اعتبر المرجع الديني الشيعيّ اللبناني السيد محمد حسين فضل الله ممارسة التطبير وهو ضرب المسلمين من الطائفة الشيعية أجسادهم بالسلاسل والسيوف ولبس كفن أبيض في ذكرى عاشوراء "يسيء إلى الإسلام". وأكد فضل الله حرمة التطبير وذلك لإضراره بالنفس ولأنه يؤدّي إلى تشويه صورة الإسلام والمسلمين الشيعة بالخصوص.
وقال فضل الله لصيحفة "الوطن" السعودية إن "التطبير يسيء إلى الإسلام؛ لأنه يجعل من ذكرى عاشوراء مناسبةً لتعذيب النفس وجلد الذات".
ودعا المرجع الديني خطباء المنابر ورجال الدين إلى تحمّل مسؤولياتهم إزاء مشكلة الممارسات المسيئة وتوجيه الناس إلى تكليفهم الشرعي، بدلا من تجييش العواطف التي يمكن أن تنحرف إلى الخرافات والتطبير وممارسات إيذاء النفس باسم الإسلام.
ورفض فضل الله أن تُمارس "العادات التي لا تنسجم مع المنهج الإسلامي" باسم الحسين "رضي الله عنه"، مشدّداً على دور النُخب الدينية وبخاصة الخطباء الذين يُصغي إليهم الجماهير في عاشوراء قائلاً "إنّهم يتحمّلون مسؤولية مضاعفة في ذلك؛ لأنّ الناس مهيّأة من الناحية العاطفيّة النفسيّة لتلقّي ما يطرح على المنبر بشكل أكثر فاعليّة مما يُلقى من على غيره"، وأضاف "ونحن ندعو الخطباء أن يبتعدوا عن إثارة الخرافات التي لا تنسجم مع شخصيّة الحسين".
وكان فضل الله قد طالب الشيعة في العالم الإسلامي، في بيان نشر يوم الأربعاء إلى الاستفادة من ذكرى عاشوراء لـ "تكون مناسبة إسلاميّة منفتحة على قضايا الوحدة، برفض كلّ أساليب الإثارة التي تسيء إلى قوّة الإسلام في وحدته ومستقبله".
ولمّح فضل الله في رسالته إلى الشعائر التي يُمارسها الشيعة في العالم أيام عاشوراء وما يُصاحبها من مظاهر لذكرى مقتل الحسين "رضي الله عنه"، قائلاً إن "القيم التي انطلق بها الحسين لم تكن إلا قيم الإسلام التي يلتقي عليها المسلمون جميعاً"، وأضاف "لنأخذ من التاريخ قيمه في حركة القدوة، ولْندعْ منه خصوصيّاته التي تمثّل تكليف الذين صنعوه".
وشدد فضل الله الذي يُمثـّل تياراً انفتاحياً بين مراجع الشيعة المعاصرين على تحمّل المسؤوليات "لا أن نحصر أنفسنا في اجترار أمجاد التاريخ" في حين أن الواقع "ينفتح على أكثر من احتمال".
ووضع المرجع الفقهي رؤيته للحالة الإسلامية الراهنة، مستذكراً ذكرى الهجرة النبوية الشريفة و"حالة المعاناة الصعبة والتحدّي الشديد الذي واجهه النبيّ محمد عليه الصلاة والسلام والمسلمون من الصحابة معه"، منتقداً الحالة الراهنة التي "أشغلت المسلمين في كثير من القضايا الصغيرة والهامشيّة".
وجدد فضل الله دعوة المسلمين إلى "أن يستعيدوا آفاق الهجرة من أجل أن يمنحوا الإسلام حركيّة في وجدان الأجيال، وفي ميزان الواقع كلّه، وأن يوحّدوا مواقعهم ومواقفهم وتطلّعاتهم لتأكيد القوّة الواقعيّة التي يملكونها".
وفي رسالة بمناسبة السنة الهجرية الجديدة قال فضل الله "علينا ألا نلقي باللائمة في سقوط واقعنا على الخارج فحسب، وإن كان له الدور الكبير في ذلك؛ فلا نغفل عن كلّ نقاط الضعف التي نعيشها، والتي يقف في مقدّمتها الجهل والعصبيّة والانغلاق والغلو".
وأضاف "لقد تحمّل المسلمون الأوائل مسؤوليّة الإسلام بكلّ طاقاتهم، حتّى يوصلوه إلينا، وساهم كلٌّ بحسب تجربته وثقافته في صناعة التاريخ، وأن علينا ـ ونحن الامتداد لكلّ الأجيال الإسلاميّة ـ أن نعتبر الإسلام أمانة الله في أعناقنا، فكراً وروحاً ومنهجاً وشريعةً، وأن نتحمّل المسؤوليّة في صيانته عقيدةً وشريعةً وقيماً ومنهجاً، وأن نجعل من الاختلاف مصدر غنى ينتظم بالحوار، وموقع عزّة ينطلق من الوحدة في قضايانا المشتركة، ومنطلق قوّة في مواجهة التحدّيات؛ حتّى نصنع ـ في مرحلتنا الحاضرة ـ تاريخاً جديداً يصنع للأمّة عنفوانها، ويعيد للإسلام حركيّته وحيويّته".
التعليقات (0)