افتتحت الحسينية برنامجها القرآني من هذه الليلة المباركة لختمة المأتم قبل وصول الخطيب الشيخ جعفر الستري ، الذي بارك للحاضرين في الحسينية قرب حلول شهر رمضان الكريم ، ودعا الله أن تكون بركات شهره انفراج وانكشاف للهموم والغموم ولا سيما الإفراج عن المعتقلين ببركة الصلاة على محمد (ص).
و افتتح حديثه في الليلة الأولى بالآية المباركة قوله تعالى : { وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين } .
وكانت مقدمة الموضوع كالتالي:
لا شك أن المتعمق والمتأمل في مقاطع هذا الوجود ، ينكشف له وجود خالق وهي ليست حقيقة دينية عقائدة فطرية فقط بل هي علمية أيضا ، فالعلم أثبت أن نظاما دقيقا كهذا لا بد أن يكون له خالق واحد ، وأن هذا الخلق خلق لغاية ، وإن لم يكن خلق لغاية ، لكان عبثا وهو ما لا يتناسب بنظام الكون.
ووضح الشيخ الستري أن الفكر الأشعري وقع بمنزلق لعدم فهمه نقطة (الغاية والهدف من الخلق ) ويقولون بأن الغاية من الخلق وهي العبادة بحسب الآية الكريمة : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) لا يمكن أن تفيد الله سبحانه وتعالى بشيء ، والرد عليهم بسيط حيث أننا نقول أن العبادة يستفيد منها العباد كما يوضح المقطع من الدعاء "إلهي هذه صلاتي صليتها لا لحاجة منك إليها ".
وتطرق الشيخ جعفر لنقطة أخرى وهي أن العبادة لها مظاهر مختلفة فتارة تكون بالصلاة وأخرى بالزكاة فالحج والخمس وما إلى ذلك. وهنا طرح الشيخ استفسارا لم شرع الله العبادات والإجابة تكون أن الله يريدنا بالعبادة أن نصل للكمال أو مرحلة التوحيد الخالص لله، والتخلص من الشرك الذي هو ليس محصورا في الأصنام وإنما هو مراتب قد يقع فيها المسلم ، فقد ذكر الشيخ أن هناك شركا صريحا ، وهو عبادة الأصنام أو عبادة الشمس مثلا، أما النوع الآخر فهو الرياء ، فالرياء شرك وعبادة الشيطان ( بالمعاصي ) وعبادة النفس والهوى هي أيضا شرك.
في ختام موضوعه ، ذكر الشيخ الستري نقطة مهمة وهي أن الوصول للتوحيد لا يمكن إلا بمرحلة متوسطة بين العبادة والتوحيد ، وهي مودة ولاية أهل البيت الذين هم لديهم معارف وعلوم متعلقة بهذه العبادات بل وهؤلاء الأولياء هم الطريق بين العبد وربه ، والدليل أمر السجود لآدم الذي كان بسبب أن آدم علم الأسماء كلها.
أما بالنسبة للآية التي ذكرها الشيخ في البداية فقال أن المفسرين اختلفوا على تفسير كلمة القبلة فكانوا ثلاث فرق :
الرأي الأول : يفسرها بالمعنى اللغوي : وهو التقابل ، أي تقابل بيوت بني إسرائيل لتسهل عملية التواصل في التبليغ الموسوي.
الرأي الثاني : يفسرها بالمعنى الاصطلاحي : وهي الجهة التي يتوجه لها للعبادة ، أي بناء بيوت بني إسرائيل متجهة للقبلة.
والرأيان السابق ذكرهما خاطئان لأن كلمة البيوت ذكرت مرتين فلو كان القصد منها بيوت بني إسرائيل لذكرت مرة واحدة فقط.
الرآي الثالث: ابنوا واجعلوا بيوتكم يا موسى ويا هارون ويا شبر وشبير قبلة فتتوجه العبادة لبيوت المعصومين والقصد هم. و الروايات تؤكد المعنى: قال
رسول الله (ص) : إن الله أمرني أن أبني مسجدا وأقيم فيه أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين .
فربط المعصومين بمكان العبادة يدلل على أولياء الله هم مقدسون كما هي العبادات. وتجب علينا طاعتهم.
التعليقات (0)