واصلت حسينية الحاج أحمد بن خميس سلسلة المجالس الحسينية و ذلك في ليلة الخامس من موسم محرمّ لعام 1444 هـ ، وقد سبق البرنامج تلاوة للقرآن الكريم بصوت القارئ محمد سلمان ، وبعدها زيارة الإمام الحسين بصوت القارئ محسن العرادي ، و تحت عنوان " عنوان صحيفة المؤمن حبّ علي " استهلّ سماحة السيد عدنان الكرّاني مجلسه بحديث عن الإمام علي (ع) " أنا عبد الله وأخو رسوله وأنا الصديق الأكبر " ، كلمات مباركة من موسوعة الغدير ، عندما نبحث في التاريخ الإسلامي لم نجد شخصية تضاربت فيها أقوال البشر وانهالت حولها وعليها جداول الثناء و المدح من الله ورسوله بالمقدار الذي وردت فيه لعلي ، و السرّ في ذلك أن عليّا جمع جميع أسباب التأهل لعلي ما لم يجمع أحد غيره
من ضمن الأمور الذي يُراد تشويهها عن علي (ع) ، حينما يُنقل عن الرسول (ص): " أنا مدينة العلم و علي بابها " ، فيأتي البعض ويحرّفها " وعالٍ بابها " أو فلان نوافذها و سقفها ، لما نرجع للكلمات الشريفة نجدها أنها وصفت العلاقة بينه وبين رسول الله بالأخوة ، هذا الكلام لا اشكال فيه حيث أن المؤمنين أخوة ، الإيمان يخلق طاقة هائلة تعمل على جمع القلوب مع بعضها البعض ، فيصبح المؤمنون أخوة عن طريق تلك الرابطة ، من سورة آل عمران : " وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانً" ، فالطاقة الإيمانية تشبه الطاقة الكهربائية تتجاذب بها قلوب المؤمنين ، وقلب الإنسان يمتلك طاقة عالية ، من سورة مريم " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا (96) " .
نذكر مثالُا في ذلك : عن جابر الجعفي قال: " تقبضت بين يدي أبي جعفر عليه السلام فقلت: جعلت فداك، ربما حزنت من غير مصيبة تصيبني أو ألم ينزل بي حتى يعرف ذلك أهلي في وجهي وصديقي. فقال: نعم يا جابر، إن الله عز وجل خلق المؤمنين من طينة الجنان وأجرى فيهم من ريح روحه، فلذلك المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمه، فإذا أصاب روحا من تلك الأرواح في بلد من البلدان حزن، حزنت هذه لأنها منها " ، و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إن الله خلقنا من عليين وخلق أرواحنا من فوق ذلك وخلق أرواح شيعتنا من عليين وخلق أجسادهم من دون ذلك، فمن أجل ذلك القرابة بيننا وبينهم وقلوبهم تحن إلينا"
هذا الأمر لا يمكن لعلماء النفس الغربيين أمثال فرويد وهتلر ودارلين أن يقفوا عند تعليل هذه الحقيقية كما عللها الإمام الباقر (ع) ، الإنسان الذي يقف عند الأمور المادية ويربط كل وجوده عليها لا يصل الى ما وراء المادة و لا يستطيع أن يُعلل هذه العلاقة ، بل أهل البيت يشيرون الى أبعد من ذلك ، يبينون كيف أن المجتمع يُصبح مجتمعًا مثاليًا لما يخلوا من التكاذب والتحاسد و الغيبة و النميمة و الأمور التي تفرق بين العلاقات ، عن الإمام علي يقول في ميزان الحكمة للريشهري الجزء الثالث : " من أراد الغنى بلا مال، والعز بلا عشيرة، والطاعة بلا سلطان، فليخرج من ذل معصية الله إلى عز طاعته" .
نجد في كلام أمير المؤمنين أن الرسول آخى بين المهاجرين و الأنصار ، و تفرّدت هذه الأخوة بينهما ، وقد قال (ع) " وأنا أبكي من الجدل والسرور" ، و يقول في نهج البلاغة : " وقد علمتم موضعي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة؛ وضعني في حجره وأنا ولد، يضمني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسني جسده، ويشمني عرفه. وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه. وما وجد لي كذبة في قول، ولا خطلة في فعل .... ولقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه (صلى الله عليه وآله) فقلت: يا رسول الله، ما هذه الرنة؟ فقال: هذا الشيطان قد أيس من عبادته، إنك تسمع ما أسمع، وترى ما أرى، إلا أنك لست بنبي، ولكنك لوزير، وإنك لعلى خير "
التعليقات (0)