فاجأ النائب السعيدي الحاضرين بمجلس الجزاف بغتة وفجر قنبلته الانتخابية الأولى (سأفوز بالانتخابات حتى لو رشحت في السنابس ولو ضد الشيخ علي سلمان)، فضج الجمهور بالضحك، وما إن نشر الخبر في اليوم الثاني حتى ساد الضحك والعجب كافة مساحة البحرين واعتبروها نكتة الموسم.
كنت حاضرا وقد علقت على كلامه بأني أتمنى أن يحدث ذلك، لأنها ستكون علامة على تجاوز »التوبو« الطائفي، الذي يعتبره البعض في بداية تكوينه، والبعض الآخر يجده استحكم وتجبر، وآخر لا يصدق ذلك ويعتبره وهم خيال لعدم وجود بيئة صالحة له في الواقع البحريني.
وقد فكرت كثيرا في ظاهرة العجب والضحك التي عمت البلاد لأنها بالتأكيد علامة تدل على أن هناك شيئا محل إجماع.فما هو يا ترى؟
هل هي قناعة النائب الزائدة عن الحد بخصوص كفاءته؟ أناس كثيرون لا يقرون ذلك؟
لكننا سنحترم هذا الاعتداد،وفي نفس الوقت سنقول اسمح لنا يا سيادة النائب في مخالفتك، فالشيخ علي مقر له بكفاءته السياسية التي تفوق كفاءتك وهي على العموم مقرة من خصومه قبل رفاقه.
هل هو شعور طائفي قد استحكم بالبلاد بحيث لا يرتجى فوز بحريني سني في دائرة شيعية؟ لم اقتنع بذلك مطلقا.
فالشعب بسنته وشيعته لا يقف ضد نائب وطني بسبب هويته الطائفية، والسنابس بالذات أثبتت ذلك في الخمسينات حينما احتضنت قادة البحرين المائة والعشرين في مأتم بن خميس تحديدا لتأسيس هيئة الاتحاد الوطني.
هل بسبب أدائه الجيد وصدقيته في المجلس كما صرح هو؟
نعتقد أن الكثير من الشعب يشعر بأن كثيرا من النواب والسعيدي أحدهم ممن يصبون الزيت على الرماد كلما اختفت ألسنة النيران الطائفية؟ هذا شعورهم ولا ملامة على المشاعر.
هل لأنه تجاوز الواقع وحجم جمعية الوفاق الشعبية وبالذات في مناطقها أم جهلا بالشيخ وهدوئه واتزانه وكرزمته. ربما قلتَ أو أحدا غيرك ولماذا أخذت التصريح بمحمل الجد؟ لا بد لي أن أفعل. فالمسألة عامة تخص معايير الفوز ومعايير الرقص الطائفي.
إنما الذي أثارني اكثر شيء آخر مختلف، فقد قال سيادته الكل يقول لا للطائفية ويدعى محاربتها، لكن الطائفية مفهوم غامض غير معروف. فأنا من طائفة وذاك من طائفة مالمشكلة في ذلك؟
وقد تفاجأت هنا. هل فعلا يجهل الكثيرون معنى الطائفية؟ وربما يصل الجهل إلى الجميع بما فيهم النواب؟ كنت أعتقد أن الطائفية مسألة بالبداهة تدرك.. لا تحتاج إلى كتب ودورات وتعريفات قاموسية.
فالطائفي يحب طائفته ويفضلها على باقي طوائف الشعب، يستنجد بها للدفاع عن نفسه أو للتسلق ويعتبر الدولة جهازا مباحا لصعوده. الطائفي من يدافع عن أي قرار يتخذ ضد الطائفة الأخرى حتى لو كان تسلطيا أو بغير وجه حق، الطائفي من يتصور أن جهاز الدولة مضاد للطائفة فينبغي تكسيره حتى لو كان جهاز شرطة ومحاكم وكهرباء وماء تساهم في خدمة أمنه وراحته.
الطائفي هو من يفضل أفراد طائفته عند التوظيف والتنصيب لرهاب خلل التوازن الطائفي، حتى لو كان ذلك خطرا على مساحة الإسكان وضعف للرواتب ومشاكل اجتماعية معقدة بسبب تعدد الثقافات.
الطائفي من يود أن يعيش مع أبناء طائفته فقط في الغربة، الطائفي من يحسب كم منا مدير وكم منا وزير وكم منى من لا يفتح لنا الفرص وهو الذي منا وفينا.
الطائفي من يستنجد بأبناء طائفته لمعاونته على ظلم أخيه من الطائفة الأخرى ومن يود أن يعتلى لمجرد هويته الاثنية.
إنه من يحمل الطائفية كل غبنه من عدم الترقية أو حرمان من البعثة أو فرصة التدريب دون أن يحتمل أسبابا أخرى كضعف الأداء لديه أو المحسوبية أو الرشوة أو القبلية أو جهل في الفن الإداري أو ظلم الإداريين الفاشلين وتلذذهم بسحق الموظفين حسب قول اللماح بو عائشة أطال الله عمره.
كل ذلك لا يعني أن ليس هناك أسباب طائفية، بلى توجد، لكن الطائفي هو الذي ينسى كل ذلك ولا يركز الا على هذا الداء.
التعليقات (0)