في أول مقابلة له بعد إلقائه نبأ الرحيل:
الغريفي أحد أمناء مبرات فضل الله
كشف السيد عبدالله الغريفي عن أن المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله شكل قبيل رحيله مجلس أمناء للمؤسسات والمبرات الخيرية التي أسسها، وأنه - الغريفي - أحد أعضاء هذا المجلس.
وقال الغريفي في أول مقابلة صحافية له بعد رحيل السيد فضل الله خص بها «الوسط»: «إن رئاسة مجلس الأمناء لم تحدد بعد، وإن المجلس هو الذي سيضع آلية ذلك».
ونفى الغريفي الحديث الدائر عن تزعمه فقهيا وروحيا لحزب الدعوة، وقال «علاقتي جيدة مع الكثير من القوى الإسلامية العاملة في الساحة ولن ابخل عليها برأي أو توجيه إذا طلب مني ذلك».
ولم ينف الغريفي تقلده للقب آية الله مكتفيا بالقول «لا أدعي لنفسي ذلك».
وتحدث الغريفي في اللقاء عن ظروف تواجده مع المرجع فضل الله قبيل رحيله، وظروف إعلانه نبأ الرحيل، وعن الطريقة التي سيتم اعتمادها في إعلان هلال شهر رمضان المبارك، وموضوعات أخرى:
ما هي ظروف تواجدكم مع السيد قبل رحيله بأيام؟
- هذا التواجد المفاجئ فرضته الظروف الحرجة جداً التي وصل إليها الوضع الصحي لسماحة السيد رحمه الله.
هل كانت لديكم معلومات عن حالته الصحية تفيد بأن وضعه الصحي حرج، وأن تلك الأيام كانت أيامه الأخيرة؟
- كنت أتابع وضعه الصحي، وخاصة بعد حدوث النزيف الداخلي والذي أدخل على إثره إلى قسم العناية الفائقة في مستشفى بهمن، وقد تلقيت نبأ تدهور الحالة الصحية لسماحة السيد ظهر السبت (قبل رحيله بيوم)، ما اضطرني إلى التوجه فوراً عصر السبت إلى بيروت.
هل كان رحيل السيد مفاجئا، أم كانت هناك إشارات من الأطباء بذلك؟
- لم يكن الأمر مفاجئاً، وكانت إشارات الأطباء تؤكد ومنذ أشهر إلى صعوبة وضع السيد، تسلمت هذه المعلومة في الزيادة السابقة (قبل خمسة أشهر).
في زيارتك قبل الأخيرة كم قدر لكم الأطباء المتبقي من عمر السيد؟
- الأعمار بيد الله، ولكنهم قدروا بحسب معطياتهم فترة قصيرة لا تزيد عن الأشهر.
وهل كان السيد فضل الله يعلم بذلك؟
- لا... لم يخبره الأطباء بهذا التفصيل، ولكن كان واضحا أنه يشعر بذلك.
ألم يتحدث الأطباء عن نوعية المرض الذي فتك بالسيد؟
- بحسب الأطباء فإن المرض كان يتركز في الكبد.
ولكن سرت شائعات أنه كان يعاني من السرطان؟
- هذا غير صحيح، ولم يقل به الأطباء، وإنما كانت الكبد تالفة تماما، وهو ما ضاءل أمل الأطباء في الشفاء.
هل كان تواجدكم مع السيد في أيامه الأخيرة بطلب منه؟
- تواجدي المفاجئ كان بسبب تدهور الوضع الصحي لسماحة السيد، وبطلب عاجل من الإخوة في مكتب السيد...
ماذا كان يغلب على حديث سماحته في أيامه الأخيرة، وأنتم بجواره؟
- فور وصولي إلى بيروت (عصر السبت) توجهت إلى مستشفى بهمن حيث أبناء السيد وكل المحبين هناك، كان وضعه الصحي مستقراً، إذ إن النزيف الداخلي قد تمت السيطرة عليه، إلا أنه في حالة تخدير لقسوة الألم الذي يعانيه، فلم أحظ بشرف الحديث معه، والاستماع إلى كلماته والتي تمنيت أن أستمع إليها، إلا أن إرادة الله تعالى وقضاءه حالا دون ذلك... ولا راد لأمر الله سبحانه.
ألا توجد للسيد فضل الله وصية عامة أو خاصة مكتوبة لم يتم الكشف عنها بعد؟ ومتى سيكشف عنها؟ وما هو فحواها؟
- لم يحدثني أبناؤه عن وجود وصية مكتوبة خاصة أو عامة، وفي ظني أن سماحة السيد (قدس الله روحه) كان يرى أن خطابه المفتوح الدائم مع الأمة هو وصيته المفتوحة، فما عساه يقول في وريقات مكتوبة، وما ادخر شيئاً لديه إلا وتحدث به مع أبنائه ومحبيه...
نعم، فهم أبناؤه من كلماته الأخيرة «المسجد المسجد» أنها وصية في أن يدفن إلى جوار المسجد، وتم دفن الجثمان الطاهر في موضع مجاور للمسجد، وفي المكان الذي تواجد فيه سماحته أثناء العدوان الغاشم الذي شنه الكيان الصهيوني على لبنان في حرب تموز المعروفة.
ولكن ألا توجد للسيد وصية تتعلق بخلافته وإدارة مؤسساته؟
- لم يتحدث عن خلافته بشكل خاص... وإنما كان يؤكد على استمرار الخط، المنهج، المدرسة، وأما المؤسسات فقد عين «هيئة أمناء» للقيمومة عليها، والحفاظ على بقائها وديمومتها واستمرارها.
كيف تم اختيار الغريفي لإعلان نبأ وفاة السيد في مؤتمر صحافي أمام وسائل الإعلام العالمية؟
- اختياري لإعلان نبأ الوفاة، كان رغبة جميع أبناء السيد وعائلته وكل المقربين لديه، وأعضاء مكتبة...
عفوا، ولكن... أليس بحسب عرف الحوزات الدينية بأن من يلقي نبأ الوفاة عادة ما يكون الرجل الثاني بعد العالم المؤبَّن؟ فهل كان إعلانكم للنبأ من هذا القبيل؟
- ليس في الحوزات عرف بهذا الشأن... وعادة من يعلن النبأ هو الأقرب والألصق بالفقيد (الابن الأكبر، الأخ... ) إلا أن أبناء السيد وعائلته وأقرباءه أصروا أن يشرفوني بهذه التكليف، فاستجبت لرغبتهم...
ولكن ألا نفهم من هذه الرسالة أن الغريفي الآن يحمل على عاتقه مهمات ومسئوليات كان السيد الراحل يقوم بها؟
- كل الرموز الشاخصة في هذا الخط يحملون على عواتقهم مهمات ومسئوليات كبيرة من أجل استمرار وديمومة خط الوعي في الأمة، وخط العمل من أجل الإسلام، والدفاع عن أهدافه الكبرى... وما تركه لنا سماحة المرجع الكبير السيد محمد حسين فضل الله من نهج رسالي متميز يفرض علينا أن نكون الأمناء على بقائه واستمراره.
إذاً، من سيشغل الفراغ الذي خلَّفه السيد من الناحية الدينية والاجتماعية والسياسية؟
- الساحة غنية بمراجع وفقهاء وقادة ومفكرين نعتز بهم، ونفخر بوجودهم، وهم ملاذنا وحصوننا، إلا أن رحيل السيد شكل خسارة كبرى يصعب تعويضها، فشخصية تملك هذا التنوع في الكفاءات والقدرات والاستعدادات والعطاءات والإنجاز ليس من السهل إعادة تشكلها وإنتاجها في هذا الزمن المنظور، ونأمل أن تتضافر جهود مكثفة، وقدرات متنوعة، وكفاءات متعددة، ومؤسسات هادفة، لتساهم في التخفيف من وطأة الفراغ الكبير الذي خلفه رحيل سماحة السيد محمد حسين فضل الله.
كان المرجع الراحل هو بنفسه يعلن عن بداية ونهاية شهر رمضان المبارك، وذلك بحسب رؤيته الفقهية التي تعتمد على الفلك، اعتمادا كليا، فمن الذي سيعلن ذلك هذا العام والأعوام المقبلة؟
- يمكن لمكتب سماحة السيد أن يعلنوا عن ذلك وفق المبنى الفقهي لسماحة السيد والذي يعتمد الحسابات الفلكية كطريق شرعي لإثبات الهلال...
أعلم أن المكتب كان يشترك في التشخيص، والسيد هو من يعلن ذلك، فهل الغريفي هو الذي سيعلن ما يشخصه المكتب بحسب مبنى السيد فضل الله.
- يمكن أن أعلن ذلك إلى مقلدي السيد.
وهل الغريفي يرى ما يراه السيد فضل الله في الاعتماد على الفلك في تثبيت الهلال؟
- نعم أنا مقتنع برأي السيد في ذلك.
كما هو معروف بأن المرجع الراحل تمت مواجهته ومواجهة آرائه مواجهة حادة في حياته، فهل تعتقدون بأن ذلك سيستمر بعد وفاته أيضا؟
- ما أتوقعه أن قدراً من الإثارات المناوئة سوف تستمر، كون المشروع المرجعي الذي أطلقه سماحة السيد مازال هاجساً مقلقاً في بعض الذهنيات، وأن رؤى السيد وأفكاره ومواقفه ستبقى تلاحق الواقع المتخلِّف، غير أن أوار المعركة سوف يخف كثيراً، وسوف يعيد الكثيرون حساباتهم، بعد إذ لم يعد الموقع المرجعي يشكل وجوداً حاضراً.
بعد مواجهة المرجع الراحل أيام حياته من قبل البعض؟ كيف نفهم الإجماع على خسارته العظمى بعد وفاته؟ وكيف نفهم هذا التشييع التاريخي له، وحداد الحوزات الدينية وتعطيلها على رحيله ومشي الحشود والوفود من مختلف الدول خلفه إلى مثواه الأخير؟
- هذا التفاعل المنقطع النظير هو تعبير حقيقي عن حجم الرصيد الذي يمتلكه المرجع الراحل في أوساط الأمة، بمختلف مكوناتها وأطيافها وولاءاتها، وقد تجاوز هذا التفاعل المساحة اللبنانية ليمتد إلى المساحات العربية والإسلامية والعالمية، وتجاوز الداخل المذهبي ليمتد في كل الواقع الإسلامي والديني والإنساني.
هناك مساحة كبيرة كانت صامتة محكومة بحسابات وضغوطات كان ذلك يوم كان السيد حياً يواجه الحملات الظالمة، هذه المساحة الصامتة انفعلت بصدمة الفاجعة وربما جاء انفعالها تعبيرا عن ندم الصمت والتقصير... واستمر البعض على موقفه في التصدي والمواجهة.
ماذا عن تعويض خسارة رحيل المرجع فضل الله؟ هل خطط السيد لشغل الفراغ الذي سيخلفه رحيله؟
- لقد أطلق سماحة السيد مشروعه حول المرجعية الشاملة بشكل مكثف، وقد حدد لهذا المشروع ثلاثة مرتكزات:
- المرجع
- المؤسسة المرجعية
- الأمة
وقد أكد من خلال أطروحاته ضرورة التوفر على كفاءات اجتهادية مؤهلة قادرة أن تنطلق بهذا المشروع... وضرورة هيكلة العمل المرجعي بما يتناسب مع حاجات العصر، وضروراته، ومتغيراته، وتحدياته، وضرورة الانفتاح على الأمة لتشكل الحضن الكبير لمشروع المرجعية...
وقد مارس سماحته بعض تطبيقات هذا المشروع... أما ماذا ترك بعده:
- فقد استطاع أن يبقي المشروع في وعي بعض النخب الحوزوية، وفي وعي بعض النخب الثقافية.
- واستطاع أن يبقى المشروع في وجدان مساحة من جماهير الأمة.
- واستطاع أن يحرك الحوار لبقاء ثقافة المشروع. تاركاً للزمن أن يتمخض عن ظروف ملائمة تسمح بولادة المشروعة وتحركه.
كما هو متداول في بعض ندوات السيد الراحل بأنه كان يطلق عليكم لقب آية الله، وهو لقب بحسب أعراف الحوزات الدينية لا يطلق إلا على المجتهد القادر على استنباط الأحكام الشرعية؟ فهل نفهم من خلال ذلك أن الغريفي بلغ هذا المستوى الفقهي؟
- لا أدعي لنفسي ذلك، ولست سوى واحد من تلامذة هذه المدرسة التي أسسها الشهيد الصدر، واحتضنها وغذاها السيد محمد حسين فضل الله.
دعنا نتحدث عن هذا الأمر بصراحة أكبر، هل سيصدر الغريفي رسالته العملية مثلا وذلك استمرارا للمدرسة الفقهية التي كان عليها المرجع الراحل؟ والتي كنت أحد مريديها، وخصوصا أن هناك أقاويل بأن لكم آراء فقهية لم تعلنوا عنها؟
- أجبت على السؤال.
ولكن هل يمكن أن يأخذ الغريفي دورا فقهيا بعد رحيل السيد فضل الله؟ وما هو نوع وحجم هذا الدور؟
- مسئوليتي ومسئولية المخلصين لهذا الخط أن تستنفر كل القدرات العلمية والفكرية والعملية من أجل أن يبقى وعي المشروع المرجعي الشامل، وأن تتحرك بعض تطبيقاته الممكنة من خلال بعض المواقع، والمؤسسات، والفعاليات القادرة على إنجاز جانب من الأهداف والخطوات.
ولكن ماذا عن المؤسسات الاجتماعية التي خلفها المرجع فضل الله؟ تحت مظلة وشرعية أي من العلماء ستعمل هذه المؤسسات؟
- هناك مراجع دين ابدوا استعدادهم لدعم هذه المؤسسات، والحفاظ على بقائها وديمومتها، وسوف يعلن عن أسمائهم في الوقت المناسب.
طيب... هل سيكون لكم دور في إدارة هذه المؤسسات؟
- اسمي ضمن هيئة الأمناء التي شكلها سماحة السيد قبيل رحيله، ولن أدخر وسعاً في حراسة وحماية هذه المؤسسات الخيرية والإنسانية، فهي أمانة في أعناقنا جميعاً.
وهل مجلس الأمناء الذي تعنيه لم يكن موجودا في حياة السيد؟
- لا لم يكن موجودا ولكنه شكله بعد تدهور حالته الصحية، ودون أسماء أعضائه كتابيا قبل أن يرحل؟
ومن هم الأعضاء؟
- هم شخصيات لبنانية وخليجية سيعلن عنها لاحقا.
وبما أن الغريفي هو أحدهم فهل من المتوقع أن يرأس هذا المجلس؟
- الأمر متروك لمجلس الأمناء ويمكن لأي من أعضائه أن يرأسه، فكلهم ثقة السيد الراحل.
ماذا عن الحديث الدائر بأن الغريفي الآن أصبح المرجع الروحي، والديني لحزب الدعوة؟
- حديث لا أساس له من الصحة إطلاقاً، علاقتي جيدة مع الكثير من القوى الإسلامية العاملة في الساحة ولن ابخل عليها برأي أو توجيه إذا طلب مني ذلك.
ولكن واضح أن كثيرا من ناشطي ورموز حزب الدعوة ومنهم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يكنون لكم احتراما كبيرا؟
- من الطبيعي أن القوى الإسلامية العاملة في الساحة تكن الاحترام لكل الرموز الدينية المتصدية، وعلاقتي مع الإخوة في الساحة العراقية وبمختلف فصائلهم قديمة صنعتها أجواء الهجرة التي جمعتنا، وزاوجت بين همومنا، وقضايانا، وأهدافنا.
كونكم تحملون عبئا مع آخرين كما تقولون، فهل ستقل الأعباء الملقاة على عاتقكم والتي تخص البحرين؟
- لاشك أن رحيل المرجع الكبير السيد محمد حسين فضل الله وضع على عاتقنا أعباء كبيرة، إلا أن الساحة البحرانية موقع أساس في اهتماماتي...
ولكن عالمية شخصية الغريفي الآن ألن تحدد دوره في البحرين؟
- لا أجدني مدفوعاً للتناغم مع الضجة الإعلامية والتي تصنعها مطابخ سياسية لاجتذاب أشخاص إلى مواقع الشهرة والبروز من أجل أهداف وتوجهات يجب أن نقرأها بدقة وتأنٍ.
التعليقات (0)