أقام مأتم السنابس إحتفالا تأبينيا لذكرى المرجع الديني آية الله السيد محمد باقر محسن الحكيم الذي اغتيل في العام الماضي بمدينة كربلاء المقدسة والذي سقط في اكبر استهداف داخلي حتى الآن ضمن لائحة المرحلة الجديدة. فمحمد باقر الحكيم هو، منذ اسقاط نظام صدام حسين على يد الجيشين الاميركي والبريطاني، الزعيم السياسي الاكثر اهمية في بيئة الشيعة العراقيين...
وهي بيئة من مفارقات المرحلة الجديدة انها، وان تكن بيئة الاكثرية العددية في العراق، الا ان اي قوى سياسية لم تتبلور فيها، بحيث يجوز القول ان اهميتها كجماعة اكبر بكثير من اهمية قواها التنظيمية والسياسية الظاهرة او العاملة.
لذلك، كان باقر الحكيم، كزعيم لـ"المجلس الاعلى للثورة الاسلامية" الاقرب الى ان يكون قوة سياسية في بيئة شبه متبلورة. بمعنى التوازن بين الحجم السياسي المتنامي والقوة الاجتماعية والامكانات التنظيمية. وخلافاً للسيد مقتدى الصدر الذي، رغم انتشار ميليشياته من البصرة الى بغداد، الا انه لا يزال ظاهرة جديدة متفشية اكثر مما هي مترسخة، ولا وجه سياسياً واضحاً لها (غير تبلور علاقاته بايران)... فهي حتى الآن، اذا قدر لها البقاء، حصيلة انهيار الدولة العراقية، وأحد اوجه "فلتان" المجتمع العراقي "من عقاله" وليست بنت الصيغة السياسية الجديدة.
تصوير : سيد محمد شرف
إعداد : سيد حسين شرف
يعد آية الله محمد باقر الحكيم من أبرز القادة السياسيين والدينيين في العراق، ففضلا عن زعامته للمجلس الإسلامي الأعلى للثورة الإسلامية، يضطلع بدور قيادي على المستويين الديني والأكاديمي.
ولد السيد محمد باقر الحكيم عام 1939 في النجف الأشرف، حيث مرقد الإمام علي بن أبي طالب، ومركز المرجعية الشيعية والحوزة العلمية،.
وهو ابن المرجع الشيعي الأعلى الراحل، السيد محسن الطباطبائي الحكيم الذي توفي أوائل السبعينات.
تلقى محمد باقر الحكيم علومه الأولية في المدارس الدينية في النجف، وبعد الدراسة الأولية تولدت لديه رغبة مبكرة في الدراسة في معاهد الحوزة العلمية.
تاريخ أكاديمي
وبعد نيله مرتبة عليا في العلوم الدينية، مارس تدريس الفقه والأصول وعرف بعمق الاستدلال ودقة البحث.
أنصار الحكيم استقبلوه في البصرةوفي عام 1964 اختير استاذا في علوم القرآن والشريعة والفقة المقارن في كلية أصول الدين. وتخرج على يديه الكثير من المختصين في علوم الدين والفقه.
وله مؤلفات دينية كثيرة منها "الحكم الإسلامي بين النظرية والتطبيق" و"دور الفرد في النظرية الاقتصادية الإسلامية" و"المستشرقون وشبهاتهم حول القرآن" و"حقوق الإنسان من وجهة نظر إسلامية".
سيرة سياسية
تعرض الحكيم شأنه أفراد آخرين من عائلته إلى الملاحقة والسجن في السبعينات بسبب نشاطه السياسي المعارض.
وفي أعقاب الثورة الإيرانية تأزمت العلاقة بين السلطات في العراق والمرجعية الشيعية التي سُلطت عليها السابقة ضغوط كبيرة تمثلت باعتقال واغتيال وقتل عدد من أبناء الأسر الكبيرة كأسرة الحكيم، مما اضطره إلى مغادرة العراق إلى إيران.
وبعد مغادرته بلاده عام 1980 انصب جهده على تنظيم المواجهة ضد نظام الرئيس السابق، صدام حسين. وفي هذه الأجواء تأسس "مكتب الثورة الإسلامية في العراق".
ثم تحول هذا التنظيم إلى المجلس الإسلامي الأعلى للثورة الإسلامية، الذي اضطلع بدور سياسي بارز في معارضة نظام صدام حسين، وأصبح له جناح عسكري عُرف بفيلق بدر.
للحكيم قاعدة تأييد واسعةوفي عام 1986 اصبح الحكيم رئيسا للمجلس وبعد ذلك تجدد انتخابه لرئاسته.
عودة إلى النجف
بعد 23 عاما من العيش في منفاه في إيران عاد آية الله محمد باقر الحكيم إلى العراق في مايو/ أيار الماضي، وبعد أقل من أربعة أشهر من عودته إلى بلاده قتل في انفجار سيارة مفخخة استهدف حياته.
وحظي الحكيم لدى عودته باستقبال حاشد في البصرة التي كانت مدخله إلى العراق، ومن ثم في المدن والبلدات التي مرّ بها في طريقه إلى النجف الاشرف، حيث قتل بعد إمامته صلاة الجمعة في مرقد الإمام علي، أكثر الأماكن قدسية في لدى المسلمين الشيعة.
وكان الحكيم من الداعين إلى الإسراع بقيام حكم عراقي مستقل، فقد قال في خطاب بعد عودته إن العراقيين يرغبون في حكومة مستقلة وانهم لن يقبلوا بأي حكومة تفرض عليهم من الخارج. ودعا إلى "تشكيل حكومة ديمقراطية تمثل الشعب العراقي برمته".
لكنه أوكل، أثناء وجوده في العراق، لأخيه عبدالعزيز الحكيم مهمة النشاط السياسي المباشر وتمثيل المجلس الأعلى في مجلس الحكم العراقي المؤقت.
التعليقات (0)