الناشط السياسي علي ربيعة
تعد تجربة "صندوق التعويضات" مثار إعجاب في الساحة العربية وامتداداً لتاريخ طويل لنضال الشعب في البحرين. ففي العام 1954 شرعت الحكومة بإصدار قرار يفرض على سواق سيارات الأجرة (التاكسي) والشاحنات التأمين. إلا أن ذلك القرار رفضه أصحاب التاكسي والشاحنات وقرروا الإضراب، ما أوقف حركة السير في البلاد، وعجز المستشار البريطاني آنذاك تشارلز بليغريف عن حل المشكلة ما حدا بالنخبة السياسية إلى التصدي للمشكلة وحلها، ونتج عن ذلك تأسيس صندوق التعويضات.
عندما أضرب سواق سيارات الأجرة لم يكونوا على استعداد للاستماع إلى المستشار لأنهم لا يثقون به، وكان عبدالرحمن الباكر مع صحبه هم الذين تقدموا بحل واقترحوا تأسيس شركة أهلية مساهمة من قبل أصحاب السيارات لتأمين سياراتهم.
وقد وفر الصندوق خدمات تأمين متطورة جداً على مستوى الساحة العربية، واعتبر أحد أهم إنجازات المعارضة البحرينية العقلانية التي لا تعارض فقط وإنما تطرح الحلول أيضاً.
وللتعرف على مسيرة الصندوق وظروف تلك الفترة ونشاط النخبة البحرينية كان لنا لقاء مع شخص عايش الحركة الوطنية وأصبح رئيساً للصندوق في فترة لاحقة، وعايش تاريخ الصندوق حتى لحظة مماته قبل عدة سنوات. لقاؤنا مع علي ربيعة الذي شوقنا إلى قصة لطالما سمعنا بها وأرادت الأجيال تقفي أثرها ومعرفة جذورها علّ وعسى أن نتمكن من إعادة إحياء صندوق التعويضات في عهد الانفتاح.
حدثنا عن خلفية تأسيس صندوق التعويضات التعاوني.
- عندما حدث إضراب سواق سيارات الأجرة في العام ،1954 طرح الباكر ورفاقه فكرة تشكيل جمعية للتأمين من أجل كسر الاحتكار. وأدت مبادرته إلى استجابة واسعة من السواق الذين أنهوا إضرابهم وسارعوا بتحشيد عدد كبير من السواق للاشتراك في هذه المؤسسة الجديدة وقرروا الابتعاد عن تأمين الشركات الأجنبية. غير أن تلك الشركات قدمت شكوى إلى المستشار البريطاني بليغريف طالبين منع هذا المشروع. ولكن كلمة الباكر ورفاقه أدت إلى ظهور الصندوق بشكل قوي، وعزز ذلك انتخاب الباكر رئيساً للصندوق.
وكان الباكر يستفيد من الصندوق لقيادة النشاط السياسي بعد تمكنه ورفاقه من حل مشكلة التأمين، ما أثار غضب بليغريف عليه.
ما قصة الشكوى التي تقدمت بها شركات التأمين الأجنبية؟
- لقد باشر بليغريف بالضغط على الباكر ومن ثم أرسل رسالة إليه جاء في مضمونها تهديد بسحب جوازه البحريني. ولكن قبل حادث سحب الجواز، حاولت بعض شركات التأمين الأجنبية (وأتذكر اثنتين منها) استمالة الباكر وذلك بإعطائه خمسين ألف روبية (خمسة آلاف دينار) رشوة، لكن الباكر رفض ذلك، ما أدى إلى إرسال تلك الرسالة التي سحبت جوازه!
وماذا حدث بعد ذلك؟
- عندما علمت النخبة السياسية آنذاك بسحب جواز الباكر وتهديده عقدوا أول اجتماع لهم في مأتم خميس بالمنامة (وليس مأتم بن خميس في السنابس الذي اجتمعوا أيضاً فيه لاحقاً)، وعبّروا عن احتجاجهم على هذه الخطوة وعقدوا العزم على عقد لقاء آخر في السنابس.
ويتذكر ربيعة: لكنهم في هذا الاجتماع الأولي اتخذوا قرارات من ضمنها مساندة الباكر في هذه القضية، إضافة إلى الإصرار على عقد اجتماع آخر في السنابس من أجل بلورة القضايا وإيجاد الحلول في أقرب وقت ممكن.
ومن خلال هذا الحادث تم استلهام الدروس والعبر من الباكر الذي رفض رفضاً قاطعاً الانصياع إلى بليغريف، ودعا النخبة إلى مباشرة عملهم السياسي المعبّر عن إرادة الأمة. وكان هذا الاستثمار لمشكلة خلقها بليغريف درساً وإلهاماً للقوى الوطنية العاملة في الساحة السياسية إذ تستثمر القضايا الجزئية لصالح القضايا الكبرى.
وعندما نأتي إلى قضية صندوق التعويضات ولأن الباكر وجماعته لم ينتهِ عزمهم على تأسيس الصندوق فقد استخدم بليغريف موضوع رأس المال والصندوق أداة ضغط بحيث طالب القائمين على الصندوق بتوفير مبلغ قدره خمسين ألف روبية وإيداع هذا المبلغ ضماناً باسم الحكومة في أي مصرف.
ماذا حدث بعد ذلك؟
- لقد نجح القائمون على تأسيس الصندوق في جمع أربعين ألف وخمسمئة روبية وتفضل بعد ذلك الوجيه خليل كانو (أحد المتحمسين لتأسيس الصندوق آنذاك) بدفع خمسمئة روبية لإكمال الضمان المطلوب.
ما هو نوع التأمين؟
- التأمين كان من أصعب الأنواع، فلقد تبنى الصندوق النوع الصعب، وهو التأمين التعاوني. وقد كان جديداً على المنطقة العربية بل ولم يكن هذا النوع من التأمين متوافراً إلا في الغرب. من هنا فإن فلسفة التأمين التعاوني التي جاء بها الباكر تعتبر خارج الزمان والمكان في ذلك الوقت، حتى إنها كانت مثار إعجاب في الساحة العربية.
على ماذا يقوم القانون الأساسي للصندوق في التأمين على المركبات؟
- كل من يؤمِّن عربته (مركبته) ويدفع قسط التأمين يعتبر شريكاً في هذه المؤسسة وله حق في الأرباح. وكل من يدفع الاشتراك من السواق ومن أصحاب العربات يعتبر مؤمَّناً عليه ضد العجز وضد الشيخوخة والمرض.
ولا يمكننا أن نغفل هنا المسألة التنظيمية في هذا الموضوع. فبمجرد إعلان تأسيس الصندوق، بادرت النخبة بإصدار بطاقات اشتراك لجمع رأس المال، وخلال سنة واحدة تمكن الصندوق من إرجاع كامل الأموال التي دفعت في تأسيسه.
ماذا كان تأثير الصندوق؟
- كان الصندوق بمثابة أداة لكبح ارتفاع أسعار التأمين في البحرين، وكان صمام أمان ضد احتكار الشركات الأجنبية. وكان يستقطب قطاعا عريضا من المؤمَّن عليهم وعلى رأسهم أصحاب سيارات الأجرة.
إن أردأ أنواع التأمين، من وجهة نظر الشركات الأجنبية، هو أن يتقاضى الصندوق أقساطاً ميسرة تتناسب وإمكانات السواق، إلا أن الصندوق نجح في تكوين تلك الثروة التي استثمر جزءا منها في تشييد مبناه الواقع (ولايزال) في منطقة القفول بالعاصمة. وأصبح هذا البناء شاهداً على نجاح التأمين التعاوني، ليس في البحرين فقط بل على مستوى العالم العربي أجمع.
لماذا ومتى حُلَّ الصندوق؟
- في عقد الثمانينات أخذت التعويضات ضد الأضرار الجسمانية والوفيات في الارتفاع جداً بما لا يتلاءم مع أقساط التأمين، وقد تضرر الصندوق من جراء تضخم حجم التعويضات في المحاكم. فشركات التأمين جميعها، ومن دون استثناء، تضررت إلا أن الصندوق كان أكثرها تضرراً، ما أدى إلى إضعافه مادياً، ذلك لأنه كان يركز على تأمين المركبات فقط. وإدراكاً من مجلس إدارته ـ ومنهم المرحوم عبدالله بن يوسف فخرو ـ اتخذ قراراً بالتقدم إلى رئاسة مجلس الوزراء في 1992 بطلب الدخول في أنواع التأمين جميعها لإنقاذ الصندوق، إلا أنه لم يحصل على الرخصة المطلوبة بسبب البيروقراطية الموجودة، وهذا أدى إلى تعرض الصندوق إلى خسائر كبيرة تحت مرأى ومسمع وزارة التجارة، وعندما تدهور الوضع في العامين 1994 و،1995 رأت وزارة التجارة والزراعة (آنذاك) أنه من المستحسن تسهيل موجودات الصندوق وإقفاله.
... قال ربيعة الكلام المذكور والحسرة تملأ عينيه. وأضاف: وهكذا، وضعت النهاية غير الحميدة لأول مؤسسة تعاونية ناجحة في البحرين... مازال أصحاب العربات والمركبات يتذكرونها كلما حان تجديد سياراتهم في الوقت الحاضر.
واختتم قائلاً: لقد أدرنا الصندوق بإدارة مخلصة، وكان واضحاً أن الإخلاص قد جاء نتيجة طبيعية لهذه المؤسسة باعتبارها جزءاً من تاريخنا الوطني، وكنت أنا أحد المعارضين لحل هذا الصن
البحرين اسم اطلق في الماضي على جغرافية غير الجغرافية الحالية. البحرين كانت تحتوي على أوال و الإحساء و القطيف و الساحل الممتد من عمان إلى البصرة. والبحرين على مر العصور كانت ممتدة من جزيرة قيس الواقعة على ساحل إيران حتى البصرة. و قيس (الموجود في اسم جزيرة قيس) هم قبيلة بني عبد القيس التي يرجع اليه نسب عدد غير قليل من أهل البحرين.
دعونا نفهم بعض التعقيدات الموجودة أيضا ما قبل فترة البحرين وهي فترة دلمون. ثم هناك فترة اختف فيها ذكر دلمون و هي مجهولة لنا للآن ثم ظهر اسم اقليم البحرين (الاقليم الممتد من ساحل عمان حتى البصرة والذي استمر كذلك حتى الغزو البرتغالي لجزيرة اوال في العام 1521م).
فترة دلمون هي ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد يعني قبل خمسة آلاف سنة، و دلمون هي كانت جزء من أول حضارة عرفها الإنسان وهي الحضارة للسومرية.
السومريون في العراق(حضارة ما بين النهرين) هم أول من اخترع الكتابة(الكتابة المسمارية) و هم أول من بنى و أول من زرع و أول من نظم الحياة المدنية و أول حضارة يسجلها التاريخ لنا. و هذه الحضارة كانت من ضمن ملكهم منطقة تسمى أرض الخلود (دلمون) وكانوا يعتقدون بأنهم إذا ماتوا و دفنوا فيها فأنهم يعيشون إلى الأبد … تلك هي دلمون هي البحرين. فلذلك فنحن أيضا كنا في يوم من الأيام أساسا مقبرة وجنة على الارض تابعة إلى ملوك السومريين الذين كانوا يحكمون بلاد مابين النهلرين (العراق حاليا) .. أول حضارة عرفها الإنسان. فدلمون في حد ذاتها هي كلمة إله الخلود، أرض الخلود ، أرض الديمومة عندما يموت. فلذلك عندما تذهب إلى القبور في عالي و غيرها ترى أن بقايا هذه الأسطورة.
البحرين والعرب: العرب بدءوا بالنزول إلى منطقة البحرين الكبرى (ربما) في 1200 قبل الميلاد. بدأت القبائل العربية تأتي إلى البحرين و تستوطن البحرين، وسبب نزولها إلى البحرين هو حدوث الانهيار في سد مأرب باليمن (انهار عدة مرات). وهذه – على الاقوى - كانت البداية . كانت هناك ثلاث قبائل نزحت إلى منطقة البحرين: قبيلة بكر بن وائل واستوطنت أوال وكان لها صنم اسمه أوال. وقبيلة تميم وقبيلة عبد القيس. وأكثر الحكام الذين حكموا البحرين كانوا ينتمون لقبيلة عبد القيس (ومن هؤلاء العيونيون وال عصفور و آل جبر). عبد القيس هي القبيلة الأكبر وأكثر الحكام الذين حكموا البحرين الكبرى كلهم كانوا منها . فكانت قبيلة كبرى بحيث ان جزيرة قيس – لحد الآن- مستمد اسمها من هذه القبيلة وكانت تخضع لحكمهم .
وهذه القبائل وغيرها ممن لحق بها هم من كان يطلق عليهم "البحارنة". لكن البحارنة الموجودين حاليا ليس كلهم ينتمون إلى هذه الثلاث القبائل فمثلا اليوم لدينا السادة المنتمون لاهل البيت (ع) ويطلق عليهم ايضا بحارنة مع انهم جاءوا إلى البحرين بعد الرسالة الإسلامية بعد ان اضطهدوا في المدينة ومكة ولجأوا إلى البحرين واندمجوا فيها واصبحوا جنس متداخل مع البحارنة . و البحارنة أصلا هم قحطانيين بينما بني هاشم عدنانيين . فهناك عدد من الاندماجات التي دخلت تحت مسمى واحد. شعب البحرين كان دائما متنوع ومتداخل ويندمج مع بعضه الاخر، وكثرة اللهجات واختلاف الاشكال والالوان دليل على التنوع. وحتى لو رجعنا الى الفترة غير المعروفة بين انتهاء دلمون وظهور البحرين. فحكام الحضارة السومرية اصلا جاءو من وادى الاندوس، ومعنى ذلك انهم كانوا من المنطقة الواقعة في غرب الهند، اي باكستان حاليا. فلابد انهم ايضا اندمجوا مع العرب لاحقا.
قبل مجيء الإسلام كانت البحرين تحت سيطرة الدولة الايرانية الساسانية. و كانت الدولة الساسانية انتصرت على الدولة البيزنطية الرومانية و امتد نفوذها إلى فلسطين و اليمن و مصر (في اوج انتصاراتها). و البحرين كانت جزءاً من هذه الدولة الساسانية حتى مجيء الرسالة الإسلامية و قرار أهل البحرين بإعتناق الإسلام و هم أول من أسلم استجابة للرسول (ص) بطلب يتقدم به الاهالي انفسهم.
تدخل البحرين تحت حكم الرسول (ص) و ينتهي الحكم الساساني الإيراني من البحرين في العام 627م. الا ان الحكم الإيراني عاد إلى البحرين سنة 1602م حيث غاب الحكم الإيراني عن البحرين قرابة 1000 سنة تقريباً و من ثم عاد الحكم الايراني بشكل متقطع ومباشر احيانا وغير مباشر احيانا اخرى حتى العام 1783. و فترة الحكم الإيراني تستحق دراسة و بحثا خاصاً.
في حكم الدولة الأموية انحاز أهل البحرين للإمام علي (ع) و كانت البحرين تمثل مقراً و ملجأ للمعارضة و الثوار. و كان الثوار و الذين ينفصلون عن الدولة الأموية يأتون إلى البحرين كمقر لهم. و البحرين كانت تمثل أحد الاقاليم الواقعة على أطراف الدولة الإسلامية و هي لذلك بعيدة عن عاصمة الدولة الإسلامية حيث كانت في المدينة و من ثم في دمشق و من ثم في بغداد. والدولة المركزية لم تستطع دائما السيطرة على الاقاليم الواقعة على الاطراف، و لذلك كان الثوار دائماً يلجأون إليها. فالبحرين تعتبر من الدول التي لم تخضع دائماً للحكم المركزي في بغداد أو في دمشق، والحادثة التي يذكرها الشيخ يوسف البحراني أن عبد الملك بن مروان أراد أن يعاقب أهل البحرين لأنه كان يلجأ لديهم الثوار، فأعطى رشوة للفسّاق منهم ليخذلوا أهلهم و يعينوه، فاستولى على البحرين و دفن عين أم السجور بعد قمع اهل البحرين والثوار. فالقتال البحري صغب في تلك الفترة.
في ايام الدولة العباسية أصبحت البحرين معقل كثير من الثوار مثل الزنج و هم عبيد من أفريقيا جيء بهم إلى البصرة و كان الحكام يسيئون لهم كثيراً فأعلنوا الثورة على الحكم العباسي و دمروا و حرقوا و طاردوا ولاة الدولة العباسية و وصلوا إلى البحرين و حكموا البحرين الكبيرة لمدة 20 سنة (مابين عام 863 و 883 م). و منطقة الزنج هي بقايا تلك الفترة.
و من ثم جاء القرامطة و هم حركة اسماعيلية سرية ادعت التشيع وحكمت البحرين الكبرى 180 سنة (من عام 899م حتى عام 1080م) و انتهى حكم القرامطة عندما غزوا الكعبة و انتزعوا الحجر السود منها و أحضروه إلى منطقة الإحساء لنقل الكعبة إليها. و الثورة على القرامطة بدأت من جزيرة أوال فكانت هناك قبيلة تسمى الزجاج (الثائر ضدهم كان اسمه أبو البهلول وهو من هذه القبيلة). و لا بد من الانتباه إلى أن حكم القرامطة كان يدين بالولاء إلى الدولة الفاطمية في مصر حيث كانت دولة شيعية اسماعيلية. و القرامطة فرع من فروع الاسماعيلية فكانت الصلاة تقرأ و المساجد تفتح باسم الخليفة الفاطمي. في فترة الثورة على القرامطة، سيطرت عائلة عسكرية شيعية على الدولة العباسية و هم البويهيون. وعائلة آل بويه سيطرت على بغداد والدولة العباسية لمدة 120 سنة. ففي هذه الفترة أيضا قام أهل البحرين قام اهل الحرين بالانقلاب على الدولة القرمطية (التابعة من حيث الاسم للدولة الفاطمية بمصر) و أعلنوا الولاء إلى بغداد على أساس أن بغداد أيضاً كانت شيعية في تلك الفترة و رفعوا اسم الخليفة العباسي (الخليفة العباسي كان خاتم في يد أمير الأمراء من آل بويه)، ولذا بقت البحرين على الول في الفترة 1058م - 1238م أي لمدة 120 سنة حكمت البحرين الكبيرة عائلة من آل عبد القيس اسمهم "العيونيون" و كان مقرهم في الاحساء.
وجاء بعدهم من 1238م – 1453م (لمدة 215 سنة) عائلة آل عصفور. و هي عائلة كبيرة جداً و تسمى عائلة البحراني في العراق و حكموا البحرين الكبرى لمدة 215 سنة.
والبحرين الصغيرة اوال تعرضت لبعض الهجمات ثناء حكم ال عصفور في فترات متقطعة و هذه المعلومة التاريخية تحتاج إلى مراجعة و تدقيق.
في 1453م انقلب آل جبر – و لهم وجود حالياً في دار كليب – على آل عصفور ( وهم أبناء عمومتهم ) و حكموا البحرين الكبرى لمدة 68 سنة حتى مجيء البرتغاليين سنة 1521م.
عندما جاء البرتغاليون و سيطروا على البحرين قتلوا الحاكم (مقرن آل جبر) وتم قطع رأسه و أرسل هدية إلى ملكة البرتغال – و لا زالت صورة الرأس المقطوع موجودة في متاحف البرتغال حتى الآن. و كانت تلك الفترة هي بداية التوسع الأوروبي للمنطقة الخليجية. وقد فضلوا احتلال جزيرة البحرين الصغيرة على باقي المناطق لأنها كانت غنية بصيد اللؤلؤ و كانت أغنى بلد في الخليج..
ومنذ تلك الفترة بدأ انفصال هذه الجزيرة عن البحرين الكبرى و اقتصر اسم البحرين على الجز الصغيرة المحيطة بجزيرة اوال.
في عام 1602م حدثت انتفاضة كبرى ادت لانهاء الاحتلال البرتغالي. البرتغاليون عينوا على البحرين رجلاً ايرانياً سنياً من منطقة هرمز ( على أساس أنه ايراني لا يعرف العربية و سني ختلف عن الشيعة ) حتى لا يتعاطف مع الناس. وحادثة أبو رمانة معروفة ومدونة وملخصها ان الحاكم اراد اقناع الاخرين بان شيعة البحرين غير مسلمين لاستحلال التصرف بممتلكاتهم، و كان ظالماً جداً و يستولي على ممتلكات كثيرة يحكم في كرباباد لأن القلعة هناك. حدثت الانتفاضة ضد الحام في الوقت الذي كان البرتغاليون مشغولين بالهولنديين و اتصل أهل البحرين بشاه ايران أنذاك (اعتقد انه كان الشاه عباس الثاني) وهو الذي وفر الحماية لاهل البحرين وبدأ الحكم الإيراني مرة ثانية في البحرين سنة 1602م.
و استمر الحكم الايراني حتى سنة 1700م تحت حكم الدولة الصفوية و كان هناك انقطاع مدة 15 سنة عن الحكم الايراني. في سنة 1615م قام شخص من آل جبر و انقلب على الحكم و حكم البحرين لوحده و هو الذي بنى قلعة الرفاع و نقل حكمه إلى قلعة لتكون بعيدة و بدأ يحكم و كان ظالماً جداً و يعرف عنه الفساد و الانحلال الخلقي و قرر في أحد الأيام أخذ زوجة وزيره الخاص و بدأت القلاقل و الفوضى و انتهى حكمه و عاد حكم ايران للبحرين مرة أخرى إلى سنة 1700م وثم من 1737 حت 1783.
الحكم الإيراني كان على نمطين: كان هناك الحاكم العام و لا يعينه الا الحاكم في شيراز حيث كانت إيران مقسمة إلى شاهات (شاه يتبع شاه...) و البحرين في فترة من الفترات تتبع شيراز و الحاكم العام يتفق مع أهل البحرين على تعيين شيخ الإسلام و هو الحاكم الديني – قاضي القضاة – المتصرف في الأموال الشرعية مثل الزكاة و الخمس.
اذا بعد تعيين الحاكم يتم تعيين شيخ الإسلام من أبناء البلد بالاتفاق مع علماء الدين و وجهاء البلد باستثناء سنة 1700م كان الحكم الصفوي على نهايته (أفغانستان احتلت ايران سنة 1722م). انتهى الحكم الايراني الصفوي و استقل الحكم في البحرين عام 1700.
الحكم الايرني كان متقطع. ففي قرابة منتصف القرن السابع عشر استولى احد افراد ال جبر على الحكم (وهو من الجبور الذين حكموا البحرين قبل الاحتلال البرتغالي) لمدة 15 سنة، وكان ظالما مما ادى للانتفاض ضده وعودة الحكم الايراني الصفوي. وايضا في العام 1722 سيطر الشيخ جبارة الهولي وحكم البحرين لمدة 15 سنة حتى عودة الحكم الايراني الافشاري (نادر شاه).
و في بداية 1700م بدأ هجوم من العتوب ( و هو تحالف ثلاث قبائل : أسرة ال خليفة الحاكمة مع آل الصباح و الجلاهمة ). و يذكر هذه الرواية الشيخ يوسف البحراني في كتابه لؤلؤة البحرين. و كان شيخ الإسلام في تلك الفترة محمد بن عبد الله آل ماجد. استعان الشيخ ال ماجد بجيش من الهولة الذين جاءوا إلى البحرين بطلب من حاكمه انذاك لصد الهجوم المذكور. ما بين 1700-1735 هتكت البحرين 3 مرات من قبل حكام مسقط ، و سمي هذا العهد بعهد "خراب البحرين". و ذكر الشيخ يوسف البحراني ان القرى تم احراقها و فرض عليها الحصار ثلاث مرات من قبل حكام مسقط و حدثت مجاعة و لأول مرة في تاريخ البحرين حتى استسلم أهل البحرين و هرب كثير منهم للخارج. (حدث ايضا الامر ذاته في 1799 واستولى حكام مسقط على البحرين لمدة 3 سنوات بعد حرب مع ال خليفة واهل البحرين وهي الحادثة التي استشهد فيها العلامة الشيخ حسين العصفور الذي لازال يقلده الكثير من شيعة البحرين).
في سنة 1735م نادر شاه أعاد توحيد ايران فعاد الحكم الايراني إلى البحرين في سنة 1737م و بنى القلعة الحالية (قلعة المنامة) و أسس الحكم الايراني مرة أخرى و الحكام الذين حكموا البحرين من سنة 1737م لغاية 1783م كانوا من آل مذكور و هم يمثلون الحكم السياسي الايراني. أما شيخ الإسلام (الحاكم الديني) فقد كان من أبناء البلد.
في هذه الفترة كانت البحرين معرضة للاضطراب لانها هي البلد الغني في الخليج و يشاركها في هذا الامر البصرة. أما البلدان الأخرى فتكثر فيها المجاعة و تموت من الجوع كما حدث في نجدفي العشرينات من القرن الثامن عشر.
ولذلك فإن الكثير من سكان الجزيرة العربية يقتربون من البصرة للحصول على بعض من التجارة العامرة هناك ولذلك تكونت الكويت في تلك الفترة.
ساد المنطقة الجفاف و القحط أما البحرين فكانت محط الأنظار لكثرة العيون فيها و كثافة الزراعة و فيها اللؤلؤ و أغنى الناس كانوا هم أهل البحرين. حدثت خلال هذه الفترة حرب أهلية داخل البحرين بين العوائل المتنفذة فيها مثل عائلة البلادي (حاليا تسمى الجشي) و آل مدن و ال ماجد و غيرهم. و حدث التصادم بين المدينتين الرئيسيتين المتمركزة فيها هذه العوائل و هما جدحفص و بلاد القديم – العاصمة أنذاك. و كانت البلاد القديم دائماً في حالة تنافس مع جد حفص، فحدث القتال فيما بينهما و انتهت بانتصار جدحفص على البلاد القديم. فاستعانت الأخيرة بآل خليفة الموجودين في الزبارة سنة 1783م. حدثت الحرب الاهلية بعد فشل حملة قادها أل مذكور ضد ال خليفة الذين اتهموا بقتل عدد من اهالي سترة اثناء شجار حدث في العام 1782 بين عدد من اتباع ال خليفة الذين جاءا للتجارة وعدد من اهالي سترة. انتهت المعركة البحرية ضد ال خليفة بالزبارة بفشل ذريع مما ادى لنشوب الحرب الاهلية بين جدحفص والبلاد.
في فترة ما بين 1783-1799م استقر الحكم إلى الحاكم الأول و هو أحمد ال خليفة. ما بين 1799-1802م حاكم مسقط اصبح حاكم البحرين و عين شخصاً من آل عصفور نائباً عنه لمدة 3 سنوات. ثم تعاون آل خليفة مع الوهابيين و كانت بداية ظهورهم في الجزيرة العربية ولذا حكم الوهابيون البحرين لمدة 9 سنوات (1802-1811م). بعد ذلك تعاون آل خليفة مع حكام مسقط ضد الوهابيين و طردوهم من البحرين.
فترة 1811-1869م هي فترة تحارب أجنحة آل خليفة مع بعضهم البعض فهرب الكثير من اهالي البحرين إلى مناطق عديدة مثل القصبة و البصرة و الأهواز.
في عام 1869م كان هناك عزم من بريطانيا على إنهاء كل هذه المشاكل فتدخلت في البحرين بصورة مباشرة و طردت فرعاً من العائلة الحاكمة وهجرت بعضهم إلى الخارج و هو الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة ( و حفيدته الشيخة مي آل خليفة وهي خبيرة في كتابة تاريخ البحرين). و الشيخ محمد بن خليفة طرد من البحرين لأنه قتل أخاه الشيخ علي بن خليفة. ولذا أحضر البريطانيون الشيخ عيسى بن علي آل خليفة من قطر و كان عمره 21 سنة و استمر في حكم البحرين 54 سنة. وهذه هي الفترة التي استقر فيها الحكم و هي الفترة التي تم التعامل مع الذين يطلق عليهم ب"البحارنة" معاملة قاسية حيث فرض عليهم نظام السخرة ( وهو نظام اقطاعي حيث يستلم شيخ من العائلة الحاكمة قرية أو قريتين و يعين شخصاً من هذه المنطقة يسمى "وزير") . و مهمة هذا الوزير اخبار لشيخ عن عدد أفراد العوائل الموجودة في القرية و حصر ممتلكاتهم و مزارعهم و ثرواتهم لدفع الضرائب للشيخ. و هذا النظام الإقطاعي الظالم طبق فقط على فئة البحارنة مما ترتب عليه هجر المزارعين لمزارعهم حيث تحولوا من ملاك للأراضي إلى مستأجر ثم إلى عامل في المزرعة مقابل أجر زهيد. و بدأت مرحلة معاناة الكبيرة جداً لهذه الفئة مما ترتب ما قبل سنة 1922م كان هناك محاولة انقلابية من شخص اسمه السيد شبر الستري حيث قام بإحضار أسلحة و رجالاً من الب الإحساء و أراد القيام بانتفاضة مسلحة في سنة 1895م و لكن فشلت محاولته لعدم تعاون علماء الشيعة معه. الانتفاضة السلمية كانت في سنة 1922م عندما اندلعت احداث اعتداءات هنا وهناك و غلقت الأسواق و طالب البحارنة بإلغاء نظام السخرة و إلغاء الضرائب والرقبية ( و هو دفع ضريبة للشيخ عن كل شخص بلغ من العمر 15 سنة ). و تدخل الانجليز و وعدوا الشيعة بإلغاء نظام الإقطاع، و تبدأ بذلك مرحلة الإصلاحات الإدارية.
