شارك هذا الموضوع

لقاء مع الشيخ الآراكي

لقاء صحيفة الوسط مع سماحة الشيخ محسن الآراكي رئيس المركز الإسلامي في إنجلترا



يبدو متأثراً بالشهيد الصدر، وهو مرجعيته التي يفهم من خلالها القضايا التي تثار عنده . الشيخ محسن الآراكي ضيف البحرين على جمعية التوعية الإسلامية، أو رجل الحوزة الذي يكتب الإنجليزية، أو رجل الحوزة المتصالح، اللندني المنفتح على فضاءات الآخر.


الآراكي المولود في النجف العام 1956 ينتصر لإطلاقية أن اليد التي تقتل الشيعي والسني يد واحدة . وأن الحكام هم محور الخروج من الأزمة الطائفية التي تعصف بالعراق وغيرها من البلدان. وهو ذاته الذي يقبل بمجريات الاختلاف والتخالف في قم المقدسة برحابة صدر، ماخلا أنه يُفعل مدرسة الشهيد الصدر ليعيد تبيئة الإشكالات لمنطقة التأسيس فتخرج التأويلات مغايرة. يعيدك الآراكي إلى الفلسفة الأولى وإطلاقات الأسس كلما نزحت به إلى الخارج، فطن البديهة، لم تمر من خلاله حتى الأسئلة التي يراد لها أن تخرج بإجابات تبدو خارج نطاق العادة . الآراكي عالم دين إسلامي شيعي، وهو مؤسس المركز الإسلامي في إنجلترا، وأحد أبرز علماء الدين الإيرانيين من تلامذة المرجع الديني والمفكر الإسلامي الشهيد السيد محمد باقر الصدر(قده)، يجيد العربية بوصفها لغته الأم، كما يجيد الإنجليزية ويكتب بها .


غادر العراق في العام 1976 مع من رحلوا، فأكمل دراساته هناك. كثيرة مؤلفاته وباللغتين العربية والإنجليزية. ومن مدينة قم مروراً بـ «دزفول» وصولاً إلى «لندن» أدار الآراكي مشروعات عدة. تبدأ بمكتبة في النجف ولا تنتهي عند تأسيس «المركز الإسلامي في إنجلترا» العام 1996، وأخرى في «مانشستر»، برمنغهام، نيوكاسل، غلاسكو... وغيرها... في بريطانيا.


الوسط : دعوات التجديد في الفكر الإسلامي تمر بمرحلة قلقة. بالأمس كانت هناك إسهامات كبيرة كإسهامات الشهيد الصدر. إلا أن الصورة اليوم تبدو قاتمة على هذا الصعيد تحديداً. أين تقف الصورة بنا هذه الأيام ؟


الشيخ الآراكي : أرى أن حركة الإنتاج الفكري الإسلامي في الحوزات العلمية - التي أنا على صلة بها، وأقصد الحوزات الشيعية في النجف وقم، وخصوصاً قم الأقوى حالياً - مازالت نشطة. الفارق بين الوضع الحالي والسابق هو أن الحالة السابقة كانت تمثل بداية التطور وظهور النقلة الجديدة في الفكر الإسلامي بما يتلاءم مع مستجدات العصر، وتلك ميزتها.


منذ أواسط الخمسينات بدأت الحركة الإسلامية الفكرية في النمو على يد الشهيد الصدر، وعلى يد أقطاب آخرين في إيران كالعلامة الطباطبائي والشهيد المطهري. وهذه الحركة على اعتبار أنها كانت في البدايات، كانت تمثل مرحلة النقلة الجديدة. والحركة لم تتوقف بل استمرت، ومازال الإنتاج الفكري على أشده. وقد قرأت منذ قريب الوقت أن حصيلة الإنتاج المطبوع في قم وصلت ما يقارب 18 ألف كتاب في السنة الهجرية الماضية. وهذه الحركة في الإنتاج المطبوع تدل على وجود إنتاج وافر، وفعلاً هناك إنتاج جديد وعميق، لكن الفارق هو أن الإنتاج الحالي يمثل استمراراً للإنتاج السابق الذي كان لفترته أن تعطيه وهجاً أكبر.



