شارك هذا الموضوع

لماذا يوم القدس في هذا الشهر؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين سيدنا ونبينا وحبيبنا وقائدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ..


نعيش الأجواء الرمضانية المباركة بما لهذه الأجواء من خصوصيات إيمانية وروحية، ونعيش ليالي القدر العظيمة بما لهذه الليالي من خصوصيات, ونستشرف بعد أيام بيوم القدس العالمي بما لهذا اليوم من خصوصيات.



فهل هناك من علاقة بين هذه الخصوصيات؟
وهل كانت هذه العلاقة هي السبب في اختيار ليالي شهر رمضان واختيار ليالي القدر لأن تكون الزمان الملائم لأطروحة السيد الإمام الخميني (رض) حول يوم القدس العالمي.؟كيف يمكن أن نفهم العلاقة بين ليلة القدر وهذا الشهر ويوم القدس العالمي؟


وهل أنِّ اختيار ((الشهر الفضيل)) واختيار ((العشر الأخيرة))، واختيار ((ليالي القدر)) هو اختيار عفوي لا يحمل أي دلالة. ؟


المسألة ليست كذلك، إنه اختيار هادف، واختيار له دلالاته الكبيرة جداً , فمن أساسيات التعاطي مع ((يوم القدس العالمي)) هو أن نملك ((وعي العلاقة)) ووعي الاختيار ودلالاته نحاول هنا أن نؤسس لهذا الفهم ولهذا الوعي من خلال النقاط التالية:


النقطة الأولى:


شهر رمضان هو شهر القرآن )شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن( سورة البقرة الآية 185، وليلة القدر هي ليلة القرآن )إنا أنزلناه في ليلة القدر ( سورة البقرة الآية 185 فمن أهم معطيات هذا الشهر، ومن أهم معطيات هذه الليلة هو ((تعميق وتأصيل العلاقة مع القرآن)) والقيمة الكبرى لهذا الشهر، والقيمة الكبرى لليلة القدر، بمقدار ما تتأصل العلاقة مع القرآن. .. ونعني بالعلاقة القرآنية:


التواصل الدائم مع القرآن (قراءة وحفظاً)
الانصهار الوجداني مع القرآن
التدبر الواعي في مضامين القرآن.
التمثل العملي لمعطيات القرآن.
التفعيل الهادف لحركة القرآن في كل الواقع الروحي والثقافي والاجتماعي والسياسي.
وانطلاقاً من هذا ((التأهيل الفكري والنفسي والعملي والحركي)) للعلاقة مع القرآن، نحاول أن نفهم القيمة الكبيرة لربط يوم القدس العالمي بشهر رمضان وبليالي القدر. إن تحرير القدس لن يكون إلا في ظل القرآن، انتصارات هذه الأمة لن تتحقق إلا من خلال:


(الراية القرآنية/ الشعار القرآني/ القيادات القرآنية/ المبادئ والمناهج القرآنية) كل المشروعات البعيدة عن (القرآن) هي (مأساة وضياع هذه الأمة).


إذاً لن تتحرر القدس إلا على أيدي (( المقاتلين القرآنيين)) وليس على أيدي المقاتلين الرافضين للقرآن.


هل تعلمون أن المقاتل الإسرائيلي يدخل المعركة يحمل ((التلمود))!!. فهل يدخل المقاتل العربي المعركة وهو يحمل ((القرآن))؟


أيها الأحبة...


إذا أردنا أن نكون ((الأمناء والأوفياء)) لقضية القدس، فيجب أن نؤصل العلاقة بين القضية والقرآن، وأنّ أيّ محاولة للانطلاق بالقضية بعيداً عن ((منطلقات القرآن)) وبعيداً عن ((أهداف القرآن)) وبعيداً عن (مناهج القرآن)) هو خيانة لهذه القضية، كما هي ((الخيانة)) لجميع قضايا الأمة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية, إذا أريد لها أن تنطلق بعيداً عن أهداف القرآن ومناهجه.


قد لا ترضي هذه ((الاطروحات)) أصحاب الانتماءات البعيدة عن الإسلام، وأصحاب المناهج الفكرية والسياسية المتعلمنة والمتغربة، وربما يتهم هؤلاء الاطروحات بالتخلف والتطرف والتعصب، وإلغاء كل الفصائل الأخرى التي تحمل هم القضية الفلسطينية, ولكننا نقول لهؤلاء أنّ نكسات وانهزامات أكثر من نصف قرن مرت بها القضية الفلسطينية هو بسبب غياب ((القرآن)) عن معارك الصراع بين العرب وإسرائيل.


فإذا أردنا لهذا الصراع أن يأخذ بعده المقدس وأن ينطلق في خطة المشروع فيجب أن يكون للقرآن حضوره في هذا الصراع.


إنّ الصهاينة الغاصبين للأرض يعتبرون -ولو كذباً وزوراً- أن حربهم للاحتفاظ بالأرض، حرب دينية مقدسة تؤكد نبوءات التوراة والتلمود، ولهذا في كل الثكنات العسكرية يضعون ((التلمود)) لتأصيل الحس الديني عند المقاتل الإسرائيلي, فلماذا يغيب القرآن في المواقع المقاتلة ضد اليهود الغاصبين؟, لماذا لا يحمل المقاتل العربي نسخه من القرآن، لإعطاء المعركة قدسيتها الإيمانية، ولشحن المقاتل بالروح لقرآنية؟ !: انتفاضة القدس المباركة دفعت شعار ((الله أكبر)) إنه الشعار القرآني الذي يدخل الرعب في قلوب أعداء الله. .. إنه الشعار الإيماني الذي يصنع الصمود والشموخ والعنفوان, إنه الشعار الذي يتحدى كل القوى في الأرض مهما كانت مدعومة بأحدث أسلحة الفتك والرعب والدمار.


ما أحوج الأمة في هذا العصر المأزوم إلى أن تفعِّل شعار القرآن، وشعار الإيمان شعار ((الله أكبر)) لتكون الأمة الأقوى والأقدر على مواجهة التحديات والمؤامرات ومشروعات المصادرة والاستلاب.


النقطة الثانية:


شهر رمضان شهر التعبئة لطاقات المسلمين، وشهر الانتصارات الإسلامية.


لقد استطاع هذا الشهر بتعبئاته الإيمانية أن يصنع الأمة المجاهدة التي تحدت قوى الدنيا، بكل غطرساتها وجبروتها وطغيانها, الأمة الحاضرة الشاهدة على كل الأمم, إنها التعبئة الإيمانية بكل مكوناتها الزاخرة بالقوة والعنفوان.


ما هي مكونات التعبئة الإيمانية..؟


أهم هذه المكونات:


التعبئة الروحية: فكلما تعبأت الأمة روحياً كانت الأصلب في مواجهة حالات الانهيار الأخلاقي، وحالات الانبهار بقيم الحضارة المادية الزائفة، وحالات الانئسار لمشروعات الفساد والسقوط والهبوط.
التعبئة الثقافية في خط الإيمان: فكلما تعبأت الأمة ثقافياً وفكرياً في خط الإيمان كانت الأقدر على الاحتفاظ بالأصالة، وحماية الهوية، وتأكيد الانتماء, وكانت الأقدر على مواجهة تيارات التغريب الفكري والثقافي، وصياغات العلمنة، وتحديات العصر.
التعبئة السياسية في خط الإيمان: فكلما تعبأت الأمة سياسياً في خط الإيمان, كانت الأقوى على التصدي والحضور، والأقوى على مواجهة حالات المصادرة والتجمد والاهتزاز.
التعبئة الجهادية: فكلما تعبأت الأمة جهادياً كانت الثابتة الصامدة، القادرة على الانتصار, إن جميع وسائل الإعداد العسكري الحديثة بكل آلياتها وإمكاناتها لا ترقى إلى مستوى ((الإعداد الجهادي في الإسلام)) هذا الإعداد الذي يعطي للجهاد مضمونه العبادي الكبير وروحانيته الإيمانية العالية، ويرتفع بالإنسان المسلم إلى مستوى ((عشق الشهادة)) وعشق القتل في سبيل الله.
فأيّ تربية عسكرية ترقى بالمقاتل إلى هذا المستوى ومهما كانت الأهداف التي تصنعها الإعدادات الحربية الأرضية في وعي المقاتلين والمحاربين فهي منخفضة كثيراً بالقياس إلى الأهداف والغايات التي يصنعها الإسلام في وعي ووجدان المجاهد في سبيل الله.


بعد هذا العرض الموجز لمكونات التعبئة الإيمانية نخلص إلى القول بأن هذه المعطيات التعبوية الإيمانية يزخر بها شهر رمضان المبارك، ففي هذا الشهر تنشط فاعليات التعبئة الروحية والثقافية والجهادية.


من هنا كان الاختيار في كون يوم القدس العالمي في هذا الشهر الزاخر بالفيوضات الربانية,ومن خلال تأصيل العلاقة بين يوم القدس العالمي، وهذا الشهر يتأصل في وعي الأمة، وفي وجدان الأمة، وفي واقع الأمة (( المضمون الجهادي الكبير)) بكل معطياته الإيمانية والروحية و العبادية.


إنّ القوى الاستكبارية في الأرض يرعبها ((شعار الجهاد)) ولذلك تحرص هذه القوى من خلال إعلامها، صحافتها، ثقافتها، مؤسساتها، أن تتهم الإسلاميين الذين يحملون ((شعار الجهاد)) بأنهم إرهابيون متطرفون, إذا كان الإرهاب هو مواجهة قوى الاستكبار، وأنظمة الطغيان، وسياسات الجور، وكيانات البطش والتسلط ومصادر الحريات, وإذا كان الإرهاب هو المقاومة والدفاع وتحرير الأرض المقدسة, فإننا نؤمن بالإرهاب, الله تعالى في كتابه المجيد يقول: )وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم.. ( سورة الأنفال الآية 60.


وإذا كان الإرهاب هو الاعتداء على الأبرياء والآمنين فالإسلام يشجب بقوة هذا اللون من الإرهاب


النقطة الثالثة:


اليوم العالمي للقدس في شهر رمضان نداء لكل المسلمين:



أولاً:
أن يحملوا قضية القدس في عقولهم, فعلى المسلمين أن يوظفوا كل إمكاناتهم الفكرية والثقافية في خدمة هذه القضية, وأن يعالجوها من خلال ((الرؤية الإسلامية)) وأن لا تأسرهم الرؤى الأخرى التي تحاول أن تصادر هوية القضية الإسلامية وأن تفرض عليها منظورات تبعد بها عن مساراتها الأصلية، هنا إذاً مسؤولية ((الثقافة والمثقفين)) أن يمارسوا دور ((التأصيل الإسلامي)) لهذه القضية.



ثانياً:
ويجب على المسلمين أن يحملوا قضية القدس في وجدانهم وعواطفهم, فعلى المسلمين جميعاً أن يعيشوا التفاعل النفسي والروحي والوجداني مع قضية القدس ((أولى القبلتين وثالث الحرمين)) وعلى المسلمين جميعاً أن يوظفوا كل إمكاناتهم النفسية والروحية والوجدانية في خدمة القضية, ولا شك أن التعاطي النفسي والروحي و التعاطِي مع مسألة القدس، يمنح هذه العلاقة نبضاً وحرارة ووهجاً، وحركية وفاعلية, وإن غياب ((الانصهار الوجداني)) يعطي للعلاقة ركوداً وخموداً وفتوراً.



ثالثاً:
ويجب على المسلمين جميعاً أن يحملوا قضية القدس في كل اهتماماتهم العملية.
الاهتمامات المالية، من خلال بذل المال في دعم هذه القضية، هذا الدعم بكل أشكاله ومستوياته .
الاهتمامات الاجتماعية.
الاهتمامات السياسية.
الاهتمامات الإعلامية.
 

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع