شارك هذا الموضوع

الحلقة الأخيرة: الحوار الساخن و الصريح عن تاريخ مأتم بن خميس

4-    ما هو دور الهواسة في الموكب حاليا ؟


لقد كانت هذه الهوسات و ما زالت تعتبر من أروع فنون العزاء الذي لا يجيده غير أهل السنابس ، و هي التراث الوحيد الذي اشتهروا به و تفرّدوا بأدائه ، و من المعروف أنني أول من أبدع على المستوى العام و قام بتأليف الهوسات و إلقاءها في المواكب الحسينية ، حيث اكتسحت الساحة بمأتم بن خميس طوال أربعة عقود منذ مطلع الأربعينيات حتى نهاية السبعينات من القرن الماضي ، و قد أخذت هذه الهوسات منذ ذلك الوقت تشق طريقها إلى الوجود من داخل مأتم بن خميس الذي احتضنها و رعاها، وسرعان ما انتشرت هذه الهوسات على كل لسان حتى أصبح صداها يتردد في جميع المناسبات سواء داخل البلاد أو خارجها .


أي بمعنى أن هذه الهوسات قد اكتسبت ثلاث خواص تمثلت في التالي :



  •   في كل مكان .
  •    في كل زمان .
  •    على كل لسان .

و هذه الخواص الثلاث التي اتصفت بها الهوسات قد جعلت منها مادة أصيلة يتم تعلمها و حفظها لكل طفل موالي لأهل البيت منذ صغره من خلال تنشئته في المأتم الحسيني ، و قد حافظت هذه الهوسات على أصالتها حتى وقتنا هذا ، فلا تجد أي فرد منا سواء كان صغيرا أو كبيرا إلا و في ذاكرته معظم الهوسات التي يسترجعها بين الحين و الآخر ، فتراه يقوم باستدعائها أما ليتغنى بها أو ليعبّر بها عن شعوره تجاه مصائب أهل البيت ، فهي بمثابة مرجع رئيسي لوصف فجائع أهل البيت بشكل مختصر ( فخير الكلام ما قلَّ و دلَّ ) ، و هي كذلك تعتبر كمصدر أساسي يمكننا الاقتباس منه إذا ما أردنا أن نحكي أو نروي شيئا عن سيرة أهل البيت عليهم السلام ، فالهوسات بحر غامر و تربة خصبة و سماء معطاءة و أرض غنية ، فمن خلالها يمكننا أن نلبي حاجتنا أو نروي عطشنا أو نجد ضالتنا عندما نغوص في مضامينها و محتواها الزاخر .


 فانك لا تلبث دون أن ترى جميع الرواديد المعاصرين الذين مازالوا يلجئون لاختيار إحدى الهواسات لتكون مستهلا مناسبا لقصائدهم الجديدة ، و إذا تساءلت عن سبب هذا الأمر ، فسوف تجد أن الإجابة تغني عن البيان ، فلا يخفى عليك أن الهواسة لها أهميتها الكبيرة و التي يدركها الرواديد جيدا أكثر من غيرهم من عامة الناس ، فالهواسة تؤدي دورها القوي في الهتاف ، فتجعل الجميع في حالة من التناغم والتجاوب مع الرادود ، كما يحصل الرادود نفسه على بغيته من استجابة المعزين ، وهذا هو مفعول الهواسة المؤثر الذي عن طريقه تزيد درجة الحماس لدى المعزين و تفاعلهم مع الرادود ، و من أهم مميزات الهواسة كذلك أنها تجعل الشيلة الجديدة تصبح كأنها عريقة إذا ما ابتدأ مطلعها بمستهل من إحدى الهواسات و لِمَ لا ما دامت الهواسة تعتبر من التراث الأصيل التي تأخذ المجتمع في سفر أو رحلة إلى أمجاده العريقة التي طالما تغنوا بها ، فأحبوا الاستمرار في إحياءها      و تجديدها كل عام حتى يوم الأخذ بالثار ، فهي تنتقل من جيل إلى جيل ، و يتوارثها الأبناء عن آباؤهم و أجدادهم ، فهي تمثل الماضي العريق للموكب العزائي في البحرين .       


5-    هل لك شعر في مناسبات أخرى سواء كانت في مواليد أهل البيت عليهم السلام أو سياسية ... ألخ ؟


في الحقيقة أنني لم أكن مجرد رادود لإلقاء الهوسات في المواكب الحسينية بل أنني المؤلف الوحيد لجميع هذه الهواسات التي دوّنتها في كتابي ، و لم أقتبسها من أي مصدر أو كتابات سابقة ، حيث أنه لم يسبقني أحدا في هذا المجال .


لقد كنت محباً للقصائد منذ نعومة أظفاري ، و عندما كنت تلميذا بمدرسة الخميس القديمة كانت هوايتي الوحيدة من بين أقراني هي حفظ الأشعار ، ففي أحد أيام الدراسة كان المعلم قد أحضر لنا إحدى القصائد بعنوان ( المذياع ) ، و قد تم تقديم هذه القصيدة لنا قبل ظهور الراديو و التلفزيون في البحرين ، حيث أخبرنا هذا المعلم بأنه من يستطيع منا أن يحفظ هذه القصيدة في الغد ، فانه سوف يكسب الجائزة ، و بعد أن تم توزيعها على الطلبة قمت بقراءتها فختمتها في يوم واحد، حيث ألقيتها في اليوم التالي أمام الجميع من على المنصة في الطابور الصباحي ،  و هي :


هـو في الحيـاة مرفّـهٌ و منعِّـمٌ          و معلـمّ ينبئـك مـــا لا تعلـمُ


يطـوي بك الدنيا و أنك ها هنا          لم تنتقل و كأن رأسك يحلمُ


مـن كـل أرجـاء البـلاد حديثــه         و بكل ألسنــة الـورى يتكلمُ


و غـدا نراه كمـا نـراك مجسّما         و غدا نراه يطلُّ لنا و يبسمُ


عجباً لمعجزة العلوم و فضلها          كم للعلوم على البريـّة أنعمُ


و بعد هذا الموقف استطعت أن أكتسب موهبة تأليف القصائد و تلحينها بنفسي ، حيث كنت أقوم بإلقاءها على الناس في أي مناسبة من المناسبات ، و خاصة في ليالي السمر التي كان يجتمع فيها الجيران و الأصدقاء و يتسامرون مع بعضهم البعض ، فتجد هناك من يروي الحكايات أو من يسر و يفرح الآخرين بالطرائف و النوادر ، و كانت من عادتي أن ألقي الأشعار الشعبية أو القصائد الوطنية التي أحررها بقلمي على هؤلاء الحاضرين ، و ذلك من أجل إسعادهم و إدخال البهجة إلى قلوبهم ، و كان هذا قبل انتشار الكهرباء ، فلا وجود للراديو أو التلفزيون بعد ، فأصبحت أهوى الشعر كثيرا كما كنت مولّعا به ، فهو الذي كنت من خلاله أستطيع أن أوصف الكثير من الحوادث التي تحدث في البحرين ، فكانت هذه أول قصيدة من تأليفي ، و هي :


 


يبو صالح حجّـــة الله                قوم خذ رخصة من الله


كلنـــا مــا نذكــــر الله                ذكـــرنا كلـــه النصارى


 


رايــة الإســلام طاحت               رايــةٍ للكفـــر شــــاعت


ديـن هالإســلام باعـت               ليه حشـوا قالوا تمـــارا


 


شان راضي إبهلهضيمة             قوم و اترك هـل الشيمة


للـــذي ذبحــــوا فطيمــة             إبكربـلا ذبحـت أنصـاره


 


وقف وحده إبغير ناصر              ينظـــر إبعينــه العسـاكر


عنـده أطفــال و حــراير             إبكربــلا ظلّـت حيــــارى


 


و الفتـى مــا يريـد دينـه             إيريــد تشغيـــل المكينــة


أو إدريـــــول إحطّـــونه             أو بوليس إلى الإشـــارة


 


و الفتـى محلـى مشيّــــه             إذا مشــــى بالملكيـّــــــة


و الحشــي إتغيــر حشيّه             يرطــن مثـلات النصارى


 


و الكــلام إتغيــر كلامـــه             يومـي إبصبعـه سلامـــه


يمشـي إمضيّــق إلثامـــه             يمشـي إمعمّــــل جكـارة


 


يا نصـارى إشصـار بيكم              مــا تكتبــــوا إلاّ يجيكــم


ترجـــع الدنيـــــا إليكــــم              تنقلب كلهــــا نصـــارى


 


فاشتهرت بسبب هذه القصيدة و ذاع صيتي بين أهل القرية لمّا سمعوا مني هذه القصيدة التي نالت على اعجابهم ، و بالصدفة شاءت الأقدار في إحدى الوفيّات بعد أن رأوني متواجدا معهم في العزاء ، فسحبوني هؤلاء إلى داخل الحلقة حيث طلبوا مني أن أردد عليهم العزازي ، و لكني تعلّلت بعدم قدرتي على ذلك ، و لكنهم أصرّوا على أن ألقي عليهم في العزاء مقدمة هذه القصيدة التي ألّفتها ، لأنهم كانوا يدركون جيدا بأن لدي القدرة على ذلك بصفتي شاعرهم المعروف و الذي يملك الجدارة في إلقاء القصائد .


و بعد أن رأيت هذا الإصرار من قبلهم و تشجيعهم لي ، حيث تنفّست الصعداء و تمالكت نفسي حتى أمكنني أن ألقي أول شيلة لي في العزاء بلحنها الحماسي ، و هي : " يبو صالح حجة الله ....... قوم خذ رخصة من الله " ، كما حالفني الحظ و كان النجاح حليفي ، و تلك هي قصتي الأولى عندما كان عمري عشرون عاما ، و كان ذلك في سنة 1952 حيث بدأت أول خطوة في مشوار الألف ميل .


ثم اشتهرت بعد ذلك أول هواسة تم تأليفها في التاريخ ، حيث كنت أمشي مع العزاء كعادتي في إحدى الوفيات للأئمة ( ع ) ، و بينما أنا أسير مع الموكب الحسيني رأيت أمامي ناقة عليها هودج من بين النوق التي تسير في العزاء ، و كان الهودج غير ثابت في مكانه ، فهو يتمايل يمين يسار مع خطوات الناقة ، فقمت بتصوير هذا المشهد في أبيات من الشعر ، متخيّلا مسيرة الركب الحسيني من المدينة إلى كربلاء ، حيث كانت السيدة زينب مكرّمة و مصونة داخل هودجها الذي تحميه يد قمر بني هاشم أبي الفضل العباس ( ع ) ، و كانت هذه الهواسة لا تزيد عن سطرين من الأبيات ، و هي :


وقــع عباس         لا يمنة و لا شمال


هودج زينب          من يعدله لــو مال


و بالرغم من ذلك فاني عندما ألقيتها في العزاء بمناسبة اليوم السابع من المحرم ، حيث كانت هذه هي أول هواسة تدوّي في الأجواء ، مما كان لها رد فعل قوي جعلت جميع الحلقات الأخرى تصيبها حالة من الانكسار ، حيث تشتّت أفرادها و تفرّقوا عن الحلقة التي كانوا فيها لكي ينضمّوا و يشتركوا في الحلقة التي كنت ألقي فيها هذه الهواسة ، فأصبح العزاء كله في حلقة واحدة  موحّدة منذ البداية حتى النهاية .


و في إحدى السنوات عندما كان موكب عزاء السنابس يشارك في المنامة بيوم عاشر محرم ، حيث صادف سقوط الأمطار الغزيرة قبل خروج العزاء من مأتم القصاب ، فكان المطر ينهمر بصورة شديدة ، فحضر إلي أحد الأشخاص  مستفسرا و قال : " و أنت ويش بتقول الحين ؟ ويش بتقول في هالمطر ؟!! " ، فألهمت أن أقول في نفس الوقت :


مـــا يهمنــا      هالمطـــــر


على حسين       سيد البشر


فكنت أردد البيت الأول على المعزين " ما يهمنا هالمطر " ، و جعلت البيت الثاني هو ردهم و جوابهم " على حسين سيد البشر " ، و أصبحت هذه الهواسة كأخذ و عطاء بين الرادود و المعزين ، فخرج الموكب بهيبته و قوته دون أن يعير هذه الأمطار آية أهمية .   


كما كانت لي الكثير من المواقف السياسية التي شهدت في قلب العاصمة المنامة بعاشوراء الإمام الحسين ، حيث كان الجمهور يعد بالآلاف من السنّة        و الشيعة على حد سواء ، و من هذه القصائد الثورية التي نظمتها لترديدها في المواكب العزائية التي كانت تخرج في مدينة المنامة بالعاشر من المحرم ، حيث ألقيتها في جميع الحركات التحرريّة التي تحدث في البحرين سواء التي كانت ضد الاستعمار البريطاني أو غيرها من الأحداث الكبرى ، و منها ما يلي :


إحسين ضحى لجل            دينـــه و أمتـه


و حـق الشعـب مـا            تنداس كرامته


و هناك أيضا :


 


إذا تريــد إحقـوق           لازم تضحيــــة


ما تشوف إحسين           ضحّى بكل هله


ظــــل ثلاث أيّـــام           محّــــد غسلــه


و أيضا كذلك :


قانون العقوبة امنين              إجي يرجــــع


و اللــــه مـا نريــــده              حتى لو نوقع


و كذلك ألقيت هذا الهتاف الجماهيري في العاشر من المحرم بالمنامة سنة 1956 م في مظاهرة صاخبة ضد الاستعمار و المستشار البريطاني بلجريف ، حيث اتّحد فيها كل من السنّة و الشيعة ، و ذلك بعدما تكوّنت هيئة الاتحاد الوطني ،      و هي :


موكـــب سنـــابس للوطـــن يهتــف


                                            بسقــوط لـستعمار غاصب أراضينـا


سنـّــة و شيعـــة إتّحـــــدنا اليــــوم


                                            مــا نـريــد لستعمــار يتحكّمـوا فينـا   


نفــدي الوطـــن بالمـــال و الأرواح


                                            وحنا العـرب ما نريد كفّار يحمـــونا


كفّــــار مــا عنـــدهم رحـــــم بينــــا


                                            كم من شباب فات يا جريف حاشينا


و قد واصلت هذه المظاهرة مسيرتها فكادت أن تحصل مواجهات عنيفة بين المدرّعات البريطانية و الشعب البحريني ، و خشى البعض أن يتم إطلاق النار على الجموع المتظاهرة من قبل الجنود البريطانيين ، فقرروا أن ينقلوا أنباء هذا الحدث الهام إلى أعضاء هيئة الاتحاد الوطني لإشعارهم بالأمور الطارئة من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة قبل فوات الأوان ، و بعد الاتصال بهم حضر أعضاء الهيئة على الفور الى موقع الحدث ، حيث كنت محمولا على الأكتاف و لم أزل أهتف بالشعارات الرافضة للتدخل الأجنبي ، فتم إنقاذ هذا الوضع المتأزم في اللحظات الأخيرة قبل أن تهرق الدماء ، حيث تدخّلت هيئة الاتحاد الوطني فأنزلوني من فوق الأكتاف ، ثم قاموا باصطحابي الى خارج المسيرة حتى تهدأ العواصف المتأجِّجة ، و قد تم احتجازي بعد ذلك في مأتم القصاب ، كما تكفّل أحد أعضاء هيئة الاتحاد الوطني    و هو السيد علي السيد حسين العلوي و تحمّل مسئولية توصيلي بسيارتهم الخاصة من المنامة الى مأتم بن خميس ، حيث طلب من الحاج أبو علي أن يمنعني من الخروج ، و عندما استفسر منه عن سبب ذلك أخبره بأنني قد أقدمت على أمر خطير جدا يتمثل في تحريض الناس ليثوروا ضد الاستعمار بل و أوشكت أن أتسبب بحدوث تصادم للشعب مع القوة البريطانية مما قد ينتج عنه نزفا للدماء .       


كما أن هناك إحدى الهوّاسات التي تتعلّق بظهور و بروز شخصية الإمام الخميني على الساحة الدولية ، و هي :


للبشـــر طلــع إمـــام           بالهداية و السلام


و انمحى عهد الظلام           يا خميني يا إمــام


أما عن الثورة العراقية التي فجّرها عبدالكريم قاسم في الخمسينيات من القرن الماضي ، فإليكم هذه الأبيات من القصيدة :


حرّر شباب العرب ..     


عبدالكريم قاسم


يحيى الزعيم البطل ..


و جيشه الباسل


استعمار ولّى أو مشى ..


و نور السعيد المات


 


قصر الرحاب إنهدم ..


أو جيش العراق سلم


من كيد لستعمار ...


أو يا واشي ..


شوف لك درب


و ارحل عن إبلادي ...


و على صعيد قرية السنابس ، كانت من إحدى أشعاري :


جبل الدخان خالق مشكلة


إيريد يتآمر إبخطة فاشلة


نرجي امن الله عساهم قنبلة


أو معبد الولهــان لازم نقفلة


كما كانت لدي إحدى القصائد التي ألقيتها في نادي السنابس بمناسبة حضور الشيخ عيسى بن سلمان عام 1962 م لافتتاح الكهرباء في قرية السنابس ، حيث كانت تلك هي رغبة من وجهاء القرية ، حيث كان طلبهم بأن أقوم بتأليف الشعر بهذه المناسبة  لإلقائه أمام الحاضرين ، و إليكم الأبيات من الشعر الذي قمت بتلحينه و أداءه :


شعبك بلهنا امكيف و فرحـــان


        الله يحفظك يا نجــــــل سلمان


إنتـــه للوطـــن عزنا أو سندنـا


  إنته نورت كل هاذي لوطــان


إنتــــه الفخـر يا عزنا أو أملنـا


  إنته بالكـــرم و الجــود مليان


بلــدنا إتنــوّرت و انتــه مُنـاهـا


  نـصرك الله على جملة العدوان


ايــوم الشعــب متهنــي إبلاده


  مرتاح القلب مسـرور فــرحان


قرى البحرين نارت في سماها


  مدارس شيّدت في كل لوطـان


شـــوارع نظّمتهــا يــا رجـانــا


 دوائر أمن في جملــــة البلدان


مستوصف و مستشفى و نادي


 بسمك يفتخــــر يا نجـل سلمان


إنتـــــه للــــــوطن اللـه يدومك


                                                     يتهنا شعبكم طـــــــــول لزمان


ولي العهـــــــد يا ربـي تصونه


                                                       وهله و إخوته أو جملة الخلان


عيــد الوطــن هـذا اليـوم عيدك


                                                    شوف الشعب متونّس و فرحان


كما ألقيت هذه الهواسة بمناسبة الصلح الذي حدث بين المأتمين ( بن خميس و السنابس ) في بداية التسعينيات من القرن الماضي ، و هي :


يا نشامـة أو يا شباب              اللـــه حـب الإتحاد


إحسين وحّدنا يخوتي              وحنا نتحدى العناد


ديننـــا ديــن الســـلام              و المحبّة و الجهاد


و لدي أيضا الهواسة التي أتت بمناسبة الميثاق الوطني عام 2000 ميلادية حيث ألقيتها مرّات عديدة بمأتم بن خميس ، ثم انتشرت على لسان الرواديد الآخرين الذين ألقوها في المنامة ، و هي مشهورة و معروفة عند الناس :


بالصبــر و الإيمــان                   حصلنا مفتاح الفرج


وحنـا علينـا ننتظــر                   قانون ميثــاق العمل


وحنا فدا لك يا وطن                   حي على خيـر العمل


و من الهوسات السياسية أيضا و التي أبهرت المجتمع ، هي :


لا بــد مـن يوم معلوم            ترد فيـــــه المظالم


أبيض على كل مظلوم           أسود على كل ظالم


و أخيرا لقد كانت لدي إحدى القصائد العظيمة ، و التي تناولت الموجز لأحداث البحرين في التسعينيات من القرن الماضي ، و هي من أشد القصائد الثورية على الإطلاق ، و ذلك لأنها تربط ما حدث في البحرين بتعاليم النهضة الحسينية ، فهي تدلّي بأن الانتفاضة البحرينية قد اندلعت بسبب تأثرها بالثورة الحسينية ، حيث أن ثورة الإمام الحسين ( ع ) هي الأساس الذي يغذي الشعب لتقديم التضحيات المقتبسة من التعاليم الحسينية و تطبيقها على أرض الواقع ، فالثورة الحسينية متجددة في كل زمان و مكان " كل أرض كربلاء و كل يوم عاشوراء " ، و لكن للأسف الشديد لم تسنح لي الفرصة المناسبة لإلقائها في العزاء ، حيث أن إدارة مأتم بن خميس ما كانت تستجيب لإلحاحي المتكرر و طلبي الشديد من أجل إلقاء هذه العزاية داخل المأتم في ليلة وفاة الإمام علي ( ع ) ،      و هي :


 


 


صبـــــرنا اسنيـن و انطالـب   


                                         عدالـــــة راي أو حريّـــــــة  


إنريـــد الحكـــم دستـــــوري     


                                         مــــــوش أحكــام عرفيّــــة


ضحّينا أو ما ننسى ضحايانا  


                                        أو ثـــورتنــــــا الحسينيّـــــة


يــا بــو الأحــــــرار علّمتنــا    


                                         كــرامـــة أو عـز أو تضحيّة


و الليلــــــة دم المحــــــراب


                                         خلّتـنــــــــا فـــــــــدائيـّــــــه


هيهـــــات و ألـــف هيهـــات


                                        هيهـــــات منّـــــــــــا الذلّـــة


 


v   كلمة الختام ( لمدة دقيقتين ) :-


و في نهاية المطاف لا يسعني إلا أن أتقدّم بخالص شكري و امتناني إلى كل من ساهم في طرح هذا الموضوع بصورة جليّة للقارئ و المتلّقي ، و أتمنى من الله العلي القدير أن يوفّقنا ويوفّق الجميع لما فيه خير و صلاح للأمّة الإسلامية .


و كلي ثقة بالمسئولين القائمين على المأتم الشريف أن يؤدّوا عملهم على أتم وجه وأنهم سيراعون ضميرهم الإنساني ، و حب أبي الأحرار الحسين بن علي صلوات الله و سلامه عليه .


و ما ذكرته آنفاً إنما هو غيض من فيض ، و ليت شعري لو كانت هناك أشرطة فيديو تثبت مصداقيّة هذه الأخبار و الأحداث التي ذكرتها ، و لذلك قد يفتقر كلامي إلى شيء من المصداقيّة لعدم وجود الدليل الواضح و المتمثل في توفّر أشرطة الفيديو في ذلك الزمان .


و أملي يا أخوان أن ترجع الوحدة بين أهالي القرية العزيزة السنابس كما كانت في الماضي ، و التي تشمل المحبّة و الجهاد و المودّة و السلام و التلاحم و عدم التفرقة ، و حبذا لو التأم الشمل يا أهل القرية و تزول كل عرى الفتن و الشبهات من ضمائرنا المسالمة العفيفة .


فمنذ زمن ليس ببعيد كنت و لا أزال أقف بوجه التفرقة العنيدة ، حيث كافحتها بمختلف ما آتاني به إلهامي الشعري من قصائد و ( هوسات ) ألقيتها في الموكب العزائي لتوحيد الصف و تلاحم الأهالي على كلمة واحدة تجمعهم في حب الحسين   ( عليه السلام ) ؛ لقد قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز : " و اعتصموا بحبل الله جميعاً و لا تفرّقوا و اذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا و كنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبيّن الله لكم آياته لعلّكم تهتدون ، و لتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف   و ينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون " . ( الآيتان 103 و104 من سورة آل عمران ) .


فحسبنا ما جاء في الآيتين المباركتين من أمر للاعتصام و التوحّد و جمع القلوب  و عدم التفرقة و الاختلاف ، و البعد عن العداوة و البغضاء و الكره لبعضنا البعض لنكن أخوة متحابّين في الله لأن ذلك من صميم ديننا القويم ، فدعوتنا للجميع إلى الإصلاح بين المتخاصمين ، و ذلك مما يحثنا عليه واجبنا الإنساني     و الإسلامي .


-       فمن الهوسات التي قلتها في موكب العزاء والتي ترمي إلى نبذ التفرقة      و التعصب في القرية أيضا :


اللــه بالقـــرآن             ناهــي التفـرقــة


و النبي الهادي            علينــا انصــدقــه


تـــرى العاصـي            النار لازم تحرقه


و منها :


ليـــش يـا مسلـم إتأيّــد             كل نواحــي التفـرقة


اللــه حــرّمها بكتابــــه             إتقــول إنتـه إمطبّقه


ليش ما تعارض إبشدّة             كـل صفـوف التفرقة


شــــــوف ديــن النبــي             ألّفنـا إبنيّــة صـادقة


إنظـر أو عاين أجـدادك             في العصور السابقة


و هناك :


حرام بالإسلام           بــث التفــرقــة


اللــه حـــرّمها          أو نبينا إنصدقه


تــرى نـار الله           يظالــم محـرقة


و كذلك :


ديــن النبــي واحـد            مـــاكــو تفـــرقــة


النبـــي وحّـــــدنـــا            و الوحــدة سابقة


سنّــــة أو شيعـــــة           اليوم وحدة صادقة


و اللي يخون الدين           جهنّـــــم تحـــرقـة


و من الشواهد التي أستدل عليها بوقوفي دوماً ضد التفرقة و مكافحتها أنه في ما مضى من العمر كنت رئيساً و من المؤسّسين الأوائل لنادي السنابس ،       و كنت و لا أزال أنصح الشباب بنبذ التفرقة فيما بينهم لكي يكونوا كالبنيان المرصوص ، و عدم الانصياع للأهواء الشيطانية أو العذال من المتآمرين الذين يبذلون  جل جهدهم من أجل زرع بذور الفتنة و التفرقة بكل ما أوتوا به من أموال و قوة و نفوذ ، و لمّا أصابني الإحباط و اليأس مما بذلته من الجهود الكبيرة في تقديم النصائح المتكررة و الإرشادات الهادفة ، و لكن هذا كله لم يأت بثمره في بعض أهالي المنطقة و الذين لم يستجيبوا لتوجيهاتي المستمرة و الجادّة مما اضطرني بالتالي لتقديم استقالتي من عضوية النادي و الانسحاب منه للأبد ، و ما ذلك إلا احتجاجا على إشاعة التفرقة و بث سمومها في المجتمع .


فرجائي الأخير لمسئولي مأتم بن خميس أن يتخذوا الإجراءات اللازمة لردع كل من يحاول الإخلال بسمعة المأتم لكي يقف عند حده و لئلا يحاول أن يتدخل في شئون المأتم من أجل مصالحه الشخصية مما يلحق الضرر بالمصلحة العامة .


 


و آخر دعوانا الحمد لله رب العالمين

التعليقات (5)

  1. avatar
    مقصرين في حقك يا ابو كفاح

    شكرا على الموضوع الشيق والذي أعاد لنا الذاكرة إلى زمن القوه في مظاهر العزاء ، كما اتمنى من إدارة المأتم تكريم مثل هذه الشخصيات التي لعبت دورا رئيسياً في خدمة ابي عبد الله الحسين كما أتمنى من ادارة الموقع عرض بعض من رداحيات ابو كفاح ولكم جزيل الشكر والإمتنان

  2. avatar
    كاظم العود

    السلام عليكم أشكر الرادود الحسيني الحاج صالح القفاص ( أبوكفاح ) على صراحته وعلى الحقائق الله يطول في عمرك لخدمة أبي عبدالله الحسين وأهل بيته سلام الله عليهم لا يسعنا إلا أن نشكر الموقع على الإستضافة هذا الرادود الحاج صالح وعظم الله لكم الأجر بمصاب الحسين وأهل بيته أخوكم كاظم العود

  3. avatar
    sanabse

    i waish too see him as soon as posible to tell him are doing same thing in moharem

  4. avatar

    سلمت يداك يا حجي صالح. إن مؤلفاتك تساهم في حفظ هذه الهوسات المؤثرة و التي في نظري القاصر تعتبر روح القصيدة الرثائية لمواكب البحرين في مناسبات إحياء مظلومية أهل البيت و قد أحسنت كثيرا خلال هذه السلسلة الشيقة من المواضيع المؤثرة- و التي تابعتها قراءة و تدبرا و كنت أتمنى أن تطول أكثر من ذلك و لكن لكل أجل كتاب- إذ أظهرت صورا لامعة تفوح منها روائح المشموم و ماء الورد من عادات أهل أوال في إحياء مواكب العزاء الغالية على قلوبنا جميعا، و تعلمنا ما لم نكن نعرفه. و فيما يتعلق بموكب عزاء السنابس فإن ما ذكرته عن شهرة هذا الموكب على مستوى البحرين صحيح على ما يبدو و هذا ما شهدته فعلا في أواخر ثمانينات القرن الماضي إذ كنت أواظب على حضور الفعاليات عصرا في قرية السنابس و تلك الأيام حملت بسبب ذلك أجمل الذكريات لما شاهدته من مدى الجدية و المثابرة لدى أخواني من أهل السنابس و ما كانوا يولونه من العناية لهذه الفعاليات. و قد كان أبرز ما فيها الهوسات. غير أن مستوى الموكب تغير بعد ذلك و الآن أظن أن الهوسات ألغيت و هذا شيء محزن فعلا. أشكر الموقع المحترم و كل من يمثلونه على هذا الموضوع الشائق و الذي تابعته بحماس و قد كنت أتمنى أن لا تنتهي سلسلة الحوار و أن تدوم حتى تدوم الفائدة و تزداد المعرفة. أرجوا و أتمنى من كل قلبي أن تعود الهواسات إلى الموكب العزيز على قلبى كما كانت في السابق و تزداد أكثر. وفقكم الله تعالى لخدمة أهل البيت (عليهم السلام).

  5. avatar
    قرية الديه

    شكرا لكم و سدد الله خطاكم.

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع