واصل سماحة الشيخ ابراهيم الصفا سلسلة محاضراته الرمضانية بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، و ذلك في ليلة الثاني من شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ ، وتحت عنوان " معايير التفاضل في القرآن " ، ابتدأ سماحته بالآية المباركة من سورة الحجرات " إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) " ، تشير الآية المباركة الى قانون الهي محكم ، يمكن أن نتصيده من آيات متعددة ، وهو قانون التفاضل ، و الله أقر ذلك القانون في نشأته التكوينية و التشريعية .كما يوجد تفاضل بين الملائكة و الرسل و الكتب السماوية ، من سورة البقرة " ۞ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۘ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ ۖ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ۚ " .
إن للتقوى مراتب ، وليس مرتبة واحدة ، هناك معايير للتفاضل أشار الله اليها لتكون مضمارًا للتنافس و التسابق ، أول معايير التفاضل هو الإيمان ، سواءً بالمعنى العام ( نطق الشهادتين ) و الخاص ( الاعتقاد بالولاية ) ، الإيمان له مراتب ، من سورة المجادلة " وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ " عدم تحديد هذه الدرجات لأن الذات الإلهية لا تقاس و لا تحد ، مراتب القرب الى الله لا حد لها ولا يعرف مقدارها الا هو عز وجل ، بالإضافة الى الإيمان بالمعنى الخاص الذي ينتج بولاية محمّد و آله (عليهم السلام) ، كل الروايات و المقاطع في الزيارة الجامعة تؤكد على أن معرفة لله قاصرة بدون معرفتهم عليهم السلام ، وذلك الإيمان له مراتب فعلينا أن نسعى لشدّ هذا الإيمان ، وذلك الإيمان مرتكز في القلب .
المعيار الثاني هو التفاضل بالعلم ، من سورة الزمر " قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9) " الجاهل يتخبّط في مسيرته نحو الله ، و العالم لا يزيده كثرة السير الا قربًا لله ، والجاهل لا يزيده كثرة السير الا المزيد من التخبط و الضياع ، ليشد الانسان في طلب العلم ، عن الإمام الصادق (ع) " ليت السياط على رؤوس أصحابي حتى يتفقهوا في الحلال والحرام. " نريد أن نتسابق الى الله عن طريق العلم . قال الإمام الصادق عليه السلام " عالم أفضل من ألف عابد و ألف زاهد " ، فيتكامل الإيمان بالعلم و الإيمان من دون علم ضياع ، وعلينا أن تننافس في مضامير العلم .
المعيار الثالث هو الخدمة للناس و التفاني في قضاء حوائجهم ، من كان الخير يطفح في يديه لخدمة المؤمنين أفضل ممن لا يباشر في فعل الخير ، جاء رجل إلى النبي (ص) فقال : أحب أن أكون خير الناس، فقال(ص) : " خير الناس من ينفع الناس، فكن نافعا لهم " ، من سورة مريم " وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) " ، فقد جاء في بعض تفاسير " وجعلني مباركًا " أي : وجعلني نفاعًا للناس . هذه الحالة لابد أن تكون متأصّلة في نفس المؤمن ، هناك حاجة ماسة للكفاءات المخلصة أن تتقدّم لسدّ الفراغ سواء في التعليم الديني أو المآتم أو الجمعيات الخيرية . المجتمع اليوم يعيش حالة من التفكك و ضعف العلاقة ووهنها ، الله أراد منا أن نكون كالبنيان المرصوص في القوة و كالجسد الواحد في الإحساس و المشاعر و الهمّ المشترك و المحنة الواحدة ، فعلينا أن نوجد ذلك .
التعليقات (0)