه بقوله عليه السلام " إن شرّ وزرائك مَن كان للاشرار قبلك وزيرا " ، ويجب أن لا يكون من أعوان الظالمين لأنه شاركهم آثامهم وأيضا يتوجب عليه أن يكون خفيف المؤونة وحسن المعونة ، ووصى الإمام أيضا بالإسباغ عليهم في الرزق لئلا ينظروا لما تحت أيديهم فيضعوه في جيبهم. ولم ينس الإمام سلام الله عليه صفات التقوى والصراحة وسلامة اليد.

ثم ذكر الشيخ عبدالله أهمية الوزير في الإسلام حيث إنه يحمل بعض الحمل عن الوالي أو الحاكم ، وأيضا لكي لا يقول أحد أن الحاكم مستحكر للسلطة ومستبد برأيه ، وبين وظائفهم واقتصرها في ثلاث ، برمجة المشاريع وتطبيقها بأقل كلفة وأسرع زمنا وبمواد سليمة وصلاح نفسه. أما المحافظون أو العمال كما يسميهم الإمام عليه السلام وهو يكونون عادة قريبين للحاكم ومواصفاتهم تقتصر في قوله عليه السلام أعلاه.

في الجانب الثاني وضح الشيخ الإجراءات والتعليمات التي يعطيها الإمام لموظفيه وطرح مثالا واحدا (عمال جباية الضرائب) ، فاقتبس حديثا للإمام منه " امض على تقوى الله " و " وإذا وصلت إلى بلدهم فانزل مياههم ( الحدود ) "  و " وإذا استجابوا فامض إليهم ولا تبخل عليهم بالتحية والسلام" و " ثم قم بينهم وقل لهم عباد الله أنا رسول ولي الله وخليفته هل عندكم في أموالكم حق لله فإن قالوا لا فدعهم وإن قالوا نعم .. " مما ينتج راحة نفسية ، ويحبب الناس للمسؤول وأيضا يزيد في اقتصاد الدولة مما يزيد من خدمات الدولة التي تقدمها لمواطنيها.

والجانب الأخير الذي تحدث عنه الدكتور هو تعامل الإمام علي مع الطبقة السفلى في المجتمع الذين هم ليسوا موظفين إما لأنهم شاخوا أو مصابون بأمراض أو أنهم عاطلون فخصص لهم عطاء من بيت المال ونصرهم فهو نصير المستضعفين فحفر لهم آبارا ليحققوا لهم تجارة وغيرها.