واصل سماحة الشيخ حسين البلادي سلسلة محاضراته الرمضانية بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، و ذلك في ليلة الخامس و العشرين من شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ ، و قد ابتدأ سماحته بمقطع من سورة الإسراء " يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ۖ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَٰئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (71) " ، الله عز وجل في القرآن الكريم أطلق لفظ الإمامة على ثلاث معان ، المعنى الأول يطلقه على اللوح المحفوظ الذي جمع فيه عز وجل فيما يختص بالدارين وهي دار الدنيا و دار الآخرة ، من سورة يس " إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ (12) " ، المعنى الثاني على كل من يُقتدى به في عالم الدنيا سواء في طريق الحق كالواردة في سورة الفرقان " وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) " ، و في طريق الباطل كالواردة من سورة التوبة " وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ۙ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ (12) " . أمّا المعنى الثالث وهو أطلق على الإمامة الواقعية و هي الإمامة الجعلية من قبل الله عز وجل ، من سورة البقرة " قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ " ،
الآية التي صدّرنا به المجلس هي في المعنى الثالث و هي إمام الزمان ، والدليل على ذلك وجود عدة قرائن ، القرينة الأولى هي السياق ، وهي أن الآية تحدثت حول أهل اليمين ، و هي كناية عمّن يأخذون الناس الى طريق الحق و طريق الهداية ، القرينة الثانية هي الروايات التي تًدلّل على ذلك ، قال رسول الله (ص) " من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية " ، وهنا يُشكل البعض على عدم وضوح عقيدة الإمامة في القرآن الكريم مثل وضوح عقيدة التوحيد و النبوة و المعاد ، ولم يذكر القرآن الكريم اسم الإمام علي (ع) وولايته صراحةً ، نردّ على ذلك أولًا أن منهجية القرآن الكريم تتطرّق الى بعض الأشياء إجمالًا و بعض الأشياء تفصيلًا ، و هنا ينبغي ملاحظة السنة النبوية الشريفة ، حيث أنّ القرآن الكريم أمرنا بحُجية السنة النبوية ، الأمر الثاني أن الإمامة ذُكرت صراحة في كثير من الآيات ، فعن ابن عباس: نزلت في علي ثلاثمئة آية ، منها ، من سورة المائدة " إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)" ، ومن سورة الرعد " وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ ۗ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ ۖ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)" ، الأمر الآخر أن الله سبحانه وتعالى أراد للقرآن البقاء و الخلود ، ولذلك بعض الآيات لم تذكر ولاية امير المؤمنين صراحةً لحفظه وضمان عدم تحريفه ،فهناك الكثير من الآيات في حق أهل البيت ولكن ذهبت في غيرهم عليه السلام .
التعليقات (0)