مقدمة : فضيلة الشيخ جعفر بن الشيخ علي عبد الله الستري أحد خطباء المنبر الحسيني الذي اعتلى منبر الحسينية في النصف الأول من شهر رمضان لسنة 1431هـ وللعام الثاني على التوالي .. سمح مشكوراً لإدارة موقع حسينة الحاج أحمد بن خميس بهذا اللقاء بالرغم من كثرة ارتباطاته وانشغاله في هذا الشهر الكريم .. فكان لنا الشرف في محاورته، والإستئناس بإجاباته ... نترككم واللقاء ،،،
1ـ في بداية لقاءنا معكم فضيلة الشيخ ؛؛ هل لكم أن تقدموا للجمهور الكريم بطاقتكم التعريفية وحبذا لو تشمل بداياتكم في الخطابة الحسينية ودراستكم الأكاديمة والحوزوية؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأزكى السلام على محمد وآله الطاهرين، بداية أشكر موقع حسينية الحاج أحمد بن خميس الحسيني الحيوي، ومجري اللقاء الأخ العزيز هاني الجني (أبو محمد) على تشريفي بهذا اللقاء الثقافي الحافل ...
الإسم : جعفر الشيخ علي الستري، حائز على الثانوية العامة، القسم الأدبي، كانت ميولي نحو العلوم الإسلامية منذ المرحلة الإبتدائية وذلك لكوني ولدت في أسرة علمية من طرف الأب والأم، فوالدي هو سماحة الشيخ علي بن عبد الله الستري ( تغمده الله برضوانه ) أحد العلماء والخطباء المعروفين، ووالدتي ( أدام الله ظلالها على رأسي ) خطيبة حسينية معروفة في الوسط الخطابي النسائي، فولادتي ونشوئي في هذه الأجواء ساهم وبشكل كبير جدا في صياغة ميولي وحبي للعلوم الإسلامية. ولاحظت والدتي هذا الإنطباع على شخصيتي منذ الطفولة فأغدقتني بعشرات الكتب الدينية ..
بدايتي الحوزوية الرسمية كانت عام 1999م وذلك بتوجيه خاص من الأب المربي والعم العزيز سماحة الشيخ حسن الصائغ ( لاحرمني الله من وجوده المبارك ) الذي على يديه كان سلوكي طريق العلوم الحوزوية، وكان له كل الفضل ـ بعد الله وأهل البيت"ع" في توجيهي للحوزة والخطابة الحسينية، فأرسلني إلى جوار الصديقة الصغرى زينب الكبرى (ع) والتحقت بحوزة الإمام الخميني (ره) .
أما بالنسبة للخطابة الحسينية، فبالرغم من أن سماحة عمي العزيز وأبي المربي الشيخ حسن الصائغ حثني على تعلم وممارسة الخطابة منذ العام 2000 م إلا أنني تأخرت عن تعلمها وممارستها حتى العام 2008م وذلك لانشغالي في التحصيل الحوزوي، ومن المعلوم أن الخطابة من أبيات ومحفوظات وتحضير للموضوعات تأخذ وقتا كثيرا، فقدمت التحصيل الحوزوي لكونه الأساس وأخرت الخطابة لكونها مبتنية ومتأسسة على التحصيل والحوزوي ومتانته ورصانته .
وفي الحقيقة والواقع لاقيت صعوبة بالغة في سلوك النهج الخطابي، بالرغم من أنني كنت رادودا إلا أن الخطابة صناعة تحتاج إلى جهد نوعي متظافر ومتواصل. والذي زاد في صعوبة السلك الخطابي بالنسبة لي هو أنني لم أتصنع ولم أتعلم عند خطيب ما، وإنما كنت أستمع إلى التسجيلات الخطابية وأتعلم منها، ولكن مع ذلك كله كنت أتلمس لطف الله تعالى وتوفيقه، وبركات المعصومين ورعايتهم (ع)، وخصوصا مولاتي الحوراء زينب (ع) .
2ـ سماحة الشيخ (أبو أمجد) ونحن نعيش أجواء شهر رمضان المبارك .. صف لنا كيف تعيش أيام شهر الله وحبذا لو تقارن لنا بين أجواء الماضي والحاضر؟
كثيرة هي الروايات التي بينت عظمة هذه الحصة الزمانية المقدسة التي تستمر شهرا كاملا، وهي حصة شهر رمضان المبارك، ولأنها حصة متميزة حثنا القرآن الكريم والمعصومون (ع) على ملأها بالقربات والصالحات، لاسيما أنها تختزن خصوصية تضاعف الأعمال والحسنات، وهذا مايجب أن يطمح إليه كل ذي قلب واع وعقل وقاد .
أما بالنسبة إلى المقارنة بين أجواء الماضي والحاضر فللأسف الشديد كلما تقدم الزمان تسربت الروحانية والمعنوية من أجواء شهر رمضان وذلك لعدة عوامل تربوية واجتماعية وتوعوية. وإذا أردت الدقة في التعبير فإن الذي تغير هم أهل الزمان وليس الزمان، فإن ما نعانيه من جفاف روحي وهجران للقرآن وأخلاق أهل البيت (ع) انعكس سلبا على الأجواء الرمضانية الحاضرة، ولابد أن نعي هذا الخطر الداهم ونحاول جميعا إرجاع الأجواء الروحية من خلال إحياء أرواحنا بالقرآن ورشحات المعصومين (ع) لتتفجر الأجواء من جديد بالروحانية والنورانية .
3ـ ماذا يمثل لك الوالد الشيخ علي بن عبدالله الستري رحمه الله وأسكنه فسيح جناته؟ وكيف ساهم في تكوين وصقل شخصيتك وتوجيهها للحوزوية؟
لا أستطيع أن أعبر عما يمثله لي سماحة الوالد ( أنزل الله عليه شآبيب رحمته ) ولكني أكتفي بالقول إنني أغرق في بحر الفخر والاعتزاز لأن الله تعالى اختارني للخروج من هذا الصلب الطاهر النابت في دوحة ولاية محمد وآله (ع) " وكان لي والد يهوى أبا حسن – فصرت من ذي وذا أهوى أبا حسنِ "، لقد كانت شخصية سماحة الوالد مصداقا لقول المعصوم(ع) : كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم . فوجهني بفعله لا بقوله، وصقلني بسلوكه وأخلاقه للسير في هذا النهج النير المضئ .
4ـ اسمح لي شيخنا بالدخول مباشرة في صلب عملكم الخطابي .. ولنبدأ بما يختص بالمنهجية التي تتبعها في تحضيرك للمواضيع بشكل عام .. ما هي؟ وهل للمناسبات والمواسم خصوصية في التقديم والطرح؟
قبل أن أكون طالب علم وخطيبا، عندما كنت مستمعا كنت دائما أفضل المنهج العلمي الموضوعي في طرح المحاضرات وعرضها ومعالجة المسائل وتخريجها، فالموضوع يبدأ بمقدمة، وعرض وتفنيد واستدلال ونتيجة مقنعة، وهذا هو المنهج الذي نحن مغرمون به.هذا من جهة، ومن جهة أخرى فلا شك أن للمواسم خصوصية واستثنائية في التقديم والطرح كمواسم شهر رمضان المبارك وشهري محرم وصفر ، لاختزان هذه المواسم مناسبات ذات طابع خاص غني بالمعارف والقيم والمبادئ التي تمثل مرتعا خصبا للأطروحات المتنوعة والحافلة بالأسرار.
5ـ تأسيساً على السؤال السابق .. كيف يتم بلورة وصياغة مواضيعكم بحيث تكون سهلة وسائغة عند المستمعين بمختلف مستوياتهم؟ خصوصاً مع اعتمادكم وبشكل أساسي في الطرح على اللغة العربية الفصحى؟
يحاتج الخطيب الذي يتبع منهج الطرح العلمي أن يذلل العقبات الذهنية للمستمع حتى تصل إليه القيمة المعرفية سهلة واضحة مهضوممة مفهومة، لذا ينبغي شرح المصطلحات والنظريات العلمية، وإشباع المطالب بالأمثلة التقريبية، وكلما كان الطرح سهلا ممتنعا كان أفضل وأقرب لتأدية الرسالة الخطابية، أما بالنسبة للغة العربية الفصحى فليست عائقا بين الخطيب والمستمع إن استخدم المفردات المألوفة والمشروحة، ونحن نحبذ تأصيل استخدام الفصحى لتقوية اللغة الخطابية من جهة، وتنمية الذهنية الاستماعية والاستيعابة عند المستمع .
التعليقات (0)