شارك هذا الموضوع

الصفا ليلة العاشر من شهر رمضان لعام 1443هـ/2022م

-واصل سماحة الشيخ ابراهيم الصفا سلسلة محاضراته الرمضانية بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، و ذلك في ليلة العاشر من شهر رمضان المبارك لعام 1443 هـ ، وتحت عنوان " خصائص القلب السليم " ، ابتدأ سماحته بمقطع من سورة الشعراء " وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) " ، نجد أن القرآن تحدّث عن مفهوم القلب السليم في موردين ، الأول في سورة الشعراء كما قرأنا ، و أمّا الموضوع الثاني ففي سورة الصافات " و ان من شيعته لابراهيم " ، القلب السليم حالة من حالات القلوب و هي أسماها ، و ان خلاص الإنسان يوم القيامة مشروط بمجيئه بقلب سليم .

القلب السليم يعرف بخصائصه و صفاته و سيدتنا خديجة لهي نموذج أكمل ، اجتمعت فيه خصائص القلب السليم ، انطلاقًا من سيدتنا ام المؤمنين خديجة عليها السلام ، الخاصية الأولى أنه قلب يخلو من حب الدنيا ، قلب معلّق بالله تعالى ، و الدنيا جسر للوصول الى الله ، اذا ارتبطوا بالدنيا انما من أجل آخرتهم فقط ، أما أهل الدنيا فيتعلّقون بالدنيا للدنيا ، عن علي عليه السلام عن رسول الله ( ص ) في قوله تعالى: (إلا من أتى الله بقلب سليم) ، هو القلب الذي سلم من حب الدنيا " ، التعلقات الدنيوية ان كانت وسائط للآخرة فليست للدنيا كحب الرجل لأبنائه و حب الرجل لزوجته و حب المؤمن لأخيه المؤمن فهذا ليس من أجل الدنيا ، فهذه عبادة لله تعالى .

صاحبة هذه الليلة خديجة نموذج لا نظير له اذ تعلّقت بالآخرة و كانت الدنيا في قبضتها و كانت أغنى اهل زمانها و أكثر أهل قريش مالًا و ثروة و غنىً ، قال (ص): " ما قام ولا استقام ديني إلا بشيئين: مال خديجة وسيف علي بن أبي طالب " ، القوة الإقتصادية من جانب والقوى العسكرية من جانب آخر عي عناصر الغلبة في كل حراك سياسي إصلاحي ، جندت مالها كلها لله تعالى ، و هذه مؤشرات أن خديجة تحب الآخرة ولا تحب الآخرة . وروي عن ابن عباس في تفسير هذه الآية (فوجدك عائلا فأغنى) يعني وجدك فقيرًا فأغناك بمال خديجة. كان لخديجة مال كثير وحسن وجمال، ومن جملة مالها من أواني الذهب مئة طشت، ومن الفضة مثلها ومئة إبريق من ذهب، ومن العبيد والجواري مئة وستون، ومن البقر والغنم والإبل والحلي والحلل وغيرها ما شاء الله قيل: كان لها ثمانون الف من الإبل بل كانت تؤجر وتكري من بلد إلى بلد فبذلت تلك الأموال والجواري والعبيد لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى بقيت تنام هي ورسول الله (ص) في كساء واحد لم يكن لها غيرها.

الميزة الثانية لأصحاب القلب السليم ، أنه قلب لا شرك فيه بل إيمان خالص ، عن رسول الله (ص) - وقد سئل: ما القلب السليم؟ -: " دين بلا شك وهوى، وعمل بلا سمعة ورياء " ، خلاص المرء من الخسران بأمرين ، داخلي جوانحي ، وخارجي جوارحي ، النبي (ص) يقدّم خصالًا واضحة ، العمل لا يجوز أن يكون فيه رياءٌ وسمعة لأنها تُفسد العمل ، كما أن العُجب يمحق الثواب مع صحة العمل . إنها أحبّ نساء النبي صلّى‌ الله‌ عليه‌ وآله إلى نفسه الشريفة ، فقد ورد عن عائشة : كان رسول الله صلّى‌ الله‌ عليه‌ وآله لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة ، فيحسن الثناء عليها ، فذكرها يوماً من الأيام فأدركتني الغيرة ، فقلت : هل كانت إلاّ عجوزاً ، فقد أبدلك الله خيراً منها ! فغضب حتى اهتزّ مُقدّم شعره من الغضب ، ثم قال : « لا والله ما أبدلني الله خيراً منها ، آمنت إذ كفر الناس ، وصدّقتني وكذّبني الناس ، وواستني في مالها إذ حرمني الناس ، ورزقني الله منها أولاداً إذ حرمني أولاد النساء ». قالت عائشة : فقلت في نفسي : لا أذكرها بسيئة أبداً.

الخاصية الثالثة للقلب السليم هو القلب الطاهر من الذنوب و الخطايا ، الذنب يولد بؤر سوداء في القلب المعنوي ، عن أبي عبد الله عليه السلام يقول: "إذا أذنب الرجل خرج في قلبه نكتة سوداء فان تاب انمحت وإن زاد زادت حتى تغلب على قلبه فلا يفلح بعدها أبدا " ، ولذا من سنة النبي الإستغفار سبعين مرة او مائة مرة في الليل ، الاستغفار يعيد بريق النفس وموازين العدالة و يزيل آثار الذنوب ، فحبذا أن لا يترك المؤمن الإستغفار . القلب السليم هو السليم من الذنب ولنكثر من الإستغفار






التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع