حسينية الحاج أحمد بن خميس ترفع لكم أسمى آيات التهاني و التبريكات بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك لعام 1444هـ .
استهلّ سماحة الشيخ ابراهيم الصفا سلسلة محاضراته الرمضانية بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، و ذلك في ليلة الحادي من شهر رمضان المبارك لعام 1444 هـ ، وتحت عنوان " فيوضات الرحمة الإلهية " ، ابتدأ سماحته بحديث عن الرسول الأكرم (ص) " ان لله عز وجل مئة رحمة , وإنه أنزل منها واحدة الى الأرض ، فقسّمها بين خلقه ، بها يتعاطفون ويتراحمون ، وأخّر تسعًا وتسعين لنفسه يرحم بها عباده يوم القيامة " . المتأمل في كتاب الله عز وجل والنصوص الواردة عنهم (ع) سيجد كمّا كبيرًا لا يُستهان به من النصوص النقلية التي تحدثت حول رحمة الله تبارك و تعالى ، فالله عز وجل أول ما وسم نفسه بالرحمة " بسم الله الرحمن الرحيم " فوسم نفسه بالرحمة الرحمانية ، و الرحمة الرحيمية ، ونحن في رحاب استقبال شهر الله الذي به تجليّات رحمات الله .
الرحمة الرحمانية هي رحمة عامّة من قبل الله عز وجل لسائر خلقه وللبشر برمّتهم ، العاصي و المؤمن و الملحد ، ولذلك الرّحمة الرحمانية تتجاوز الوجود الإنساني فتصل الى عالم الحيوان و دواب الأرض ومخلوقات البحار ، أما الرّحمة الرحيمية فإن الرحيم من صفات الله و هو مظهر رحمته الخاصة بالمؤمنين من عباده ، الله عز وجل عندما يتكلّم عن صفته الرحيم ، فإن الرحيم صفة اختصّها لعباده المؤمنين ، من سورة الأحزاب " هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) " .
الله عز وجل خلق هذا العبد الضعيف وفتح له منافذ رحمته منها التي منها شهر رمضان ، فما هي منافذ استنزال الرحمة الإلهية ؟ دعنا نتحدث تباعًا ، هناك نوافذ مكانية و هناك نوافذ زمانية و نوافذ حالية ، أما النوافذ المكانية فهي قضية غيبية لا يمكن استفادتها الا من خلال القرآن أو لسان المعصوم (ع) وليست اجتهادات انسانية ، حيث يوجد أماكن ومواضع وظروف مكانية يحبّها الله عز وجلّ ، ونظرًا لمحبة الله لتلك الأماكن جعلها أماكنًا لتدفّق رحمته ، فنبي الله موسى حين أتى للمناجاة طلب منه الله عز وجل خلع نعليه في الوادي المقدّس " إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) " . وكذلك الحجر الأسود ، و الأماكن التي أراد الله للمؤمنين أن يطرقوها كثيرة ومن أعظمها بيوت الله في الأرض وهي المساجد .
النوافذ الحالية متعددة و نقصد بها حالات قلب الإنسان ، فاذا بلغت حالته حالة الإضطرار ، يخص الله عز وجل عبده بالرحمة ، " أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوٓءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلْأَرْضِ ۗ أَءِلَٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ (النمل - 62)" من هو المضطر الذي تحدث عنه القرآن ؟ المضطرّ الذي انقطعت به السبل المادّية ،و انعدمت عنده الأسباب الدنيوية عنده فيلجأ للسبب الغيبي وهو الله عز وجل ، فينزل اللطف عليه ، فالإنسان يعتبر برزخًا بين عالم الغيب و الشهادة .
أما النوافذ الزمانية ، فمثلًا من الزمان المبارك يوم الجمعة ، وهذا الزمن المبارك علينا أن نعرف قيمته ، ورد في النص عن الإمام الرضا (ع) : " إن يوم الجمعة سيد الأيام يضاعف الله فيه الحسنات و يمحو فيه السيئات ويرفع فيه الدرجات ويستجيب فيه الدعوات ويكشف فيه الكربات ويقضي فيه الحوائج العظام " ، أيضًا عند الزوال عن الإمام الصادق (ع ) " إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء وهبت الرياح وقضي فيها الحوائج الكبار " . وأعظم الأزمنة بركة ما نحن فيه وقد فتحت أبواب رحمة الله ، وهذا الزمان المبارك الذي ينبغي للمؤمن شكر الله عز وجل أنه أقبل عليه شهر الله بالرحمة و المغفرة فهو عند الله أفضل الشهور كما في خطبة النبي (ص) المشهورة ، اذن هذا الزمن عظيمٌ و مقدسٌ لا ينبغي أن يفرّط فيه المؤمن .
التعليقات (0)