أحد الأقلام الجريئة النزيهة والتي علمت حق اليقين أن القلم هو رسالة وأمانة استخلفها الله عليها ..
فما أجملها وما أسماها من أقلام تصدح بالحق ونفحات الحب والطهر والإيمان
وفي هذه النفحات الرمضانية يشرفنا أن نستضيف شخصية عظيمة احتضنتها قرية السنابس .. شاعر غني عن التعريف .. لكن لمن غفل عن قنن المتألقين نذكره بالتالي :
هاني عقيل عبد الله الجمري. العمر 22 مواليد قرية السنابس ، أصل العائلة الجمرية من السنابس كان اللقب سابقا (طريف)... سكنَ أحد الأجداد قرية " بني جمرة " فترة من الفترات ثم رجعَ لمسقط رأسه قرية السنابس
هاني صغيرُ هذه القرية... ولد وترعرع فيها بين كل شيئ أخضر، فأينما يشير العقرب يشير على ذكرياته، لأن ذكرياته - كما ذكر - في كل أرقام القرية حتى في حبيبات الشعير المدفونة تحت التراب والتي لم يأكلها حمام المرابع
- أهــلاً وسهـــلاً بـــكم وبالجميـــع , أتمنى أن يــكون اللقــاء ذا فائدة ومتعــة لي ولــكم .
# أخي هاني أجمل تحية وأزكى سلام .. نرحب بك ونبارك لك شهر العبادة .. شهر الرحمة والغفران .
اسمح لي بسؤالك أسئلة أتمنى أن تكون خفيفة الظل عليك بإذن الله ..
1- لرمضان خصوصية في إفراده عن بقية الشهور بالذكر والذكرى
لنعـــود معك قليــلاً للزمان المــاضي .. وتحـدثنــا عن شهــر الخــير والبـركة .. مــاذا يعني لك ... بذكرياته الجميــلة ..؟
أهلا وسهلا ومرحبا بكم هذه فرصة سعيدة جدا... أن أحظى بمن يعملون في كواليس ملكوت حسينية بن خميس العزيزة علينا جميعا، هذا يعني لي الكثير الكثير فمنذ فترة طويلة كنت أتمنى أن لو يُنظر إلينا ولو نظرة زمنها زمنُ طرفة عين سريعة بأن هاني الجمري هو خادم صغير من الممكن أن يعمل في كواليس الملكوت هذا الذي أنعمه الله على هذه القرية، ولكن _ولله الحمد_ أخيرا تحقق هذا التمني وحظينا بلقاءٍ هو كمنبر حسيني عبر قناة الموقع ولساني في فمي، فهنيئا لي بكم يامن نادا بكم ناعي الطف حسيناً في عبارة ( ياعبرة المؤمنين ).
نعم، بالنسبة إلى سؤالكم... شهر رمضان كما ذكرتم فيه ذكريات جميلة، وكذلك بالنسبة لي فيه أيضا ذكريات ليست بجميلة، والذكريات كثيرة علي أية حال، أما الذكريات الجميلة اللطيفة التي رسخت في ذاكرتي ولا أنساها أبدا:
أتذكر موقفا مضحكا قبل شهر رمضان بيوم أو يومين، في أحد المرات كنت في حسينية بن خميس طالبا أدرس في مشروع تعليم الصلاة تحديدا في الفرقة، في ليلة من الليالي كان أستاذنا هو الرادود حسين سهوان... كنا نجلس تقريبا في وسط الحسينية قبل بدء الدرس وأستاذ حسين سهوان معطيا ظهره ( السَّنطوانه ) كأنه مُتخَم من الفطور والأكل الدسم ولكنه مع ذلك يجلس بوقار وسكينة أمام تلاميذه... وبهذا الوقار والإتِّزان فجأةً مسح الأستاذ على كرشته وهو يقول لنا ( دبتي كبيرة له؟) نحن أصابنا شيئ من الخجل والذهول فأخفينا الضحكات في بطوننا أيضا، إلا أن الأستاذ شيخ عمار كان مارَّا على مجموعتنا فسمع الأستاذ حسين سهوان ورأى وضعيَّته فضحك، هنا نحن أيضا ماتمالكنا أنفسنا فانفجرنا بالضحك.كان موقفا جميلا قبل بدء الدرس، فما أكثر الذكريات.
يأتي الشهر الفضيل وسرعان مايذهب عنا،فباعتقادي شهر رمضان هو الشهر الذي يعطيك اللهُ فيه الزمن لجمع حصاد الآخرة في الأولى، هنا وفي هذا المحل الزمني يجب علينا أن نتذكر دائما وأبدا قول أمير المؤمنين (ع) ( الوقت كالسيف..) وعلى هذا دائما أقول لشهر رمضان في نهاية أيامه قول المتنبي:
بنفسي من وددته ففترقنا * وقضى اللهُ بعد ذاك اجتماعا
ففترقنا حولاً وحين التقينا * كان تسليمُهُ عليَّ وداعا.
2- كيف هي أول سنـة صمتَ فيهـا ؟
تخونني الذاكرة كم كان عمري أول سنة صمت فيها، إلا أني أتذكر أن أمي كانت تعطني الأكل سرا، وتقول لي إذهب لأعلى البيت كي لايراك أحد، كي لايعلم أخي الكبير أني فاطر، لعل هذا يدل على صغر سني في أول سنة صمت، أما الآن مازلت أضحك على نفسي لذكريات الطفولة .
3- لـكل إنسـان مواقف طـريفة حصـلت له ,, وبالتـأكيـد لك الــكثييير من المواقف .. أذكر لنـا أحـد هـذه المواقف ؟
أراكم تحبون الحديث عن المواقف الطريفة... ذكرنا في السؤالين السابقين، ولكن لابأس في ذلك سنذكر لكم ولكن أحب الجادة أيضا كما أحب اللطيفة مع مقامكم الكريم.
هي كثيرة المواقف أختصرها بموقف سريع حدثَ لي عندما كنت في مشاركة في موكب عزاء الشباب بالسنابس، لا أتذكر في أي ليلة وفاة هذه المشاركة الرادودية في عزاء الشباب ( على أية حال ) قبل بدء المشاركة بساعة تقريبا أحسست بالجوع الشديد، ذهبت للمطعم وأكلت ( همبرجر دجاج ولحم ) وبعد انتهائي من الأكل ذهبت للمشاركة وأحسست بداية الأمر بوجع في وبطني فشجعت نفسي وقلت مغص يذهب ان شاء الله، بعد فترة أخذ الوجع يزداد وأنا على المنصة والمعزون يلطمون، كنت أريد أحدا من منظمي العزاء لأشرح له الحال، أتى أحدهم ولكنه لم يفهم عليَّ ما أريد، وقال لي( واصل) كلما أشير له لأخبره بوجع بطني قال واصل، طالت المقام بي وهو يقول وصال حتى أحسست أن ( الهمبرجر ) يغلي في بطني وأنه سينفجر في الداخل وأتركهم بلا رادود، بعد ساعتين تقريبا أتى رادود المسيرة في الخارج وقال لي اختم، في اليوم التالي أخبرتهم ما الذي أصابني، فضحكوا وقالوا: الذي أخَّرَنا عليك في اللطم داخل المأتم هو الرادود الذي لديه رادودية المسيرة في الخارج، تأخر مجيئه علينا فأطلنا عليك المقام حتى يأتي، فقلت لهم: هو يتأخر أنا أبتلي؟ فضحك الجميع
4- عندما يتم ذكر شهر رمضان يتبادر إلى الذهن مباشرة مناسبة القرقيعان
فيمر علينا شريط جميل من ذكريات الطفوله ، فهذه المناسبة الجميلة عالقة بأذهان الجميع فلكل منا ذكرياته وعاداته الخاصة بهذه المناسبه .
فهل لك أنت تحدثنا عن ذكريات الطفولة بما يعنيه لك القرقيعان بأجوائه ؟
لا أعلم، كنت طفلا عاديا يمارس هواية القرقاعون بشغف
5- "القرقيعان " يمثل تراثنـا وعـاداتنـا التي نعـتز بهـا ونحافظ عليهـا لكن بالأصل هو يمثل ميلاد أول فرحة لـ سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء سلام الله عليها فلا بد أن يسبغ عليكم شعورا أدبيا خاصا فما لديكم في هذه المناسبة من أبيات ولائية ؟؟
في حقيقة الأمر، من المفترض أن أكتب قصيدة للرادود المداح أحمد المعلم ليشارك بها في حفل "حسينية السنابس الشرقية" إلا أن الوقت لم يسمح للكتابة، وذلك لكثرة الكتابة التي أكاد منها أن لا أعطي نفسي الوقت الكافي مع الشهر الفضيل وأعماله، فحاولت الإعتذار في وقت متأخر، وكذلك كأن قريحتي لاتريد أن تجود بالفرح حتى لو أجبرتها، أجد روحي تميل للحزن فلا تجود القريحة في أكثر الأحيان إلا بالحزن، فهذه حالي مع كتابة الفرح، كما قيل لجامع البحور الخليلية أحمد الفراهيدي: لم لاتكتب الشعر يافراهيدي وأنت بهذا المستوى؟ قال (جميلهُ لايريدني، ورديئه لاأريده) مع العلم أنه لدينا كتابات فرائحية ولكن الحزن يطغى فماذنبي، مثلا مولد الإمام زين العابدين (ع) في الحسينية بن خميس كان المداح أيضا أحمد المعلم كتبت له في هذه المناسبة القصيدة التي ألقاها في الحفل:
أفيك وجه حيدرْ* أم عسلٌ وسُكَّرْ
ياسيد العبادِ
6- الشاعر هاني الجمري ممن يقــرضون الشعــر ... وحتما مناسبة استشاد الإمام علي ع أشعلت فتيل الحزن والألم في قلبه .. فبماذا واسيتم قلب الإمام المنتظر عج في هذه المناسبة ؟
نعم هذه قصيدة رثائية كتبتها للرادود الأخ محمد جمال من القطيف أقول فيها لأمير المؤمنين (ع):
يالطِحِت بين الليالي خَل أناوُب ليك ليله
حتى أتحسَّس مكانك يوم فارگت العقيله
حتى أقرا ألوان حِزنك ياگلب مافي مثيله
عطني لحظه اوياك لحظه، بس تِخلِّي الهَم وشيله
آنه مَن يَّمك يكوني وانته كون امنِ المكانَه؟
يالعطيت الناس كلها او ماعطيت أهل الخيانه
چنِّي حَبْيَة ذات يمَّك وانته ذات إلـ عالي شانه
شِل تصيب أولاد بيتك والوَلَد عندك أمانه؟؟
7- زُرعت بروح شاعرنا الشاعرية منذ أن كان طفلا .. فمن أين اكتسب مهارته الشعرية ؟
في البيت وفي كنف الوالدة أم علي عندما كانت تجلس وتتدرب على القصائد حيث أنها كانت تقرأ المجالس ولها كتابات شعرية تشارك بها في المناسبات، كانت الوالدة في مكالمة هاتفية مع أخيها (الخال) الشيخ حسن الصالح الجنوساني ...تطلب منه بعض الأبيات لقراءتها في مجلس حسيني في مأتم النساء أي مأتم الأنوار سابقا، سمعت منها بيتا من الشعر للشاعر "المرحوم ملا علي بن فايز" ، كان له التأثير المباشر إذ أن بيت الشاعر " بن فايز " ذو وقع مباشر على المتلقي كما هو معروف:
هالنوح يا زهرا على منهو تنوحين ... نوحج على المسموم لو نوحج على حسين؟
فحفزني وقادني هذا البيت للإخلاء بنفسي في غرفتي مباشرة، ومن هنا نزل أول وحي شعري صغته بشكل مضحك ، ومع شديد وفائق الأسف لاأتذكره، حاولت مليا أبحث في ملفات الذاكرة حتى أرسم البسمة على شفتي او للاستهزاء بـ "هاني السابق" ولكن لاجدوى من البحث.
من بين جميع هذه الأجواء التمهيدية الحسينية، ارتبطت بالأخ العزيز الأستاذ عبد الشهيد الثور وكنت أعرض عليه قصائدي باستمرار، فنتستطيع أن تقول "هاني" تخرج على يد "عبد الشهيد الثور"، وكان هو من يطلب مني القصائد ليطور الموهبة، حتى أتذكر أنه قال لي في أحد الأيام ( إذا انتهيت من قصيدة او أي شيئ ضعه في صندوق بريد المنزل ) أي صندوق منزله البريدي، كان عبد الشهيد الثور بهذه الروحية المتواضعة مع شاب صغير، لاسيما في ذاك الوقت باعتبار أن تلك الفترة كان الرادود عبد الشهيد الثور له اسم لامع في سماء الرادودية، هذا يبين كيفية تفكيري في سن ماقبل النضوج. هكذا مضت تلك الأيام الجميلة وصولا إلى هذا اليوم الذي أعتمد فيه على نفسي للتحصيل العلمي الشعري والأدبي. ونحن مازلنا في بداية الطريق على أية حال .
8- في أي الأجواء يتفاعل قلمك .. الأفراح أم الأحزان وهل يقتصر شعرك على أغراض معينة في الشعر أم ماذا ؟
كما سبق وذكرت أتفاعل مع الحُزنِ، أما غرض القصائد يصدر من مصدر الرسالية التي تتحرك في الظمير الباكي .
9- رأيت في أبياتك الشعريه أنك تميل لكتابة الفصيح والنبطي إلا أن اهتمامك حاليا بالنبطي أكثر .. لماذا ؟
نعم صحيح ماتفضلتم به، أحب الفصيح مثل النبطي وأكاد لاأقارن بينهما مدى حبي لهما، ولكن بطبيعتي أتبع المظلوم ولا أتبع الظالم، الشعر النبطي حاليا على الساحة البحرينية مظلوم كثيرا وظالمه هو كثرة كتابة الشعر الفصيح من قبل الشعراء، فالفصيح يطغى على النبطي حاليا وكانه ينادي هل من ناصر ينصرنا، قلتُ له لبيك والكثير من الأخوة أصابه الصم والبكم في هذه الحالة( فقط من باب الملاطفة للتوضيح) نعم، فهذا هو الوضع الراهن على الساحة البحرينة، وعندما نقول الساحة البحرينة نرى أن المضمار النبطي شبه مهجور، وكان ملا عطية (رحمة) قدم لنا تراثا لنتوقف عليه ولا نواصل المسيرة الإبداعية، لهذا السبب يجب علينا حمل هذه الهموم التي تواصل نهج الأصالة الرسالية على جميع المستويات في الموكب وفي الحفل في المهرجان في المسيرة التأبين... إلخ، الشعر النبطي لايقل قدرا عن الفصيح إنما هناك قصائد نبطية هي أجمل من كثير من القصائد الفصيحة التاريخية لو تأملنا
10- هل لـ هاني الجمري مشاركات عزائية كرادود أم أنه ينظم القصائد للرواديد فقط ؟؟
نعم لدي مشاركات في رادودية في العزاء، ولدي مشاركة في ليلة جرح الأمام أمير المؤمنين علي عليه السلام في عزاء الشباب في قرية السنابس.
11- العيـد / تمـر السنـة ولايدخـل بعـضنـا بيـت الآخـر إلّا في أيام العيـد ,, ونجـد من يحـارب لفـّـة العيـد التي هي حـــلاوته
هــذا الشعــور لدى شخصكم الرائـع ..والذي هو نابع من أجمـل وأسمـى غاية
وهي إلتقــاء القلوب والبُعــد قليـلاً عن متــاعب الحيـــاة ..ماذا يعني ؟
نعم فعلا أحسست بهذا الشعور في عيد السنة الماضية فكتبت قصيدة نبطية، القصيدة بعوان ( عسَّروها اجفوفي ) موجودة في الصرح الحسيني هذه وصلتها .https://www.alsarh.org/showthread.php?t=54944
ختاما ..
استمتعنا بهذا اللقاء الجميل
والذي نهايته دعوة لارتشاف عذب الحروف الولائية .
شكرا جزيلا لك أيها الشاعر المتألق .
أشكركم الشكر الجزيل جميعا لاتاحة الفرصة لنا للإلتقاء معكم عبر هذه اللقاءات الرمضانية الجميلة وأسأل الله أن يوفقنا ويوفقكم لخدمة أبي عبد الله الحسين عليه السلام في جميع المأسسات الحسينية وفي كل مكان، ودعاؤكم لهذا العبد الضعيف.
التعليقات (1)
عباس جميل
تاريخ: 2011-06-12 - الوقت: 11:05 مساءًشكرا على هذا اللقاء