كلمة سماحة آية الله العظمى الإمام الخامنئي في
مؤتمر المؤتمر الدولي الثالث للقدس ودعم حقوق الشعب الفلسطيني بطهران
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الرسول الأعظم الأمين وعلى آله الطاهرين وصحبه المنتجبين، أرحب بضيوفنا الأعزاء السادة العلماء والمفكرين والساسة والمجاهدين والمرابطين على الحدود العقائدية والجهادية للإسلام .. لقد جاء اجتماعكم هذا لتبادل الأفكار ووضع الحلول المناسبة لأبشع الكوارث التي تواجهها الأمة الإسلامية في التاريخ المعاصر اثر مؤامرات الاستعمار واعني بذلك احتلال فلسطين والقدس الشريف .
إن تزامن انعقاد هذا المؤتمر مع الذكرى السنوية لميلاد الرسول الأعظم (ص) في السنة التي شرفها الشعب الإيراني باسمه المبارك يجب أن يشكل لنا جميعاً منبعاً ملهماً للجهاد والاتحاد والعزم الراسخ والوثوق بالوعد الإلهي وموفراً الأرضية لاستقبال الرحمة والنصر الإلهيين إن شاء الله تعالى .. إن العصر الحاضر هو عصر الصحوة الإسلامية حيث تحتل فلسطين قلب هذه الصحوة .
يمضي الآن ما يقرب من ستين عاماً على احتلال فلسطين، حيث مر الشعب الفلسطيني المضطهد بفترات ملأى بالمحن والابتلاءات المتنوعة، بدءاً بأنماط المقاومة المظلومة المخيبة، والتهجير والغربة، ورؤية دمار الأهل والديار والقتل الجماعي للأعزة والأقارب، وانتهاء باللجوء إلى المحافل الدولية ومواجهة التعامل السياسي العقيم والمقامرة الخاسرة والمفاوضات مع المحتل وتوسيط القوى التي كانت هي - في الواقع - المجرم الأصلي في نشوء واستدامة هذه المحن ..
إن نتاج هذه التجارب التاريخية أوصل الجيل الجديد الصاعد لذلك الشعب الباسل الرشيد إلى ذروة الوعي والتحرر وفجّر بركان الانتفاضة، أما على الطرف الآخر، فقد امتدت مسيرة أخرى ذات مراحل مختلفة : وحشية مطلقة العنان لا تعرف الرحمة، وإبادة للأجيال، ودمار حاقد، واعتداءات عسكرية على الدول المجاورة، ورفع شعار (من النيل إلى الفرات) إلى التجاوز السياسي والاقتصادي على المنطقة مستغلاً ضعف بعض الساسة في العالم الإسلامي وخيانتهم.. وفجأة راح يواجه صحوة الأسد الفلسطيني الغافي والانتفاضة الصاخبة لشعب متبرم ثائر. وكان حاصل هذه المسيرة المتلاطمة التي اعتمدت باستمرار على ثروة دولتي أمريكا وانجلترا وقدرتيهما ودعمهما المخزي للصهاينة المجرمين، أن استولى اليأس والتردد والخور على قادة النظام الغاصب اليوم، حيث واجهوا المد الصاخب والمتصاعد للصحوة الإسلامية، صحيح أن فلسطين اليوم تشكل مسرحاً لأقسى الجرائم البشرية على يد الصهاينة الغرباء الغاصبين بحق أصحابها المضطهدين، وتجري على تلك الأرض وبشكل استثنائي أبشع أنماط الظلم وبصورة سافرة يتباهى بها النظام الصهيوني، إلاّ أن نظرة فاحصة إلى مجمل هذه المسيرة ذات الـ70 عاما يكشف عن حقيقة مروعة لها عبرتها وليست هي إلاّ تغير المسرح وتبادل مواقع القدرة على الجبتهين : على صعيد فلسطين نفسها وعلى مستوى الشرق الأوسط والعالم الإسلامي الذي خطط ونفذ الساسة الغربيون من خلال اغتصاب فلسطين في الأساس للهيمنة والسيطرة الممتدة والمضمونة عليه. لنتصور فلسطين في العقد الرابع من القرن العشرين وهي ارض تقع في قلب العالم العربي وهي قطر فقير وحكومة ضعيفة وشعب غافل وجيران عملاء للاستعمار وقد عملت دول غربية هي الأغنى والأكثر سلاحا والأشد شراً بتحريض من الصهاينة على سلبها من أيدي المسلمين وتسليمها لحزب عنصري عدواني إرهابي تدعمه كل الدول الغربية وكلا العملاقين السياسيين المتنازعين في العالم. وكانت الدول العميلة في المنطقة من قبيل إيران البهلوية وبعض الدول الأخرى قد أعرضت عن إسلامها وعروبتها وانخرطت في خدمة ذلك النظام، في حين وضع الجميع المال والسلاح والعلم والصناعة تحت تصرفه، وكانت أمريكا تمثل القيم والمحامي والداعم، في حين كان الاتحاد السوفيتي لا يختلف معها في هذه المسألة قط. وقرارات الأمم المتحدة رغم ضعفها وكونها قدرات محافظة لم تكن لتلقى اي اهتمام بها من قبل الدول الصهيونية المختلفة والمتمردة .
فهي بذلك وبدعم أمريكي وأوروبي تعتدي عسكرياً على مصر وسوريا والأردن ولبنان وتحتل مساحات من أراضيها مستهدفة احتلالها الدائم وتتحدث وتهدد بالاغتيال والقتل والنهب دون أن تأبه لأحد، ويتولى على القيادة فيها إرهابيون معروفون الواحد تلو الآخر، وكان آخرهم جزار صبرا وشاتيلا المعروف. وهكذا تستمر على مسرح فلسطين لعشرات السنين دولة غاصبة بمظهرها الخشن المتصلب المتطلب دائما للمزيد والعاصي على كل هزيمة .
وعلى الجبهة الأخرى، وبعد ذلك الضعف والهزيمة الأولى وفشل المساعي الناقصة للسنين الأولى، حيث التجارب تتوالى وتفشل معها الذارئع الفكرية والعملية من الادعاءات القومية والوطنية إلى اليسار الماركسي وأمثاله على مستوى الواقع العملي، يرسم الإيمان الديني الذي كان الشعب ملتزما به بقوة وبهمة المجاهدين الصابرين المقاومين وبالتدريج نقاطاً مضيئة في الأفق المحزن ويخلق الآمال. وفي هذه الأثناء تبزغ فجأة شمس الثورة الإسلامية من الشرق ليرتسم على راية هذه الثورة الإلهية الخفاقة إلى جانب اسم الله والشريعة الإسلامية اسم فلسطين.
ومن هذا المنعطف، تتغير مسيرة الحوادث وتبدأ في المنطقة مسيرة زوال الدول الغاصبة وفناء السيطرة الاميركية المطلقة التي كانت على مدى السنوات الممتدة شريكا لإجرام الدول الغاصبة.
وتنطلق مسيرة المجاميع الجهادية المؤمنة بالإسلام في فلسطين ولبنان، وينشأ جيل مناضل صلب وصادق ويحيا من جديد منطق الجهاد والشهادة وتحتل القدرة الحقيقية - واعني بها قدرة الشعب الذي يترسخ فيه عزم المقاومة والتضحية - موقعها في معادلات فلسطين والمنطقة من جديد. ويعمل الدم الطاهر للشباب الاستشهادي والحضور الميداني للمناضلين المضحين على قلب كل حسابات هواة السلطة وعباد المادة وعشاق اللذة، ليفتح ميدانا جديدا ينتصر فيه الدم على السيف.
واليوم وبعد مرور ستين عاما على تلك البداية الحافلة بالمحن تنطلق على ارض فلسطين يوما بعد يوم بقوة متناهية وبنفس جديد وبعزم قومي جبهة الحق بآمال حية وبدافع ايماني يستقطب الاجيال الجديدة الواحدة تلو الاخرى، فتفرض على العدو الهزائم العسكرية والسياسية المتتابعة في لبنان وفلسطين، وتتقدم بجهادها الحماسي نحو الفتح المبين وكأن الخطاب الالهي الصادق يتوجه اليه عبر قوله تعالى: (وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكن هذه وكف ايدي الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطاً مستقيماً).
(واخرى لم تقدروا عليها قد احاط الله بها وكان الله على كل شيء قديراً).
وعلى الطرف الاخر، نلاحظ ان جبهة الباطل بعد التقهقر المتوالي وفقدان الامال الكاذبة الاولى تقع فريسة التمزق والشك والضياع، في حين تواجه امريكا - وهي الداعمة الاساسية - في الشرق الاوسط مشكلات لا حلول لها ونفوراً متزايداً لشعوب هذ المنطقة، بل من كل العالم تجاهها، وتنازل شعار (من النيل الى الفرات) الى شعار (الامن) واي امن؟ امن يكمن خلف جدار يبنيه النظام حوله. ولا يملك في مجال مواجهة فلسطين المنتفضة سبيلاً غير الدبابة والقنبلة والاغتيال والسجن والجرّار، وهي نفسها الوسائل التي ادى استخدامها عبر عشرات السنين الماضية الى ما نراه اليوم من الموقف الحديدي المتلصب للشعب الفلسطيني، ولذلك سوف لن تترك اثراً بعد هذا سوى مقاومته المتصاعدة.
إخوتي واخواتي :
ان شعب فلسطين اليوم يتحرك في ميدان جهاد صعب وممتد، ولا يقتصر هذا على جهاد فلسطين فحسب، وانما هو جزء بارز من الجبهة الواسعة لجهاد العالم الاسلامي ضد المستكبرين والمعتدين والسفاحين والغزاة.
لقد وعى العالم الاسلامي وعاد شعار الحاكمية الاسلامية في جميع الاقطار الاسلامية يحتل المرتبة الاولى بين الشباب والجامعيين والمثقفين في هذه الاقطار وعادت ايران الاسلامية وهي التي تطرح وتنفذ فكرة (سيادة الشعب في الاطار الديني) تقوى وتتقدم يوماً بعد يوم، كما عاد الاسلام الاصيل الذي اعتبره الامام الخميني (رض) منزهاً عن التهجين والانحراف والجمود والتحجر يمتد في الساحات السياسية لكثير من الاقطار ويعمق جذوره في شرق العالم الاسلامي وغربه.
ان المذاق المر والمسموم ل(الليبرالية الديمقراطية الغربية - التي عمل الاعلام الامريكي بكل خبث على تقديمها علاجاً شافياً - قد بث الوهن في روح الامة الاسلامية وجسدها واحرق قلبها. وان ما يجري في العراق وافغانستان ولبنان وغوانتانامو وابو غريب والزنزانات المخفية الاخرى وقبل ذلك كله ما يحصل في مدن غزة والضفة الغربية، قد ترجم حقيقة المصطلح الغربي للحرية وحقوق الانسان الذي روج له بكل وقاحة وصلافة النظام الامريكي.
لقد أضحت الليبرالية الديمقراطية الغربية اليوم في العالم الاسلامي مفضوحة ومقززة كما كانت عليه الاشتراكية والشيوعية في الشرق بالأمس.
ان الشعوب المسلمة تواقة لنيل الحرية والكرامة والتقدم والعزة في ظل الاسلام. ولقد سئمت من تحكم الاجانب والمستعمرين لمائتي عام في شؤونها وتعبت من الفقر والذلة والتخلف المفروض عليها.
ان من حقنا - ونستطيع - ان نعيد حالات المهانة والتكبر للقوى الجشعة الى نحورها؛ هذا هو الشعور الصادق لشعوبنا وجيلنا والجيل الحاضر للعالم الاسلامي من شرق آسيا حتى قلب افريقيا، وهذا هو ميداننا الجهادي المعقد والمتنوع والصعب والممتد. واذا اعتبرنا فلسطين راية هذا الجهاد فاننا لم نتجاوز الحق.
ان على جميع العالم الاسلامي اليوم ان يجعل قضية فلسطين قضيته. انه المفتاح السحري الذي يفتح ابواب الخلاص امام الامة الاسلامية. ويجب ان تعود فلسطين للشعب الفلسطيني وان تدير كل القطر الفلسطيني دولة فلسطينية واحدة ينتخبها كل الفلسطينيين. لقد باءت المحاولات التي دامت خمسين عاماً لانجلترا وامريكا والصهاينة لمحو اسم فلسطين من خارطة العالم وتذويب الشعب الفلسطيني في الشعوب الاخرى بالفشل، وادى الضغط والظلم والاضطهاد الى نتيجة عكسية. ان الشعب الفلسطيني اليوم اكثر حيوية وبسالة ونشاطاً من اسلافه قبل ستين عاماً ويجب ان تستمر هذه المسيرة التي ولدت في ظل الايمان والجهاد والانتفاضة المفعمة بالفخر ويتحقق الوعد الالهي حيث قال تعالى: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلّنهم من بعد خوفهم امناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون).
اذا نظرنا الى الدائرة الاوسع اي العالم الاسلامي نجد ايضاً ان نيل هذا الهدف السامي وهو التحرر من تسلط المستعمرين وغطرستهم وتدخلهم، والحياة في ظل الاسلام امر ممكن وقابل للتحقق، وهو يبتني بشكل طبيعي على جهاد من نوع آخر، انه الجهاد العلمي والسياسي والاخلاقي. ولقد جرب الشعب الايراني في ال۲۷ عاماً الماضية ذلك، وقطف ثماره الحلوة. ويقوم هذا الجهاد المقدس على النزعة الايمانية والاتجاه الشعبي والتوجه العلمي، وتتمثل هذه الميزة بان كل خطوة ثابتة في هذا الطريق تجعل الخطوة التالية أكثر ثباتاً وان طي كل مرحلة منه تجعل المرحلة التالية اكثر امكاناً.
ان الشرط الاصلي لنجاح الجهاد في فلسطين والجهاد في العالم الاسلامي هو الثبات على المبادئ والاصول. ان العدو يستهدف باستمرار خطف هذه الاصول ويؤكد عبر الخداع والوعود والتهديد على غض الطرف عنها، ومع حذف هذه الاصول او تضاؤل تأثيرها فان العالم الاسلامي سوف يضيع المعالم الهادية ويعيش في ظل قواعد يعنيها العدو وحينئذ فالعاقبة واضحة.
اننا نجد البعض منا ومن شعوبنا وبايحاء وتبعية للعدو يوصوننا بترك اصولنا ويعتبرون ذلك نوعاً من التكتيك والتدبير. ومهما كانت دوافعهم فانهم يشكلون مصاديق لقوله تعالى: (فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى ان تصيبنا دائرة فعسى الله ان يأتي بالفتح او أمر من عنده فيصبحوا على ما اسروا في انفسهم نادمين).
انهم لن يحصلوا من خلال تعاونهم مع العدو على اي نفع. فقد أثبتت امريكا والغرب معها انها لن ترحم حتى المستسلمين، فاذا استنفذت الغرض منهم رمتهم الى صندوق النفايات.
ويحاول البعض ان يطرح قدرة العدو ويخيف طلاب الحق بها، ولكن هذا الكلام يتضمن مغالطة خطرة وذلك:
اولاً: لان العدو الذي يخشى الانسان العاقل من التعرض له ليس هو العدو الذي يستهدف منافعه الحياتية واصل وجوده. ان المقاومة ضد مثل هذا العدو هي مما يحكم به العقل الانساني بشكل قاطع، ذلك لانه من البديهي ان الخسارة الحقيقية التي تنشأ من الاستسلام له تساوي الخسارة المحتملة الناجمة من الاصطدام به، فضلاَ عما يستتبعه الاستسلام من ذل وهوان.
ان الاستكبار العالمي اليوم - الذي يعتبر الرئيس الامريكي الحالي ناطقاً باسمه - يهدد العالم الاسلامي بكل صراحة متحدثاً عن الحرب الصليبية. وان الشبكة الاستكبارية للصهيونية والمنظمات التجسسية الامريكية والانجليزية تزرع بذور الفتنة في كل العالم الاسلامي، عبر دعمها المادي وتشجيعها، فتتم الاساءة للمقدسات الاسلامية، وحتى الشخصية الملكوتية للنبي الاعظم(ص) لا تسلم من هذا التطاول السخيف، ويتم انتاج الآلاف من الافلام السينمائية والالعاب الحاسوبية وامثالها لتشويه صورة الاسلام والمسلمين، ويدفع بها الى السوق، كل هذا بالاضافة الى جرائمهم في الاعتداء على الاقطار الاسلامية، ومذابحهم في فلسطين والعراق وافغانستان، وتدخلهم الجشع في الاقطار الاسلامية لضمان مصالحهم السياسية والاقتصادية اللامشروعة. ان الاستسلام لهذا العدو امر يرفضه حكم العقل مطلقاً ولا يوصي العقل والشرع في هذا المورد الا بالمقاومة.
ثانياً: ان التهويل والمبالغة في قدرة العدو هو نفسه احد الاساليب الماكرة له. ان المال والقدرة السياسية والعسكرية والمعدات الحربية المتطورة والمتراكمة انما تخيف الحكومات المحرومة من دعم شعوبها، وان الانتصار العسكري على نظام مثل نظام صدام - الذي لا يحظى بدعم من شعبه ولا يملك جيشه اي دافع ايماني وجهادي - لا يعتبر دليلاً على القوة، وها هي امريكا تقف عاجزة عن الانتصار على الشعب العراقي.
ان العراق كما استطاع ان يوضح ويفضح هشاشة الادعاء الامريكي لنشر الديمقراطية، استطاع ايضاً ان يتحدى ادعاءها للقدرة المطلقة التي لا تقهر ويسخر منها. ان الشعوب والحكومات المعتمدة على شعوبها ان تمتعت برصيد من الايمان بالله والايمان بذاتها واتخذت المقاومة سبيلاً لن تنهزم وسوف يمنحها صبرها على مصاعب الجهاد النصر، ويبطل الاسطورة الكاذبة لقدرة العدو المعتدي التي لا تقهر، وهذا ما اثبتته الاحداث الحاضرة والماضية غير البعيدة، وسوف تثبته بعد هذا ان شاء الله.
ان الحلقات المترابطة للتآمر الامريكي ضد ايران والعراق وسوريا ولبنان لتحقيق السيطرة على شرق اوسط يقوده النظام الصهيوني لن تصل الى نتيجة سوى الخسارة المدمرة لقادة امريكا. ولو احتكمت امريكا صدفة لعقلها ووجدانها، كان عليها ان ترفع يدها عن تعنتها تجاه الشعب العراقي وتمكنه من تحكيم ارادته في اختيار حكومته المفضلة، وان تحترم الحكومة المنتجة من قبل الشعب الفلسطيني وتوقف حليفها المتمرد الشرير اي النظام الصهيوني الغاصب عند حده، وتطلق سراح السجناء المظلومين في غوانتانامو وابو غريب وباقي سجونها السرية فوراً، وتوقف تآمرها ضد سوريا ولبنان والجمهورية الاسلامية الايرانية، ولا تلهب بجهلها منطقة الشرق الاوسط والخليج الفارسي الحساسة.
في الختام، أقولها لشعب فلسطين الباسل المقاوم: لقد رفعتم رأس العالم الاسلامي عالياً بجهادكم وصبركم ومقاومتكم الرائعة، وعدتم أمة نموذجية، ان العبء الثقيل لهذه المحنة العظمى لم تحن ظهوركم وان الدم الطاهر لشهدائكم زاد من عزيمتكم وثباتكم. ان عدوكم عبر القسوة واستباحة الدماء والقتل والدمار والخطف والاعمال الوحشية لم يستطع ان يرغمكم على التراجع. انكم اليوم اقوى من اي وقت مضى، وان دماء الشهداء العظام مثل الشيخ احمد ياسين وفتحي الشقاقي والرنتيسي والشباب الاستشهادي وباقي شهدائكم المظلومين انتصرت لحد الآن على سيف العدو وستنتصر بعد هذا بحول الله وقوته.
اننا في الجمهورية الاسلامية الايرانية - ومعنا حتماً الكثرة الكاثرة من المسلمين والاحرار في جميع انحاء العالم - نعتبر انفسنا شركاء في محنتكم، شهداؤكم شهداؤنا، المكم وحزنكم ألمنا وحزننا، وانتصاركم انتصارنا. ان الامة الاسلامية الكبرى لا تستطيع كما هو الغرب بأساليبه المزورة ان تبقى ساكتة غير مبالية تجاه الظلم الذي يطالكم، وتمد يد المودة لعدوكم، وكل من يقف هذا الموقف معكم، فهو يتخذ سبيل العداء لكم، ولا ريب ان الشعوب المسلمة تتبرأ من هذه الخطيئة الكبرى.
ان على الامة الاسلامية ان تدعمكم بكل ما تستطيع من دعم، وتعينكم على استدامة هذا السبيل المبارك.
ثقوا بالوعد الالهي، واحتسبوا عند الله كل الآلام المقرحة، والدماء المسفوكة دون حق، والمصاعب التي تصب عليكم يومياً، ورددوا ما قاله سيد شهداء العالم الحسين بن علي(عليهما السلام) في تلك اللحظة التي استشهد فيها طفله الرضيع وهو يضمه الى صدره بسهم مسموم: انما يهون الخطب عليّ انه بعين الله.. واعلموا ان الله ضمن للمؤمنين والمجاهدين الصابرين النصر النهائي، وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً، لا مبدل لكلماته .
التعليقات (0)