اختتم سماحة الشيخ ابراهيم الصفا سلسلة محاضراته الرمضانية بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، و ذلك في ليلة الخامس عشر من شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ ، وتحت عنوان " الخصائص القيادية للإمام الحسن (ع) " ، ابتدأ سماحته بالآية المباركة من سورة الأنبياء " وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (73) " ، فلسفة وجود المعصوم بيّنة للخليقة ، حيث بيّن الله أنّ وجود المعصوم يمثل استمرارية لدور الأنبياء ، من أجل تأصيل قواعد الدين ، الأئمة الأطهار هم المبلّغون بعد رسول الله (ًص) ليواصلوا دوره الإلهي ، و الإمام الحسن الزكي (ع) حلقة مفصلية مهمّة في سلسلة المعصومين الأطهار (ع) ، و ينبغي الوقوف مع هذه الشخصية عبر دراسة مفاصل حياتها ، حيث عظمة ولي الله تطفح بالعطاء في كل مجال
نُسلّط الضوء حوال الخصائص القيادية للإمام (ع) ، الإمامة جعل من الله و ليست انتخاب من الأمة وهي منصب اصطفائي ، سواء تسلموا المواقف السياسية أو لا ، وحياة الإمام الحسن كلها عطاء ، أول الخصائص القيادية هي العلم و البصيرة ، القيادة التي تنصب نفسها لقيادة الأمة لا يمكن أن تكون قيادة عمياء ، والا كانت سبب لسقوط الأمة وانتحارها ، لا يمكن للأعمى أن يقود الأعمى ، والحياة تتطور بالعلم وتكون قادرة على قيادة الأمة نحو الاستقرار .
عن أبي سعيد عقيصا قال قلت للحسن بن علي بن أبي طالب يا بن رسول الله لم داهنت معاوية وصالحته وقد علمت أن الحق لك دونه وان معاوية ضال باغ؟ فقال: يا أبا سعيد ألست حجة الله تعالى ذكره على خلقه وإماما عليهم أبى " ع "؟ قلت بلى قال: ألست الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله لي ولأخي الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا؟ قلت بلى قال فانا إذن إمام لو قمت وأنا إمام إذ لو قعدت، يا أبا سعيد علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة رسول الله صلى الله عليه وآله لبني ضمرة وبني أشجع ولأهل مكة حين انصرف من الحديبية أولئك كفار بالتنزيل ومعاوية وأصحابه كفار بالتأويل، يا أبا سعيد إذا كنت إماما من قبل الله تعالى ذكره لم يجب ان يسفه رأيي فيما أتيته من مهادنة أو محاربة وإن كان وجه الحكمة فيما أتيته ملتبسا ألا ترى الخضر " ع " لما خرق السفينة وقتل الغلام وأقام الجدار سخط موسى " ع " فعله لاشتباه وجه الحكمة عليه حتى أخبره فرضى هكذا أنا، سخطتم علي بجهلكم بوجه الحكمة فيه ولولا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض أحد إلا قتل.
الصفة الثانية هي القدرة على التأثير ، و التأثير يكون بأمرين ، الأول قُدرة القيادة على إقامة الدليل و الإقناع والبرهان والحجة ولا يكون الا اذا ارتكز على العلم و المعرفة و معرفة أصناف الناس ، من سورة النحل " ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ " ، والثاني ما يتسّم به القائد من خصائص قيادية مؤثرة ( الكاريزما ) ، و هو أسلوب قادر على النفاذ في النفس . الصفة الثالثة القيادية هي رباطة الجأش و الشجاعة ، فإذا جبن القائد جبنت الرعية ، الصفة القيادية الرابعة هي الهيبة ، و الهيبة اما أن تكون مُفاضة من الله عز وجل وتكون هيبة عزة ، " وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ " وكلّما ابتعد الإنسان عن الله عز وجل شعر بالوهن و الضعف و الانكسار و الإحباط ، لأن القوة الحقيقية تكون من الله ، و تارة تكون الهيبة من خصائص الجسمانية الشخصية . الصفة القيادية الخامسة هي ضبط النفس . القيادة ينبغي ان لا تكون حركتها ردود أفعال بل فعل ، لأن الإنسان يعيش صراعًا مستمرًا داخل النفس .
التعليقات (0)