(يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة)
أنا طفل أحتاج إلى الحب والرعاية.. والحضن الدافىء، واللعب والترفيه كما أحتاج إلى الغذاء والنوم والراحة حتى يكون نموي متكاملاً ومتوازناً، فمن أين أحصل على هذا إن لم تكونا إلى جانبي وتمنحاني ذلك؟!!
أمي! أبي! إمنحاني الأمن والسلام حتى لا أحمل الحقد والعدوان فلا تعطيا ألعابي وأغراضي لأخوتي حتى لا أضطر لاسترجاعها بالقوة.
أبي لا تنسى وجودي فامنحني القبلة والبسمة والنظرة الحنون من وقت لآخر لأشعر بالاطمئنان والسعادة.
أرجوك لا تضربني بقسوة ولا تكن قاسياً أمامي فأكون مثلك قاسياً مع الآخرين لا أعرف اللين حتى أثناء اللعب.
أمي! قسمات وجهك المؤنِّبة والغاضبة التي ترسمينها بشكل دائم تؤذيني وتجعلني أعيش القلق والاضطراب فتحولني إلى شخص شرير.
ما هو العدوان؟
كل إنسان عنده فطرة الدفاع عن نفسه وعن ممتلكاته إذا ما تعرض هو أو ممتلكاته للخطر؛ وهذا أمر طبيعي عند الكبار والصغار على حدٍّ سواء. فالدفاع عن النفس أمر مشروع بل هو واجب! لكن أين الخطورة في هذا؟!
الطفل، وبشكل طبيعي، يبدأ بالدفاع على شكل غضب وصراخ ومشاجرات عندما يشعر أنه في خطر عدم الشعور بالأمان، أو الاستيلاء على ألعابه وحاجياته وفي هذه الحالة لا يسمى عدوانياً حتى لو كان شرساً في هذا الدفاع. ولكن العدواني هو الذي يستولي على ممتلكات الآخرين من أخوة وأصحاب أو يبدأ بضرب الآخرين بدون أن يؤذوه أو يتعرضوا له بسوء. لذا فإن العدوان أو الهجوم على الآخرين لا يكون هو الهدف دائماً، ولكنه وسيلة للحصول على اهتمام الآخرين، أو تنفيس حقد وألم يعيشه نتيجة قلق أو حرمان تعرض له أثناء طفولته الأولى.
فيا أيتها الأم المحبّة والمربِّية الواعية لمسة حنان منك للطفل يمكن أن تمنع جريمة في المستقبل.
السنوات الثلاث الأولى للطفل هي التي تحدد علاقته بالآخرين من خلال احتياجاته الأساسية: الشبع، الاتصال عبر اللمس، تخفيف الألم.
أسباب العدوان!
1 السبب الرئيسي الأول هو حرمان الطفل من احتياجاته الأساسية آنفة الذكر، لأن ذلك يثير لديه الشعور بالإحباط فيؤدي إلى سلوك عدواني وقد يلجأ إلى تحطيم الأواني واللعب.
2 المشاجرات التي تبدأ للحفاظ على الممتلكات (الدفاع عن ممتلكات خاصة يأخذها طفل لآخر) قد تقل مع تقدم العمر وقد تأخذ شكلاً عدوانياً يتطور أكثر.
3 معاملة الطفل بقسوة يولد عنده قسوة أو إحباط (منع الطفل من أي سلوك كالبكاء أو طلب بعض الحاجيات) يؤدي إلى عمل عدواني.
4 التقليد والمحاكاة وهي ما يعرف بالقدوة فهو يتعلم ويقلّد الكبار الأب الأم الأخ الأكبر.. فعندما يرى أن الأب دائم الصراخ أو اللكم لأي ردة فعل أو مواجهة فإن الطفل سيعمد إلى هذا التصرف كحالة تقليد لمن هو أكبر منه ومن ثم يتحول إلى سلوك عدواني فيما بعد.
5 مكافأة الطفل على سلوكه العدواني: وذلك عندما يواجه الطفل بالمدح والإطراء عند القيام بسلوك عدواني تجاه الآخرين. فالأمريكيون يعلمون أولادهم العدوان بطريقة مباشرة وغير مباشرة وذلك لأنهم يؤيدون العدوان حيث إن الأطفال يتعلمون فنون القتال في بعض الحالات، إضافة إلى الألعاب العدوانية التي تظهر أن إيذاء الآخرين أمر مستحب ومقبول، أو الآباءالذين يشجعون أبناءهم على العدوان عند انتصار طفل على آخر في المشاجرة فيقابل بالموافقة أو المكافأة.
6 برامج العنف: وقد انتشرت بشكل واسع اليوم حتى برامج الكرتون فالطفل عندما يشاهد مناظر العنف والعدوان فإنه يميل إلى إظهار الألم سواء عن طريق الجهاز العصبي أو من خلال تعبيرات وجهه، وعندما تتراكم هذه الانفعالات من خلال المداومة على هذه المشاهد ستنعكس في سلوكياتهم بشكل تلقائي.
7 الأزمات النفسية: وهي الناتجة عن رغبات وميول لم تتحقق وقد تكون ناتجة عن الغيرة أو الغضب أو الحرمان. فعلاقة الآباء بأبنائهم هامة وحساسة جداً.
هذا وقد يحدث العدوان عند حدوث تغير جوهري في حياته: كالفطام، الذهاب إلى المدرسة، فقد أحد الوالدين..
طرق الوقاية والعلاج:
بما أن للعدوان أضراراً خطيرة تعود على الطفل وبالتالي على المجتمع الذي يعيش فيه لأنه يسبب، للطفل فقراً في العلاقات الاجتماعية والإنسانية وما يمكن أن يسببه في المجتمع من اضطراب وربما جرائم وغيرها.
وأهم طرق الوقاية والعلاج نختصرها على النحو التالي:
1 شعور الطفل بالراحة النفسية والأمن: لا بد من تأمين الحاجات الأساسية للطفل من غذاء وحب ورعاية إضافة إلى تخفيف حالات الألم التي قد يتعرض لها من خلال المرض ونحوه لأن استقراره النفسي وسعادته سينعكس سلوكاً هادئاً في علاقته بالآخرين.
2 الاعتدال في تنشئة الطفل: وهذا يعود إلى الأهل والمربين وذلك بعدم اللجوء إلى العنف عند الغضب الشديد سواء في مواجهة الطفل عند خطئه أو في سلوكيات الأهل المربين في حياتهم اليومية أمام الأطفال، لأنه ينعكس سلباً عليهم.
3 تعويد الطفل تحمّل الإحباط: أولاً إبعاده ما أمكن عن مواقف الإحباط (الفشل بعمل ما). وتوفير فرص النجاح له، أما إذا وقع في تجربة فاشلة فيجب عدم كبت العدوان الناجم عنه على أن يوجه التوجيه السليم (كأن ينفذ في لعبة ما).
4 توفير المناطق الحركية: إذا كان لدى الطفل حركة زائدة يمكن توجيه هذه الحركة إلى جانب إيجابي من حركات رياضية وألعاب تحتاج إلى طاقة جسدية بذلك نساعده على امتصاص الطاقة الزائدة وتفريغ الانفعالات منه بشكل إيجابي عملي.
5 تعزيز السلوك المرغوب فيه: في الإسلام عندنا دروس كثيرة حول الإيثار وحب الآخرين والابتعاد عن الحقد والحسد والغيرة وهذا أكبر عامل مساعد للطفل وللكبار أيضاً في تفريغ ما يمكن أن يعيشه الإنسان تجاه الآخر من مواقف عدائية. إضافة إلى الثواب المترتب على ذلك.
ولا بد من إظهار الرضا وامتداح الطفل إذا ما لعب بشكل هادىء مع الآخرين دون مشاجرة أو عدوان.
6 التجاهل المتعمد للسلوك العدواني: إذا كان الطفل في حالة غضب أو انزعاج علينا عدم المبالاة له إلا إذا ترتب على ذلك إيذاء لسلامة الآخرين.
7 تقليل المشاهد العدوانية: وذلك من خلال البرامج التلفزيونية أو المواقف الإنسانية العامة الأهل المربون... والخطورة الأكبر في التلفزيون فعلينا مراقبة البرامج التي يشاهدها وإبعاده عما يسيء إلى أمنه وراحته النفسية.
وأخيراً لا بد من تجنب الطفل للعقاب البدني ومعاملته بالقسوة أثناء أي خطأ قد يقوم به لأن العقاب الجسدي يؤذي جسدياً ونفسياً ولا يعطي نتيجة إيجابية (أي لا يردع عن الخطأ إطلاقاً) خصوصاً إذا كان ناتجاً عن غضب كبير عند الأهل.
التعليقات (0)