شارك هذا الموضوع

السيد محمد الهاشمي - ليلة الثاني من شهر رمضان 1446هـ / 2025م

واصل سماحة السيد محمد الهاشمي سلسلة محاضراته الرمضانية بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، و ذلك في ليلة الثاني من شهر رمضان المبارك لعام 1446 هـ ، وتحت عنوان " كيف أتوب ثم لا أعود للذنوب؟ " ، قال سماحته بأن هناك فرصة استثنائية للتوبة في هذا الشهر ، والإمام علي (ع) بعد خطبة النبي ، سأل النبي (ص) عن أفضل الأعمال في هذا الشهر ، فأجاب (ص) " الورع عن محارم الله "، و الأفضلية هنا بمعنى المطلوب على سبيل الحصر لا على سبيل التفضيل ، ورد في الحديث عن السيدة فاطمة الزهراء (ع)، " ما يصنع الصائم بصيامه إذا لم يصن لسانه وسمعه وبصره وجوارحه" ويُبرز أهمية الامتناع عن المعاصي بجميع الجوارح أثناء الصيام ، وعن النبي محمد (ص) قوله في حديث قدسي: "يقول الله عز وجل: من لم تصم جوارحه عن محارمي فلا حاجة لي في أن يدع طعامه وشرابه من أجلي"، مما يُبرز أهمية صيام الجوارح عن المحرمات.

ان المرتبة الأولية الإبتدائية للصوم أن يصوم الإنسام مع ترك الذنوب ، ورد عن النبي محمد ﷺ قوله: "ما صام من ظل يأكل لحوم الناس"، في إشارة إلى أن الغيبة تُفسد الصوم وتُنقص من أجره ، و قد ورد عنه (ص) في بعض الروايات أن امرأتين صامتا في عهد النبي محمد ﷺ، ثم قال النبي ﷺ: "إن هاتين صامتا عما أحل الله لهما، وأفطرتا على ما حرم الله عليهما؛ جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا تأكلان لحوم الناس"، لذلك التوبة هي شرط قبول عمل الإنسان .

العلماء يقولون أن التوبة واجب فوري عيني ، أي أن الإنسان وجبت عليه التوبة مباشرة بعد الذنب ، ولابد للإنسان أن لا ينشغل بالمستحبات عن الواجبات ، و من الواجب ترك الذنب و البحث عن طريقة لتركه ، والندم على الذنب و البكاء عليه فحسب لا يكفي . وردت رواية عن النبي عيسى (ع) أنه مرَّ على قوم يبكون على ذنوبهم، فقال: "فليدعوها يُغفر لهم". هذه الرواية تُشير إلى أهمية ترك الذنوب للتوبة الحقيقية، حيث إن البكاء على الذنوب دون الإقلاع عنها لا يكفي لنيل المغفرة ، إن الندم هو الخطوة الأولى .

ورد في نهج البلاغة أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) سمع رجلاً يقول: "أستغفر الله"، فقال له: "ثكلتك أمك، أتدري ما الاستغفار؟" ثم بيّن الإمام علي (ع) أن الاستغفار الحقيقي يتطلب ستة شروط ، الأول الندم على ما مضى و الثاني العزم على عدم العودة إلى الذنب أبدًا ، وهناك شروط أربعة نذكرها في محاضرات قادمة لكمال أو قبول التوبة . بهذه الرواية نقول أن الإستغفار ليس بكلمة أو حالة عاطفية فحسب ، بل هو برنامجٌ سلوكيٌّ منظّم يتكوّن من خطوات ستة ، فعليه أن يكتسب هذه المهارة ويُتقنها .

الشرط الأول هو الندم ، في الروايات " كفى بالندم توبة " ، و في بعض الروايات " الندم على الذنب يمنع من معاودته " ، وفي قبال الندم و الإقرار بالذنب ، هناك ثقافة رائجة وهي التبرير ، متى ما بدأ الإنسان بهذا الأمر فلا يستطيع الندم و لا يوفّق للتوبة ، و من المبررات استصغار الذنب . والاسلام يقول أن المطلوب من الإنسان أن يعترف بالتقصير من نفسه و التبرير للآخرين ، فعلينا أن نستشعر التقصير ، وأهل البيت علمونا ذلك في رواياتهم و أحاديثهم و أدعيتهم و مناجاتهم وهو معصومين عن الخطأ ، ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قوله:"عاصٍ يقرُّ بذنبه خيرٌ من مطيعٍ يفتخرُ بعمله." هذا يعني أن الشخص الذي يعترف بذنوبه ويتوب عنها أفضل من الذي يطيع الله ويشعر بالفخر بتقواه .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع