أحيت حسينية الحاج أحمد بن خميس هذه الليلة ، ليلة الخامس عشر من شهر رمضان المبارك لعام 1443 هـ والتي تصادف ذكرى ولادة الإمام الحسن الزكي (ع) ، وقد ابتدأ الحفل بآيات مباركة من القرآن الكريم بصوت القارئ قاسم فيصل ، تلاه كلمة قيّمة للأستاذ ياسر خميس ، و بعدها اختتم سماحة الشيخ ابراهيم الصفا سلسلة محاضراته الرمضانية بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، استهلّ سماحته حديثه بالآية المباركة من سورة الأنفال " انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت " ونحن نحلّق في ولادة الحسن وهي شخصية اجتمعت فيها العديد من الخصائص الفكرية و السلوكية التي أهلته ليكون قدوة وأسوة للعالمين ، القدوة المحمدية هي القدوة التي شاء الله أن يجعلها في المصطفى لم تنقطع برحيله ، كل تلك الصفات عند علي ومن ثم عند الحسن الى امامنا صاحب العصر و الزمان .
الحديث حول الإمام الحسن طويل ولكن بما يتسع المقام سنخص الذكر الليلة بالإمام فقط لحاجتنا الماسة لنغترف من شخصيته المباركة ، لاشك أن شخصية المعصوم تستجمع جميع صفات الكمال ، وهي خصال بارزة نحتاجها لنقتفي أثر الإمام ، من خصال الإمام الزكي الحكمة ، والحكمة تمثل نضوجُا فكريًا راقيًا ، ومن مظاهر حكمته حكايته مع الشيخ في الوضوء ، وذلك في كيفية تصحيح الأخطاء في الناس ، قال الإمام علي بن أبي طالب (ع) في هذا المضمار:" العقل عقلان؛ عقل الطبع وعقل التجربة، وكلاهما يؤدي المنفعة ".وهذا درس عملي يقدمه الحسنان في كيفية التغيير وكله واضح يجسّد الحكمة و البصيرة في تقديم النصح لمن هو أكبر سنًا .
الميزة الأخرى هي الصبر ، نحن في زمان لا يمكن أن ننجو من دون صبر ، عنه (ع): " الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد، كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان " ، ينبغي أن يتحلى المؤمن بالصبر ليكون ثابتًا على دينه ، المفاهيم في تغيّر مستمر و الأصالة ينبغي أن تكون حاضرة ، لا تغيير في الحكم الإلهية و الربانية وانما التغيير و التجديد بما يحقق أهداف السماء ، وقد رُوّج في الإمام الحسن الشائعات الكثيرة التي روجها معاوية والتي جعلت قيادته تنقلب عليه ، فيحتاج الإنسان الى صبر و ثبات وهو ما يعلمنا به (ع)
من الدروس الأخلاقية أيضًا : الثقة بالله تبارك وتعالى ، من ضعفت ثقته بالله ، فإنه يضعف في الشدائد و المحن ، حيث جاءت له الإمام في ظروف صعبة و حرب طاحنة مستمرّة و ظرفه السياسي كان مرهقًا و أتباعه أكثر أرهاقًا ، ومن خصاله أيضًا الكرم ، و النبي محمد (ص) كان دائمًا يوصي الأمة ، عن النبي (ص) " تخلقوا بأخلاق الله " ، وعنه (ص) " لله عز وجل تسعة وتسعين إسما من دعا الله بها استجاب له ومن أحصاها دخل الجنة " أحصاها أي تخلق بها ، فيأخذ من جماله جمال ، و من كرمه كرم ، ومن صفات الإمام الحسن (ع) السخاء و الكرم و الحلم و غيرها من ذلك ، فكان الإمام الحسن مرآة لكرم الله ، و قد كان معطاءً ، قال الإمام الصادق (ع): " إن الحسن بن علي (عليهما السلام) قاسم ربه ثلاث مرات وحج عشرين حجة على قدميه." .
ومن خصاله أيضًا الخوف ، و كان المقرر أن نتحدّث الليلة عن القلب الخائف ، ومن أبرز مصاديق الوجل و الخوف هي شخصيته (ع) و قد استجمعت حالة الخوف ، و قد ورد عنه أنه كان لا يطيق ذكر العرض على الله ، أي لا يتحمّل أن تذكر العرض عن الله ، فكان يغشى عليه . الخوف نوعان ، خوف سلبي يًعطل مسيرة الحياة ، و خوف إيجابي وهو الخوف من الله لأنه خوفٌ يبعث العاصي على التوبة و المقصّر على الإكمال ، الخوف من الله مشروع دفع نحو الكمال ، عن النبي (ص)" رأس الحكمة مخافة الله " ، و آخر الخصال و الخصال كثيرة هي الرحمة و هي صفة ملازمة للإيمان . ولا تستقيم حالة الإيمان من دون رحمة .
بعد ذلك كانت الجلوات و قراءة المولد المبارك للإمام الزكي من نصيب المدّاح محمود الجدحفصي ، وقد كان عرّيف الحفل الأستاذ علي مكي الحرحوش.
ومع هذه الليلة اختتم سماحة الشيخ سلسلة محاضره و دروسه ، و سنبدأ ليلة الغد المجالس الرمضانية في النصف الثاني مع سماحة السيّد ميثم المحافظة في مثل الموعد .
التعليقات (0)