بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله بركاته
عمل شائن ضد الإسلام:
لقد أساء المرتد سلمان رشدي من خلال (آيات شيطانية) إساءات فاحشة وبذيئة إلى الإسلام ونبي الإسلام صلى الله عليه وآله وقرآن الإسلام، وحينما أصدر الإمام الخميني رضوان الله عليه فتواه المشهورة بوجوب قتل هذا المرتد المنتهك للحرمات والمقدسات قامت الدنيا ولم تقعد عند قوى الاستكبار في العالم دفعا عن هذا الانتهاك، والتعدي على حرمات الإسلام واصفين الفتوى بأنها مصادرة لحرية الرأي والاعتقاد.
وإنا لنتساءل:
هل من حرية الرأي والاعتقاد تزيف الحقائق وإشاعة الأكاذيب والأراجيف، ونشر الأباطيل والجهر بالكلمات البذيئة الهابطة؟
في قاموس هؤلاء هذه حرية رأي واعتقاد.
لا يوجد دين ينفتح على حرية الرأي والاعتقاد كما هو الإسلام، إلا أنه يرفض كل العبث بالحقائق، والتلاعب بالمعايير، والإساءة إلى المقدسات.
لا يفرض الإسلام رأيه على الآخرين ويسمح لهم أن يحاوروا وأن يناقشوا وأن يرفضوا، إلا أن هذا شيء والسب والقذف والشتم، والكذب، والافتراء ، والتزيف شيء آخر.
المسألة ليست دفاعا عن حرية الرأي والاعتقاد، وهو يعلمون جيدا أنّ ما جاء به هذا المرتد من افتراءات زائفة لا يعبر عن آراء جديرة بالاحترام والتقدير وإنما هي المباركة والتأيد والاحتضان لكل الحاقدين على الإسلام، ولكل المتمردين على مبادئه وقيمه، ولكل المعادين للمسلمين.
وأخيرا جاءت خطوة التكريم البريطانية لهذا المرتد لتؤكد حقيقة "المشروع" المعادي للإسلام، وإلا فما مبادرات هذا التكريم الذي قامت به ملكة بريطانية لهذا الإنسان السافر في حقده وإساءاته لنبي الإسلام صلى الله عليه وآله؟
هل يعد كتاب "آيات شيطانية" نموذجا لأدب راق يستحق كلّ هذا الاهتمام والتكريم؟
إن نقاد الأدب الغربي أنفسهم أكدوا أنّ "آيات شيطانية" لا يمثل نصا أدبيا راقيا، فلغته عادية جدا.
- نعم ما تميز به هذه الجزءة الكبيرة جدا في السب والقذف والاعتداء على المقدسات.
- ما تميز به البراعة في اختيار الكلمات البذيئة، والألفاظ الهابطة المسيئة لأعظم شخصية في تاريخ البشرية.
- ما تميز به هو القدرة الفائقة على التزييف والكذب والافتراء ضد الإسلام.
ولعل هذا هو الباعث الحقيقي وراء هذا التكريم ووراء هذا الاهتمام الكبير.
يؤسفنا جدا أن تصدر هذه المواقف من دول تدعيّ أنها رائدة الحوار الإنساني، وداعية التقارب بين الأديان.
- هل أنّ خطوة التكريم هذه، تصب في اتجاه الحوار والتقارب؟
- أم أنّها الخطوة التي تؤجج العداء والخلاف والصراع بين الأديان؟
- أم أنها الخطوة التي تدفع في اتجاه التشدد والعنف والإرهاب؟
لا نشك أبدا أن وراء هذا التكريم دوافع سيئة جدا، و يرمي إلى هدف مشبوه جدا، إن المدّ الإسلامي المتزايد في العالم بات يقلق هذه الدول الطامعة نحو الهيمنة على كل مقدرات الشعوب، مما يدفعها دائما لاعتماد كل الوسائل والأساليب في التصدي والمواجهة لهذا الانتشار الإسلامي، ومن هذه الأساليب "التشويه الفكري والثقافي" وإثارة الإشكالات والشبهات، وبث الإشاعات الكاذبة ضد الإسلام والمسلمين، واحتضان كل المرتدين والحاقدين على هذا الدين ، بل واحتضان "مؤتمرات" تحمل اسم الإسلام من أجل تحريف الإسلام وتزيف أفكاره ، والعبث بقيمه.
من ذلك مؤتمر عقد في أمريكا تحت شعار "عصرنةً الإسلام" أيّ صوغ إسلام عصري وفق المنظور الأمريكي، وقد دعي إلى هذا المؤتمر كتّاب ومفكرون علمانيون لا يؤمنون بالإسلام، كما دعي إليه مجموعة من المرتدين عن الإسلام والحاقدين عليه.
هؤلاء هم الذين ينتجون لنا "الإسلام العصري" هذا الإسلام الذي يتماشى تماما مع " المشروع الأمريكي" ويتناغم مع الأفكار الأمريكية، وبالتأكيد فإن هذا التماشي وهذا التناغم يفرضان التنازل عن المكونات الأساسية في الإسلام ليتحول إسلاما عصريا تباركه الإدارة الأمريكية، ويمجده الإعلام الأمريكي.
ووفق هذا الإسلام العصري "المعد في المطبخ الأمريكي" وفي " مطابخ الدول الإستكبارية" يجب أن تحذف الكثير من المفاهيم الثابتة في الإسلام والكثير من الأحكام المسلمة في الشريعة، والكثير من القيم الدينية الضرورية.
ومن أبرز العناوين التي يجب أن تحذف لإنتاج الإسلام العصري الأمريكي:
عنوان "الجهاد"، وقد خلط هؤلاء المنتجون للإسلام العصري "وعن عمد طبعا" بين الجهاد والعنف والتطرف والإرهاب، والفارق كبير وكبير بين الجهاد الذي يحمي (الدين) و (المبادئ) و (الحريات) و(الأعراض (والأموال) و(الكرامات)، ويدافع عن (الأمن والاستقرار والسلام).
وبين العنف والتطرف والإرهاب وهي ممارسات تصادر (الدين) وتسقط (المبادئ) وتلغي (الحريات)، وتنتهك (الأعراض)، وتحرق (الأموال) وتمزق (الكرامات)، وتزرع (الرعب والحقوق) وتهدد (ألأمن السلام والاستقرار)، فلماذا هذا الخلط بين الجهاد وهذه الممارسات الممقوتة؟
إنه محاولة التشويه والإساءة، إنه مشروع الإذلال للأمة، لا يريدون لها أن تكون الأمة المجاهدة العزيزة القوية، حينما تتعبأ الأمة بروح الجهاد، حينما تحمل العنفوان والشموخ، حينما تواجه كل سياسات القهر والظلم والاستبداد، عند ذلك سوف تسقط كلّ مشروعات الهيمنة الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية والأمنية والعسكرية، من هنا نعلم لماذا تصيرّ قوى الاستكبار، وأنظمة الحكم السائرة في ركاب الاستكبار على محاربة ثقافة الجهاد وثقافة التعبئة الروحية، حتى يتمكنوا من استضعاف المسلمين، والسطو على كل مقدراتهم ومقدساتهم وثرواتهم، وأمنهم، وسياستهم.
وقد استطاعوا ذلك، وهذا ما أكده الحديث المروي عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها، قالوا: أمن قلة فينا يومئذ؟ قال صلى الله عليه وآله: لا، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، يجعل الوهن في قلوبكم وينزع من قلوب أعدائكم، من حبكم الدنيا وكراهيتكم الموت".
هذا الحديث يعبر عن مجموعة حقائق مهمة:
- أنّ المسلمين سوف تتكالب عليهم قوى الأرض وتعمل فيهم نهشا، وأكلا، وتمزيقا، وعبثا، وإفسادا، كما يتكالب الأكلة على قصعة الطعام. هاهم المسلمون اليوم أشتاتا ممزقين قد تكالبت عليهم قوى الاستكبار وعلى رأسهم الشيطان الأكبر أمريكا فلم يبق من ثروات المسلمين إلا وقد سرق، ولم يبق شيء من مقدرات المسلمين إلا وقد أبيح ولم يبق شيء من عزة المسلمين إلا وقد أهين، ولم يبق شيء من أمن المسلمين إلا وهدّد. هذه أمريكا تفرض هيمنتها على أنظمة الحكم في بلد العرب والمسلمين، وتفرض مشروعاتها الأمنية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والسياسية على كل واقع المسلمين.
- إن المسلمين في عصر التكالب ليسوا قلة، ولكنهم وجود مهمل لا قيمة له كالغثاء الذي يقذف به السيل على جانب الوادي، (الغثاء: الأوراق اليابسة، والأغصان الذابلة، والهشيم الجاف، والتي يحملها السيل الجارف يتقاذفها ويرمي بها).
كم عدد المسلمين اليوم؟
عدد المسلمين يقترب من المليار والنصف المليار ولكن ما وزنهم، وما قيمتهم؟
إنهم وجود ضعيف، لا يمثلون ثقلا فاعلا في المعادلات الدولية، محكومين لسياسات القوى الكبرى، وخاصة لسياسات أمريكا، تعبث بمقدراتهم ومقدساتهم عصابة الصهاينة الحاقدين، وهم لا يملكون القدرة على أن يحركوا ساكنا، لو ما قام به أبطال حزب الله من كسر غطرسة الصهاينة وإسقاط عنفوانهم، وإعادة بعض كرامة المسلمين المهدورة، ولولا بعض مواقف واجهت كبرياء أمريكا، وتصدت لأطماعها ولمشروعاتها في الهيمنة، وإلا فالواقع الذي يعيشه العرب والمسلمين وبالأخص الأنظمة الحاكمة، لا يملك إلا الخواء والضعف والهوان.
- السبب الأساس لهذا الضعف والهوان والخضوع لهيمنة القوى الكافرة هو الانهزام الداخلي وضعف الإرادة نتيجة غياب روح الجهاد، وروح الشهادة والاستشهاد.
إن روح الجهاد والشهادة والاستشهاد التي حملها مقاتلو حزب الله، وحملها مجاهدو الأرض المحتلة، وحملت بعض مواقع هنا أو هناك هو الذي أبقى شيئا من نبض العزة ووهج الكرامة في هذه الأمة.
تحاول دائما قو الاستكبار وأنظمة الحكم السائرة في ركبها أن تقتل في داخل شعوب هذه الأمة روح الجهاد، وروح التحديّ والصمود من أجل أن تبقى هذه الشعوب مأسورة مقهورة، مستبدة، وحتى لا ترفع صوتها في مواجهة سياسات القهر والظلم والاستعباد.
وكما ذكرنا في السياق السابق لهذا الحديث، أن قوى الاستكبار وأنظمة الحكم التابعة استغلت انتشار ظاهرة العنف والتطرف والإرهاب لمحاربة مشروع الجهاد والمقاومة والاستشهاد.
ونؤكد هنا مرة أخرى أن إرهابا يصادر قيم الحياة، ويفتك بالأرواح البريئة، ويهدد الأمن والاستقرار، ويعبر عن طيش ونزق وحقد وعدوان، يختلف تماما عن جاهد و استشهاد يحمي قيم الحياة، ويدافع عن المبادئ ويحارب الظلم والقهر والاستبداد ويزرع في الأرض الأمن والأمان، ويحافظ على أرواح العباد، ويعبر عن أرقى معاني الحب للإنسان.
من هنا فنحن في الوقت الذي نبارك جهاد الشعوب وصمودها واستشهادها من أجل المبادئ والحقوق ندين كل أشكال العنف والتطرف والإرهاب الصادر من الأنظمة ومن كل حركات العبث والدمار والعنف والعدوان.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
التعليقات (0)