واصل سماحة الشيخ ابراهيم الصفا سلسلة محاضراته الرمضانية بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، و ذلك في ليلة الخامس من شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ ، وتحت عنوان " وقفات مع الاسلام المتعب " ، ابتدأ سماحته بالآية المباركة من سورة الأنفال " إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) " ، يقدّم القرآن الكريم من خلال الكثير من الآيات الصور العديدة لمختلف و أشكال الإستهداف الذي تعرّض له النبي (ص) ، و تعرّضت له العقيدة و الدين الإسلامي الأصيل ، ومن خلال هذه الآية خلّد المولى عز وجل صورة من صور المكر و التحالف السياسي الذي اجتمع فيه الكثير من العشائر و القبائل بُغية الفتك به (ص) ، استهدافًا له (ص) و لدينه.
فاجتمعوا في دار الندوة لقتل النبي (ص) ، فقال جمع منهم أنهم يثبتوه أي يأسروه و جعله سجينًا فلا يتصل بقواعده الشعبية ولا يسعى في إيصال معالم الدين الى الناس ، و رأي آخر هو القتل ، وقول ثالث أن يتم إخراج النبي (ص) من مكة المكرّمة ، ولقد مارس النبي الهجرة الإختيارية للحبشة وكانت الهجرة إيجابية إذ اعتنقوا الإسلام ، الى أن توافقوا الى قتله (ص) ، من خلال تقدم فرسان خمسة وعشرين قبيلة ليهجموا عليه و يصفونه بقتل قيادته ، و هذا اسلوب خطير جدًا ، و من ثم نام الإمام علي في فراشه وغادر (ص) . أقوال متعددة استهدفت القيادة العليا للاسلام ، فاذا سقط النبي سقطت معالم الدين بتمامها .
مسألة استهداف الدين في الواقع المعاصر اليوم ، نجد أن الهجمات العدائية على الدين الاسلامي لم ولن تنتهي ابدًا ، أعداء الاسلام اليوم يقدّمون قراءات متعددة عبر حروبٍ خطيرة ، وبعد قراءة متأنية للساحة العالمية اليوم ، تعرّفنا أن هناك مشاريع عملية عسكرية استهدفت الإسلام ، و مشاريع فكرية تُمثل ايدلوجية خطيرة سُراد منها استهداف قيم السماء ، لنقف مع بعض تلك المشاريع الخطيرة التي قُننت ثم طبقت ، مثل الحرب الطاحنة بين الكتلة الشرقية (الإتحاد السوفييتي و الغربية ( الولايات المتحدة ) ، فالشيوعية كانت تُحارب الاسلام بل و تحارب الأديان السماوية و الأرضية ، الشيوعية تؤمن أن الدين مُعطّل للإنتاجية و تجب محاربته ، مما جعل بعض الدول العربية تقاتل في صف الولايات المتحدة .
المشروع اليوم للشرق الأوسط الجديد أو الكبير الذي أسس له فكرًا في زمن بوش ، وعملوا على تطبيقه من خلال الفوضى الخلّاقة ، أي الفوضى السياسية التي تتحول الى حكم ديمقراطي ، و الآن تقدم لنا الحرب العالمية ، و هي عملية تحوّل من صراع عسكري الى صراع ايدلوجي لا نار فيه ولا دخان ، فالمسلسلات و الكارتون و المواقع الإباحية التي تزلزل قيم الناس ، نحن نلهث وراءها ثم تغسل أدمغة أبنائنا ، و الحرب اتخذت أشكالًا و أساليبًا متعددة لسحق مقدرات الشعوب و تأصيل الفساد الأسري و العمل على إيجاد صور خطيرة تصطدم مع الدين ، ومن ضمن ما يمثل الخطورة الحديث حول الكتاب الخطير ( الإسلام المُتعَب ) الذي ألفه جاكوب دون ، في المجلّد السابع (طبعة 2011) تحديدًا يمثل الأيدلوجية الفكرية للمشروع العملي ، و لهذا الواقع الذي نراه اليوم من خطط شيطانية تُمارس في العالم الإسلامي موجودة في هذا الكتاب .
هذا المشروع من أخطر أدواته استهداف العلماء الربانيين و المرجعية العليا ، يتوافق جميع الناس في طائفتنا الإسلامية أن مراكز القوة عند الشيعة ثلاثة ، الشعائر الحسينية ، و القضية المهدوية ، والمرجعية الدينية ، سواء كان العالم فقيهًا أو مصنفًا للكتب أو داعية أو مبلغُا أو عالم له بصمات في المجتمع لابد أن يوجدون خلخلة بين القواعد الشعبية و بين العمامة - ونراه موجودًا اليوم - ، حيث توجد عمائم مصطنعة لكنهم شياطين تستهدف المرجعية الصادقة و المخلصة و هؤلاء مفرغون من العلم و البصيرة والدراية ، فقط يُراد لهم استهداف المرجعية و المخلصين من العلماء الربانيين ،- وهذا أمر غير مقبول - . هم يستهدفون المرجعية لأنهم هم الأمناء على الدين ، و المرابطة نوعان عقدية و عسكرية . قال الإمام الصادق عليه السلام: "علماء شيعتنا مرابطون بالثغر الذي يلي إبليس وعفاريته، يمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا، وعن أن يتسلط عليهم إبليس وشيعته النواصب، ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا كان أفضل ممن جاهد الروم والترك والخزر ألف ألف مرة لأنه يدفع عن أديان محبينا، وذلك يدفع عن أبدانهم.".
التعليقات (0)