واصلت حسينية الحاج أحمد بن خميس سلسلة المجالس الحسينية و ذلك في ليلة الثامن من موسم محرمّ لعام 1444 هـ ، وقد سبق البرنامج تلاوة للقرآن الكريم بصوت القارئ محمود الإسكافي ، وبعدها زيارة الإمام الحسين بصوت القارئ علي ملا سلمان ، و تحت عنوان " بناء الشخصية الإسلامية " استهلّ سماحة السيد عدنان الكرّاني بالآيات المباركة من سورة المدثر " ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) " .
من جملة الأهداف التي نزل بها القرآن الكريم هي بناء الإنسان و تخليصه من الرواسب التي تعلق في ذهنه جراء توجهه الى عبادة الأصنام و الأوثان ، مسألة بناء الإنسان ليست بالأمر السهل وانما هي بغاية الصعوبة حيث تستغرف وقتُا طويلًا ، وقد عانى رسول الله (ًص) في الرسالة ، حيث في بداية الأمر أزال الركام و الرواسب التي علقت بالنفوس و القلوب ثم شرع بزرع العقيدة الجديدة .
سبب نزول الآيات ينقله القرطبي و بعض المصادر الخاصة بأهل البيت ، هو أن الوليد بن المغيرة كان يمتلك ثراءٌ فاحشٌا وذلك أنه لما نزل : حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم إلى قوله : إليه المصير ، سمعه الوليد يقرؤها فقال : والله لقد سمعت منه كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن ، وإن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أعلاه لمثمر ، وإن أسفله لمغدق ، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه ، وما يقول هذا بشر ، وهذا يدل أن الإسلام لم ينتشر عن طريق السيف .
الأمر الثاني أن الآيات بدأت ب"ذرني" ، يقول بعض المفسرين كلمة وحيدًا هي حال ، و هذا الحال يتعدّد من يُرجع اليه ، تارة الى الخالق(الله) وتارة على المخلوق(الإنسان) ، الرأي الأول لما ترجع الحال الى الله ، يعني اتركني مع هذا المخلوق المتباهي ، عادة تكون الطبقة الثرية الأكثر صعوبة في التأثير حيث يعيشون حالة من الرخاء و يخافون باهتزاز مكانتهم الإجتماعية .
الرأي الثاني أنه سيحشر وحيدًا و يقولون بأن هذا الرأي يتدخل مع الرأي الأول ، و الإنسان يمتلك الأولاد و الأموال التي لن يأخذ منها شيء ، في الرواية عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: " إن ابن آدم إذا كان في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة مثل له ماله وولده وعمله، فيلتفت إلى ماله فيقول:والله إني كنت عليك حريصا شحيحا فمالي عندك؟ فيقول: خذ مني كفنك " ، "مَالًا" أي كل ما يتملّكها الإنسان ، و المال الممدود هو أن بعض العرب يقوم بتشغيل بعض الخدم فتزيد أمواله ، الممدود ": يعني في الأصل المبسوط، ويشير إلى كثرة أمواله وحجمها.
وقيل: إن أمواله بلغت حدا من الكثرة بحيث ملك الإبل والخيول والأراضي الشاسعة ما بين مكة والطائف، وقيل إنه يملك ضياع ومزارع دائمة الحصاد وله مائة ألف دينار ذهب.
التعليقات (0)