واصل سماحة السيد ميثم المحافظة سلسلة محاضراته الرمضانية بحسينية الحاج أحمد بن خميس خلال النصف الثاني من شهر رمضان المبارك ، وذلك في ليلة الواحد و العشرين من شهر رمضان لعام 1444 هـ ، وهي الليلة التي تصادف ذكرى استشهاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، وتحت عنوان " جهاد التبيين عند علي (ع) - 3 " ، بعدما تطرقنا في الجزء الأول الى جهاد الكلمة ، و في الجزء الثاني الى الجهاد بالنفس ، الليلة نتحدّث عن جهاد النفس ، مهما كتبنا في جهاد النفس ، ما لم نقف على سيرته (ع) ما كتبنا شيئًا ويبقى البحث ناقصًا ، وحتى المسيحيون اعترفوا بذلك كلما تحدثوا عن الجهاد و التضحية .
ضرب أمير المؤمنين أجمل و أروع الأمثلة في جهاد النفس ، ولن تجد رجلًا مثله في ذلك ، عن الإمام علي (ع): " إن رسول الله (ص) بعث سرية فلما رجعوا قال: مرحبا بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر، قيل: يا رسول الله! وما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد النفس " حيث ان العدو الداخلي أكثر صعوبة ويدوم طويلًا ، ولعل العدو الخارجي أمده قصير .
عن الإمام علي (ع): " للمؤمن ثلاث ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب نفسه، وساعة يخلي بين نفسه ولذتها فيما يحل ويجمل " ، و أمير المؤمنين هو رائد هذه المدرسة وله الكثير من المواقف ، سأل معاوية ضرار بن ضمرة الشيباني عن أمير المؤمنين (ع) فقال: " أشهد لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وهو قائم في محرابه قابض على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين ويقول: يا دنيا يا دنيا، إليك عني، أبي تعرضت؟! أم إلي تشوقت؟! لا حان حينك، هيهات، غري غيري، لا حاجة لي فيك، قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها، فعيشك قصير، وخطرك يسير، وأملك حقير، آه من قلة الزاد، وطول الطريق، وبعد السفر، وعظيم المورد " .
ومن تواضعه (ع) : روى مجمع، عن أبي رجاء، قال: " أخرج علي عليه السلام سيفا إلى السوق، فقال:من يشتري مني هذا؟ فوالذي نفس علي بيده، لو كان عندي ثمن إزار ما بعته " . وعن مختار التمار قال " أتى أمير المؤمنين (ع) سوق الكرابيس فاشترى ثوبين أحدهما بثلاثة دراهم، والاخر، بدرهمين، فقال: يا قنبر خذ الذي بثلاثة قال: أنت أولى به يا أمير المؤمنين تصعد المنبر وتخطب الناس، قال: يا قنبر أنت شاب ولك شره الشباب، وأنا أستحيي من ربي أن أتفضل عليك لأني سمعت رسول الله (ص) يقول: ألبسوهم مما تلبسون وأطعموهم مما تأكلون "
عنه (ع) لما جاءه أخوه عقيل طالبًا صاعًا قال (ع) " والله لقد رأيت عقيلا وقد أملق حتى استماحني من بركم صاعا "، ورأيت صبيانه شعث الشعور، غبر الألوان من فقرهم، كأنما سودت وجوههم بالعظلم، وعاودني مؤكدا "، وكرر علي القول مرددا "، فأصغيت إليه بسمعي، فظن أني أبيعه ديني وأتبع قياده مفارقا " طريقتي، فأحميت له حديدة، ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها، فضج ضجيج ذي دنف من ألمها، وكاد أن يحترق من ميسمها.فقلت له: ثكلتك الثواكل، يا عقيل! أتئن من حديدة أحماها انسانها للعبه، وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه! أتئن من الأذى ولا أئن من لظى؟! "
من وصاياه (ع ) : " والله الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم في سبيل الله. وعليكم بالتواصل والتباذل . وإياكم والتدابر والتقاطع. لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولى عليكم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم " .
التعليقات (0)