ولادته ونشأته
وقبل أن أخوض في ميدان البحث عن معالم شخصيّة الإمام أبي جعفر الجواد (عليه السلام) وأتحدث عن سيرته، وسائر شؤونه، أعرض إلى حسبه الوضاح، وما رافقه من بيان ولادته وملامح شخصيّته، وغير ذلك ممّا يعتبر مفتاحاً للحديث عن شخصيته، وفيما يلي ذلك:
نسبه الوضاح:
وليس في دنيا الأنساب نسب أسمى، ولا أرفع من نسب الإمام أبي جعفر (عليه السلام) فهو من صميم الأسرة النبوية التي هي من أجلّ الأسر التي عرفتها الإنسانية في جميع أدوارها، تلك الأسرة التي أمدّت العالم بعناصر الفضيلة والكمال، وأضاءت جوانب الحياة بالعلم والإيمان.. أما الأصول الكريمة، والأرحام المطهرة التي تفرع منها فهي:
الأب:
أما أبوه فهو الإمام علي الرضا ابن الإمام موسى بن جعفر ابن الإمام محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) وهذه هي السلسلة الذهبية التي لو قرأت على الصمّ البكم لبرئوا بإذن الله عز وجل - كما يقول المأمون العباسي - ويقول الإمام أحمد بن حنبل: (لو قرأت هذا الإسناد على مجنون لبرئ من جُنّته) وفي بعض أعلام هذه الأسرة الكريمة يقول أبو العلاء المعري الذي كان يسيء الظن بأكثر الناس:
والشخـــوص التي أضاء سناها قبل خلـــــق المــريخ والميزان
قــــــبل أن تخــــلق السمــاوات وتؤمــــر أفلاكـــــهن بالدوران
من هذه الشجرة الطيبة الكريمة على الله، والعزيزة على كلّ مسلم تفرّع الإمام محمد الجواد (عليه السلام).
الأمّ:
أما السيدة الفاضلة الكريمة أم الإمام محمد الجواد (عليه السلام) فقد كانت من سيدات نساء المسلمين عفّة وطهارة، وفضلاً ويكفيها فخراً وشرفاً أنها ولدت علماً من أعلام العقيدة الإسلامية، وإماماً من أئمة المسلمين، ولا يحطّ من شأنها أو يُوهن كرامتها أنها أمة، فقد حارب الإسلام هذه الظاهرة واعتبرها من عناصر الحياة الجاهلية التي دمرها، وقضى على معالمها فقد اعتبر الفضل والتفوّق إنّما هو بالتقوى، وطاعة الله ولا اعتبار بغير ذلك من الأمور التي تؤوّل إلى التراب.
إن الإسلام - بكلّ اعتزاز وفخر - ألغى جميع ألوان التمايز العنصري واعتبره من أهمّ عوامل التأخّر والانحطاط في المجتمع لأنّه يفرّق، ولا يوحد ويشتّت ولا يجمع، ولذلك فقد سارع أئمة أهل البيت إلى الزواج بالإماء للقضاء على هذه النعرات الخبيثة وإزالة أسباب التفرقة بين المسلمين فقد تزوج الإمام زين العابدين، وسيد الساجدين، بأمة أولدت له الشهيد الخالد، والثائر العظيم زيداً. وتزوّج الإمام الرضا (عليه السلام) أمة فأولدت له إماماً من أئمة المسلمين وهو الإمام الجواد (عليه السلام).. لقد كان موقف الأئمة (عليهم السلام) من زواجهم بالإماء هو الردّ الحاسم على أعداء الإسلام الذين جهدوا على التفرقة بين المسلمين.
أما اسم السيدة أم الإمام الجواد (عليه السلام) فقد اختلف الرواة فيه، وهذه بعض الأقوال:
1 - اسمها الخيزران، سماها به الإمام الرضا (عليه السلام) وكانت تسمى درّة.
2 - اسمها سكينة النوبية، وقيل المريســـية، وقـــــيل: إنها ممن تنتمي إلى ماريـــة القبطـــية زوجـــة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله).
3 - اسمها ريحانة.
4 - اسمها سبيكة.
وأهملت بعض المصادر اسمها، واكتفت بالقول إنها أمّ ولد وعلى أي حال فإنه ليس من المهم في شيء الوقوف على اسمها، ومن المؤسف أنّ المصادر التي بأيدينا لم تشر إلى أي جانب من جوانب حياتها.
الوليد العظيم:
وأحاط الإمام الرضا (عليه السلام) السيدة الكريمة جاريته بكثير من الرعاية والتكريم، فقد استشف من وراء الغيب أنها ستلد له ولداً قد اختاره الله للإمامة وللنيابة العامة عن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) فهو أحد أوصيائه الاثني عشر، وقد اخبر الإمام الرضا بذلك أعلام أصحابه.
وعهد الإمام الرضا (عليه السلام) إلى شقيقته السيدة الجليلة حكيمة بنت الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) بأن تقوم برعاية جاريته، وتلازمها حتى تلد وقامت السيدة حكيمة بما طلب منها الإمام الرضا، ولما شعرت الجارية بالولادة أمر (عليه السلام) شقيقته بأن تحضر مع القابلة لولادتها، وقام (عليه السلام) فوضع مصباحاً في البيت وظلّ (عليه السلام) يرقب الوليد العظيم.. ولم تمض إلاّ لحظات حتى ولدت جاريته علماً من أعلام الفكر والجهاد في الإسلام.
سرور الإمام الرضا:
وغمرت الإمام الرضا (عليه السلام) موجات من الأفراح والسرور بوليده المبارك، وطفق يقول:
(قد وُلِد لي شبيه موسى بن عمران فالق البحار، وشبيه عيسى بن مريم، قُدست أمّ ولدته...).
والتفت (عليه السلام) إلى أصحابه فبشّرهم بمولوده قائلاً:
(إنّ الله قد وهب لي من يرثني، ويرث آل داود...).
وقد عرفهم بأنه الإمام من بعده.. وقد استقبل الإمام الرضا الوليد العظيم بمزيد من الغبطة؛ لأنه المنتظر للقيادة الروحية والزمنية لهذه الأمة وكان في المجلس شاعر أهل البيت دعبل الخزاعي وقد شارك أهل البيت في أفراحهم ومسراتهم بولادة الإمام أبي جعفر (عليه السلام).
مراسيم الولادة:
وأسرع الإمام الرضا (عليه السلام) إلى وليده المبارك فأخذه وأجرى عليه مراسيم الولادة الشرعية، فأذّن في إذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، ثمّ وضعه في المهد.
كنيته:
وكنّى الإمام الرضا (عليه السلام) ولده الإمام محمد الجواد بأبي جعفر، وهي ككنية جدّه الإمام محمد الباقر (عليه السلام) ويفرق بينهما فيقال: للإمام الباقر أبو جعفر الأول، وللإمام الجواد أبو جعفر الثاني.
ألقابه:
أما ألقابه الكريمة فهي تدل على معالم شخصيته العظيمة، وسمو ذاته وهي:
1 - الجواد: لُقِّب بذلك لكثرة ما أسداه من الخير والبر والإحسان إلى الناس.
2 - التقي: لقب بذلك لأنه اتقى الله وأناب إليه، واعتصم به، فلم يستجب لأي داع من دواعي الهوى، فقد امتحنه المأمون بشتّى ألوان المغريات فلم ينخدع، فأناب إلى الله وآثر طاعته على كل شيء.
3 - القانع.
4 - المرتضى.
5 - الرضي.
6 - المختار.
7 - المتوكل.
8 - الزكي.
9 - باب المراد: وقد عُرِف بهذا اللقب عند عامة المسلمين التي آمنت بأنه باب من أبواب الرحمة الإلهيّة التي يلجأ إليها الملهوفون وذوو الحاجة لدفع ما ألّم بهم من مكاره الدهر وفجائع الأيام.
هذه بعض ألقابه الكريمة، وكلّ لقب منها يشير إلى إحدى صفاته الرفيعة، ونزعاته الشريفة التي هي من مواضع الاعتزاز والفخر لهذه الأمة.
ملامحه:
أما ملامحه فكانت كملامح آبائه التي تحكي ملامح الأنبياء (عليهم السلام) فكانت أسارير التقوى بادية على وجه الكريم، وقد وصفته بعض المصادر بأنه (كان أبيض معتدل القامة) ونص بعض المؤرخين على أنه كان شديد السمرة، وأثبتت ذلك رواية شاذة إلاّ أن الأستاذ الإمام الخوئي دلل على أنها من الموضوعات وقد أعرضنا عن ذكرها لشذوذها وعدم صحّتها.
