ابتدأ سماحة الشيخ محمد صنقور كلمته بحديث عن النبي الأكرم (ص) : " إذا طلع الفجر نادى جبرئيل عليه السلام: يا معشر الملائكة! الرحيل الرحيل، فيقولون: يا جبرائيل! فماذا صنع الله تعالى في حوائج المؤمنين من أمة محمد؟ فيقول: ان الله تعالى نظر إليهم في هذه الليلة فعفا عنهم وغفر لهم إلا أربعة.قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: وهؤلاء الأربعة: مدمن الخمر، والعاق لوالديه، والقاطع الرحم، والمشاحن " ، أكدت الرويات الشريفة أن الله يغفر لعباده المؤمنين الذين يرغبون في المغفرة الا أربعة .
الأول هو شارب الخمر - و أنتم بعيدون عن ذلك ان شاء الله - ، والثاني هو العاق لوالديه المؤذي لهما بقوله أو فعله ، أو يسيء المعاملة لهما ، و قد يُذلهما لحاجتهما اليه أو يُعنّفهما بكلامه و قد يقطعهما ، و قد لا يبحث عن حاجتهما ليقضيها ، وقد يُسمِعهما الكلام السيّء الذي يؤذيهما في نفسهما ، و العقوق له صور وتجلّيات ، كذلك الإعراض عنهما أو عدم السؤال عنهما أو قطيعتهما ، كل ذلك من العقوق و العاق غير مشمول من رحمة الله هذا الليلة . فليراجع الانسان نفسه و يحاسبها .
الثالث هو القاطع لرحمه ، وهذه الخطيئة قد نستصغرها ، و هي من الكبائر ومن عرضه شرب الخمر ، قطيعة الرحم من الموبقات ، و " الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ " ، الله عز وجل سيسأل العبد عن ذنوبه اجمالًا و سيسأله عن بعض الذنوب خاصة وذلك لعظمتها و خطورتها ، منها قطيعة الرحم ، و لقطيعة الرحم صور وتجليات كثيرة من أوضحها أن يكون قريبك أو قريبتك بحاجة الى معونتك و أنت قادر على إعانتهم فلا تعينهم ، أو أن تقاطعهم و لا تسأل عن أحوالهم ، و من القطيعة أن لا تتضامن معه و لا تُعزيه ولا تُسليه ، فتعرض عنه ولا تُعطي اهتمامًا لشؤونه وقد تؤذيه و تُدخل الضرر عليه .
الرابع هو المشاحن أي الرجل الحقود ، و هو مُبتلى بداء الحقد ، فقلبه مليء بالضغينة ، لا يحب أحدًا و يكره الآخرين ، يحمل في قلبه غلًا عليهم ، و قد يُرتّب على ما ينطوي عليه قلبه من حقد و غل وضغينة على أخيه ، فيغتابه و يحسده و ينم عليه أو ينتقص من شأنه ، فهذا الإنعكاس الطبيعي للحقد ، و لهذا الحقد انعكاس على السلوك فيدفعه الى المقاطعة و السخرية و منع الخير ممن يحقد عليه .
لابد أن نراجع سلوكنا ومشاعرنا ، و أن نبحث في أفعالنا و أقوالنا ما فيه من عقوق للأبوين أو في سلوكنا ما يستوجب القطيعة ، فنصل أرحامنا و نبر لوالدينا ، و أن نزيل من قلوبنا الحقد و الضغينة فهي تشعر صاحبها بالهم ، عن الإمام العسكري : " أقل الناس راحة الحقود " ، أما من يكون قلبه فارغًا من الحقد و متسامحًا ومحبًا للناس يشعر بالراحة دائمًا .
التعليقات (0)