شارك هذا الموضوع

الصفا ليلة الحادي عشر من شهر رمضان لعام 1444هـ/2023م

واصل سماحة الشيخ ابراهيم الصفا سلسلة محاضراته الرمضانية بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، و ذلك في ليلة الحادي عشر من شهر رمضان المبارك لعام 1444هـ ، وتحت عنوان " موقف الدين من الغناء و الألعاب " ، ابتدأ سماحته بمقطع من الآية الكريمة في سورة الحج " فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) " ، لا زال القرآن يقدّم للانسانية قوانينًا و أحكامًا و تشريعات من شأنها تقنين حياة الإنسان بما يصله الى سعادته ، و الآية المباركة قصيرة الكلمات ، عميقة المعاني و الأحكام ، عندما نقف مع دلالات هذه الآية ، سنتحدّث حول قسمين منها ، الأول : المقصود من (الرجس من الأوثان) ، و القسم الثاني : قول الزور، للفقهاء وقفة طويلة مع هذه الآية المباركة على اعتبار أنها آيةٌ من آيات الأحكام ، حيث أنّ هذا القسم هو جزء كبير من القرآن .

المقصود من ( الرجس من الأوثان ) : ذكر المفسرون احتمالين ، الاحتمال الأول : أن الوثن هو كل ما يقام من حجر أو خشب فيُعبد من دون الله ، و أطلق الله على الوثن الرجس ، و الرجس هي النجاسة ، من سورة الأحزاب " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) " وما يقابلها هي الطهارة ، فالنجاسة و القذارة تُطلق على الوثن ، وقد تكون الرجاسة هنا هي الرجاسة المعنوية و قد تكون الرجاسة المادّية وهنا الآية تقدّم تحذيرًا عقائديًّا صريحًا بضرورة الحفاظ على العقيدة الخالصة لله باجتناب مظاهر الشرك . الاحتمال الثاني : المفهوم الأوسع للوثن وهي الشطرنج ، عن الإمام الصادث (ع) " الرجس من الأوثان: الشطرنج، وقول الزور: الغناء" . والفقهاء أفتوا فيها ، بعضهم أجازها بشروط و البعض حرّمها .

ينبغي علينا أن نعرف الضوابط الفقهية للألعاب ، والشطرنج هو مصداق للألعاب ، ومن شروط اباحة الألعاب أن لا تكون اللعبة قمارية الأصل وعدم اللعب بها بالأرهان ومن أمثلة ذلك : الدوملة (الدومنة) و الشطرنج و الورق (البتة) . الشرط الثاني وهي الألعاب المحللة التي لم يثبت في الشرع و لا العُرف قماريتها و ما ابتدع من الألعاب المعاصرة اليوم التي لم تكن في زمن النص و التشريع ، ان كان ابتداعها وصنعها للقمار فهي أيضًا محرّمة ولا يجوز اللعب بها ، أما الألعاب المحللة فهي جائزة بدون أعيان مالية ولا رهان ، قد تحرم الألعاب بسبب تضمنّها لبعض الإثارات و الإيحات الجنسية أو صور مخلّة بالأدب لا سيّما الألعاب الإلكترونية ، أيضًا لو تضمنّت الألعاب المحللة ما يكون سببًا لحُرمتها بالحكم الثانوي ، مثل تسببها للإدمان أو تضييع أوقات الصلوات أو تضييع الواجبات و المسؤوليات أو اشتمالها الموسيقى المُحرّمة أو الغناء .


قول الزور فيه كلام كثير عند المفسرين و الأعلام ، لغةً :هو الكلام الكاذب الباطل أو البعيد عن حدّ الإعتدال ، والنصوص والروايات تعرّضت لمصاديق متعددة حول قول الزور ، القول الأول : الكلام الباطل ، "و اجتنبوا" فعل أمر ، وقد أجمع العلماء على أن صيغة فعل الأمر ظاهرة في الوجوب ، ومن أبرز مصاديق قول الزور في الجاهلية ما تلوّثت به ألسنة أهل قريش عندمّا يُلبّون " لبيك لا شريك لك الا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك " ، وقد عدّلت تلك التلبيات مع تشريع الحج في الإسلام ، القول الثاني : هو شهادة الزّور ، عن النبي (ص) " يا أيها الناس عدلت شهادة الزور إشراكا بالله " ، القول الثالث : ان قول الزور هو الغناء ، فهي من المحرّمات و من أسباب نزول الفجائع في البيوت ، عن الإمام الصادق (ع) " قال: الرجس من الأوثان هو الشطرنج وقول الزور الغناء " . اذن فاستماع الأغاني من المحرّمات ، وهنا ندعو المؤمنين للتسليم للمعصومين و الفقهاء وليس البحث نحو العلّة من الحكم ، فما نصل له ما هو الا حكمة فقط ، حرّم العلماء الغناء وقد بينوا معناه : الظاهر هو الكلام اللهوي شعرًا أو نثرًا يؤتى به بالألحان المتعارفة عند أهل اللهو و اللعب و العبرة بالصدق العرفي و الإستماع له حرام كحرمة فعله و الإكتساب به .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع