واصلت حسينية الحاج أحمد بن خميس سلسلة المجالس الحسينية و ذلك في ليلة الخامس من موسم محرمّ لعام 1446 هـ ، وقد سبق البرنامج تلاوة للقرآن الكريم بصوت القارئ جاسم محمد الكربابادي ، وبعدها زيارة الإمام الحسين بصوت السيد علوي الساري ، و تحت عنوان " الجزاء و فلسفة الموت " ، ابتدأ سماحته بالآية المباركة من سورة آل عمران ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ ، العنوان الأول هو الدنيا المتدنية ، القرآن الكريم عمل مقارنة مع العالم الذي نعيش فيه و و هو الحياة الدنيا و مع العالم الآخر وهو نهاية المطاف ، المتأمل في هذا الأسلوب يجد أن المقصود من الدنيا هي الحياة المتدنيّة ، وهذه ليست نظرة تشاؤمية نحو الحياة ، وإنما - وان كان في الحياة بعض الأمور الرائعة - إلا أننا يجب أن نعي أن هذه أحد أوجه العُملة ، فعلينا أن ننظر الى أن مقابل هذه الجمال في الدنيا ، هناك تعب و عناء و مشقة ، الآية الكريمة تبيّن أن الموت قاعدة كُليّة .
العنوان الثاني حقيقة الموت ، و القرآن الكريم يبيّن لنا أن الموت في حقيقته ليس فناءً ، بل هو جسر عبور من عالم الى آخر ، وما يجب علينا أن نحققه أن المتذوق يجب أن يكون حيًا حتى يكون قابلًا للتذوق ، أي أن النفس حية وموجودة وليس فانية ولم تزول ، الموت يعني سلب الحياة وهو توقف الحياة وليس انعدامها ، العنوان الثالث هو التوفية ، التوفية او استيفاء الحق هو الحصول عليه كاملًا ، و قد تكون على دفعة واحدة أو على دفعات أي بالتجزئة وهذا التفسير مُختلف حوله بين العلماء ، ولا يوجد مصدر روائي عند المفسرين وانما هي استقراءات في الجانب الموضوعي للقرآن الكريم ، قسم من العلماء قال أن معنى التوفية هو التمام واعطاء الجزاء الكامل بدون نقيصة ، والبعض قال بأن الجزاء البرزخي لا يشكل الجزاء الكامل فإنه يحصل على بعض الأشياء .
العنوان الرابع هو علة جعل الله عز وجل الجزاء يوم القيامة وليس في هذه الدنيا ، حصر الجزاء الكامل و الأوفى في الحياة الأخرى ، لأن الدنيا من حيث صفاتها لا تستحق أن يكون الجزاء فيها ، فالدنيا حينما تُعطيك تأخذ منك أكثر من ذلك بكثير ، و الدنيا حينما تُعطي لا تُعطي الا بذلّ فتذهب بمكانته ، و الدنيا حينما تُعطي فعطاؤها سريع الذهاب و الزوال ، فالدنيا لا تستحق أن تكون دارًا يكون فيها الجزاء من الله عز وجل ، بل لابدّ أن يكون بدار تتناسب مع العطاء الجزيل الذي يكون من الله عز وجل ، الأمر الأخير هو السعادة التي يعدها الله للعبد يوم القيامة .
التعليقات (0)