" تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين " هذه هي الآية التي تحدث عنها الشيخ عيسى المؤمن في ثاني ليالي شهر محرم الحرام وبالأخص في العنوان " الغرور وأضراره ". فقال في ذلك الشأن أن الغرور مرض أخلاقي معنوي وروحي لا يمكن علاجه بصورة سهلة كما هو الحال بالنسبة للمرض البدني ، وإن للغرور أثرا سلبيا على الإنسان ، فالمغرور يسقطه غروره عند الله أولا وعند الناس ثانيا ، فلا ينبغي للإنسان أن يكون متكبرا حيث أن الكبر لله وحده بدليل الحديث القدسي الذي استدل به المؤمن ، قال تعالى " الكبرياء رداءي والعظمة رزاءي فمن نازعني فيهما ألقيته جهنم ولا أبالي ". وكذلك ثبت في الحديث النبوي " لا يدخل الجنة إنسان في قلبه ذرة كبر " . وطرح الشيخ عيسى تساؤلا لماذا التكبر مع العلم بضعف مستوى الإنسان وطاقته ؟ وأجاب أن الإغراءات هي التي تؤدي للغرور مما يؤكد ضعف الإنسان. بعد ذلك طرح الشيخ عدة أسباب تؤدي بالإنسان للكبر فطرح المشكلة وأوجد الحل بعد طرح كل نقطة وهكذا كان:
أولا: المال ، وقال في هذا الشأن أن الإنسان لما يرى عنده من مال يغتر ، وقال أن العلاج هو معرفة أن المال يزول في أي لحظة وأن ما بيده ليس له حق التصرف الكامل به. وأتى بهذا الحديث للإمام الحسين : " ايها الناس ان الله تعالى خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال متصرفة بأهلها حالا بعد حال ، فالمغرور من غرته والشقي من فتنته فلا تغرنكم هذه الدنيا "
ثانيا: الحسب والنسب حيث أن الجاهلية كان الفرد منهم يغتر بحسبه ونسبه ، أما علاجه وببساطة أن يتذكر الإنسان أصله ألا وهو التراب كما هو حال جميع البشر. ثم قال أنما الفخر يجب أن يكون بالإسلام واقتبس من خطبة الزهراء لما منعت من فدك التالي : " كنتم على شفا حفرة من النار ، مذقة الشارب [أي شربته] و نُهزة [أي الفرصة] الطامع ، و قبسة العجلان [مثل في الاستعجال] و موطئ الاقدام [مثل مشهور في المغلوبية والمذلة] تشربون الطَرق [ماء السماء الذي تبول به الابل وتبعر] و تقتاتون القِدّ [سير بقد من جلد غير مدبوغ] اذلة خاسئين ، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم ، فانقذكم الله تبارك و تعالى بمحمد ( صلى الله عليه وآله ) ".
ثالثا: العلم ، فقال أن هناك من يغتر بعلمه ، ويجب عليه أن يعلم أن فوق كل ذي علم عليم ليدرك صغره فلا يتكبر.
رابعا وأخيرا: السلطة والمنصب ، وهناك من الأمثلة الكثير ممن غيرتهم السلطة والمنصب، وعلى العكس تماما ممن لم يتغير حالهم قبل وبعد السلطة كالإمام علي عليه السلام والإمام الخميني . ويجب على صاحب المنصب أن يدرك أن المنصب لو دام لغيره ما وصل إليه. وهذا النوع من الكبر هو الذي أصاب يزيد بن معاوية فأراد الحسين أن يبايعه ، لكن هيهات أن يرضى الحسين بالمبايعة " فمثل الحسين لا يبايع يزيد " مما دعا الحسين أن يغادر المدينة مودعا جده وتاركا ابنته العليلة خلفه. مختتما بالأبيات الحسينية موضوعه.
التعليقات (0)