التفكير السائد أن الإمام (ع) غائب ونحن حاضرون ، وهذا تفكير متدني مرتكز الى البعد المادي الدنيوي ، لكن الواقع الإلهي لا يحكم بمنظارنا الدنيوي ، فإذا كان الإمام (ع) حاضراً في ساحة الله ساحة طاعته وساحة خدمته وساحة الإستعداد الدائم لتقديم الأطروحة الإلهية ، وهذا أكيد ، فمن الغائب إذاً عن هذه الساحة !؟ ..
نحن إذاً الغائبون عن هذه الساحة ، ساحة طاعة الله والتسليم له والإستعداد لقبول الأطروحة الإلهية الكاملة ، والتخلي عن كل الأطروحات المتدنية والولاية لله سبحانه ، وكي نلتقي به (ع) علينا أن نجاهد أنفسنا ونتوجه الى ساحة الله الحقيقية ، وكلما إقتربنا من الساحة الحقيقية لرضا الله كلما أصبحنا أقرب للإمام (ع) .. وحتى بعد الظهور الشريف عندما يظهر الإمام (ع) ويكون حاضراً في ساحة الواقع المادي ، فالغائبون عن ساحة الله سيكونون بعيدين عن الإمام (ع) حتى لو كانوا يسكنون بدارٍ ملاصقة لداره فالحضور والغياب في ساحة الإمام (ع) متعلق بحضورنا في ساحة الله أو غيابنا عنها ..
فإن كان الحجاب المادي لا يرفع بيننا إلا في اللحظات الأخيرة عند قرب الظهور فنرى طلعته البهية ونسمع منطقه الرباني ونــُسقط كل أوهامنا وموروثاتنا المشوبة ، فإن الحجب الأخرى المعنوية ممكن أن تـــُزال كلما إقتربنا من ساحة معركة الإمام الحقيقية وساحة رضا الله سبحانه وساحة الغايات الحقيقية للإمام (ع) ، بمجاهدة النفوس ومجاهدة حب الدنيا ومجاهدة الأفكار المتدنية ومجاهدة الهموم الشخصية ومجاهدة الأطروحات الدنيوية ومجاهدة المشاريع الدينية المتدنية ..
فنحن إذاً الغائبون عن ساحة الإمام الحقيقية لأننا بالأساس غائبون عن ساحة الله سبحانه وساحة رضاه وساحة مطالبه وغاياته ، وعلينا أن نحضر لهذه الساحة وهذا عمل يحتاج الى إرادة جهادية كبيرة .. وإن كنا قد بدأنا بها عندما خرجنا من نهج الصمت واللامبالاة الى نهج الناطقية المجاهدة التي تشعرنا بالمسؤولية والتي تطلب التكامل الروحي والفكري الأخروي والتي تجاهد الشبهات وترفض الأطروحات المتدنية والتي تعمل دائماً على السعي بإتجاه الأطروحة الأكمل ، وعندما خرجنا من الولايات المتدنية والبديلة الى طلب الدخول في ولاية الإمام (ع) ، فعلينا أن نستكمل مشوار الحضور في ساحة الإمام (ع) ، ولابد من أن نصل الى نتيجتين تكونان ضمن عقيدتنا الدينية ومبادئنا العملية تنعكس على منهجية عملنا وعلى نوايانا :
النتيجة الأولى .. إن الإمام حاضر في ساحة رضا الله وساحة العمل الحقيقي فإن غاب عن أعيننا فهو غير غائب عن هموم الساحة الإلهية ويجاهد في دفع أهل الأرض لعبادة الله لكنهم متقاعسون وغافلون ومعرضون .
النتيجة الثانية .. إننا يمكن أن نقترب من الإمام (ع) ونحضر في ساحته الى درجة كبيرة دون أن نراه وممكن أن نحضى بتأييداته التي تحمينا من الإنحراف ومن التشوه في الأطروحة الدينية ومن التشوه في النية ومن التشوه في التعبير عن حبنا له (ع) ..
إذاً يجب أن ندرك المقياس الحقيقي للغياب والحضور ، المقياس هو الله سبحانه ورضا الله سبحانه وطلب الله سبحانه وتوحيد الله سبحانه ، وبهذا المقياس فالإمام (ع) هو الحاضر ونحن الغائبون وكل ما علينا هو أن ننهي هذا الغياب منا وأن نسجل عودتنا وحضورنا الى ساحة الله ، بالتوبة عن الغفلة وعن حب النفس وعن حب الدنيا وعن ضعف اليقين بالله ، وعن الركون للأسباب المادية وعن التهاون في طلب القرب منه سبحانه .
التعليقات (2)
Um Ali
تاريخ: 2010-07-29 - الوقت: 07:19 مساءًمقال رائع .. بارك الله فيكم نعم ، في خضم هذه الدنيا الدنيا هو الحاضر ونحن الغائبون !! اللهم عجل له الفرج وسهل له المخرج واجعلنا اللهم من أنصاره وأعوانه والمستشهدين بين يديه نسألكم الدعاء
م ب
تاريخ: 2010-08-02 - الوقت: 02:03 صباحاًمقال بصراحة يعبر أولا ويبرز ثقافة الكاتب وعلمه الرفيع وأسلوبه الجميل اللطيف ، ثانيا يوصل رسالة شخصيا كنت في غفلة عنها وقد أثبتها والشيء الأكيد أن هناك الكثير ممن يجلهونها ، وفقنا الله لكل خير وجعل الله مقالكم هذا في ميزان حسناتكم ودمتم بعون الله في خير وعافية