بدأت مرحلة البحرين الحديثة بالفعل بتأسيس بلدية المنامة سنة 1919م و تم تأسيس دوائر أخرى لاحقا مثل دائرة الطابو من أجل تسجيل الأراضي و هو مطلب تحقق. و انتهى نظام الضريبة الرقابية و انتهت السخرة و بدأت المرحلة الحديثة بمجيء المستشار البريطاني تشارلز بلجريف و هو مستشار الحاكم و هو المؤسس لمؤسسات البحرين الحديثة فهو المؤسس للمالية و الشرطة وكل الدوائر الاخرى... و أقام هذا المستشار البريطاني في البحرين لمدة 30 سنة (1926م-1956م).
وانتهى في هذه الفترة صيد اللؤلؤ و بدأت صناعة النفط و بدأت مرحلة التعليم و بدأت لأول مرة في مجتمع البحرين المتنوع يتحرك بصور غير طائفية و بدأ المثقفون السنة بقيادة الحركة الوطنية لأنهم السباقين في التعليم و لأن الشيعة كانوا يرفضون التعلم في مدرسة الهداية الخليفية ولذا أسسوا لاحقا المدرسة الجعفرية و المدرسة العلوية لأنهم كانوا يشعرون دائماً أنهم مستنقص منهم فتأخروا بذلك عن قيادة ركب الحركة الوطنية قليلا.
الناس الذين تعلموا اولا في العصر الحديث هم من الطائفة السنية و هم أيضاً. مع ذلك نلاحظ أن تجار الشيعة و تجار السنة كان لهم دور مشرّف كبير و تحالفوا مع بعضهم البعض في العام 1938 لقيادة اول حركة وطنية تطالب بنقابات وهيئة وظنية تشريعية منتخبة.
اذا مع مجيء النفط و مجيء التعليم حدثت أول حركة وطنية قادها الشيعة و السنة. و تاريخ النضال الوطني الحديث بدأ في سنة 1938م عندما تحرك تجار الشيعة و تجار السنة و الوجهاء و طالبوا بمجلس تشريعي منتخب و طالبوا بنقابات و طالبوا بقانون مكتوب و طالبوا بنفس المطالب التي طالب بها الشعب في التسعينات. و في تلك الفترة عندما هجم تشارلز بلجريف على الحركة لم يهجم على الشيعة بينما هجم فقط على السنة و ظلم السنة كثيرا و حاكمهم محاكمة عشوائية و صورية و كان من بينهم بناء من عوائل الفاضل والشملان وغيرهم و نفى ثلاثة من قادة الحركة الوطنية السنة. أما الشيعة فأعطاهم مصالح عديدة لتسكيتهم. وبهذا يشهد االتاريخ أن الظلم لم يقع فقط على الشيعة – كما يتصور البعض – و إنما السنة هم أيضاً تعرضوا لظلم كبير من سنة 1938م لأنهم تحركوا مع الشيعة و طالبوا بمطالب وطنية و تم نفي القادة من السنة بعد محاكمتهم خلال يوم واحد.. و نفوهم إلى الهند و هي نفس الممارسة التي مورست ضد آخرين في فترة لاحقة.
في الخمسينات عادت الطائفية مرة أخرى في البحرين فبدأت في سنة 1953م. حدثت حادثة خطيرة جداً حيث قامت مجموعة و كان من بينهم شخص من الأسرة الحاكمة و هو الشيخ عبد الرحمن وهجموا على موكب العزاء في المنامة و حدثت مواجهة و جرح الكثير من الناس. و بدأت الفتنة الطائفية و حدثت حركة بابكو. و في سترة خرج الشيعة و هجموا على الباصات التي تقل السنةة و في المحرق هجم السنة على الشيعة. فحدثت مشكلة الطائفية .. السني يضرب الشيعي و الشيعي يضرب السني .. و بدأت الطبقة المثقفة عملها و تحركت لتوحيد الصف.. تحركت الطبقة المثقفة من السنة و الشيعة لحل المشكلة ، مثل عبد الرحمن الباكر و عبد العزيز الشملان و عبد علي العليوات و محسن التاجر.. و هؤلاء كلهم تجمعوا و حشدوا معهم المثقفين و المصلحين فبدأوا بحل المشاكل.
حدثت تعقيدات كثيرة في البحرين انذاك. مثلا فرضت الحكومة التأمين على أصحاب التكسي فشعر أصحاب التكسي أن المستشار يريد أن يسرقهم فعطلوا البلد بالاضطراب و التوقف عن العمل. تدخل عبد الرحمن الباكر و أسس صندوق التعويضات و التأمين الاجتماعي وخاطبهم أن هذا العمل أهلي و لخدمتكم و أنتم مشتركون فيه و الصندوق لكم. وكان عبد الرحمن الباكر أذكى القادة الوطنيين حيث أسس صندوق التعويضات والتأمين الاجتماعي و حل المشكلة. ففي الوقت الذي كان مع الآخرين يحل مشكلةالطائفية قام أيضاً بحل مشكلة التكسية و تم تعيينه رئيساً لذلك الصندوق.
قام بتحويل الصندوق إلى مقر للنشاط السياسي بدل النشاط التجاري فبدأت اجتماعاته كلها في الصندوق فانزعج المستشار تشارلز بلجريف و سحب جنسية عبد الرحمن الباكر متذرعاً بأن عائلة الباكر أصلهم من قطر. و رداً على ذلك تجمع الناس في الخميس و كان تجمعاً كبيراً جداً احتجاجاً على سحب جنسية عبد الرحمن الباكر بعد اسبوع واحد قرروا التجمع في السنابس و أسسوا في السنابس الهيئة التنفيذية العليا من ثمانية أشخاص ( أربعة شيعة و أربعة سنة ) و تتبعهم جمعية عمومية تضم 120 عضواً من وجهاء البلد نصفهم من الشيعة و النصف الآخر من السنة.
وهكذا بدأ أول حزب سياسي في الخليج يتشكل و يقود الساحة و أصبح الآمر و الناهي لمدة سنتين في الساحة البحرينية. و فازوا بانتخابات مجلس الصحة و مجلس التعليم واي انتخابات أخرى. وكان لديهم كشافة تتصرف مثل الشرطة فهي التي تنظم السير و وصل الأمر إلى أن الانجليز قرروا الاعتراف بالهيئة التنفيذية العليا و تدخلوا عند الحاكم و أقنعوه بذلك. و طلبوا منهم تغيير الاسم إلى هيئة الاتحاد الوطني و تم الاعتراف الاوي بأول حزب سياسي في الخليج.
بعد ذلك تسارعت الأحداث خارج إطار هيئة الاتحاد الوطني حيث ما عادت تسيطر على الشارع فكانت أحداث تمر عليها و تفرض نفسها. فمثلاً نزول وزير خارجية بريطانيا (سلوين لويد) إلى البحرين كمحطة ترانزيت في سنة 1956م و بعد خروجه من المطار تزامن مروره باستاد المحرق و كانت هناك مباراة فخرجت الجماهير معترضة على موكبه و قذفوه بالحجارة و كاد يقتل.
بعد هذا الحادث جاء العدوان الثلاثي على مصر من قبل اسرائيل و فرنسا و بريطانيا وخرجتالجماهير لتنتقم من بريطانيا. فتدخل الجيش البريطاني و قمع الحركة و اعتقل قادة الهيئة و حاكمهم في البديع و نفاهم إلى سانت هيلانا و أعلنت حالة الطوارئ في ديسمبر 1956م و لم ترفع حالة الطوارئ هذه إلا في فبراير 2001م.
و قام الانجليز بتأسيس القسم الخاص سنة 1957م و بدأ حكم الطوارئ في البحرين و في سنة 1965م استبدل قانون الطوارئ بقانون الأمن العام في 1965 وهو الذي قنن قانون الطوارئ و في سنة 1974م استبدل بقانون أمن الدولة و ألغي قانون أمن الدولة في فبراير 2001م. و انشاء الله لايرجع الى الابد.
هذا ملخص وأنا أردت أن أمر بسرعة. فهناك أحداث و كل حدث ممكن أن يأخذ محاضرة و يستدعي توسعة كبيرة جداً. الفكرة هي أن نبدأ بأن نفكر بصورة كيف نعيد قراءة التاريخ و هي النقطة التي أريد أن أركّز عليها لمدة بسيطة الآن قبل أن نفتح الأسئلة و الأجوبة.
هل نفتح التاريخ لكي نقع في مأزق؟ هل نفتح التاريخ لكي نخلق بلبلة في المجتمع؟ هل نفتح التاريخ لكي نفتح الجروح؟ أم نكون عقلانيين و نفتح التاريخ لكي نستفيد من أخطاء الماضي و أجدادنا و أجداد غيرنا… و إذا كان لهم ذنب لا ينعكس على الأبناء. لدي كتاب فيه أسماء الوزراء من أبناء القرى الذين تعاونوا مع الشيوخ وأبناؤهم موجودون فيما بيننا فهم أبناء القرى أساساً و لكن ليس لهم ذنبفالأولاد و الأحفاد ليس لهم ذنب. لقد كان هناك من شيوخ ال خليفة من وقف ضد الظلم، مثل الشيخ محمد بن عبد الرحمن الذي توفي قبل سنوات وكان عمره 104 سنوات، واهل المرخ جميعهم يشهدون له بالصفات الحميدة.
هل آن الأوان لكي نستطيع أن نفتح هذا التاريخ أيضاً؟ سمو الأمير الشيخ حمد قال في كلمته في ديسمبر الماضي انه ان الاوان للتصالح مع التاريخ.. وهو ليس له ذنب إذا أراد أن يفتح حكماً عادلاً. فإذا أمكن أن نفتح قراءة عصرية و إجراء مصالحة مع التاريخ فهذا امر عظيم. و يجب الأخذ بعين الاعتبار أن كثيراً من الذي قيل هو أوهام و كثير من الأخطاء و المشاكل حدثت من جميع الأطراف و أن الظلم لم يقع على البحارنة فقط و إنما أصاب آخرين أيضاً و أن هناك أناساً كثيرين دافعوا عن حقوق الشعب و كانوا بعضهم ايضا من الأسرة الحاكمة.
و توجد حوادث تتطلب الإنصاف؛ فمثلاً عائلة الدواسر عندما هجموا على باربار و عالي فهناك كثير من الدواسر لم يرتكبوا هذه الأخطاء. و يوجد هناك من البحارنة ارتكبوا من الأخطاء ربما ما هو أعظم.
آن الأوان أن نتصالح أنفسنا نحن أيضاً مع التاريخ. أن نفتح التاريخ لا لكي نثير الحماس. أن نفتح التاريخ لا لكي ننتقم من عائلة فلان أو علان. نفتح التاريخ لكي نفهمه بصورة أكبر. نفتح التاريخ لكي نتصالح مع بعضنا الآخر. نفتح التاريخ لكي نفتح به مستقبلاً مشرّفاً. الآن السود .. كانوا عبيداً في أمريكا.. اليوم لا يجرؤ أحد أن يسمّيهم عبيداً. و الآن أصبحوا وزراء و أصبحوا في الحكم و أصبحوا مليارديرية .. جاءوا من قبل 500 سنة جاءوا بصفتهم عبيداً.. الآن الأبيض لا يستعبد الأسود و الأسود ليس له الحق في الانتقام من الأبيض في أمريكا. و الأسود له الحق أن يدرس تاريخه بأسلوب نزعت منه العبارات النابية و أيضاً الأبيض ينزع العبارات التحقيرية مثلاً عبارة (النيكا) كلمة تحقيرية للأسود الآن ممنوعة و يعاقب عليها القانون. إذاً نحن أيضاً في حاجة لحذف بعض العبارات.. آن الأوان أن نخلّص و ننظّف مصطلحاتنا و نغيّر الشكل السياسي السابق السيء لكي نستفيد و نخلق بحريننا الجديدة.
وجد كتب كثيرة مريضة تحتاج إلى معالجة مثل كتاب خرج قبل سنتين تقريباً من إعداد رئيس تحرير جريدة الوطن الكويتية مع الأخت سوسن الشاعر و هو سيء جداً و غير واقعي و يوجه الاتهامات و يثير الأحقاد و الطائفية حيث يتهم الشيعة بأنهم تحالفوا مع الانجليز و أنهم كانوا عملاءً للانجليز في العشرينات من القرن العشرين و هذا كلام سافل وخطير و خاطئ لأن الشيعة كانوا مساكين و كانوا مظلومين. عندما يلجأ تاجر اللؤلؤ أحمد بن خميس (مؤسس مأتم بن خميس) إلى البريطانيين (بيت الباليوز وهو نفسه مبنى السفارة البريطانية الحالية) فأنه ليس عميلا بل انه أول لاجئ سياسي في تاريخ البحرين.. فقد اشترى لؤلؤة غير مفصولة من القطيف و جلبها معه إلى البحرين حيث اشتراها رخيصة و تباع بسعر مرتفع بعد فصلها اذا نجح في فصلها. فسمع عن أمرها شيخ منطقة السنابس فطلب منه الضريبة بسعر اللؤلؤ المفصول فرفض أحمد بن خميس لأنه لم يخرجها من سواحل البحرين بل انه اشتراها من القطيف (حيث المتعارف عليه أنه تدفع الضرائب على اللؤلؤ المستخرج من سواحل االبحرين) بالإضافة إلى أنه لم يقرر بعد هل يبيعها قبل فصلها أو بعد فصلها؛ فبعث له الشيخ رجاله (الفداوية) لقتله لامتناعه عن دفع الضريبة وملاحظة هنا ايضا ان الشيعة الاحسائيين لم يقعوا في الظلم ذاته لانهم كانوا يأتون البحرين لحاجة السوق لمهارات معينة (حياكة، حدادة، الخ) وكانوا ايضا يستطيعون اللجوء الى ابن سعود لو وقع عليهم ظلم. …هذا كلام سخيف ان يتحدث شخص ويقول ان البحارنة عملاء لانهم طالبوا بحماية من الظلم في الوقت الذي لم توجد فيه مؤسسات دولة ولا نظام سياسي واضح المعالم…و نحن لا نريد الرد عليهما فنثير الطائفية و لكن نريد أن نثير المواضيع التي تذكر أن هناك ظلماً و انتهى هذا الظلم و لا عودة إليه إن شاء الله.
إذا استطعنا أن نعي ذلك التاريخ و ندرسه و نستفيد منه لا لكي نثير الضغائن و المشاكل في أوساط المجتمع البحريني؛ فالبحرين لكل أهل البحرين سواءً كان سنياً أو شيعياً؛ سواءً كان بحرانياً، هولياً، عجمياً، حساوياً،...إلخ. و سوف ترى أنك لو رجعت إلى التاريخ فإنه ليس كل شيعي مظلوم و ليس كل سني لم يكون مظلوماً؛ فمن بيت الجودر كان هناك أناس مظلومين كثيراً بينما الاحسائيين لم يكونوا مظلومين؛ أحسن كتاب ربما كتب عن تلك الفترة هو إعداد رسالة الدكتوراه لطلال فرح و كتب باللغة الانجليزية و لم يترجم حتى الآن فهو كتاب قيم و عندما تقرأه يحترق قلبك. و قد التقيت بمؤلف هذا الكتاب قبل مجيئي للبحرين و هو بروفيسور في جامعة لندن و يمكننا دعوته مستقبلاً لنستفيد منه. و الغريب في الأمر أنني اكتشفت أن أحسن الناس الذين كتبوا عن تاريخ البحرين هم من اللبنانيين مثل أميل نخلة (مستشار الإدارة الأمريكية لشئون الخليج و لا زال مستشاراً لديهم) و كتابه من أحسن الكتب التي كتبت عن البحرين بالإضافة إلى طلال فرح و هو مسيحي لبناني وهناك كتاب ثالث لاسحاق الخوري و هو كاتب مسيحي لبناني ايضا و كلهم حضروا إلى البحرين و مكثوا فيها سنة أو سنتين و كتبوا التاريخ.
توجد عندنا مصادر قيّمة جداً يمكننا فتحها و لكن علينا أن نكون حذرين و متفهّمين لمشاكل الماضي لكي نفتح مستقبلاً أفضل و تلك هي القراءة المعاصرة لتاريخ البحرين التي أدعو الجميع لإحيائها بناءً على أن هناك على رأس الهرم السياسي من يريد المصالحة مع تاريخ البحرين.
والسلام عليكم و رحمة الله وبركاته
هذا المقال من صحيفة الوسط
http://www.alwasatnews.com
التعليقات (0)