فؤاد الخرسا : السلام عليكم. هل قطعت البحرين شوطاً كبيراً في المسار الديمقراطي ام تراجعت ؟ هل التشكيلات السياسية في البحرين محكومة فعلاً بقوانين صارمة تحذّ من حريتها و عملها ؟ ما هو الهدف من العريضة التي تبنتها حركة حق البحرينية و الموجهة للأمم المتحدة طالبة ً التدخل لتسهيل كتابة دستور توافقي ؟ هل فرضت القطيعة مع المشروع الاصلاحي الذي طرحه الملك حمد ؟ ماذا عن الاسس القانونية في تدويل الازمة الداخية ؟ من يحرك التظاهرات و الاعتصامات في الشارع ؟ ما هو حقيقة الدور الاميركي و البريطاني في توفير بعض الضمانات لعناصر المعارضة ؟
تقرير مصور : بداية ً مشجعة ً للمشروع السياسي الذي طرحه الملك حمد بن عيسى آل خليفة في 2001 تبدو الامور في البحرين سائرة نحو مستقبل يتسم بقدر من الغموض و ثمة تساؤلات غير قليلة حول مدى الاستقرار السياسي و الأمني في هذه الجزيرة التي ما تزال تشهد مسيرات و اعتصامات . و في الوقت الذي تسعى الحكومة فيه لأعطاء الانطباع بأن ما تواجهه من معارضة ليس سوى استحقاق ديمقراطي متوقع . فأن هناك شعوراً لدى بعض المراقبين بأن الامور قد تأخذ منحاً آخر فيما لو استمر نمط الفعل الشعبي مستقبلاً . و فيما تقول السلطة انها قطعت شوطاً في المسار الديمقراطي يقول معارضوها ان الوضع في البلاد أبعد ما يكون عن الديمقراطية و ان التشكيلات السياسية تفتقد القدرة على العمل المستقل و انها محكومة بقوانين صارمة تحدد حريتها و آفاق عملها . في مطلع العام طرح المعارضون عريضة ً موجهة للأمم المتحدة للتدخل من اجل تسهيل كتابة دستور ٍ توافقي بديل للدستور الذي طرحه الملك حمد في فبراير 2002 و قد وقع على هذه العريضة عشرات الآلاف و يقول القائمون عليها انهم سوف يقومون بتسليمها الى الأمم المتحدة قريباً . العريضة تبنتها حركة حق و هي اول حركة سياسية تعمل في داخل البلاد و تضم اتجاهات سياسية و مذهبية متعددة . فما هدف العريضة و هل تعني قطيعة ً مع المشروع الاصلاحي الذي طرحه الملك حمد ام انها وسيلة ضغط اخرى تمارسها المعارضة للحصول على تنازلات اكبر من العائلة الحاكمة ؟ و ماذا عن الاسس القانونية لمطالبة الأمم المتحدة بالتدخل فيما يعتبر شأناً داخلياً لبلد ذي سيادة ؟ ماذا وراء الاعتصامات و التظاهرات التي لاتكاد تنقطع و التي بعثت القشعريرة في اوصال المستثمرين و اصحاب الاعمال الاجانب الذين يبحثون عن فرص استثمار في البحرين ؟ من اين بدأت القطيعة بين المعارضة و المشروع السياسي الحكومي و هل صحيح ما يشاع حول دور اميركي بريطاني، سهل و ساهم في التخطيط للمشروع السياسي و تنفيذه و وفر ضمانات لبعض عناصر المعارضة في مقابل تحولهم للحكومة ؟
فؤاد الخرسا : استاذ حسن ، هل البحرين ذاهبة بأتجاه مستقبل غامض خصوصاً بعد البداية المشجعة للمشروع السياسي الذي طرحه الملك حمد و تحدث عن مشروع اصلاحي ؟ ما الذي تغيّر ؟
حسن مشيمع : اعتقد ان المشروع السياسي في البحرين ليس وليد تكرّم او تفضل من احد بقدر ما هو نتيجة للاوضاع الساخرة التي كانت موجودة في 95 و يمكن قبل ذلك . و ان هذه الاوضاع بطبيعتها ضغطت دولياً من خلال منظمات، حيث انه كان لابد الخروج من هذا المأزق . هذا المأزق جاء كحل اولي هو مسألة ميثاق العمل الوطني . مع اننا لا نحتاج الى ميثاق العمل الوطني باعتبار ان الموجود عندنا هو دستور و دستور متفق عيه و يعتبر دستور شرعي يحكم العلاقة بين الطرفين . و كان كل مطالب المعارضة و الشعب في ذلك الوقت هو دعوة هذا الدستور و عودة هذا البرلمان . و لكن للأسف من خلال مسألة الميثاق وجدنا ان هناك محاولة التفاف على الدستور الشرعي و العقلي و الذي هو دستور عام 1973 ، لندخل في انتكاسة جديدة بأسم الأصلاح خاصة ً ان هذا الاصلاح ...
فؤاد الخرسا : حتى نوضح للمشاهدين ، يعني انتم تقولون ان العودة لدستور 73 هي المقياس و ليس دستور عام 2002 ، كأنك تعترض على الدستور الأخير و الذي تسميه بالميثاق .
حسن مشيمع : دستور 2002 لا شك جاء بطريقة استبدادية منفردة . بمعنى انه لم يكن للشعب رأي في مسألة تغيير الدستور . الذي حصل في ميثاق العمل الوطني هو ان هناك محاولة لأجراء تغييرين فيما يتعلق بأنتقال الدولة من الامارة الملكية . و الكلام الذي سمعته مباشرة ً ذلك الوقت من كلام الملك كان كلام عن مملكة دستورية بينما لا يوجد على الارض شئ اسمه مملكة دستورية . و التغيير الثاني كان انه المجلس نظام المجلسين و لكن المعارضة قبل توقيعها على ميثاق العمل الوطني حاولت ان تستوضح هذه النقطة . بمعنى ان مجلس الشورى ما هي صلاحياته و ما هو عدده و الى آخره . و بالتالي جاء تأكيد من قبل القيادة السياسية و نشر هذا التأكيد و توقيع من الملك نفسه بأن مجلس الشورى هو للاستشارة فقط و هذا تم تأكيده من قبل اكثر من جهة سواء من الملك نفسه او ولي العهد او رئيس لجنة الميثاق في ذلك الوقت و الذي هو وزير العدل سابقاً .
فؤاد الخرسا : لكن من خلال هذه المقدمة نكتشف انكم تعترضون على الدستور 2002 كأنه لا لزوم لولادة مثل هذا الدستور . ثانياً كل الكلام الذي تحدث عنه الملك عن مسيرة الديمقراطية في البلاد كأنها ايضاً غير موجودة . انتم تعتقدون ان هناك تراجع على هذا المستوى و بالتالي تطالبون باحياء ماله علاقة بموضوع المؤسسات الدستورية انطلاقاً من نظام المجلسين الذي لكم ملاحظات عليه ايضاً ، الى المسار العام السياسي في البلاد . هكذا افهم من المقدمة .
حسن مشيمع : انا اعتقد ان مسألة الدستور 2002 تم بطريقة غير صحيحة . فهي لا دستورية و لا ديمقراطية . بمعنى ان الدستور اولاً لم يعرض على الشعب و لم يأخذ رأي الشعب فيه . جاء و انطلق من منطلق ان الميثاق خوّل الملك للتغيير و ان الميثاق لم يخول الملك بل الشعب . و المعروف في كل الديمقراطيات ان الشعب هو الجهة المخولة الوحيدة لتغيير اي دستور و لتبديلها او طلب دستور جديد او غير ذلك .
فؤاد الخرسا : هل فرض الدستور على الشعب و هو فرض استبدادي . يعني هكذا تعطي التفصيل ؟
حسن مشيمع : نعم ، هو فرض بشكل منفرد . بمعنى انه لو تسأل الكثير من البحرينيين الموجودين كشعب يقولون لك نحن عندنا ملاحظات على هذا الدستور . الدستور لم يفرض على الشعب فحسب و انما صادر الكثير مما كان في دستور 73 مما يعطي شئ من صلاحية التشريع وصلاحية الرقابة .
فؤاد الخرسا : سلام عليكم ، دكتور شهابي . استمعت الى ما قاله الاستاذ مشيمع . اولاً هل توافق بالكامل على ماورد على لسانه الآن ان الدستور 2002 انما فرض على البحرينيين ولم يؤخذ رأي الشعب البحريني . ثانياً انه من الضرورة العودة الى الدستور 73 لأنه برأيه هو الدستور الامثل . هل توافق على هذا الكلام ام ترى فيه شئ من المبالغة السياسية ؟
د. محمد سعيد الشهابي : اود ان اقول ان اعتراضي على الدستور 2002 يفوق في اسبابه ما طرحه الاستاذ مشيمع . انا اولاً اعتقد ان الدستور 2002 وضع بشكل تعسفي كما ذكر و لكنني اضيف انه لو كان الدستور 2002 من حيث مواده و بنوده اكثر ديمقراطية مئة مرة من دستور 73 لرفضته ايضاً لسبب جوهري و هو ان الطريقة التي وضع بها هذا الدستور قد الغت الوجود الشعبي . الغت الشراكة السياسية التي كان يفترض ان تقوم بين ابناء البحرين جميعاً و بين العائلة الحاكمة . هذا المبدأ الذي كان واضحاً بعد الانسحاب البريطاني من الخليج سنه 1971 كان واضحاً في الاتفاق الذي تم بموجبه تحول البلد الى دولة عربية مستقلة . كان يفترض وفق ذلك الاتفاق ان يكون الحكم مستقبلاً شراكة بين ابناء البحرين و بين العائلة الحاكمة . و دستور 73 هو تعبير عن هذه الشراكة . بمعنى ان هناك طرفين احدهما الشعب و الآخر العائلة الحاكمة جلسا و تفاوضا و توصلا الى ما نسميه اليوم و ما سمّي آنذاك دستور 73 .
فؤاد الخرسا : هناك من قال ان الدستور 2002 و الذي تعارضانه على ما يبدو كان مخرجاً من الازمة السياسية التي عصفت بالبلاد لمدة 25 عاماً . انتم لاترون ان مثل هذا الكلام فيه شئ من التعقل ؟
د. محمد سعيد الشهابي : كان هناك دستور تعاقدي بين الشعب و الحكومة . تم تعليق بعض العمل ببعض مواد هذا الدستور في اغسطس 1975 . حدثت مشكلة امتدت على مدى 25 عاماً . الآن ، المخرج من هذه الأزمة الذي رفع خلالها شعار العودة الى الممارسة الدستورية ، المخرج الطبيعي هو العودة لذلك الدستور. يعني الشعب يطالب بشئ هو الوثيقة الوحيدة التي توفر للعائلة الحاكمة شرعية الحكم . انا اقول ، في غياب ذلك الدستور التوافقي لم تعد هناك شرعية للعائلة الحاكمة في البحرين. اليوم ، العائلة الحاكمة تفرض ما تشاء من جهة واحدة و بالتالي ليس هناك شرعية ديمقراطية لهذه العائلة .
فؤاد الخرسا : سلام عليكم استاذ علي . طبعاً استمعت الى رأي الاستاذ مشيمع و الاستاذ الشهابي ، يعارضان بشدة الدستور 2002 . و دخلنا في المشكلة . يطالبان بالعودة الى دستور 73 و انه يشكل هذه الحالة التوافقية بين الشعب البحريني و العائلة الحاكمة . هل العائلة الحاكمة تستأثر بالحكم في البحرين و الشعب كأنه غير موجود ؟
علي ربيعة : انا ابدأ من الحديث عن المشروع الاصلاحي و اقول ان هذا المشروع تكلم عن مشروع طموح و هو مشروع المملكة الدستورية . و مفهوم من المملكة الدستورية ان يكون الشعب مصدر للسلطات جميعاً و ان يطبق مبدأ الفصل بين السلطات بالكامل و ان يكون هناك تداول للسطة و احزاب حرة تتنافس على استلام السلطة . هذا هو بداية المشروع الا صلاحي . كان مشروعاً طموحاً و لكنه انحرف على المشروع و تحول الى مشروع دون المستوى المطلوب ، دون التجربة التي مارسناها في 74 و 75 .
فؤاد الخرسا : عندما تتحدث عن المشروع الاصلاحي و الاصلاح يفترض ان يأت من خلال المؤسسات الدستورية . و عندما تتحدث عن مؤسسات يعني طبيعة هذه المؤسسات هو البرلمان . لماذا هناك دائماً مقاطعة للانتخابات البرلمانية المقبلة؟ كيف يمكن ان نصلح ؟ كيف يمكن ان نشارك في العملية الاصلاحية اذا كنا نقاطع المؤسسات ؟
علي ربيعة : نحن نقاطع هذه المؤسسات لأنها لا تتمتع بالحد الادنى من الديمقراطية للأسف الشديد . و ما اراه على الساحة السياسية ما هو الاّ مشروع لمجلس شورى نصبه بالتعيين . ليست هناك صلاحيات للمؤسسة المنتخبة ، ليست هناك صلاحيات للتشريع و لا هناك صلاحيات للرقابة على السلطة التنفيذية . و الديمقراطية الموجودة حالياً لا يعدو كونها مهرجان للذهاب الى صناديق الانتخابات و تنتهي هذه الديمقراطية بانتهاء العملية الانتخابية .
فؤاد الخرسا : استاذ حسن ، اليس من المنطقي الدخول في هذه المؤسسات و العمل على تغييرها ؟ لماذا عندما نريد ان نغيّر نأتي على الشارع ؟ لماذا نريد ان نغير من خلال التظاهرات و الاعتصامات و لا نريد ان نغير من خلال الدخول في اللعبة السياسية و نتحدث عن لعبة دستورية الآن و هناك انتخابات مقبلة ؟
حسن مشيمع : بالنسبة لدستور 73 ، هذا الدستور لم يعد مطلبنا الحالي . كان هو مطلب المعارضة و لكن الحكومة و الحكم اصر على عدم التغيير و ايضاً صادر دستور 73 . فلم يعد هناك كلام عن دستور 73 خاصة ً ان هذا الدستور ، الزمن الذي سنعيشة بعد ثلاثين سنة يجب ان يتقدم خطوات الى الامام .
فؤاد الخرسا : لكن الدستور الجديد تحدث عن تعديلات جوهرية في دستور 73 . انت لا تعتقد ان هناك تعديلات ، هناك الغاء ؟
حسن مشيمع : اعتقد ان هناك الغاء ، خاصة ً و انه ميثاق العمل الوطني و التي الدولة الآن تعتبره الشعار الناجح 98 بالمئة لم تلتزم به . النظام لم يلتزم بميثاق العمل الوطني . انا قلت في البداية ان هناك تغييران فقط. لكن اذا قرأت دستور 2002 تجد فيه تغييرات كثيرة و بالتالي انا اعتقد ان مطلبنا خاصة ً اذا تحدثنا عن عنوان اسمه سيادة الشعب و انه مصدر السلطة في كل العالم الديمقراطي ، اذا كان الشعب هو السيد ، بالتالي لابد ان اي تغيير في اي دستور او تغيير بالنسبة للدستور الجديد او تعديله يكون هو صاحب القرار الاساس و لابد ان يحترم هذا القرار .
فؤاد الخرسا : الا يطالبكم الشعب في الدخول في اللعبة الدستورية ؟
حسن مشيمع : لا احد في الشعب البحريني يقتنع و يقول دستور 2002. حتى من قبل الناس شاركوا في البرلمان ، شاركوا بعنوان انهم سيحاولون ان يجروا تغييرات من دار قبة البرلمان و لكن وجدوا انفسهم غير قادرين على ان يمارسوا هذه اللعبة . نحن نتحدث عن نظام يمارس الدكتاتورية بكل معناه . يعني النظام في البحرين لا يعترف بأحد . النظام في البحرين الذي يقرر و الذي يضع القانون و الذي يمارس و يدير القضاء و يدير السلطة التشريعية كلها هو الحاكم او رئيس الوزراء . هذا هو باعتراف حتى من هم اعضاء في المجلس الذين شاركوا يقولون ان الحكومة تتحكم بكل شئ . الديمقراطية في البحرين شكلية، موجودة في الخارج و اماعلى مستوى الارض لا يوجد شئ. هذه الجريدة التي امامي و هي جريدة بحرينية تقول انه بعد عامين من العمل و انفاق اكثر من 12 مليون دينار ، عدد القوانين الصادرة عن البرلمان هو صفر . القانون الوحيد الذي مرّر داخل البرلمان هو القانون الذي دفع به الملك و دفعت به الحكومة و هو قانون الجمعيات الذي يضيق الخناق على الجمعيات العامة بالسياسة .
فؤاد الخرسا : هذا يتطلب منكم تصعيد العمليات السياسية . اذا كان من الواجب ان تكون المعارضة حاضرة فهذه هي فرصتها . لماذا لا تعطون انفسكم هذه الفرصة ؟
حسن مشيمع : المشاركة بداخل البرلمان مع هذه البنود الموجودة و المقيدة تماماً و التي تعطي صلاحيات مطلقة للحكومة و للنظام نفسه ان يتحكم بكل شئ و ان اعضاء البرلمان مجرد ممثلين شكليين . ليس هناك اي جدوى . لا يستطيع عضو البرلمان ان يغير في القانون و لا ان يوقف قانون و حتى ممارسة الرقابة و الذي هو جزء من صلاحيات المجلس التشريعي لا يستطيع ان يمارسها بالشكل الصحيح .
فؤاد الخرسا : من يسمع هذا الكلام و كلام الصحيفة يؤكد على ضرورة اشتراككم في اي عملية انتخابية. لأنه لم تصدر قوانين ، من واجبكم ان تحفّذوا ، ان تفعّلوا حتى يكون للبرلمان الدور المطلوب منه . لكن انتم تعترضون بالمبدأ على تركيبة المؤسسة الدستورية حالياً ؟
حسن مشيمع : نعترض لأنها غير قادرة . لسنا ضد المشاركة كمشاركة . بالعكس ، نحن قدمنا دماء من اجل ان يكون لنا برلمان ، و لكن برلمان يستطيع ان يحقق طموحات الشعب و يستطيع ان يكون قريباً من الشعب في همومه و مشاكله . الآن ، البلد فيها قوانين ظالمة كثيرة . فيها فساد واضح و مستشري . فيها تمييز فاضح ايضاً موجود وفاقع .
فؤاد الخرسا : دكتور شهابي ، ماله علاقة بالمؤسسات الدستورية ، عندما نتحدث عن دور معارضة ايضاً يجب ان يكون لها موقع من ضمن العملية السياسية ، العملية الدستورية . هناك انتخابات برلمانية مقبلة . سمعنا الموقف المعارض . منذ الآن لانريد الدخول في هذه العملية لاعتراضات ربما تتعلق بقانون الانتخابات و بالنواب الموجودين حالياً داخل المجلس و كأنه مجلس شكلي . هل انت ايضاً من القائلين بضرورة مقاطعة الانتخابات المقبلة ؟
د. محمد سعيد الشهابي : انا اعتقد ان الوضع في البحرين خلال الاعوام الاربعة الماضية اذا كان قد دفعنا آنذاك لمقاطعة تلك الانتخابات ، فأنه يدفعنا الآن لمقاطعة النظام بأكمله . فمشكلتنا الآن ليس مع هذه التشكيلة او تلك بل مع جوهر النظام . النظام الذي لا يعترف بوجود شعبه ، لا يمكن ان تدخل في تشكيلاته لعدة اسباب : اولاً ، لأن المشاركة في تلك التشكيلات ، انا اعبّر عنها بأنها شهادة زور . شهادة زور للتاريخ و للأجيال . انت عندما تشارك في برلمان معتقداً انه فعلاً برلمان و لكنه في الواقع ليس سوى غرفة من غرف اللقاءات المطلوب منها التصفيق و التطبيل و التهليل لذلك النظام ، فانت تقدم شهادة زور امام العالم . ثانياً ، انه خلال السنوات الاربع تفاقمت الاوضاع و ذهبت من سيئ الى اسوء . اليوم عندنا عشرات المعتقلين السياسيين في السجون . هذه الظاهرة لم تكن آنذاك في ايام انتخابات 2002 . الآن عندنا سجناء سياسيين كثيرين . عندنا سجناء رأي . في عام 2002 لم يكن حجم السرقات الرسمية الحكومية من ابناء العائلة لأموال الشعب و لأراضي الشعب واضحة ً . اليوم ، الارض و البحر اصبح ممتلكين من قبل رموز العائلة الحاكمة .
فؤاد الخرسا : سلام عليكم استاذه جليلة . هل الخلاف مع العائلة الحاكمة خلاف دستوري ام سياسي ؟
جليلة السيد : اعتقد ان النقطة الأهم في ذلك هي مسألة الديمقراطية . ان اردنا أن نصنف الخلاف دستورياً ام سياسياً ، اعتقد ان الهدف بالأساس هو ان ننظر هل هناك فرصة لأن يقول المواطن البحريني كلمته فيما يتعلق بأدارة الحكم في بلده . اذا كنا متفقون على ان للمواطن البحريني دور و هذا حقه ، ليس لأننا نطالب به بل لأننا كمواطنين يجب ان يكون لنا هذا الحق ، يعترف لنا به العالم بأسره . المشروع الاصلاحي كما طرح في سنة 2001 في ميثاق العمل الوطني ، طرح على اساس ان يكون وسيلة حل لأزمة دستورية مستحكمة عانى منها النظام السياسي في البحرين. منذ ان تم حل البرلمان عام 75 و البحرين تحكم بسياط قانون امن الدولة . لجأ الحكم حتى يغطي سوءة الأزمة الدستورية الى الحل الأمني ، فأعتقل العشرات و استشهد العشرات من شهداءنا في الحركة الوطنية و الحركات الاسلامية ايضاً . هذه الاوضاع فرضت على الحكم و اصدقاءه من الانظمة الغربية و اصدقاءه من الانظمة الخليجية العربية ان يفكروا في مخرج و خاصة ً بعد ان انتهت حرب تحرير الكويت وعادت الحياة النيابية الى الكويت و بدأ الحديث عن ضرورة اضافة جرعة من الديمقراطية الى الانظمة في دول مجلس التعاون .
فؤاد الخرسا : استاذ علي ، الموضوع كأننا امام ازمة ديمقراطية . و اي كلام اصلاحي للمستقبل انما هو محكوم على ما يبدو بالعبثية حسب وجهات النظر التي سمعناها . لا موضوع العودة الى 73 كروح دستور 73 هي ممكنة لأن الدستور الجديد قضى عليها . ولا امكانية القول ان الديمقراطية قد تساعدنا غير موجودة . و لا عملية الذهاب الى الانتخابات هي عملية ممكنة لأن الاعتراض على القانون بحد ذاته . هل هذه هي الصورة الآن ؟
علي ربيعة : هذه هي الصورة الآن بالضبط . و ما نحتاج اليه في الوقت الحاضرة هو صياغة دستور جديد . اما عن طريق مجلس منتخب من قبل الشعب هو مجلس تأسيسي لصياغة دستور جديد . ام عن طريق المشروع الذي تفضلنا به نحن في العريضة و هو صياغة دستور تحت اشراف الامم المتحدة . و نحن نفضل الاقتراح الاول على اساس انه يدخل في ما نسميه عملية التراضي بين الحكومة و الشعب . نحن نعيش ازمة دستورية منذ حل المجلس الوطني في 75 .
فؤاد الخرسا : استاذ حسن ، العريضة و انتم المعنيون بها بشكل مباشر . بدل الدستور ، تتحدثون عن دستور توافقي بدل الدستور الدستور الذي طرحه الملك . اليس هذا بمثابة دعوة للخارج للتدخل و ان كان في اطار دولي ؟ يعني ، هناك من احتج على مثل هذه الدعوة . هل تعتقدون هي مناسبة و تمثل ما يريده الشعب البحريني ؟
حسن مشيمع : اعتقد بالنسبة للعريضة و كتابتها بالذات للامم المتحدة ، لماذا ؟ نحن نعتقد و الكل يعرف ان الأمم المتحدة هي سقف و مظلة لكل العالم . و تنظر اليها الكثير من البلدان لكن ضمن شروط للالتزام بالمواثيق الموجودة التي تطرحها و كذلك العهود الدولية الموجودة . فأي دولة تدخل تحت هذا السقف لابد و ان تلتزم بهذا و أهم تلك المواثيق هي مسألة الحفاظ على حقوق الانسان .
فؤاد الخرسا : جيد ، هذا دستور وطني . اولاً يجب ان يناقش في الداخل . و اولاً يجب ان تتم موافقة الشعب البحريني عليه عن طريق استفتاء او غير استفتاء . ثم نتوجه الى الخارج. انتم ذهبتم الى الخارج مباشرة ً .
حسن مشيمع : هذا الكلام صحيح جداً فيما لو استجابت الدولة للحوار . النظام منذ عشرات السنوات ، نحن نتحدث عن مطالب عمرها اكثر من ثمانين عاماً . طوال هذه السنوات لم يستجب النظام لا للحوار و لا لعرائض . كل العرائض التي قدّمت ، رفض ان يستلمها النظام و بما فيها العريضة التي قدموها الجمعيات السياسية الاربع قبل شهور ، ايضاً رفض استلامها الملك و رفض استلامها بالبريد . بمعنى آخر ، النظام لا يريد ان يصلح الوضع و لا يريد ان يستجيب للمطالب . تخرج المسيرات بثلاثين الف و اربعين الف احياناً و ترفض العرائض و نطلب الحوار و لكن النظام لا يستجيب .
فؤاد الخرسا : ما هو مدى التفاعل الشعبي مع هذه العريضة ؟ يعني اذا حاولنا ان نجري استفتاءاً في البحرين ، هم مع هذه العريضة التي تطالبون فيها بالتدخل عبر الأمم المتحدة و تدخل خارجي اذا اجرينا استفتاءاً ؟
حسن مشيمع : انا اقول ان الاستفتاء اذا كان بشكل صحيح و تحت اشراف دولي سيكون هناك تصويت واضح على رفض دستور 2002 ، و هذا اهم شئ . و الذين يقبلون دستور 2002 هم فقط الجهات التي تتقاطع مصالحهم مع النظام . ما عدى ذلك يمكن ان تستثني كل الشعب . اذا كان هناك استفتاء حر و حقيقي و تحت اشراف دولي سيصوت الشعب لرفض دستور 2002 و الاصرار على وجود دستور يحفظ حقوقه . نحن نلتقي مع جهة ان النظام نفسه هو الذي يقوم بممارسة هذا العمل منذ سنوات . نحن نريد ونود فعلاً ان يكون هناك حوار داخلي و انفتاح داخلي و اصلاحات من الداخل لكن حينما نجد ان الابواب موصدة ، مضطرون ان نرفع المسألة للامم المتحدة و الامم المتحدة ليست بلداً .
فؤاد الخرسا : لكن الا تمارسون بهذا المعنى ضغوطاً للمحصول على تنازلات ؟
حسن مشيمع : انا اعتقد ان مسألة الضغوط هي جزء من حق المواطن . يعني اذا كان للشعب مطلب و يريد ان يحقق هذا المطلب ما هي الاساليب و القنوات اللازمة ؟ يلجأ الى كل الوسائل السلمية التي يمكن ان تحقق له مطلبه . و بالتالي كما ذكرت لك ، نحن نلجأ الى الامم المتحدة مع ان الامم المتحدة تعتبر منطق استقواء و سبق للبحرين كحكومة و كنظاماً لجأت الى الامم المتحدة . نحن لا نتحدث عن استجابة فورية و لكن نقول ان تدويل القضية و وضعها على الخريطة الدولية على الاقل ليعرف العالم ان هناك ازمة حقيقية في داخل النظام .
فؤاد الخرسا : دكتر شهابي ، ذهاب هذا الموضوع الى الامم المتحدة عبر عريضة ، هل تعتقد انه مناسب أم الآن هو وقت التحاور الداخلي ، تسليط الضوء على القضية من الداخل قبل ان يتعاطى معها المجتمع الدولي ؟
د. محمد سعيد الشهابي : الرجوع الى الامم المتحدة هو ليس امراً جديداً . كما نعرف ، هذا له سياق تاريخي مهم . قبل عام 1970 كانت ايران تطالب بالبحرين و في سنة 68 اعرب شاه ايران في مؤتمر صحفي عن استعداده للأستماع لما يريده شعب البحرين . بمعنى انه اعرب عن استعداده لأعطاء الاستقلال فيما لو طلب الشعب البحريني الاستقلال عن بريطانيا و عن ايران في الوقت نفسه . في عام 1970 ذهب وفد من الامم المتحدة الى البحرين واستنطق أهلها و قال اهلها اننا نريد دولة مستقلة و سوف نعطي شرعية لهذه العائلة الحاكمة لأن هذه العائلة هي اساساً جاءت من الخارج . و بالتالي كان عليها ان تحصل على قدر ٍ من شرعية الوجود . العائلة الحاكمة في البحرين هي ليست أساساً من البحرين و انما احتلت البحرين بالقوة سنة 1793 و ظلت تحت الدعم و الحماية البريطانية حتى عام 1971 . فبعد زيارة وفد الأمم المتحدة في عام 1970 تم التواصل الى مسألة الاستفتاء و الى استخلاء البحرين ضمن صيغة توافقية بين شعب البحرين و العائلة الحاكمة . الآن بعد ثلاثين عاماً او اكثر من ذلك نعود لنقطة الصفر . نرى ان هذه العائلة تخلت عن ذلك الالتزام . فنحن نعود مجدداً للأمم المتحدة و نقول ان الاتفاق التي رعيتيه انت قبل 35 عاماً قد تخلى عنه احد الطرفين . فنريد منك مجدداً ان تتدخلي لحل الاشكال .
فؤاد الخرسا : اذاً هو تدخل قديم يتجدد و انت شككت بشرعية وجود العائلة في البحرين . استاذه جليلة ، هل مازلت معنا ؟
جليلة السيد : سيدي الفاضل دعني اقول بأننا نحن في البحرين ارتضينا العائلة الحاكمة حكاماً منذ ان ابرم بينناو بين العائلة الحاكمة دستور 73 . نحن في البحرين و اقول لك بوضوح انها ليست مسألة محل خلاف بين البحرينيين على ان يبقى الحكم بيد الاسرة الحاكمة . الا اننا نتطلع و نعتقد ان من حقنا ان يكون الحكم في ذات الوقت ديمقراطياً و هذا ليس لأننا نتمناه و لكن لأنه هناك اساس قانوني دستوري لذلك و هو دستور 73 . فنحن لسنا في ازمة مع العائلة الحاكمة كأشخاص .
فؤاد الخرسا : انت خالفت الرأي الذي يقول من ان هناك تشكيك في العائلة الحاكمة و التي لم تأت من البحرين هل تعتقدين ان العريضة انطلقت من مصدر قانوني خصوصاً عندما تتحدث عن تسهيل مهمة دستور توافقي ؟
جليلة السيد : معروف في كل الاتفاقات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان ان مسألة المشاركة في الحكم حق انساني اصيل و ان مسألة التعبير عن الرأي و عبر الحدود كذلك هي حق انساني اصيل . بمعنى انه ليس مقبولاً من اي نظام في العالم ان يقول انني سأتصرف في حقوق مواطنيني بالشكل الذي اراه طالما كنا نتكلم عن حقوق الانسان . المشاركة في الحكم حق انساني اصيل فليس للحكومة ان تمنح أو تمنع وفق ماتراه خادماً لمصلحتها ، حقوق العباد . هذه مسألة مفروغ منها . انا اعتقد ان البروباغاندا للنظام الحاكم و للسلطة الحاكمة في البحرين تدخل على الكثير و على المجتمع الدولي بأننا نستدعي الآخرون من الخارج الى البحرين .
فؤاد الخرسا : استاذ علي ، هل تدعون الخارج للداخل ؟
علي ربيعة : نحن لا ندعو الخارج للداخل انما من حق الشعوب ان تلجأ الى الأمم المتحدة و لدينا امثلة كثيرة على ذلك . آخر دولة لجأت الى الأمم المتحدة هي ميانمار . اشتكت في عريضة شعبية الى الأمم المتحدة . و هذا حق من حقوق الشعوب المطلومة . و نحن اليوم نشتكي من عدم وجود دستور شرعي في البلاد ، فمن حقنا ان ندافع عم المشروع الاصلاحي الاصيل الذي يتكلم عن مملكة دستورية .
فؤاد الخرسا : استاذ حسن ، اعود اليك . طرحت سؤالاً له علاقة بالاعتصامات و التظاهرات و التي تقريباً مستمرة بشكل يومي . من يقف وراء هذه التظاهرات ؟ اولاً ، اسباب ذلك ، هل تلتقي مع توجهاتكم ام هي تلتقي مع توجهات المعارضة البحرينية بشكل عام ؟ هناك من ينظمها . و اسمح لي، هناك اتهامات لأدوار بريطانية – اميركية تحرك و لها مصلحة في تحريك ذلك . ما هو جوابكم على ذلك ؟
حسن مشيمع : بالنسبة للقسم الاول من السؤال ، اعتقد ان مسألة الذي يحرك المسيرات و المظاهرات و الاعتصامات هي نفس الدولة و نفس النظام . بمعنى ان النظام من خلال استبداده و ظلمه الواسع الكبير فيه مفاصل كثيرة .عندك اليوم نسبة سرقات الاراضي ، البحر و الارض بالمليارات . لأن هؤلاء يعتقدون ان الارض هي ملك لهم . هذه مشكلة ، مشكلة لأنها لا تريد ان تتقدم في عقليتها و في نمط تفكيرها . دائماً كانت تعتقد بأن الناس هي ملك و عبيد و ان الاراضي هي ملك خاص للعائلة . انا الآن أمامي تقرير. هذا التقرير من شركة اميركية جاءت بها حكومة البحرين . دفعت الحكومة بها اكثر من مليونين لكي تدرس قضية الاراضي و توزيع الأراضي . هذا ثالث تقرير نشر في جريدة الايام . يقول هذا التقرير ان ثلاثة بالمئة فقط من سواحل البحرين متعلقة بالسكان . بمعني نسبة 97 بالمئة من السواحل هي مكتوبة باسماء العائلة و خاصة ً المتنفذين الكبار . الكثير من الاراضي ، بآلاف الامتار هي ايضاً ملك خاص يعني الآن هم رسمياً يقولون لا توجد اراضي للناس .
فؤاد الخرسا : لكن جوهر التظاهرات ، جوهر سياسي له علاقة بالاصلاحات ؟
حسن مشيمع : انا اقول ان هذا الطغيان و هذا الفساد يؤثر على حياة الناس. بالتأكيد يوجد حوالي 80 الف طلب للسكن ، ينتظرون من عشرين سنة لكي يحصلوا على سكن . اسباب هذه المسيرات هي ناس يبحثون عن ارض و لا يجدوها ، ناس يبحثون عن سكن و لا يجدون السكن ، يبحثون عن وظيفة و لا يجدوها و اذا طالبوا بوظيفة او احتجوا على ذلك ، المصير هو الاعتقال . المعتقلون بسبب ماذا ؟ ان هناك شخصية آية الله الشيخ محمد السند و هو من الاساتذة المعروفين و المشهورين . جاء للبحرين يتكلم عن قضية سياسية و هي قضية الاستفتاء للأمم المتحدة . طرح المسألة في ضمن ندوة ثم سافر و رجع . عند رجوعه الى البحرين تم اعتقاله في داخل المطار و لكن اطلق صراحه نتيجة احتجاج . بمعنى ان الناس خرجت الى المطار محتجة على اعتقال الشيخ محمد السند . اطلق صراح الشيخ و حصل انتقاء . بمعنى انه كان هناك مئتين متظاهر في المطار و احتجاج سلمي تماماً حتى انه الشرطة مارسوا الضرب . اطلق صراح الشيخ و تم اعتقال عشرين شخص من بين المئتين و الذنب الوحيد فقط الذي ثبت في المحكمة هو ان هؤلاء تظاهروا ، بسبب التظاهرات حكموا سنتين .
فؤاد الخرسا : من الذي ينظم هذه التظاهرات ؟ انتم تنظمون التظاهرات ، غيركم ينظم التظاهرات ؟ هل هي تظاهرات معارضة بحيرينية بهذا المعنى ؟
حسن مشيمع : توجد في البحرين مجموعة لجان . الحكومة تحاول ان تتهم جهة معينة . هناك حاجة و هذه الحاجة تدعو الى المظاهرات . توجد لجان شكّلت ، لجنة للدفاع عن المعتقلين و هذه تدعو الى المظاهرات . لجنة للدفاع عن المواطن و طلب الوظيفة . لجنة السكن و طلب السكن . توجد لجان عديدة اخرى و هذه اللجان تعمل .
فؤاد الخرسا : دكتور شهابي ، سمعنا ما قاله الاستاذ حسن عن التظاهرات و الاعتصامات ، اسباب ذلك ؟ هناك من يتحدث عن دور اميركي – بريطاني يوفر بعض الضمانات لعناصر المعارضة مقابل تحولهم للحكومة . هل تعتقد ان مثل هذا الكلام صحيح ؟
د. محمد سعيد الشهابي : المشروع الذي طرح في البحرين في عام 2000 و 2001 كان بتعاون ثلاثي اشتركت فيه العائلة الحاكمة مع خبراء بريطانيين و امريكيين و شاركت جهة استخبارية كبرى في احدى الدول . قامت بالأتصال ببعض العناصر و استطاعت توفير ضمانات لها في مقابل انحيازها و انحرافها عن المعارضة الى الحكم . و هذا موجود و هناك ادلة عليه . بمعنى ان استخبارات تلك الدولة هي التي اشرفت على ذلك التحول و ضمنت للعائلة الحاكمة البقاء و سير الامور بالشكل الطبيعي في مقابل امتصاص او جذب بعض العناصر المعارضة الى المشروع . و في الوقت نفسه طالبت العائلة الحاكمة تخفيف القبضة الحديدية . و منذ ذلك الوقت هذه الجهة تشرف على عدد من الانشطة داخل البحرين علناً و سفير تلك الدولة يدعو علناً للمشاركة في المشروع السياسي للعائلة الحاكمة و الانتخابات كما ان الوزارة الخارجية في تلك الدولة ترفض مقابلة اي شخص يقاطع الانتخابات الصورية .
فؤاد الخرسا : السلام عليكم ابو مهدي ، مواطن بحريني كان معتقلاً ، تفضل ؟ اذا كان لديك شئ تريد ان تقوله ، تفصل .
ابو مهدي : نحن الشعب البحريني بالآلاف نرفض الدستور 2002 و قبل عامين كتبنا عريضة شعبية قامت بها المعارضة البحرينية و انا احد المعتقلين الذين كتبنا هذه العريضة في البحرين و تم اعتقالنا بسبب قيامنا بهذه العريضة . فلماذا الحكومة البحرينية لا تعطي للشعب الفرصة لكي يعبروا عن آرائهم و طموحاتهم . فلماذا هذه الضغوط من الحكومة للشعب البحريني . لماذا لا تفسح المجال لآلاف البحرينيين الذين لا يقبلون بدستور 2002 .
فؤاد الخرسا : اكتفي لأن الوقت لا يسمح و اريد ان اعطي الفرصة لضيوف الحلقة ، شكراً لك . استاذة جليلة ، هل يمكن ان تتخذ الامور منحاً قد يتجاوز المسار الديمقراطي الذي تسلكه لتصبح مواجهة السلطة في الشارع امراً محتوماً و لا احد يدري ما هي النتائج بعدها ؟
جليلة السيد : التظاهر في الشارع حق و هو امر غير قابل للنقاش اطلاقاً . نحن رأينا مظاهرات بعشرات الآلاف و هذا عدد كبير قياساً لعدد سكان البحرين ، ظهرت حول الكثير من الامور . ظهرت حول مسألة الازمة الدستورية عندما نظمتها الامانة العامة للمؤتمر الدستوري ، كذلك عندما تعرضت المراقد الشريفة في العراق الى القصف . عشرات الآلاف يخرجون في الشارع بشكل سلمي و لا يتعرض لهم احد . يعبرون عن آرائهم و استنكارهم مما يجري و يذهبون بسلام الى بيوتهم . اذاً ، نحن لدينا تجربة في اننا شعب منضبط و شعب يؤمن بحريته في التعبير عن رأيه و في نفس الوقت متمسك بهذه الحرية . نحن نقول لماذا عندما يزعج موضوع المظاهرة الحكومة ، تلجأ قوى الأمن الى استفزاز المتظاهرين بدرجة كبيرة ؟ هذا يحصل .
فؤاد الخرسا : هل تتوقعين حدوث مضاعفات نتيجة حدوث هذه المظاهرات و الاحتكاكات مع رجال الامن قد يتولد عنه ما هو غير محسوب ؟
جليلة السيد : يا سيدي الفاضل ، يبقى ان الخيار ، خيار الحكومة . ان شاءت ان تستمع لمواطنيها المنضبطين المتمسكين بحقوقهم فذلك امر جيد . ان شاءت ان تواجه ، فان الشعب البحريني غير قابل لارهابه .
فؤاد الخرسا : استاذ علي ، هل تريدون مواجهة مشروع الملك مهما تأتّى من ذلك محاذير ؟
علي ربيعة : نحن نتحرك لمجابهة المشروع الذي انقلب على المشروع الاصلاحي و هو مشروع الملك بالاساس الذي تكلم عن ديمقراطية واسعة جداً تجاوزت ما كنا نحصل عليه في عام 74 و 75 و اذا بنا نفاجأ بعد الاستفتاء على الميثاق بديمقراطية محدودة جداً قضت على كل المكتسبات التي حققها شعب البحرين طوال عقود من الزمن . و لذلك ارى ان مقاومة هذا المشروع ، مشروع جداً . يكسب شرعيته من الخروج على الدستور الاصيل و هو دستور عام 73 و الخوف كل الخوف من ان ندخل في مجابهة مع الحكومة لان الشارع لا يمكن ضبطه بشكل دائم و دعم الحق في الوقت الحاضر ، و تؤكد على الحل السلمي دائماً و هي لذلك لجأت الى الامم المتحدة في طريقة لتهدئة الشارع .
فؤاد الخرسا : استاذ حسن ، اعود اليك لنتحدث عن العناصر التي يتشكل منها الدستور التوافقي . الآن حركتكم هي بأتجاه اعادة الروح الى الدستور التوافقي . اولاً ، على ماذا يبنى ؟ ثم الثغرات ، نتحدث عن دستور 2002 و كأنه اللعنة الكبرى في البحرين . الثغرات ما هي ؟ دستور الملك بالطبع و انت تعتقد بأنه انقلب هذا الدستور على نفسه و انقلب على الاصلاحات . لا جدوى من المطالبة بهذه الاصلاحات داخل هذا الدستور الجديد ؟
حسن مشيمع : نحن نتحدث عن انقلاب على الدستور في جانبين : في الجانب المضموني و في جانب الآلية . الآلية خطأ لأنها مخالفة لأصل الدستور الأصلي . على سبيل المثال ، توجد آلية محددة بالضبط لاجراء اي تعديلات . هذه تم تجاوزها تماماً و الغيت المادة 104 و اصبح مسالة الميثاق هو الذي يحكم . المضمون كذلك ، قبل ثلاثين سنة كان يمكن لهذا الدستور ان يسائل رئيس الوزراء . اليوم يأتي دستور و بعد ثلاثين سنة ليقول انه ممنوع ان يسائل رئيس الوزراء . في الدستور الجديد تستطيع ان تسأل الوزراء فقط . في المجلس السابق ، كانت الرقابة المالية للمجلس ، اما الآن فهي عند الملك . بمعنى آخر ، كل ما يتعلق بمصلحة الشعب اجتثوه من الدستور . بمعنى ، كل البنود التي يمكن ان تعطي للمواطن شئ سواء في المسائلة او في الاستجواب او في سن القانون . دستور 73 كان يمكن ان يعد مشروع قانون . الآن حسب هذا الدستور الجديد ، ان الذي يعد مشروع القانون هو الحكومة .
فؤاد الخرسا : هل تعتقد ان هناك امكانية لاعادة النظر في هذه الثغرات ام هي في اتجاهها للتطبيق ؟
حسن مشيمع : انا اعتقد انه لا يوجد شئ يمكن ان يقال له لا يمكن ، خاصة ً اذا كان المطلب ، مطلب عادل و صحيح . انا دائماً اؤكد ما يؤكده فقهاء الدستور و هو ان الجهة الوحيدة المخولة لتغيير الدستور و تعديله و الغاءه و استصدار دستور جديد هي جهة الشعب .
فؤاد الخرسا : يعني انتزاع سلطة ؟
حسن مشيمع : واقعاً ، اذا اردت ان اكون ديمقراطي . اما ان اكون ديمقراطي و تستفيد الدولة اعلامياً من الديمقراطية و وجوب البرلمان لتقليل القانون الظالم و تمرير قوانين عبر هذا . يعني قانون الجمعيات السياسية ، ما هو ؟ هو قانون ظالم . حركتنا هي حركة شعبية وطنية تطرح مشاريع وطنية سواء تتعلق بالقضية الدستورية او غير ذلك .
فؤاد الخرسا : يعني تجاوزتم المشكلات المذهبية و الايديولوجية ؟
حسن مشيمع : طبعاً ، نحن تجاوزناها . نحن نتحدث عن قضية وطن و الوطن يشترك فيه الجميع . هناك مشاكل تتعلق بكل المواطنين و نحن نتحرك من اجل كل مواطني البحرين . لا نتحدث عن طائفة معينة او جهة معينة لاننا بحاجة الى العمل الوطني المشترك لكي نخرج من هذه القوقعة التي عشناها طوال سنين . هناك تجاوزات في مسائل مختلفة لا يمكن ان تحل الا عن طريق حل القضية الدستورية . بمعنى ، اذا وجد برلمان يعطي مساحة و صلاحيات للمجلس ان يقنن و ايضاً من اجل ان يوقف اي قانون ظالم و ايضاً يمارس الرقابة بشكل جدي ، اذا وجد هذا يمكن حل الكثير من القضايا .
فؤاد الخرسا : هذا هو الدستور التوافقي .
حسن مشيمع : اعتقد انه اكثر من توافقي و اكثر من عنوان العقلي . انا عندما اتكلم عن دستور ديمقراطي، مفهوم الدستور الديمقراطي هو ان يعدّ عن طريق هيئة منتخبة من قبل شعب ، هو الذي يعد الدستور . و في الانظمة الديمقراطية الراقية يمكن ان يعرضوها عن طريق استفتاء و ليس فقط تغيير . دستور 2002 هو ليس شرعي .
فؤاد الخرسا : هل من السهل الآن العودة الى البحث عن دستور شعبي جديد بهذا المعنى ؟ تقول انه ليس مستحيلاً ، لكن على الارض عملياً هذا الامر يبدو متعذراً .
حسن مشيمع : ليس متعذراً . نحن اذا شئنا ان نستسلم الى الواقع و قلنا لا نستطيع ، فلا . اما اذا قلنا ان الانسان له قدرات و عنده حق و يجب ان يمارس حقه ، فيمكن . اذكّر بكلام للسكرتير الثاني او الثالث للسفارة الامريكية في البحرين . كان يوجد حوار خارج الاطار الرسمي يقول انتم مصرون على دستور 73 و الحكومة مصرة على دستور 2002 و يبدو ان المخرج الوحيد لكم هو صياغة دستور جديد . لذلك نحن نتحدث عن دستور جديد . لان دستور 2002 و مرفوض و دستور 73 الغته الحكومة .
فؤاد الخرسا : لكن الدستور الجديد يأخذ من دستور 73 و يلغي ما له علاقة بدستور 2002 .
حسن مشيمع : هذا كان في البداية . كان الكلام في البداية مع الملك بان دستور 73 هو المرجع في اي تغيير و تعديل و هذا لم يحصل .
فؤاد الخرسا : دكتور شهابي ، هل البحرين الآن محكومة بقوانين صارمة تحد من حرية و حركة التشكيلات السياسية فيها و بالتالي كأننا نتحدث عن عبثية اصلاح ؟
د. محمد سعيد الشهابي : الاصلاح يبدأ بالتوافق و هذا التوافق هو الذي يوفر الشرعية للعائلة الحاكمة . و قد اختلف مع السيدة جليلة و اقول ان علاقة شعب البحرين بالعائلة الحاكمة ليست ازلية بل هي محكومة بالتراضي و التوافق و بدون هذا فان هذه العلاقة هي الى زوال . ستنتهي ان طال الزمن او قصر . اثبتت التجربة ان من قرر و وافق على ان يعمل ضمن الدستور المفروض على الشعب لم يستطع ان يتحرك او يغير شعرة واحدة . و ان من استطاع التغيير هي تلك التشكيلات و المجموعات التي قررت ان تعمل بحرية وفق القوانين الدولية و ليس وفق القوانين القمعية المحلية . و قد استطاعت هذه التشكيلات ان تحقق قدراً من الوجود السياسي و ان تحاصر السلطة بشكل كبير . اليوم ، البحرين من كرسكان الى الديه الى السنابس الى الدير و الى المعامي و النويدرات ، الى الدراز و الى بني جمرة ، كل هذه المناطق تشهد حالة احتقان سياسي و توتر . هذا يعكس وجود ازمة حقيقية تود السلطة ان لا يسمع بها العالم . املنا ان تتواصل الفعاليات السلمية ضمن الاعراف و الاطر القانونية المتعارف عليها لاثبات وجود رغبة شعبية في الاصلاح الحقيقي .
فؤاد الخرسا : استاذة جليلة ، الجمع بين الاستحقاق الاصلاحي ، ما يطالب به الآن ، و بين الدستور الذي يشكل مأزقاً حالياً في البلاد ، كيف يمكن ان نجمع و ان نستخلص هذا الدستور الجديد الذي تحدث عنه الاستاذ حسن ؟
جليلة السيد: اعتقد اننا اذا بدأنا و انتهينا بحقوق المواطنين ، فالمخرج موجود . نحن ليس لدينا موقف من اشخاص و عائلات . نحن موقفنا من جرعة الديمقراطية تقل او تكثر في النظام . نطالب بديمقراطية و انا ليس لدي حساسية من ان يكون آل خليفة حكام البحرين و اعتقد ان كثيرون في البحرين ليست لديهم هذه الحساسية . ليس لدينا حساسية طائفية او طائفة اعراق . نحن لدينا حساسية شديدة تجاه مصادرة حقوق شعب البحرين و لدينا حساسية كبيرة تجاه الاستبداد .
فؤاد الخرسا : استاذ علي ، هل تشاركها الرأي ؟
علي ربيعة : انا لا اود ان اعلق على ما قالته السيدة جليلة و لكنني اختتم مشاركتي الليلة بمناشدة النظام بالرجوع الى المشروعية الدستورية و التقيد بها و ان تكون السلطة هي آخر من يخرق الدستور و من ينتهك المشروعية الدستورية . و ارى بأن رجوع النظام الى مسألة التوافق مع الشعب عن طريق انتخاب هيئة تأسيسية ......
فؤاد الخرسا : العودة الى التوافق مع الشعب ، شكراً لك استاذ علي . العودة التوافقية الى الشعب ، هذه هي الخلاصة ايضاً ؟
حسن مشيمع : اعتقد انه ليس هناك عداء شخصي تجاه اشخاص و لا لأنه من طائفة معينة . نحن اشكاليتنا مع النظام لأنه لا يمارس الديمقراطية و لأنه يمارس الاستبداد و الظلم . و بالتالي كل مطالبنا هي واضحة و لكن اقول ان الذي يقرر الشرعية و عدم الشرعية هو الشعب .
فؤاد الخرسا : اشكرك حسن مشيمع و الدكتور الشهابي كاتب و محلل سياسي من لندن و من المنامة السيدة جليلة السيد و علي ربيعة ، عضو في البرلمان المنحل . اشكركم مشاهدينا على هذه المتابعة و السلام عليكم .
التعليقات (1)
مستضعف
تاريخ: 2007-04-16 - الوقت: 10:12:40الله يحميكم من هذه الحكومة الضالمة هذه عصابة وليست حكومة