قبيل عاشوراء هذا العام كتبتُ مقالاً أشرت فيه إلى الهدر المالي عندنا ـ نحن شيعة البحرين ـ حيث مصاريفنا تربو على المليونين دينار في غضون عشرة أيام ، وهذه المرة أشير إلى الهدر الخطابي الذي أفزعني .
أمامكم عملية حسابية بسيطة سنخرج منها باستنتاج مهم : : يوجد 633 مأتماً فـــي البحريــن ( بحسب إحصاء الأوقاف الجعفرية ) X 2 ( فعاليتين في اليوم على الأقل ) = 1266 X 14 يوماً ( مدة إحياء الشيعة للمراسم ) = 17724 .
ذلك ـ حصراً ـ على الخطابة والنعي ، ولو أضفنا : المواكب ، والخطب المسجدية ، والمسرحيات ...الخ فربما يصل العدد إلى أكثر من 20 ألف فعالية خلال أسبوعين فقط ، علماً بأن عدد المآتم أكثر لو أضفنا إليها الغير رسمية ، والتي سقطت من عــدِّ دائـرة الأوقاف الجعفرية .
وهنا يأتي السؤال : هل يتناسب حجم التغيير الذي أحدثته تلك المجالس مع هذا الكم الكبير . وهل كثرتها هذه إيجابية ؟!
لو كان كمها وحجم التغيير يتناسبان لكان شيعة البحرين أعلى ـ في مستوياتهم العلمية والثقافية ـ من حملة الدكتوراه ، وفي مستوياتهم الروحية والأخلاقية كأهل العرفان ، ولانعكست على نَظـْم حياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية . ولكن على العكـس ، فكثير من تلك المجالس لا تطرح الجديد ، بل كثير منها يشوه المذهب بـ : الخرافات والمبالغات في الوقائع الكربلائية ، وهذا ما جعلنا لقمة سائغة لدى الآخر الذي لا يحسن ـ بعضه ـ التعامل مع الخلاف في الرأي .
تلاحظون أن ثلاثة أو أربعة مآتم جارة لبعضها تقرأ في وقت واحد وتتداخل الأصوات فيما بينها ، والنهاية اجترار لذات الحديث .
والأدهى أنه لا مراجعة لهذا الواقع ، بل أصبح الحذر من نقده تقية ؛ لأن المجتمع وصل به الأمر أن يحرم هذا الحديث وكأنه مساس بالمقدسات ، وما دمنا نتعامل مع المشكلة بهذه الطريقة فلا أمل في الحل ؛ لأن خطوة الحل الأولى تكمن بالاعتراف بالمشكلة . فهل نعترف ؟!
نشر في صحيفة الوسط ـ العدد 584 ـ الاثنين 12 أبريل 2004م ـ ص 7
التعليقات (0)