شارك هذا الموضوع

السيد ميثم المحافظة ليلة السادس و العشرين من شهر رمضان لعام 1442 هـ

أكمل سماحة السيد ميثم المحافظة سلسلة محاضراته الرمضانية بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، و ذلك في ليلة السادس و العشرين من شهر رمضان المبارك لعام 1442 هـ ، وتحت عنوان " الغضب جمرة من الشيطان " ، ابتدأ سماحته بمقدمة في تعريف الغضب وهي صفة ذميمة في دائرة الأخلاق ، ولكن يصفها علماء الأخلاق انها ليست ذميمة بشكل مطلق ، ولكن هناك دائرة ضيقة بما يسمى الغضب في الله ، وبذلك تكون الصفة في الإتجاه الصحيح ، أطلق عليها النبي ( ص ) جمرة من الشيطان و هو حديث للنبي ( ص ) ، أيضًا عنه ( ص ) " وإن أحدكم إذا غضب احمرت عيناه وانتفخت أوداجه، ودخل الشيطان فيه " هذه الرواية وصفت الغضب أنه من تسويلات وشحنات الشيطان لارتكاب الشرور و المآسي و الموبقات ، أي هي من أسلحة الشيطان الرجيم ، هناك رواية أخرى للنبي (ص) " الغضب مفتاح كل شر "

يفتح الغضب باب الشر ، و المؤمن المتزن و الثقيل في شخصيته اذا ما غضب تجده انسانًا آخرًا فيكون ذلك غير لائقًا ، ولذلك هناك تداعيات للغضب ، عنه الإمام علي " شدة الغضب تغير المنطق، وتقطع مادة الحجة، وتفرق الفهم. " ، وهذا ما توصلت اليها الدراسات اذا ماغضب الإنسان فانه يتعطّل ثلثا عقله و الخلايا العصبية تتوقف عن العمل ، فيقود هذا الثلث الإنسان الى السب و الشتم ، و بعد ذلك يرجع عقله وتعمل خلاياه مرة أخرى ، فندعو ان ينتبه الإنسان ، ولا يثق كثيرًا في هدوءه و قوة ارادته ، فلا علم له اذا ما دخل تلك الأجواء المشحونة و فقد جزءًا من عقله . وذلك ندعو أن لا يتم اتخاذ أي قرار في جلسات الإصلاح و بناء المشاريع عند الغضب و الشجار و الصراخ ،

ان أفضل ما يواجه به الغضب هو الحلم و هي من الصفات المطلوبة في أي قائد أو رئيس أو منصب ، حيث ستؤذي نفسك و تؤذي من حولك و ستهدم المؤسسة في حالة كونك غضوبًا فلابد أن تتجنب تلك المواقع الحساسة ، يجب أن تكون سمحًا حليمًا . من سورة التوبة " ۚ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114) " ، فنقدم الحلم على العلم . كونك طبيبًا أو معلمًا أو طالب علم أو ما شابه يجب أن تكون الأخلاق حاضرة ثم العلم ، فلا تحطّم شخصيتك بسبب انفعالاتك اللا مرغوبة ، و أن تتحكم في صفة الإنفعال و الغضب وتواجهه بالحلم ، و سيرة النبي ( ص ) كثيرة بحلمه ، حيث أتى أعرابي إلى النبي ( ص ) فأخذ بردائه فجذبه جذبة شديدة، وقد أثرت فيه حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: " أَعْطِنِي مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فإنك لا تعطي من مالك ولا مال أبيك " ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ (ص) فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ . ولذلك ندعو أن لا يعيش الإنسان مكشرًا و مقطبًا جبينه و حاملًا هموم الدنيا ومزاجيًا بسبب مشاكل الدنيا فإنك لن تحصيها ، فإن ذلك يؤثر في أخلاقه ، وطبيعة الدنيا مشاكل و فرح و حزن ، و لذلك يجب أن يعيش المؤمن الممازحة الخفيفة و الملاطفة ": المؤمن هش بش " وعنه ( ص ) " المؤمن يألف ويؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس " فيجب أن يلقى المؤمن الناس بوجه طلق

هناك أسباب كثيرة للغضب ، ذكرها النبي عيسى ( ع ) في رواية طويلة عندما سأله النبي يحيى ( ع ) نختصر الأسباب الأساسية: أولها الزهو و العجب ، أي أن يؤذي الإنسان نفسه بالحسد ومتابعة الناس في مستوياتهم و مواهبهم و نعمهم ، و يسهر الليل في مراقبة الناس ، هناك من هو أدنى منك و من مثلك ومن هو أحسن منك ، فهذه طبيعة العالم ولا يمكن أن تعيش بهذه الكيفية ، فتشتعل حالة الكبرياء ، هنلك من له جمال و مال و مستوى وموهبة اعلى منك ، فكن شاكرًا لله دومًا ، و لا تصاب بحالة النرفزة و الغضب فيؤذي ذلك الى اشعال الحروب بينك و بين الناس بلا فائدة وتكوين الخصامات بسبب حالة الحسد ، ثانيًا : المزاح و الهزل ، نحن دعونا للممازحة الخفيفة التي تريح النفس لكن لها وقتًا محددًا و مكانًا محددًا و حدًا محددًا و ينبغي الإلتفات الى مشاعر الناس و أصنافهم . فتعدي دائرة المزاح تؤدي الى غضب الطرف الآخر ومن ثم للخصومة ، و نجد أن أكثر الناس مزاحًا هم أكثر الناس غضبًا حينما يمزح الناس معهم ، فهو من فتح الباب لذلك . و ما أكثر أن حدثت الخصومات و المشاجرات لأسباب تافهة كالمزاح . ثالثًا الحرص على الدنيا و البخل يؤدي الى اثارة الغضب .

ما هو علاج الغضب ؟ عنه النبي ( ص ) " يا علي! لا تغضب، فإذا غضبت فاقعد وتفكر في قدرة الرب على العباد وحلمه عنهم، وإذا قيل لك: اتق الله فانبذ غضبك، وراجع حلمك " ، ينبغي على من يجد نفسه كثير الغضب أن يذكر الله و يهدأ نفسه بالقرآن و الأدعية فلها من الأثر البالغ على نفس الإنسان . فالأمر النفسي يواجه بأمر نفسي ، هناك بعض الأحكام الشرعية المتعلقة بالغضب ، يقسم السيد السيستاني الغضب الى قسمين : غضب يسلب القصد و غضب لا يسلب القصد . أولًا اذا طلّق الرجل زوجته و هو غاضب سالب للقصد فان ذلك يبطل طلاقه ، اما اذا كان طلاقه لم يسلب لقصده واختبره الناس بعد ذلك و لم يكن نادمًا على ما فعله فان ذلك لا يبطل الطلاق . ثانيًا الحلف و النذر : فلو أقسم أو أنذر الإنسان بشيء و صار فيما بعد وهو لم يقصد بسبب غضبه ، فان ذلك يسقط الكفارة ، أما الظهار بذكر الصيغة فانها تبطل بأقل الغضب .

الغضب عند المسيحين هو أحد الخطايا السبع الخاطئة . فإن غضبت فلا تدخل في دوامة الخطأ . يقول سقراط : " من لم يغضب لا يشعر بالمسؤولية ولا يتحلى بصفة الرجولة " و هنا يتحدث سقراط في دائرة الغضب من أجل الحق ، فلا تكون ذليلًا و ضعيفًا فتُظلم و تذل ويسلب حقك و ترى منكرًا و يخدش حياؤك فلا تغضب ، كا أن الغضب له دائرة يرخص الإسلام فيها لأن تدافع عن غيرتك و حقك و رد المنكر . و لا أن تبقى خانعًا أمام المنكرات .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع