شارك هذا الموضوع

الشهيد مـحـمـد بـاقـر الـصـدر .. فقيه أصولي وفيلسوف إسلامي

الشهيد مـحـمـد بـاقـر الـصـدر .. فقيه أصولي وفيلسوف إسلامي 


الشهيد السعيد سماحة آية الله العظمى الإمام السيد محمد باقر الصدر (قدس سره)، هــو أحــد أعــلام هذه الأمة، ومفخرة عصره، وأعجوبة دهــره، نابغة الزمــان، ومعجرة القرن، حــامــي بيضة الـدين، وماحي آثار المفسدين، فقيه أصولــي وفيلسوف إسلامـي، كــان مرجعاً مــن مراجــع المسلمين في مدينــة النجف الأشرف فــي العــراق.


نبـذة عــن سيرة وحيــاة الفيلسوف الإسلامي والفقيه الأصولي الشهيد السعيد السيد محمد باقــر الصــدر (قدس سره) بمناسبة الــذكرى التاسعة والعشرين لشهادته.


حيــاته وأسرته


ولد في "25 /ذی القعدة / 1353 هـ" في مدينة "الكاظمية المقدسة" وتـربّى من بعد وفاة والده في كنف والدته وأخيه "السيد إسماعــيل الصدر" ، ومنذ أوائل صباه كانت علائم النبوغ والذكاء بادية عليه من خلال تصرفاته. فی عام 1365 هــ هاجر أخوه السيد إسماعيل الصدر الذی يعيله إلى مدينة "النجف الأشرف"، فاستأجروا داراً متواضعاً فيها و من هذا التاريخ بدأت رحلة الشهيد العظيم العلمية ولغاية استشهاده .


وأسرة الشهيد الصدر معروفة بالفضل، والتقى، والعــلم، والعمل، ومكارم الأخــلاق، وقد كانت مشعلاَ للهداية والنــور ، ومركزاَ للزعــامـة وللمـرجعية الدينية ، وقــد انحدرت من شجرة الرسالة والسلالة العـلويّة مـن أهـل بيت أراد الله ليــذهب عنهم الرجس ويطهّرهم تطهيراَ. وهذه الأسرة العـريقة قد اتخذت ألقابا مختلفة باختلاف العصور طيلة ما يزيد عـلى قرنين فكــانت تلقب "بآل أبي سبحة"، وأخرى "بآل حسين القطعي" ،و ثالثة "بآل أبي الحسن"، ورابعة "بآل عبد الله"، وخامسة "بآل أبي الحسن"، و"بآل شرف الدين"، وأخيراَ "بآل الصـــدر".


وكمــا نشير الى عــدد مـن الفحول العظام من سلالة هذه الشجرة الطيبة التی أنجبت أخیــراَ قائدا فــذا ، ومرجعاَ عبــقرياَ لــم تــر عــين الز مــان مثله ، وهــم كل مــن:1- الســيد صــدر الدين / 2- السيد إسماعيل الصـــدر / 3- الســيد حيــدر الصـدر.


والــدة الشهيد الصــدر


وأما والدته المحترمة ، فهي السيدة العابدة، الصالحة، التقية، الزاهـدة، بنت "المرحوم آية الله الشيخ عبد الحسين آل ياسين"، وكان أبوها وإخوتهاجميعاَ من الآيات العظام، ومن أكــابر العلماء الأعـلام رضوان الله عليهم أجمعين .


دراسته


مما يحكى عن أيام طفولته وصباه فی المدرسة الابتدائية ما كتبه "محمد علی الخليلي" حاكياَ قصته مع الشهيد الصدر أيام كانا طالبين في مدرسة منتدى النشر الابتدائية وهــذا جزء من نصه: "كانت تجمعنا به مدرسة واحدة ، وفرقنا فارق السنّ والمرحلة الدراسية ، إذ كان حينها فی الصف الثالث الابتدائي ، ويقول أما أنا فكنت فی السنة النهائية من هذه المرحــلة الدراسية ، وطبيعی للأمــرين المذكورين أن لا يكــون اتصال مباشر، وعلى الرغم من ذلك فقد كان موضــوع اهتمامنا ، ومحط أنظارنا نحن تلامــيذ المدرسة صــغارا وكبــارا ، كما كان مــوضوع تقدير واحترام معلميه، الى أخر."


وبدأ بدراسة المنطق وهو في سن الحادية عشرة من عمره، وفي نفس الفترة كتب رسالة فی المنطق، وكانت له بعض الإشكالات على الكتب المنطقية. فی بداية الثانية عشرة من عمره بدأ بدراسة كتاب معالم الأصول عند أخيه السيد إسماعيل الصدر. وبعد انتقاله إلى النجف الاشرف لإكمال دراسته، تتلمذ عند شخصيتين بارزتين من أهل العلم والفضيلة وهما: "آية الله الشيخ محمد رضا آل ياسين" (قدس سره)، و"آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي" (رضوان الله تعالى عليه). أنهى دراسته الفقهية عام 1379 هـ والأصولية عام 1378 هـ عند آية الله العظمى السيد الخوئي (رحمه الله).


بالرغم من أن مدة دراسة السيد الصدر منذ الصبا وحتى إكمالها لم تتجاوز 17 أو 18 عاماً، إلا أنها من حيث نوعية الدراسة تعدّ فترة طويلة جداً، لأن السيد كان خلال فترة اشتغاله بالدراسة منصرفاً بكلّه لتحصيل العلم، فكان منذ استيقاظه من النوم مبكراً وإلى حين ساعة منامه ليلا كان يتابع البحث والتفكير.


المــقام العلمي الشامــخ


تتميز الأبحاث العلمية للشهيد الصدر من سائر الأبحاث العلمية المألــوفة بالدقــة الفائقــة ، والعمق الذی يقل نظيره من ناحية ، وبالسعة والشمول لكل جوانب المسالة المبحوث عنها من ناحیــة أخرى حتى إن الباحث الجدیــد لها قلما يحصل على منفذ للتوسع أو التعميق الزائـدين على ما أتى به السيد الصدر (قدس سره )، إضــافة الى كل هــذا نری من مميزات الشهيد السعيد العلمية أن أبحاثه لم تقتصر على ما تعارفت عليه أبحاث العلماء فــی النجف الأشرف "وقتئذ" من الفقه والاصــول ، بــل شملــت سائر المرافق الفكرية الاسلامية: كــالفلســفة ، والاقتصاد والمنطق ، والأخــلاق ، والتفسير ، والتأريخ ، وفــی كل مجال من هذه المجالات تــرى بحثه مشتملاَ على نفس الامتيازين الملحوظين فــي أبحاثه الاصولية والفقهية من العمق والشـــمول.


مـــؤلفاتـــه


1- فـــــدك فــي التأريــخ ، طبع فـــی سنة ( 1374هـ)/ 2- غـــایــة الفكر فی علم الأصول، طبع منها جزء واحــد فی سنة 1374هـ/ 3- فلــسفتنا ، طـــبع فــی سنة ( 1379 هـ)/ 4- اقتــصادنــا ، طبع فی سنة ( 1381هـ) فــي مجلــدين/ 5- المعالم الجديدة للأصول ، طبعت فی (سنة 1385هـ) لكية أصول الدين/ 6- الأسس المنطقية للاستقراء ن طبعت بتأؤيخ (1391هـ)/ 7- البنك اللاربـــوي فی الإسلام ، طبع قبل الأسس المنطقية للاستقراء/ 8- المدرسة الاسلامية ، ألف منها جــزءيــن :أ- الإنسان المعاصــر والمشكلــة الاجتماعـــية .ب – مــاذا تعــرف عــن الاقتصــاد الإسلامی ؟/ 9- بــحوث فــی شرح العــروة الوثقى ، الف منها أربعــة أجــزاء ، وكــان تأريخ الطبــعة الاولـى لأوّل جـزء منــها سنــة (1391)/ 10- دروس فــی عــلم الاصــول ، في ثلاث حلقــات، والحلقــة الثالثــة منها فــی مجـلدين ، طبعت فی سنة ( 1397هـ)/ 11- بــحث حول المهــدی (عليــه السلام )/ 12 – بحث حــول الــولايــة/ 13 – الإســلام يقــود الحياة ، ألف منه ست حلقات فــی سنة (1399هـ) بمناســبة نجــاح الثــورة الاسلامية فی "إيران"/ 14- بحــث فــــی المـــرجعـــية الصـــالحــة والمـــرجعیــة المــوضوعــية/ 15 – الفتاوى الواضحة/ 16- تعليقة علــى رسالــة عملـــية للمرحوم "آیـــة الله العظمى السيد محســـن الحكـــيم"، وهــی رسالــة المسمّاة بـــ"منهاج الصالحين"/ 17 – تعليقة علــى صلاة الجمعة من الشرائع ، مــا زالت غير مطبوعة / 18- تعــليقة على الرسالة العملية للمرحوم "آية الله العظمى الشيخ آل ياسين" المسماة بـ"بلــغة الراغــبين"/ 19- تعليقة على مناســـك الحج لأستاذه "آية الله العظمى السيد الخوئی" وهی غير مطبوعة/ 20 - مــوجــز أحــكام الحج وهــو رسالة عملية فی الحج. وهــناك محاضرات وكتابات وكتب أخرى له، من قبيل بعض افتتاحيات مجلة "الأضواء" التی طبعت بعد ذلك باسم "رسالتنا" وغيرها.


 
 
رعـــايته لمشاريــع إسلامية


1- مـــدرســة العــلوم الإسلامــية./ 2- جمــاعــة العلماء في النجــف الأشرف./ 3- كلـــية أصول الــدين.


طــــلابــه


1- المرجع الديني الكبير سماحة آية الله العظمى الســيد كــاظــم الحــائــري/ 2- سماحة آية الله السيد نــور الدين الإشكوري/ 3- سماحة آية الله العظمى المحقق السيد محمود الهاشمي الشاهرودي/ 4- سماحة آية الله العظمى الشهيد السعيد السيد محمد باقر الحكيم/ 5- سماحة آية الله العظمى الشهيد السعيد السيد محمد محمد صادق الصدر/ 6- سماحة آية الله الشيخ محمد بــاقــر الناصري/ 7- سماحة العلامة الشيخ محمد حسن علــيوي الخضري/ 8- سماحة العلامة الشيخ محمد رضا النعماني/ 9- سماحة السيد عبد العزيز الحكيم/ 10- محمود الخطيب/ 11- سماحة السيد محمد باقر المهري/ 12- سماحة آية الله الشيخ محمد علي التسخيري/ 13- سماحة العلامة الشيخ عيسي قاسم، ونخبة من العلماء والفضلاء الذين التحقوا بدرسه فــي دورته لأبحاثه الأصولية والفقهية.


الأخلاق الفاضلة للسيد الصدر


يقول سماحة "آية الله العظمى السيد كاظم الحائري": "لا أستطيع أن أقــول شيءً تحت هــذا العنـــــوان عــدا كــلمة واحــدة، وهــی، أن أخــلاقه الفاضلة كانت تذكرنا بما سجّل التاريخ عــن الأنبياء والمرسلين، والائمة المعصومين (عليهم السلام)، وحكاه لــنا القرآن الكريم عــن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وعلى اله الطيبين) بقوله تعالى: "وإنك لعلــى خَلَقِ عظيم".


المــوقف التأريخي المشرّف للعــراقيين


بــعد تغيير النظــام فی إيران على يــد "روح الله الموسوي الخميني" (قدس سره)، وبسبب الظغوط التي كان يمارسها النظام العفلقي على أبناء العراق المسـلم ،أصبحت "إذاعــة طهران العربية" هي الإذاعة الأولى من حيث استماع العراقيين لها فی ذالك الوقت، فكان من الطبيعی أن يستمع الشعب لبرقية إمــام الأمة، ويتعرف على مغازيها وما تعنيه، والبرقية لم تكن عادية بحيث لاتلفت الانتباه، فقــد أكــد السيد الإمام الخميني (قدس سره) على نقطتين أساسيتين:1- مغادرة السيد الشهيد للعراق ، وما تعنيه من فراغ كبير للنجف والعـــراق./ 2- ما يتعرض له السيد الشهيد من مضايقات وضغط من قبل سلطة العفالقة.


للأسباب هذه كان وقع البرقية عظيما فی كافـة أوساط الشعب العراقی، فكانت بداية جديدة لمرحلة جديدة من الصراع بين الاسلام والكفر فبــــدأت تتقاطر الوفود الى النجف الاشرف من كافــة أنحــاء العــراق تطالب السيد الشهيد بالبقــاء فی العراق وعــدم مغادرته له. ومن ضمن الوفود التی جاءت الى السيد الشهيد وجددت له البيعة ، وعــادته على التأييد والمسانــدة حثى آخــر قطرة دم هــی: وفد مدينة بغداد / وفــد محافظة واسط / وفد محافظة البصرة / وفــد محافظة الناصرية / وفد محافظة العمارة / وفد محافظة ديالى / وفد محافظة كركوك / وفد محافظة الديوانبة / وفد محافظة كربلاء / وفد محافظة السماوة.


اعــتقالاتــه


الاعــتقال الاول فی سنة (1392هـ)/ الاعتقـــال الثانــی فی شهر صــفر من سنة ( 1397هـ)/ الاعتــقال الثالث فی شهر رجب من سنة ( 1399هـ)/ الاعتقال الرابــع بعد ظهر يوم السبت في الساعـــة الثانية والنصف يـــوم "التاسع عشر من جمادى الأولى لسنة 1400هـ".


قــصة استشهاده


كــان مروعا ومــؤثرا، فقــد جاء مدير أمن النجف ظهرا ومن دون علم سابق ، وقال للسيد، إن المسؤولين يودون اللقاء بك فی "بغداد"، فقــــال الســيد: "أن كانت زيارة فلاذهب ، وإن كان اعتقالا فاعتقلني" فقال مدير الأمن: "سيدنا، اعتقال"، فأخذ السيد الشهيد وهو في كـــامــل الاطمئنان بالاستشهاد ولقــاء الله تعــالى وأجداده الطاهرين. وبعد يوم من اعتقال السيد، جاء أحد ضباط الأمن إلى بيت السيد وقال: "السيد يريد أخته العلوية "بنت الهدى". ومرت ثلاثة أيام من الاعتقال الأخير استشهد السيد الصدر مع أخته العلوية الطاهرة بنت الهدى. وفی مساء يوم " 9 / 4 / 1980 م (1400هـ)"، وفي حدود الساعة التاسعة أو العاشرة مساءً، قطعت السلطة البعثية التيار الكهربائي عن مدينة النجف الأشرف، جاؤوا إلى بيت السيد محمد صادق الصدر جثمان السيد الشهيد محمد باقر الصدر وتم دفــنه بحضوره ،و قد شاهد آثار التعذيب في رأسه الشريف ولم يسمحوا له برؤية بــدنه الشريف.



التعليقات (1)

  1. avatar
    الكاشف/ طالب المغفرة

    بسم الله الرحمن الرحيم: (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ ) الشهداء هم أحياء عند ربهم تفرح بهم الملائكة ومكانتهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر والشهادة في سبيل الله من أنبل وأشرف القيم في الاسلام السلام عليك ايها الشهيد الصالح يوم ولدت و يوم متّ و يوم تبعث حيا

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع