شارك هذا الموضوع

الكراني ليلة الثاني من شهر محرّم الحرام لعام 1444هـ/2022م

واصلت حسينية الحاج أحمد بن خميس سلسلة المجالس الحسينية و ذلك في ليلة الثاني من موسم محرمّ لعام 1444 هـ ، وقد سبق البرنامج تلاوة للقرآن الكريم بصوت القارئ جاسم محمد ، وبعدها زيارة الإمام الحسين بصوت الرادود أحمد المعلّم ، و تحت عنوان " مسؤولية الدين و الضمير " استهلّ سماحة السيد عدنان الكرّاني مجلسه بالآية المباركة من سورة النساء : " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ۚ وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ " ، بعض العلماء واستنادًا للأحاديث الشريفة عنه (ص) ، وأهل بيته (ع) يشبهون وجود النبي الأكرم (ص) و الإمام (ع) لعالم الدنيا أو في كل عالم الوجود بالقلب بالنسبة الى العالم البشري .

القلب يُعتبر أداة تضخ الدم الى كل عروق الجسد و إيصال الغذاء ، ولما نأتي للمعصوم - باعتباره الإنسان الكامل - هو سبب نزول الفيوضات الإلهية التي ينهلّ منها كل فرد من أفراد المجتمع بمقدار ارتباطه بالرسول (ص) وأهل بيته ، وهذه العلاقة طردية ، مثلما كان القلب ضروريًا في جسم الإنسان وتوقفه يوقف الحياة ، كذلك وجود سبب وواسطة لنزول الفيوضات الإلهية في عالم البشر ، وجود المعصوم ليس فقط من أجل إنارة القلوب التي تريد الهداية والسير على الطريق الصحيح ، و إنما وجود المعصوم إضافة الى ذلك فهو لإلقاء الحجة على المنحرفين .

وجود المعصوم في الدنيا له وجودين ، الوجود الأول يُعتبر من خلاله قائد ديني ويُلقى عليه مسؤولية هداية الناس و بيان الأحكام الشرعية لهم و العمل على ضمان استقرار الرسالة الإلهية من الإنحراف و يكون قدوة للناس في سلوكه ، و الوجود الثاني أنه قائد إجتماعي بمعنى أن يكون قائدًا للمجتمع في تدبير أموره و استقامة مسيرته و ترميم كل علاقة بين أفراده ، - و أبعد من ذلك - إنما مهمته هي استقرار المنظومة الإلهية على وجه الأرض ، كل ذلك إذا كان للإمام يد مبسوطة ويمتلك قدرة سياسية مؤثرة ، وإذا لم يمتلك ذلك فالحق لا ينفكّ عن منصب الإمامة عن جانب القيادة الدينية وهداية الناس وبيان الأحكام الإلهية ، وهذا ما حدث مع أمير المؤمنين حينما سُحبت الخلافة السياسية منه .

جملة من المفسرين يرون أن السبب من نزول هذه الآية هو تعرّض المسلمين في بداية الدعوة الإسلامية الى صنوف متعددة من العقاب و العداء و التوهين و التنكيل، فقالوا للنبي (ص) : يا رسول الله، كنا في عِزّ ونحن مشركون، فلما آمنا صرنا أذِلة! فقال: إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا .هناك دروس عظيمة يجب أن نستسقيها من الآية الكريمة ، الآية بدأت بـ " أَلَمْ تَر " حيث أراد الله أن يحرّك عقول الناس و قلوبهم من أجل النظر في الأمور التأريخية التي سبقت و يؤخذ من خلالها السنن و العبر و العظات التأريخية ، القرآن يبيّن لنا في الآية الكريمة من سورة آل عمران " وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) " .

الأمة الواعية و العقلائية تعمل على توظيف الأحداث لأخذ الدروس و العبر ، أما الأمم الأخرى اذا ما تعرّضت الى مصيبة و منعطف تأريخي وهزة عنيفة تتحول الى أمة تجترّ المصائب و الويلات و تنوح على نفسها ، لأنها تركّز بشكل كبير على الجانب المأساوي للمصيبة - مع كونه مهم - لكن لا يجب أن يبقَ الإنسان طول وقته وزمانه يعتصر الألم على ذلك الأمر. " كفوا أيديكم " في مسألة تحوّل النهوض و الحركة لابد ان يتحمل الإنسان الصعاب و يتحلى بسعة الصدر ، القرآن الكريم يريد للإنسان المؤمن أن يبتعد عن هذا السلوك ويتوجه لله ، وكل مؤمن سيتعرّض لمصيبة وابتلاء حتى يثبت في المرتبة التي كان فيها أو وصل اليها .

الدرس الآخر " وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ " والسؤال في علة الأمر بإقامة الصلاة و إيتاء الزكاة دون الفرائض الشرعية الباقية ، لأن الصلاة هي سر الإتصال بالله عز وجل ، و الزكاة بابٌ مفتوح من أجل الإتصال بعباد الله سبحانه و تعالى ، ومن هنا صدرت الأوامر الإلهية التي من خلالها أمر رسول الله (ص) أولئك ليجهزوا أنفسهم و أرواحهم ومجتمعهم من أجل الجهاد في سبيل الله ، و الجهاد على معنى توثيق الصلة و العلاقة بينهم و بين الله . عن أبي جعفر عليه السلام قال: " إن الله تبارك وتعالى قرن الزكاة بالصلاة فقال: " أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة " فمن أقام الصلاة ولم يؤت الزكاة فكأنه لم يقم الصلاة " .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع