واصل سماحة الشيخ حسن القيدوم سلسلة مجالسه بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، وذلك يوم الثالث من المحرّم الحرام لعام 1444هـ / 2022 م ، وقد ابتدأ سماحته بالآية المباركة من سورة "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ " الإلتزام بالدين هو ما تدعو اليه هذه الآية وهذا المقطع من سورة الروم ، حيث تدعو المسلمين لإقامة الوجه أي الإقبال عليه ، كما يُقبل أي فرد من الناس على شيء وهذا الشيء محبوب بالقلب . ثم تقول الآية " حنيفًا " أي ثابتًا و مستقيمًا على الدين .
الطاعة لله في أداء الواجبات و ترك المحرّمات ، وعمل المستحبّات فضل على فضل و منزلة أخرى ، مظهر من مظاهر الإلتزام بالدين المحافظة على الصلوات في أوقاتها و في المسجد ، الإستفسار و السؤال لعالم الدين أيضًا من مظاهر الإلتزام بالدين ، لكن الإلتزام بالدين لا يكتفي بكل ذلك من صلاة و صيام و حج ، حدود الإلتزام بالدين ليست محصورة بذلك ، وانما جميع مساحة الحياة سواء بالعبادات أو المعاملات فعليه الإلتزام بالدين ، و يكون ملتزمًا في جميع تصرفاته و سلوكياته ، كعلاقته بأبويه و برّه بهما ، و المحبّة و الألفة بين المؤمنين كي يكون الإلتزام حقيقيًّا و كليًّا .
الروايات تذكر أن الإلتزام الديني يبدأ من الطفولة ، ومنها عن الكاظم عن آبائه عن أمير المؤمنين ، قال : قال رسول الله (ص) " مروا أبنائكم بالصلاة وهم أبناء ست سنين " . الحر العاملي مفخر الشيعة الذي يرجع نسبه للحر الرياحي عنده كتاب وسائل الشيعة وقد فرد بابًا لأمر الصبيان بين سبع و ست سنين ، وهذا الأمر من رسول الله (ص) ، ويريد النبي أن يوصل الرسالة لكل الآباء أن يأتوا بأبنائهم الى المساجد و الحسينيات حيث كان يصطحب الحسن و الحسين (ع) ، أهل البيت يفرحوم حين تحتضنهم المساجد و الحسينيات وهذا مظهر من مظهر الإلتزام و هو التمرين خصوصًا في هذا الموسم ،
هذه المظاهر لا ينبغي أن تكون مجتزئة وانما في جميع مفاصل الحياة و يبدأ الإلتزام الديني من الطفولة ثم يأتي الإنسان للبلوغ ، الرواية عن الصادق (ع) قال " الغلام يلعب سبع سنين ويتعلم الكتاب سبع سنين ويتعلم الحلال والحرام سبع سنين " عند البلوغ يكون الإلتزام أشد و من ثم الأحكام الدينية وأيضًا في فترة الكهول أي في جميع مفاصل الحياة يجب أن أحصّن ديني . يجب أن أكون ملتزمًا كما أمر الله و النبي و أهل البيت .
نأخذ نموذج للإلتزام الديني هم أهل البيت ، في قبال من كان يتمظهر بمظهر الإلتزام الديني لكنه بعد ذلك يترك الدين ، سيرة عبدالملك بن مروان كان يقرأ القرآن آناء الليل و أطراف النهار ، فهذا مظهر لكن الواقع و الحقيقة خلاف ذلك ، و في سيرة الحسن و الحسين الكثير و الكثير ، لما حضرت الحسن عليه السلام الوفاة استدعى الحسين عليه السلام وقال: " يا أخي إني مفارقك... فإذا قضيت نحبي فغمضني وغسلني وكفني وأدخلني على سريري إلى قبر جدي رسول الله صلى الله عليه وآله لأجدد به عهدا ثم ردني إلى قبر جدتي فاطمة [بنت أسد] رضي الله عنها فادفني هناك وستعلم يا ابن أم إن القوم يظنون أنكم تريدون دفني عند رسول الله صلى الله عليه وآله فيجلبون في ذلك، ويمنعونكم منه، بالله أقسم عليك أن تهرق في أمري محجمة دم"
التعليقات (0)