بداية وقبل أن أُتهم باتهامات أزعم إنها باطلة ومتجنية أقول إنني أثمن الدور الفاعل والكبير الذي يضطلع به كثير من إخوتنا وأبنائنا الرواديد فهم بلا شك خدموا وما زالوا يخدمون المذهب وأسهموا بشكل قوي في إلهاب المشاعر الملتهبة أصلا والمتأججة تجاه ما تعرض له أهل بيت العترة من ظلم ومصائب وويلات من خلال بعث آلامهم والعزف على أوتار جراحهم لتظل نازفة راعفة في جسد الأمة لتتلمسه بين الحين والآخر فتحس به وتتوجع لتبقى جذوته متوقدة في أذهانهم على الدوام..
ولكن وأعوذ بالله من «لكن» خرج علينا في الآونة الأخيرة رواديد لم ينزل الله بهم من سلطان ابتعدوا بما يقدمونه عن هذا النهج القويم فجنحوا إلى قوالب وأطوار لا تمت بصلة لما يريده منا أهل البيت ..
فمع انتشار هذه القنوات الفضائية وحاجتها الملحة والكبيرة لملء ساعاتها بما هب ودب سعت سعيها الدؤوب وناصبت جهدها الجهيد لبث أناشيد ومواليد ولطميات أقل ما توصف أنها أدخلتنا بشكل مباشر أو غير مباشر للأغاني وأطوارها كما أسماها سماحة العلامة الفاضل السيد منير الخباز في نقده لهذه الظاهرة الغريبة..
فالمتتبع لهذه القنوات لا يجد صعوبة في ملاحظة هذا المنحى الذي نحاه بعض الرواديد فمن متنغم ومتمايل بألحان تماثل إلى حد كبير ألحان الغناء، إلى آخر لم يُتعب نفسه في تلحين قصيدته بل لجأ ومباشرة إلى ألحان غنائية وأخذها عنوة وبلا استئذان من أصحابها وبدأ في تسجيلها لتتلقفها منه هذه القنوات وتبثها على الملأ حتى وإن دخلت فيها الموسيقا - والتي يندر أن تجد رادوداً لم يُدخلها في وصلته - ولستُ أدري هل سأل هؤلاء عن شرعية هذه الموسيقا فإن كانت شرعية فما الفرق بين سماعها من مغنيها الأصلي أو من رادود حسبها على أهل البيت وقذفها في أسماعنا دون استئذان منا.. وإلا «هواوين في سطح واحد» كما يقول المرحوم الوائلي..
هذا من جهة وأما من جهة أخرى فهذا التمايل والتراقص والتنطيط الذي يمارسه هؤلاء الرواديد لدرجة أنني دعوتُ ومن زمن بعيد إلى ضرورة مراجعتهم مصحات نفسية للكشف عن صلاحية عقولهم.. ولا أرى في ذلك عيباً أو ضرراً فالمريض يراجع الطبيب ليصلح ما أفسده الدهر من عقله، وإلا بربك ما تفسير هذه الظواهر التي شاهدتها بأم وخالة عيني في كثير من الاحتفالات فقد رأيت أحدهم يتنطط وسط الناس كالسعادين ويقفز قفز مودع دون خوف من سقوط أو هوية على رؤوس عباد الله..
وفي احتفال آخر والذي تشرفتُ بالمشاركة فيه شاهدتُ أحدهم يفتر وينبرم ويخبط برجليه ويتمضرع بيديه ويصرخ في وجوه الناس قائلاً لهم: أنتم لستم شيعة ولا علاقة لكم بالتشيع.. لماذا ياحبيبنا؟ قال لأنكم لا تتفاعلون معي ولستُ أدري هل التفاعل معه أصل من أصول الدين ليسقط من لا يعتقد به من المذهب..
وآخر شاهدته أيضاً بأم وعمة عيني يُقسّم الحسينية إلى أقسام ليجعل القسم الأيمن يتأوه بطريقة معينة والأوسط بتأوه ثانٍ والأيسر بتأوه ثالث لا أريد وصفه بمواء القطط.. ويصرخ فيهم هيا رددوا معي.. ويا ويل وسواد ليل من لا يستجيب له فهو خارج بلا محالة من المذهب..
وفي احتفال ثالث شاهدتُ أحدهم بعد أن نقز وصرخ وتمطمط نزل من المنصة وبدأ يجوب بين الناس ليُعطي المايك لهذا وذاك ليُمارس هؤلاء جنونهم بطريقة هستيرية فمن طفل يصرخ في المايك ومن كبير في السن يخرج ويدخل لسانه أي «يتملحس» بعد أن أدى وصلته التي طلبها منه هذا الرادود وأصبح الحفل بكل جلاله وهيبته ورفعته بانتمائه للإمام صاحب الليلة أصبح مسخرة ووقعنا معه في هرج ومرج..
ورابعة الأثافىء إن كان لها رابع.. شاهدت بنفس الأم والعمة لعيني أحدهم أوقف الحسينية كلها على رجل وبدأ الحضور في التمايل والتصفيق بطريقة لا أريد وصفها.. بربكم هل هذا ما يريده منا أهل البيت؟..
ولو أردنا الإطناب فسنتوقف عند صورهم التي يلصقونها على أغلفة أشرطتهم فمن مشغول بإخراج ساعته ورزها أمام الناس إلى مشغول بقصته - التي أبقاني الله جلت قدرته لأرى أشكال وألوان القصات التي كنا نراها تُزين رؤوس لاعبي كرة القدم ومغني الروك - عشتُ لأراها تُزين بعض ولا أقول كل بل بعض رواديدنا ومن أراد التأكد فليشاهد كليباً يُبث الآن على إحدى قنواتنا الفضائية.فهل هذا ما يُريده منا أهل البيت.
التعليقات (2)
عربي وشيعي أصيل
تاريخ: 2008-01-07 - الوقت: 17:24:33شكري من الأعماق لكل حرف جرت يداك الكريمتان فما أحوجنا لاقلام مميزة مثلك يا أخينا فقد وضعت يدك على الجرح مباشرة فكلنا مستاؤون من ذلك الطرح الغير مرغوب لكن الله المستعان
ابو الياس
تاريخ: 2008-01-08 - الوقت: 20:48:46اشكرك ياخي كل الشكر على هذا الطرج المفيد وكانك تتحس ضمير كل شيعي موالي على ما اصاب هولاء الرواديد الذين كنا نتمنا منه ان يكونوا فخراً لنا امام العدو ولا لكن ليس الكول بعض البعض اصلح الله حالنا وحالهم ولنكن في مستوى التكليف والمهمة التى كلفنا به السلام على الحسين وعلى اولاد الحسين .