هل للبكاء على الإمام الحسين(ع) مسوغ أودليل شرعي ؟ وما فائدة هذا النوع من البكاء ؟ وماهي الآثارالمترتبة عليه ؟
الدليل الأول: أصل البكاء جائزشرعا أم لا ؟ نحن نتمسك بالقرآن الكريم ونرى ماذا يقول الله سبحانه وتعالى في مشروعية البكاء من الملاحظ أن المولى عز شأنه يحدثنا عن نبي معصوم وهو نبي الله يعقوب (ع) لما غاب عنه إبنه يوسف مدة من الزمن حزن عليه حزنا وبكاه طويلا قال تعالى :
{وتولى عنهم وقال يا أسفي على يوسف ، وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم} معنى ذلك ان النبي يعقوب (ع) من شدة بكائه على إبنه أصبح أعمى وقد كف بصره والدليل على أنه كفيف ولايرى أن يوسف (ع) لما بعث قميصه مع إخوانه بعدما وجدوه قال:{إذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي ياتي بصيرا}.
فالنبي يعقوب (ع) بكى على إبنه يوسف( ع) حتى فقد بصره وهو قد يعلم أنه موجود ولم يفارق الحياة فإذا كان هذا نبي من الأنبياء وقد بكى على إبنه المفقود إلى درجة أن هذا البكاء سبب له مضاعفات صحية وهو فقدان البصر فمن الأولى أن نذهب ونعترف ونقر بالقطع أن مشروعية البكاء والعزاء وإقامة مراسم الحداد على سيد الشهداء (ع) جائزة ومن ينظر لهذا الفعل المقدس بنظر الريبة أوالغلو أو الشرك أوما شابه ذلك يشكل في إيمانه وفهمه للقرآن الكريم.
هذه ناحية ومن ناحية أخرى أن بكاء النبي يعقوب (ع) ليس بكاءا عاديا ولا عاطفيا وإنما كان بكائه من أجل إثارة معنوية حيث أنه كان يبكي على نبي من أنبياء الله وعلى ولي من الأولياء المقربين المخلصين لأن يوسف (ع) كان رجلا عظيما وكان صديقا فيستحق البكاء عليه والتأثر المعنوي لمحنته والجزع عليه ، وفقد البصرلأجله.
أيضا شيعة أهل البيت (ع) عندما يبكون على الإمام الحسين(ع) إنما يبكون على ولي من أولياء الله وهو إمام معصوم ومفترض الطاعة عليهم وأيضا يبكون على المبادئ والقيم والرسالة المقدسة التي كان يحملها وقد ضحى من أجلها أبي الضيم تضحية ليس لها مثيل في تأريخ البشرية جمعاء.
وهذا قد يكون أقرب مسوغ شرعي يعطي الحق لمشروعية البكاء والعزاء على ريحانة المصطفى وسيد الشهداء (ع).
الدليل الثاني : جميع المسلمين من الفريقين سنة وشيعة يروون أن النبي(ص) لما توفي إبنه إبراهيم جاءوا به ووضعوه في قبره وضع يده تحت خاصرته وبكى على ولده وبكى الحاضرون لبكائه وارتفع البكاء والنحيب ثم قال (ص): { تدمع العين ، ويحزن القلب}.
الدليل الثالث : لما استشهد حمزة بن عبد المطلب رجع النبي (ص) مع المقاتلين المسلمين بعد انتهاء الحرب إلى المدينة فمر على البيوت فسمع بعض العوائل تبكي على شهدائها وكان عمه حمزة أهله في مكة المكرمة وليس له أهل في المدينة حتى يقيموا الحداد عليه ، فقال النبي (ص): {وأما عمي حمزة فلا بواكي له على مثل حمزة فلتبك العيون}.
بعد ذلك أصبحت العوائل الفاقدة قبل أن تندب قتلاها تندب وتبكي على حمزة أسد الله وأسد رسوله.
هذه ثلاثة أدله وهناك العديد من المصادرذكرت طائفة أخرى تدلل على مشروعية البكاء والعزاء.
أولا: روى البيهقي في كتاب دلائل النبوة وهو من كبار علماء اهل السنة والجماعة ، وروى إبن منظور في كتاب تأريخ دمشق ، والمتقي الهندي في كنز العمال والحلبي في تأريخ حلب وكثير من المصادر المعتبرة ، بأن جبرئيل(ع) أقبل إلى النبي(ص) وأخبره بقتل الحسين(ع) ولما سمع من الوحي بنبإ شهادته بكى ثم ناوله الأمين تربة من تراب كربلاء وقال له: هذه التربة التي يقتل عليها ولدك الحسين فتناولهاالنبي(ص) فشمها وقبلها واحتفظ بها في قارورة ثم قال أصحابه : {مارأينا رسول الله(ص) ضاحكا بعد ذلك اليوم}.
ثانيا: ينص ابن حجر في الصواعق المحرقة ، والبيهقي في مجمع الزوائد والمتقي الهندي في المستدرك على الصحيحين قالوا:
{لما قتل الإمام الحسين(ع) إنكسفت الشمس ، وأظلمت السماء ، وضربت الكواكب بعضها بعضا ، وظهرت النجوم في واضح النهار، وظن الناس أن القيامة قد قامت}.
وهذا النص يدلنا على أن الحسين(ع) لم تبكي عليه الأرض وحدها ومن عليها وإنما بكته جميع كواكب السماء.
التعليقات (0)