سنة ولادته:
والمشهور بين المؤرّخين أنّ ولادة الإمام أبي جعفر الجواد (عليه السلام) كانت في 19 من شهر رمضان سنة 195 هـ، وقيل: إنّ ولادته كانت في الخامس من رمضان سنة 175 هـ وهو اشتباه محض فإنّه من المقطوع به أنّه لم يولد في تلك السنة، وإنّما ولد في سنة 195 هـ حسبما أجمع عليه الرواة والمؤرّخون.
نقش خاتمه:
أمّا نقش خاتمه فيدلّ على مدى انقطاعه إلى الله، فقد كتب عليه (العزّة لله)، لقد آمن بأن العزّة إنما هي لله تعالى وحده خالق الكون وواهب الحياة.
نشأته:
نشأ الإمام محمد الجواد (عليه السلام) في بيت النبوة والإمامة ذلك البيت الذي أعزّ الله به المسلمين وقد ترعرع (عليه السلام) في ظلاله وهو يتلقّى المثُل العليا من أبيه، وقد أفاض عليه أشعة من روحه العظيمة، وقد تولى بذاته تربيته، فكان يصحبه في حلّه وسفره، ويطعمه بنفسه، وقد روى يحيى الصنعاني قال: دخلت على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) وهو بمكة، وكان يقشّر موزاً، ويطعم أبا جعفر، فقلت له: جعلت فداك، هذا المولود المبارك؟ قال (عليه السلام): نعم يا يحيى هذا المولود الذي لم يولد في الإسلام مولود أعظم بركة على شيعتنا منه.
إن هذا اللون من التربية المطعّم بالحبّ والتكريم له أثره البالغ في التكوين النفسي وازدهار الشخصية حسبما قرّره علماء التربية والنفس.
ذكاؤه وعبقريته:
وملك الإمام محمد الجواد (عليه السلام) في سنه المبكر من الذكاء والعبقرية ما يثير الدهشة ويملك النفس إكباراً وإعجاباً وقد ذكر المؤرّخون بوادر كثيرة من ذكائه كان من بينها ما يلي:
1 - ما رواه أميّة بن علي قال: كنت مع أبي الحسن الرضا بمكة في السنة التي حجّ فيها مودّعاً البيت الحرام عندما أراد السفر إلى خراسان وكان معه ولده أبو جعفر الجواد، فودّع أبو الحسن البيت، وعدل إلى المقام فصلّى عنده، وكان أبو جعفر قد حمله أحد غلمان الإمام يطوف به وحينما انتهى إلى حجر إبراهيم جلس فيه وأطال الجلوس، فانبرى إليه موفق الخادم، وطلب منه القيام معه فأبى عليه، وهو حزين، قد بان عليه الجزع، فأسرع موفق إلى الإمام الرضا (عليه السلام) وأخبره بشأن ولده، فأسرع إليه، وطلب منه القيام فأجابه بنبرات مشفوعة بالبكاء والحسرات قائلاً:
(كيف أقوم؟ وقد ودّعت يا أبتي البيت وداعاً لا رجوع بعده..). وسرت موجة من الألم في نفس الإمام الرضا (عليه السلام) فالتمس منه القيام معه فأجابه إلى ذلك ودلت هذه البادرة على مدى ذكائه، فقد أدرك من وداع أبيه للبيت الحرام أنه الوداع الأخير له، لأنّه رأى ما عليه من الوجل والأسى مما أوحى إليه أنّه النهاية الأخيرة من حياته، وفعلاً قد تحقق ذلك فإنّ الإمام الرضا (عليه السلام) بعد سفره إلى خراسان لم يعد إلى الديار المقدسة، وقضى شهيداً مسموماً على يد المأمون العباسي.
2 - ومن بوادر ذكائه ما حدّث به المؤرخون أن المأمون قد اجتاز في موكبه الرسمي في بعض شوارع بغداد على صبيان يلعبون، وكان الإمام الجواد واقفاً معهم فلما بصروا بموكب المأمون فرّوا خوفاً منه سوى الإمام الجواد فإنه بقي واقفاً فبهر منه المأمون، وكان لا يعرفه، فقال له:
(هلا فررت مع الصبيان...؟).
فأجابه الإمام بمنطقه الرائع الذي ملك به عواطف المأمون قائلاً:
(يا أمير المؤمنين لم يكن بالطريق ضيق فأوسعه لك، وليس لي جرم فأخشاك والظنّ بك حسن أنّك لا تضرّ من لا ذنب له..).
وعجب منه المأمون وسأله عن نسبه فأخبره به فترحّم على أبيه.
3 - ومن آياته نبوغه المذهل انّه في سنه المبكر قد سأله العلماء والفقهاء عن ثلاثين ألف مسألة فأجاب عنها.. ولا مجال لتعليل هذه الظاهرة إلاّ بالقول إنّ الله تعالى قد منح أئمة أهل البيت (عليهم السلام) طاقات مشرقة من العلم لم يمنحها إلاّ إلى أولي العزم من أنبيائه ورسله.
إشادة الإمام الرضا بالجواد:
وكان الإمام الرضا (عليه السلام) يشيد دوماً بولده الإمام الجواد، ويدلّل على فضله ومواهبه وقد بعث الفضل بن سهل إلى محمد بن أبي عباد كاتب الإمام الرضا (عليه السلام) يسأله عن مدى علاقة الإمام الرضا (عليه السلام) بولده الجواد (عليه السلام)، فأجابه: ما كان الرضا يذكر محمداً إلا بكنيته، يقول: كتب لي أبو جعفر، وكنت أكتب إلى أبي جعفر (عليه السلام) وكان آنذاك بالمدينة، وهو صبي، وكانت كتب أبي جعفر ترد إلى أبيه وهي في منتهى البلاغة والفصاحة.
وحدّث الرواة عن مدى تعظيم الإمام الرضا لولده الجواد، فقالوا: إنّ عباد بن إسماعيل، وابن أسباط كانا عند الإمام الرضا بمنى إذ جيء بأبي جعفر فقالا له:
(هذا المولود المبارك..؟).
فاستبشر الإمام وقال:
(نعم هذا المولود الذي لم يولد في الإسلام أعظم بركة منه..).
وهناك طائفة كثيرة من الأخبار قد أثرت عن الإمام الرضا (عليه السلام)، وهي تشيد بفضائل الإمام الجواد (عليه السلام) وتدلّل على عظيم مواهبه وملكاته.
إكبار وتعظيم:
وأحيط الإمام الجواد منذ نعومة أظفاره بهالة من التكريم والتعظيم من قبل الأخيار والمتحرّجين في دينهم فقد اعتقدوا أنّه من أوصياء رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي فرض الله مودّتهم على جميع المسلمين، وقد ذكر الرواة أنّ علي بن جعفر الفقيه الكبير، وشقيق الإمام موسى بن جعفر، وأحد أعلام الأسرة العلوية في عصره، كان ممّن يقدّس الإمام الجواد (عليه السلام) ويعترف له بالفضل والإمامة، فقد روى محمد بن الحسن بن عمارة قال: كنت عند عليّ بن جعفر جالساً بالمدينة وكنت أقمت عنده سنتين أكتب ما سمع من أخيه - يعني الإمام أبا الحسن موسى - إذ دخل أبو جعفر محمد بن عليّ الرضا (عليه السلام) مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فوثب عليّ بن جعفر بلا حذاء ولا رداء، فقبّل يده وعظّمه، والتفت إليه الإمام الجواد قائلاً:
(اجلس يا عمّ رحمك الله..).
وانحنى عليّ بن جعفر بكل خضوع قائلاً:
(يا سيدي، كيف أجلس وأنت قائم..؟).
وانصرف الإمام الجواد (عليه السلام) ورجع عليّ بن جعفر إلى أصحابه فأقبلوا عليه يوبخونه على تعظيمه للإمام مع حداثة سنّه قائلين له:
أنت عمّ أبيه، وأنت تفعل به هذا الفعل..؟).
فأجابهم عليّ بن جعفر جواب المؤمن بربّه ودينه، والعارف بمنزلة الإمامة قائلاً:
(اسكتوا إذا كان الله - وقبض على لحيته - لم يؤهل هذه الشيبة - يعني الإمامة - وأهّل هذا الفتى، ووضعه حيث وضعه، نعوذ بالله ممّا تقولون. بل أنا عبد له..).
ودلّل علي بن جعفر على أن الإمامة لا تخضع لمشيئة الإنسان وإرادته ولا تنالها يد الجعل الإنساني، وإنما أمرها بيد الله تعالى فهو الذي يختار لها من يشاء من عباده من دون فرق بين أن يكون الإمام صغيراً أو كبيراً.
انطباعات عن شخصيّته:
وملكت مواهب الإمام محمد الجواد (عليه السلام) عواطف العلماء فسجّلوا إعجابهم وإكبارهم له في مؤلّفاتهم، وفيما يلي بعض ما قالوه:
1 - الذهبي:
قال الذهبي: (كان محمد يلقّب بالجواد، وبالقانع، والمرتضى، وكان من سروات آل بيت النبي (صلى الله عليه وآله).. وكان أحد الموصوفين بالسخاء فلذلك لقّب بالجواد..).
2 - ابن تيميّة:
قال ابن تيمية: (محمد بن علي الجواد كان من أعيان بني هاشم، وهو معروف بالسخاء، ولهذا سمّي بالجواد).
3 - الصفدي:
قال الصفدي: (كان محمد يلقّب بالجواد، وبالقانع، وبالمرتضى، وكان من سروات آل بيت النبوة.. وكان من الموصوفين بالسخاء، ولذلك لقّب بالجواد..).
4 - ابن الجوزي:
قال السبط بن الجوزي: (محمد الجواد كان على منهاج أبيه في العلم والتقى والجود).
5 - محمود بن وهيب:
قال الشيخ محمود بن وهيب: (محمد الجواد هو الوارث لأبيه علماً وفضلاً وأجلّ اخوته قدراً وكمالاً..).
6 - الزركلي:
قال خير الدين الزركلي: (محمد بن الرضي بن موسى الكاظم، الطالبي، الهاشمي، القرشي، أبو جعفر، الملقّب بالجواد، تاسع الأئمة الاثني عشر عند الإمامية كان رفيع القدر كأسلافه ذكياً، طليق اللسان، قويّ البديهة..).
7 - كمال الدين:
قال الشيخ كمال الدين محمد بن طلحة: (أما مناقب أبي جعفر الجواد فما اتّسعت حلبات مجالها، ولا امتدّت أوقات آجالها بل قضت عليه الأقدار الإلهيّة بقلّة بقائه في الدنيا بحكمها وأسجالها فقلّ في الدنيا مقامه، وعجّل القدوم عليه كزيارة حمامه فلم تطل بها مدّته ولا امتدّت فيها أيامه).
8 - عليّ بن عيسى الأربلي:
وأدلى علي بن عيسى الأربلي بكلمات أعرب فيها عن عميق إيمانه وولائه للإمام الجواد قال: (الجواد في كلّ أحواله جواد، وفيه يصدق قول اللغوي جواد من الجودة.. فاق الناس بطهارة العنصر، وزكاء الميلاد، وافترع قلّة العلاء فما قاربه أحد ولا كاد مجده، عالي المراتب، ومكانته الرفيعة تسمو على الكواكب، ومنصبه يشرف على المناصب، إذا أنس الوفد ناراً قالوا: ليتها ناره، لا نار غالب له إلى المعالي سمو، وإلى الشرف رواح وغدو، وفي السيادة إغراق وعلوّ وعلى هام السماك ارتفاع وعلوّ، وعن كلّ رذيلة بعد، وإلى كلّ فضيلة دنو، تتأرج المكارم من أعطافه ويقطر المجد من أطرافه، وترى أخبار السماح عنه، وعن أبنائه وأسلافه، فطوبى لمن سعى في ولائه، والويل لمن رغب في خلافه، إذا اقتسمت غنائم المجد والمعالي كان له صفاياها، وإذا امتطيت غوارب السؤدد كان له أعلاها وأسماها، يباري الغيث جوداً وعطية، ويجاري الليث نجدة وحمية، ويبذ السير سيرة رضية.
هذه بعض الكلمات التي أدلى بها كبار المؤلّفين، وهي تمثّل إعجابهم بمواهب الإمام وعبقرياته وما اتّصف به من النزعات الشريفة التي تحكي صفات آبائه الذين رفعوا مشعل الهداية في الأرض.
التعليقات (0)