شارك هذا الموضوع

رجائي وباهونار بين الجثث المتفحمّة

في ذكرى تفجير مبنى رئاسة الوزراء في إيران
رجائــي وباهونــار بين الجثث المتفحمّــة


لممحمد عبد الله محمد يتمكن الإمام الخميني من ضبط مشاعره لفرط انفعاله لدى استقباله المُعزّين باستشهاد الرئيس محمد علي رجائي ورئيس وزرائه الشيخ الدكتور محمد جواد باهونار، وتوقّف لحظات قبل أن يُواصل خطابه أمام المُعزّين ليكتم مشاعر حزنه العميق التي انعكست على الحاضرين فأخذوا في البكاء والصُراخ . بعدها قال الإمام " لقد عاش رجائي وباهونار معاً منذ عشرين عاماً وشاءت إرادة الله أن يرحلا معاً " وفي محاولة منه لتصبير الحاضرين قال الإمام " لا يُمكن لأي قوة مواجهة أمّة تعمل بوحي من الله، وعقيدتها القرآن " مُضيفاً بأن " هذا البلد لن يتراجع فهناك صفوف من الإيرانيين على استعداد للموت من أجل الجمهورية الإسلامية، وإن عمليات الاغتيال الأخيرة لا تُشكّل نكسة للثورة الإسلامية وإن الهجمات بالقنابل لا تعني أن الجماعات الإرهابية قوية بل إنه دليل ضعف، ويستطيع حتى ولد عمره 12 عاماً زرع قنبلة " داعياً الجماهير إلى الإقبال بقوة للتصويت في الانتخابات الرئاسية المُقبِلة لاختيار خليفة لرجائي .


كان محمد علي رجائي المولود في العام 1933 في محافظة قزوين (50 كم غرب طهران) يعمل مُدرّساً، وفي الفترة من 1974 – 1978 ألقى جهاز البوليس السري (السافاك) القبض عليه مراراً وقضى نحو عامين في السجن مع الأشغال الشاقّة، وبعد خروجه من السجن انخرط رجائي في الحياة السياسية وعُين وزيراً في الحكومة المؤقتة برئاسة المهندس مهدي بازركان، وفي العام 1980 انتُخِب نائباً عن مدينة طهران ثم عضواً في المجلس الأعلى للثورة الثقافية التي شكّله الإمام الخميني وأسند إليه مهمّة إصلاح الجامعات والمناهج الدراسية .


وفي 23 تموز يوليو 1981 انتُخِب رجائي رئيساً للجمهورية بغالبية ساحقة حيث حصل على 12 مليون و722 ألفاً من أصل 14 مليوناً و722 ألفاً وكانت نسبة التصويت 85.71 بالمائة إلاّ أن هذا الفوز الكاسح كانت له دلالات سياسية ونفسية واجتماعية واضحة تعكس رغبة الجماهير الإيرانية في تسكين الأوضاع الداخلية الملتهبة، فقد كانت الفترة التي تولى فيها رجائي رئاسة الجمهورية مُفعمة بالأحداث المأساوية، فقبل شهر من انتخابه وقع التفجير المُروّع في مقر الحزب الجمهوري والذي راح ضحيته أكثر من إثنان وسبعون من قيادات الثورة بينهم نواب وعسكريون إلاّ أن أبرز ضحايا الانفجار هو رئيس ديوان القضاء الأعلى آية الله محمد حسين بهشتي الذي كان يُمثّل (بالإضافة إلى مكانته السياسية والقضائية) حلقة وصل مهمّة بين التيارات الدينية التقليدية والتكنوقراط، كما أنه وفي تلك الفترة بدأت وتيرة الحرب العراقية الإيرانية في التصاعد ولم يكن الجيش الإيراني بقادر بعد على الإعداد لهجوم مضاد، وكان الاقتصاد الإيراني لا يزال متأرجحاً بين موجة التأميم والمرَكزة وبين الحرب التي شُنّت ضد رجالات الإقطاع الذين كوّنوا ثروات طائلة من خلال علاقاتهم مع أسرة الشاه أو مع الحركة البهائية، أضِف إلى ذلك فإن إيران كانت في ذلك الحين تفتقر إلى أبسط العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع دول العالم باستثناء قلّة قليلة من الدول وبالتالي فإن أية عملية إعمار أو تسيير لشؤون الدولة كانت تحتاج إلى جهد مُضاعَف .


كانت تلك الظروف تضغط بقوة على المناصب التنفيذية والقيادية في البلاد، وأصبح مُتبوؤوها أمام اختبار صعب مع الشعار والطوباوية التي أتت مع الثورة، وفي أتون ذلك الاختبار شاءت الأقدار أن يخرج الرئيس محمد علي رجائي من قاعة الاختبار وقبل أن يطرح برنامج حكومته فقد راح ضحية انفجار ضخم وقع في مقر رئاسة الوزراء بعد أقل من شهرين على انتخابه وبالتحديد في الثلاثين من شهر أغسطس 1981 وقد نشرت إحدى الصحف العربية الخبر بالقول : رجائي وباهونار ضمن الجثث المتفحمّة .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع