شارك هذا الموضوع

الصفا ليلة الرابع من شهر رمضان لعام 1443هـ/2022م

واصل سماحة الشيخ ابراهيم الصفا سلسلة محاضراته الرمضانية بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، و ذلك في ليلة الرابع من شهر رمضان المبارك لعام 1443 هـ ، وتحت عنوان " خصائص القلب الخاشع " ، ابتدأ سماحته بمقطع من الآية المباركة في سورة الحديد " أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ " القرآن الكريم يُحدّثنا حول حالة تعتبر من أهم حالات الإنسان في علاقته مع الله تعالى ، و تلك الحالة التي تُؤكّد عليها الآية التي نحن بصدد الحديث حولها ، تتحدّث عن حالة الخشوع ، و هي حالة من الحالات التي تَعتري قلبَ الإنسان ، و الحالات تلك تمرّ بمتغيّراتٍ متعددةٍ ، هذا التغيّر الذي يعترض القلب له ثلاثة مستويات ، الأول تغيير خشوعي على نحو الحال ، و الثاني هو تغيير خشوعي على نحو الملكة ، الثالث : تغيير خشوعي على نحو الإتحاد

ما الفرق بين تلك المراحل ، الحال هو أسوأ مراحل التغيير وهو مستوىً آني ، أي تغييرٌ في حدود اللحظة و سريع الزوال ولا دوام له ، كحالة الخجل ، هي وليدة الإتصال باللحظة ، فهناك نوع من الخشوع تغيير على نحو من الحال ، يعترض الإنسان وما أسرع أن يزول وهو من أسوأ مراحل التغيير وله مراتب ، لما نتكلم عن الندم والذنب و عواقب المعاصي ينقبض قلبه ما دام في المحاضرة ، ويبدأ التغيير من انكسار وندم و عتاب للنفس و توبيخ للذات ما دام متصلًا ، بمجرد أن ينفصل يعود الى ما كان عليه ، التغيير الثاني على مستوى الملكة ، أي بمستوى عميق من التعلّق و من التأصّل و من التغيير الجذري ، أي هناك رسوخ ضارب في اعماق النفس و القلب . لا نقول أن يتحوّل الى معصوم ، بل يخطأ ويعصي و يسهىوقد تنزل قدمه ، لكن سرعان ما يعود الى جادة عادته التي اعتاد عليها ، وما أسرع ما أن يوبّخ نفسه ، وأغلب المؤمنين من هذا النوع . المستوى الثالث على مستوى الإتحاد أي ان تكون الذات مرآة للتقوى و هذا مقام أهل العصمة عليهم السلام ، والله لا يطالبنا بهذا المستوى بل بمستوى الملكة . القرآن لا يمجد الصفات بل يمجد الذات المتصفة بالصفات لا في الصفة كحسب .

القلوب لها أحوال ، وواحدة من هذه الأحوال الخشوع ، و الخشوع حضوره في القلب على مستويات ثلاث كما بينّا ، له أثر يولّد الخضوع ، النظر المحبب عند الله هو نظر الخشوع ، في الدعاء المأثور عن زين العابدين ( ع ) " اللهم إني أعوذ بك من نفس لا تشبع، ومن قلب لا يخشع، ومن علم لا ينفع، ومن صلاة لاترفع، ومن دعاء لا يسمع " ، فالأولياء يتعوذون من قلب لا خشوع فيه ، من آثار القلب الخاشع أنه يوقظ القلب من غفلته ، حالات المعاصي و الإنهيار الخلقي و السلوكي منشؤها الغفلة ، الخشوع هو من يعيد اليقظة الى القلب ، كما قال العالم : اذا خشع القلب رق ، و اذا رق أفاق ، و اذا أفاق ندم ، و اذا ندم عمل صالحُا ، فيبدأ ذلك كله من الخشوع ، فاذا خشعت النفس لانت ، الجأ الى الله ، وواحدة من أسباب يقظة القلب الغافل .

كما ينقل لنا التاريخ قصة جميلة لفضيل بن عياض حيث كان الفضيل بن عياض شاطرا يقطع الطريق بين أبي ورد وسرخس وكان سبب توبته أنه عشق جارية فبينا هو يرتقي الجدران إليها إذ سمع تاليا يتلو " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله " فلم سمعها قال بلى يا رب قد آن فرجع ، وقال : أنا أسعى بالليل في المعاصي وقوم من المسلمين ههنا يخافوني وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع اللهم إني قد تبت إليك وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام .الأثر الثاني من آصار الخشوع ، الإنكسار بمحضر الله عز وجل ، الإنسان جاهلٌ ومن دلائل جهله ، أنه يتمرّد على ربه . الخاشع منكسر و خاضع لله سبحانه و تعالى ، الصفة الثالثة : قبول الصلاة ، و فرق بين صحة الصلاة و قبولها ، وسر من اسرار القبول هو الخشوع ، وتارة يكون القبول تفضلًا و تارة يكون استحقاقًا . فنقول بعد الصلاة " إلهي هذه صلاتي صليتها لا لحاجة منك إليها، ولا رغبة منك فيها إلا تعظيما وطاعة وإجابة لك إلى ما أمرتني، إلهي إن كان فيها خلل، أو نقص من ركوعها أو سجودها فلا تؤاخذني، و تفضل على بالقبول والغفران، برحمتك يا أرحم الراحمين). "





التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع