واصل سماحة الشيخ حسين البلادي سلسلة محاضراته الرمضانية بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، و ذلك في ليلة الرابع و العشرين من شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ ، و قد ابتدأ سماحته بمقطع من سورة البقرة " وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ " إن المعيار الحقيقي من العلاقة الزوجية هو المعيار العاطفي وليس المعيار الوظيفي ، فما الفارق بينهما ؟ في العمل مثلًا لابدّ من تكوين علاقة بين الموظّف وبين الوظيفة و الإلتزام بالنظم و العلاقات الوضعية حيث لن يحصل الموظّف على الإمتيازات مثل الراتب و الهدايا و العلاوات الا بها ، وهو ما يُعبّر عنه بالمعيار الوظيفي ، أما المطلوب في العلاقة الزوجية هو المعيار العاطفي بين الزوجين ، والله سبحانه وتعالى يُعبّر عن هذه العلاقة ، من سورة الروم " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ " .
نلاحظ أنه هناك فارق بين المحبّة و المودّة وهو فارق بين الأثر و المؤثر ، فليس المطلوب العلاقة الداخلية و هو المؤثر فحسب ، بل المطلوب أيضًا أن يُظهر هذا الحب والعشق على أرض الواقع والتجسيد العملي عن طريق التعامل بالإحترام المتبادل و هو الأثر الخارجي وهو لا يأتي الا بعد وجود المؤثر الداخلي ، ألا وهو ميلان القلب نحو المعشوق ، و مثل هذه العلاقة هي المطلوبة تجاه أهل البيت أيضًا ، من سورة الشورى " قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ " ، الله سبحانه و تعالى لا يُطالبنا بالميلان الداخلي فحسب ، إنما يريد تطبيقًا خارجيًا أي تترضى عليهم و تسير على خطهم ونهجهم و تتبرأ من أعدائهم .
إذا كانت العلاقة بالمعيار العاطفي بالدرجة الأولى فما هي مسببات المشاكل ؟ ، نلاحظ أنه لا يوجد بيت على أرض الواقع يخلو من المشاكل ، لكن العلماء يتوقفون على أسباب المشاكل بين الزوجين -وهي كثيرة - ولكن نتوقف على سبب واحد وهو عدم قراءة الشخصيتين ، الله خلق الرجل و الأنثى بطبائع و مواصفات مختلفة و مُتغايرة ، فلابد من قراءة طبائع و مواصفات كل طرف لتفادي أي مشكلات ستحدث مستقبلًا ، عند الرجل مثلًا هو الصفة الأولى أنّ الرجل أنانيٌّ بطبعه - والمرأة قادرة على تقنين هذا الطبع عند الرجل - ، والصفة الثانية أنّ الرجل يعتبر المرأة نصف الحياة ، و الطبيعة الثالثة أن الرجل لا يفتح ملف مشاكله الخارجية داخل بيته ، ولكن من طرف المرأة فهي بالعكس ، أولًا هي كائنٌ عاطفي بامتياز ، و تتحدّث بالعاطفة ولذلك ورد في الروايات أن المرأة ريحانة وليست كهرمانة ، والطبع الثاني أنها ترى الرجل كل الحياة ولذلك تجد عندها حبّ التملّك للزوج ، والطبيعة الثالثة أن المرأة تتباين مع الرجل في التحدّث عن مشاكلها الخارجية للزوج ولابدّ للزوج أن يُفرّغ نفسه للاسمتاع لها ومراعاتها وهي لا تريد حلولًا و إنما تريد أُذنًا صاغية تستمع لها ، ومتى ما صدّ عنها الرجل تبحث المرأة عن البديل فتُذيع أخبارها في الخارج .
اليوم ليس كالسابق في الزواج ، سابقًا يبحث الرجل عن إمرأة محافظة و مؤمنة فقط و يتزوّجها ، و لكن اليوم إنّ أول شرط يضعه الشاب هو أن تكون زوجته موظفة ، لا يوجد مانعٌ شرعيٌّ في ذلك ، لكن اليوم المراة العاملة خارج البيت ، يترتّب على عملها آثارًا سلبية ، أولها انها لا تملك وقتًا كافيًا لإعطاء حق زوجها الشرعي وهي مشكلة عاطفية ، و المشكلة الثانية أنها لا تمتلك وقتًا كافية لتربية الأبناء وهي مشكلة تربوية ، و المشكلة الثالثة هي استغلال بعض الازواج راتب زوجته و يتملكه و هي مشكلة مالية ، النفقة واجبة على الرجل حتى لو كانت المرأة ثرية للغاية ، فلا يجوّز الدين أخذ المال من الزوجة الا بعنوان الهبة الإختيارية الا وتُتعتبر دينًا على الرجل ، وما أكثر ما تواجهه محاكمنا اليوم بالمشاكل المالية و الحقوق المالية ولذلك نوصي بتسجيل الديون ، من سورة البقرة " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ۚ " ، أمّا المشكلة العاطفية احيانًا تكون لطول عمل الزوجة و احيانًا تكون من عدم محافظة الزوج على نظافته الشخصية ، و هذا ما حذرنا منه أهل البيت عليهم السلام ، فلا يترك الرجل التنظّف و الطيب و التهيؤ للقاء زوجته ، أما المشكلة التربوية لا ينبغي تسليم الأبناء الى من لا يؤمن دينها و عفتها واستقامتها ، والتربية ليست من مسؤولية المرأة فقط ، بل من مسؤولية الطرفين ، فينبغي أن يتحمّل كليهما المسؤولية ،
التعليقات (0)