الوسط : هناك نوع من اللاتراكم في عملية التجديد. هناك ما هو أشبه بالقطيعة وثمة تجاذبات كثيرة تتقاطع في «قم» وغيرها من العواصم وفي داخل قم نفسها. لابد وأن يكون لمدرسة علم الكلام الجديد مثلاً محورية مخالفة عما كانت عليه عمليات الإنتاج التقليدية في الفكر التجديدي الذي سيكون كلاسيكياً هنا ؟


الشيخ الآراكي : لا نعلم ما المقصود بتجديد الفكر الشيعي. التجديد في اعتقادنا هو إما تجديد في المنهج أو تجديد في المضمون. فكرنا هو فكر أهل البيت نفسه. والفكر الجديد معناه الخروج عن مدرسة أهل البيت. ليس هناك جديد في الفكر، الجديد هو جديد في القالب أو طريقة العرض. الجديد أن نُفَعِل ذلك الفكر تفعيلاً يستطيع أن يجيب على أسئلة العصر. وقد يكون الجديد هو الحاجات المستجدة . المضمون لابد أن يفعل بالطريقة التي يستطيع بها المضمون أن يلبي حاجات العصر. وهذا ما حصل فعلاً، على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. هنالك كل يوم عرض جديد لمقولة فكرية هي المقولة الفكرية نفسها التي أنتجها أهل البيت لكن العرض مختلف. وهذا ما يدل على وجود الانسجام بين الحركة العلمية من جهة، وحاجات العصر من جهة أخرى .


هناك جانب آخر، وهو المنهج . المنهج يمكن أن يجدد. هناك منهج قديم كان عندنا من قبيل المنهج القياسي الأرسطي الذي كنا نعتمد عليه في منطق التفكير، وجاء الإمام الصدر وعرض منهجاً جديداً وهو المنطق الاستقرائي بمنهجية جديدة تستطيع أن تدخل حقل الإنتاج الديني وتُفعّله. ولكن، كما تعلم، التجديد في المنهج ليس أمراً يمكن أن يكون أو ينجز كل يوم. يمكن أن نقول إن هذه النقلة المنهجية التي أحدثها الشهيد الصدر هي نقلة كبيرة لم يسبق لها أن حدثت منذ قرون . الفكر الإسلامي كان يسير على المنهج الأرسطي القياسي، الآن استحدث منهج يدعم ذلك المنهج، ولا يتقاطع معه، ويصبان معاً في المصب نفسه . وهنالك نقاط يتميز بها المنهج الجديد، ولقد استطاع الشهيد الصدر في علم أصول الفقه أن يستخدم المنهج الاستقرائي في الاستدلال الفقهي. وهذا شيء جديد. والفقيه حالياً يستطيع الاعتماد على المنهج الجديد وأن يستنبط الفتوى من خلاله .


إذن يوجد لدينا في التجديد المنهج وهو ما ذكرناه. ويوجد لدينا جديد في صوغ المضمون، لكن المضمون في حد ذاته ليس جديداً. ونحن نعتز بأنه مضمون ليس جديداً، ولا أعتقد أن المضمون حين لا يكون جديداً فإن ذلك من سبيل «العيب»، فمضاميننا هي ذاتها مضامين أهل البيت (ع) . لكن عظمة هذا المضمون وميزته أنه يلبي حاجات العصر. والحوزات العلمية تعيد هذا الصوغ للمضامين وهي موفقة في ذلك. نحن في إيران عندما واجهنا المشكلات في تطبيق الأحكام الإسلامية كالقانون الجزائي، كان لنا أن نعمد إلى تجديد الصوغ. ومنذ بداية الثورة الإسلامية حتى اليوم طرأت تعديلات كثيرة على القانون، وغيرنا صوغ المضمون الفقهي في القوانين المتعلقة بحقوق المرأة مرات عدة. لكن كل هذا الجديد كان في الصوغ وليس في المضمون.


الوسط : بعد أن انتهى الدور التاريخي لحوزة النجف، أتى دور حوزة قم لتكون محط الإشعاع الشيعي الوحيد في صعيد الإنتاج الإسلامي الفكري والفقهي معاً. لكن قم نفسها تحوي مدرستين، مدرسة حوزوية ومدرسة أكاديمية، وهناك تقاطع مباشر بين المدرستين . حاولت بعض الأوساط العلمية تنظيم حوزة قم لتكون أشبه ما تكون بالجامعة الأكاديمية، لكن هذه المحاولات لم تنجح في مجملها، جرت بعض التعديلات والتنظيمات إلا أن فاصلاً دقيقاً بين الحوزة والجامعة مازال قائماً؟ هل ينتهي هذا التقاطع إلى أزمة ثقافية يوما ما، وما فضاءات هذا التقاطع ؟


الشيخ الآراكي : لا أعرف مدى صحة استخدام مصطلح التقاطع، لا يوجد لدينا فكر أكاديمي وفكر حوزوي. الفكر الحوزوي قد يعرض بأسلوب أكاديمي وقد يعرض بأسلوب قديم كلاسيكي. أقول هناك «إثنينية» ولا أقول «تقاطع» . هذه «الإثنينية» هي بين الأسلوب الأكاديمي والأسلوب التقليدي، والمعرفة التي تنتجها الحوزة الآن سواء أكاديمية أو تقليدية جميعها محتضنة في حوزة «قم» التي تستطيع أن تحتوي هاذين الطرحين معاً .


لدينا علم الكلام الجديد، ولا بأس به لكنه علم حوزوي أيضاً. لكن نظريات علم الحداثة التي استحدثت من الخارج ويعبر عنها بالمنهج الحداثي هي خارجة من مشكلات كلامية كان الفكر غير الإسلامي هو من يعاني منها كالفكر المسيحي مثلاً. الفكر المسيحي كان يعاني مشكلة. والمشكلة هي أن النص المسيحي يناقض المنطق العقلي أحياناً، وهذه المشكلة ولدت مشكلات كلامية جمة . نحن لا نعتقد بوجود هذه المشكلة لدينا. ولا يوجد تناقض بين النص الإسلامي والمنطق العقلي. لم نجد مقولة نحتاج إلى حلها أو تراكم نحتاج إلى تحليله لكي نعتمد على منطق تعدد القراءات أو الهرمنوطيقيا لنحل مشكلة التناقض بين المنطق العقلي والنص الديني. لكن، باعتبار المدرسة الفكرية في قم هي مدرسة مفتوحة على مصراعيها، هناك من يطلبون أو يفحصون عن الشيء الجديد بطريقتهم الخاصة . ومن جملة ما جاء به هؤلاء وما طرحوه على الفكر الحوزوي، وعلى رأسها حوزة قم، مقولة التناقض بين النص الديني وبين المنطق العقلي، وحاولوا أن يفترضوا شيئا من هذا التناقش ويعرضوا الحلول برأيهم. نحن نعتقد أن المشكلة... أن هناك خللاً أساسي في نظرية الهرمنوطيقيا الفلسفية والتي تتخذ نسبية المعنى في النص الديني ولا تعترف أن للنص الديني معنى نهائي أو غائياً. بل ترى أن النص الديني معناه بالضرورة نسبي يختلف باختلاف المفسرين والتأويل .


نحن نعتقد أن هذه المنهجة في فهم النص هي نظرية خاطئة، ونعتقد أن النص الديني لا يختلف عن النص غير الديني إلا في نقطة لا مجال لشرحها، لكنه لا يتعلق بتمام بالمعنى. نحن حينما نواجه بيتاً من الشعر للمتنبي أو الخنساء هل نفهم هذا البيت أو هذه القصيدة على غير ما كان يفهم أولئك الذين كانوا يعايشون عصر صدور هذا النص الأدبي؟ طبعاً يوجد بعض الاختلاف، لكنه اختلاف قد يكون محصوراً باختلاف الزمان والمكان، وقد يكون هذا الاختلاف ممتداً لعصر صدور النص نفسه، وليس اختلافاً بسبب نسبية المعنى أصلاً. والاختلاف في فهم النص قد ينشأ لأسباب أخرى.


الوسط : مسألة الطائفية اليوم تستفحل في أرجاء المعمورة. هناك اصطفاف طائفي إقليمي. السؤال، لماذا تعود الطائفية بهذا النوع من التوحش وما مسببات هذه العودة وكيف نخرج منها ؟ البعض يأخذ باللائمة على المؤسسات الفكرية، والبعض الآخر يرمي بالكرة في ملعب الأجنبي، أين تذهبون في هذا الموضوع ؟


الشيخ الآراكي : في اعتقادي الطائفية يراد لها اليوم أن تكون فتنة العصر، ولكنها في الحقيقة ليست كذلك. الطائفية ليست مشكلتنا الأولى في مجتمعاتنا الإسلامية. مشكلتنا الكبرى هي اختراق الأجنبي الداخل الذي كنا نعيشه بأمان. هذا الاختراق هو اختراق يثير فينا بواطن الفرقة ونوازع كثيرة. وليست مواطن الفرقة مقتصرة على النزعة الطائفية، بل هناك نزعات أخرى يمكن إثارتها، وهي تثار فعلاً هنا وهناك كالقبلية والقومية الكردية والعربية في العراق مثلاً. وكذلك الحال في الداخل الفلسطيني بين حماس وفتح. لا توجد طائفية في هذا الصراع بل يوجد اختلاف في الرؤية، لكن هذا الاختلاف يمكن أن ينتهي أو أن يتم مع تعايش سلمي، ويمكن أن يستخدم أيضاً كعنصر إثارة لمواجهة هذه المجموعة مع تلك.


نحن في إيران تعرضنا لمحاولات إثارة المشكلة الطائفية عبر الإعلام الموجه لكنها لم تنجح لدينا . في العراق عاش الشيعة والسنة إخوة وأعضاء في أسرة واحدة لقرون وكذلك حالياً، لكن هناك بعض القطاعات التي استطاع الاختراق الأجنبي الأميركي الصهيوني أن يخترقها وأن يستخدم النزعة الطائفية فيها لكي يثير طائفة على أخرى. ولابد لحكماء الطائفتين وعقلائهم أن يسيطروا على الموقف وأن يعودوا بالناس إلى الرشد الأول الذي أمرنا به الإسلام .


الوسط : بعض الآراء تذهب إلى أن الحل الأمثل ليس إسلامياً في المطلق. كذبة كبيرة أن نقول دعوات «التقريب» بين المذاهب الإسلامية، لكن الصحيح هو أن نقول «التعايش» بين المذاهب، ووفق مبدأ الانتصار للتعايش على التقريب، يقتضي الحال أن تكون فكرة التعايش التأسيسية ليبرالية تعددية، لأننا لو غلبنا تفسيراً دينياً/ تأويلاً/ مذهباً على هرم الدولة فإنه بالضرورة سيعمد إلى القضاء على باقي التفسيرات، قتلها، قمعها، أو حتى محاصرتها ؟


الشيخ الآراكي : أولاً، لا تعني التعددية أن تكون ليبرالية فقط. يمكن أن تكون ثمة تعددية إسلامية. الشعوب الإسلامية عاشت لقرون بمذاهب متعددة وليس على صعيد الثنائية الشيعية والسنية فحسب، بل داخل المذهب السني نفسه. الحنفي كان يصلي إلى جانب المالكي ويعملان معاً، القانون الذي يحكمهما كان إسلامياً، لكن القاضي كان يحكم بالشافعية للشافعيين وبالحنبلي للحنابلة ويمكن أن يحكم بالمذهب الجعفري للشيعة . يمكن أن تكون هناك دولة إسلامية تتفق عليها المذاهب كلها. نحن في إيران نعتقد أننا نمتلك قانوناً ينسجم مع جميع المذاهب الإسلامية. وولاية الفقيه ليست وليدة التفكير الشيعي فقط، بل وفق جميع المذاهب الإسلامية. أتحدى أن يثبت أحد ما أن مادة واحدة في الدستور الإيراني تختلف مع مذهب من المذاهب الإسلامية . يمكننا أن نتفق على دستور واحد وعلى قانون واحد وأن نفتح المجال للمذاهب للعمل وفق مقتضياتها وقوانينها الشرعية. وهذا ما نقصده بالتقريب، وهو أن نضع اليد على نقاط الاشتراك وأن نصمم حياتنا العامة على أساس من نقاط الاشتراك، وتبقى نقاط الافتراق قليلة، وعلينا أن نتفق على التعامل معها .


الوسط : ولماذا إذن بعد سنوات طويلة من الدعوات للتقريب والعمل من خلال عديد المؤسسات في هذا السياق، لماذا تعود الطائفية بهذا الشكل، وماذا عن تورط المؤسسة الدينية ؟


الشيخ الآراكي : الطائفية اليوم لم تنبع من الداخل الإسلامي، ولا شك أن الطائفية هي تخطيط خارجي، وأثيرت نتيجة اختراق في الجسم الإسلامي. وعلى رغم جميع ما عمل عليه الأجنبي من محاولات فإنه لم يوفق في إثارة هذه النزعة إلا في نطاق ضيق . الطائفية اليوم ليست حالة مريعة. هناك قتل نعم. نقر بذلك. لكنها ليست حالات قتل طائفي. اليد التي تقتل الشيعي والسني هي يد واحدة. وهناك استثناءات قليلة. هناك من يستخدم البعثيين القدامى في العراق لإثارة الفتنة بين السنة والشيعة. ولقد عايشنا في إيران مثل هذه الحالات لكنها لم تنجح.


وبالنسبة إلى المؤسسة الدينية فإن محاولات عدة قد عمل عليها الأجنبي لإقحام بعض عناصر المؤسسات الدينية وتوريطها، لكنه أيضاً لم يوفق كثيراً. واقع الأمر، أن النجاحات اقتصرت على عناصر محدودة في المؤسسة الدينية، التي مازالت قادرة على إدراك خطورة المرحلة وتحديد العدو الحقيقي .


نبذة عن حياة الشيخ محسن الآراكي :


ولد آية الله الشيخ محسن الأراكي عام (1956م) في النجف، العراق. والده آية الله العظمى الميرزا حبيب الله الأراكي كان من أشهر الفقهاء وأساتذة الحوزة العلميّة في النجف والذي كان - علاوة على منزلته العلمية التي وضعته في عداد أبرز العلماء في الحوزة - من البارزين في ميدان العمل أيضاً. وقد نقل آية الله السيّد كاظم المرعشي قائلاً: كنت أتحاور مع آية الله السيد الخوئي حول الشخصية التي لها أهلية الزعامة الدينية للحوزة العلمية بعده فقال لي : «إنّ آية الله الميرزا حبيب الله الأراكي هو أجدر تلك الشخصيات». أما والدته فهي كريمة آية الله صفر علي الأراكي . و هو من أعاظم الفقهاء والزهّاد في الحوزة العلمية في النجف . له تأليفات عديدة في علمي الفقه والأصول مما يقارب دورة فقه استدلالي ودورة أصول كاملتين.


تدرّجه الدراسي :
بدأ الشيخ الأراكي بتعلّم القرآن الكريم عند والده ووالدته كما درس القرآن أيضاً عند أخته الكبرى التي درّسته كذلك «گلستان سعدي» في الأدب الفارسي والكتب الدراسية للأعوام الثلاثة الأولى من المرحلة الابتدائية.ونظراً إلى الظروف غير المناسبة التي كانت محيطة بالمدارس تلك الأيام وبهدف التوجّه لتعلّم اللغة العربية بشكل كامل قرر والده أن ينتقل إلى الدراسة الابتدائية في مدرسة منتدى النّشر تحت إشراف آية الله الشيخ محمد رضا المظفّر. حيث بدأ من الصف الثالث واستمر هنالك حتى الصف الأول المتوسط، ومن ثمّ - وبإرشاد من والده - توجّه إلى دراسة العلوم الإسلامية في الحوزة العلمية. فكانت أول إطلالته على هذه العلوم عام (1968م). درس بعض المقدّمات والسطوح - كشرح الصمدية في النحو، وحاشية الملا عبد الله في المنطق وجزء من معالم الدين في الأصول وأجزاء من شرح اللمعة في الفقه وبعض من الرسائل والكفاية في الأصول - عند والده وأكمل الباقي عند عدد من أشهر الأساتذة الحوزة العلمية في النجف الأشرف، إذ درس أجزاءً من شرح اللمعة عند آية الله السيّد عز الدّين بحر العلوم والجزء الأعظم من أصول الفقه والرسائل عند آية الله السيّد كاظم الحائري وبعضاً من المكاسب عند آية الله الشيخ محمّد تقى الجواهري و والبعض الآخر عند آية الله السيّد محمود الهاشمي الشاهرودي وآية الله الشيخ عبد المجيد الروشني كما درس أجزاءً من الكفاية عند آية الله السيّد عبّاس الخاتم اليزدي، وأجزاءً أخرى عند آية الله السيّد حسن المرتضوي .


و درس أيضاً التفسير وعلوم القرآن عند آية الله السيد مصطفى الخمينى، و آية الله الشيخ محمد هادي معرفة و العلامة آية الله السيّد محمد باقر الحكيم. كما درس أيضاً شرح المنظومة والجزء الأول والثاني من الأسفار في الفلسفة عند آية الله الشيخ عبّاس القوچاني. وبعد إكمال مرحلة السطوح في عام 1395ﻫ (1975م)، بدأ سماحته بدراسة الفقه والأصول في مرحلة البحث الخارج فدرس بعضاً من مباحث الزكاة عند المرجع آية الله العظمى السيد الخوئي وبعضاً من مباحث الطهارة وأصول الفقه عند آية الله السيّد محمد باقر الصدر. في عام 1396ﻫ (1976م) ونتيجة لضغوط الحكومة في العراق وملاحقتها له مدة سنة لاعتقاله اضطرّ سماحته على أثرها للاختفاء ثمّ للهجرة إلى قم، وفي بدايات تواجده في حوزتها حضر البحث الخارج في الفقه عند آية الله الميرزا كاظم التبريزي لمدة أربع سنوات كما حضر البحث الخارج للفقه والأصول عند سماحة آية الله العظمى الشيخ الوحيد الخراساني مما يقارب دورة أصولية كاملة، كما حضر لسنوات عدة دروس الفقه (مباحث الطهارة، والإجارة، والحكومة الإسلامية، والأراضي الموات، وولاية الأمر، والخمس، والاجتهاد والتقليد، والقضاء) و درس الأصول عند سماحة آية الله العظمى السيّد كاظم الحائري. كما تابع أيضاً درساته الفلسفية بدراسة نهاية الحكمة عند آية الله الشيخ مصباح اليزدي وأجزاء من الأسفار عند آية الله الشيخ مرتضى المطهّري وآية الله جوادي آملي، كما حضر دروس الفلسفة الغربية عند العلامة الشهيد آية الله السيد البهشتي.


 نشاطاته العلمية :
منذ بداية مرحلة الدراسة والتحصيل وبعد إكمال كل دورة دراسية والانتقال للدورة التالية كان ديدنه تدريس المواد المتعلقة بالدورة المطوية، فعندما كان في النجف درّس المقدّمات إلى مرحلة شرح اللمعة وبعد الهجرة إلى الحوزة العلمية في قم باشر بتدريس شرح اللمعة والرسائل والمكاسب ونهاية الحكمة وشرح المنظومة والأسفار والإشارات وشرح التجريد وكفاية الأصول في مدن قم والأهواز ودزفول. وبعد هجرته إلى العاصمة البريطانية لندن ممثلاً لسماحة آية الله العظمى السيّد علي الحسيني الخامنئي مد الله في ظله وتأسيسه للحوزة العلمية هناك قام بتدريس سطوح مختلفة من العلوم الإسلامية بدءً من دروس حلقات الأصول والرسائل والمكاسب والفلسفة ووصولاً إلى تدريس البحث الخارج في الفقه (مباحث الحكومة الإسلامية والقضاء) و الأصول، إضافة إلى بحوث التفسير باللغات العربية والفارسية والإنجليزية.


 


 

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع