واصل سماحة الشيخ ابراهيم الصفا سلسلة محاضراته الرمضانية بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، و ذلك في ليلة الرابع من شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ ، وتحت عنوان " الإسلام و التربية الموجهة " ، ابتدأ سماحته بالآية المباركة من سورة آل عمران " هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ۖ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) " ، المتأمل في النصوص القرآنية و الروائية التي تحدثت حول الإنجاب وصفات الذرية الصالحة ، يجد كمًّا كثيرًا من الآيات القرآنية و الروايات المعصومية التي تحدد بوصلة الإنجاب .
الإنجاب له غايات متعددة ، هناك غايات تنسجم مع الغريزة فيتكامل الإنسان عندما يسد حاجة الفقر في ذاته ، سواء حاجته للأبوبة أو حاجتها للأمومة وهي غريزة فطرية . الغرض الثاني : هو التباهي بالأبناء ، اذ تكون الزينة تارة مادية و تارة تكون معنوية ، مثل الأموال و المناصب و الذرية ، وهذا الافتخار تارة يكون ايجابيًا و تارة يكون سلبيًا ، من سورة الكهف " وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34) " وهذا نوع من التباهي السلبي . الغرض الثالث الغايات الرسالية ، ولها مصاديق متعددة منها اعمار الأرض بأنفس صالحة تُثقل الأرض بالإسلام ، من سورة البقرة " أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133)" . هذا هو الإنجاب المسدد نحو الهدف ونحو أقصى غايات الكمال .
من الغايات الرسالية أيضًا حفظ الإمامة و النبوة ، حين سأل زكريا ربه أن يرزقه ذرية تواصل مسيرة الأنبياء فرزقه الله سبحانه و تعالى يحيى (ع) ، و قد ذكرنا الآية في البداية . ومعنى "طيبة" أي طيبة الأصل من أمرأة صالحة و رجل صالح ، و أيضًا تكون طيبة التكوين ، أي ما يتغذّى به الإنسان ، فالسحت هو الأكل الحرام من ربا أو لحم خنزير أو مال مغصوب أو ميتة ، و للسحت أثر خطير في تربية الأبناء . و "طيبة" أيضًا أي طيبة الأسباب ( العقد الشرعي ) ، و متصفة بالأخلاق الفاضلة و السجايا النبيلة .
الإنجاب الرسالي هو من يكون على أساس التوافق بين الشريكين ، ومن الغايات الرسالية التي ينبغي أن يتحرّك على طبقها الزوجان المقبلان علي حياة زوجية أن يكون مشروع انجابهم مشروع المتاجرة مع الله عز وجل ، نحن لنا عمر نعيشه ، لقد رحل آباؤنا ، و إذا مات الإنسان توقف قلم الأعمال و بدأ قلم الحساب ، قال النبي (ص) :" إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: علم ينتفع به، أو صدقة تجري له، أو ولد صالح يدعو له" . عن أمير المؤمنين " وإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل" . الناس في الغالب يرون صلاح الأبوين في صلاح أبنائهم ، فينبغي الإلتفات لهذه الغاية . أيضًا من الغايات التمهيد لولي الله الأعظم صاحب الزمان (عج ) وهذا نوع من الإنتظار الإيجابي في اعداد الأنصار ، سواء كنت أبًا مربيًا أو أستاذًا في المدرسة أو دكتورًا في الجامعة ، اسع في صقل الأبناء للروح و العقل وجاهزية للسلوك بنية أن يكونوا من أنصار صاحب الزمان و هذا مشروع ضخم .
التعليقات (0)