أكمل سماحة السيد ميثم المحافظة سلسلة محاضراته الرمضانية بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، و ذلك في ليلة الخامس و العشرين من شهر رمضان المبارك لعام 1442 هـ ، وتحت عنوان " البنت ريحانة حسنة " ، ابتدأ سماحته بذكر ما عانته البنات في التاريخ من ظلم و إضطهاد و وأد ولقتل و إبادة وهذا ما لا يرضاه الإسلام ، وأقبلت شريعة النبي ( ص ) لإنقاذ هذه الطبقة و هي المرأة أو البنت من هذه العقيدة الإبادية التي تشكل خطرًا على الجنس البشري ، و أقبل هذا الدين ليعطي البنت حقوقًا في هذه الحياة و سننًا للإهتمام بها و رعايتها ، ونناقش هذا اليوم هذا الأمر الهام وهو حقوق البنت في الإسلام .
من ضمن ما ورد عن لسان النبي ( ص ) "خير أولادكم البنات" ، و عنه ( ص ) " البنات حسنات ، والبنون نِعَم ، والحسنات يثاب عليها ، والنعمة يسأل عنها " ، " أتى رجل النبي صلى الله عليه وآله وعنده رجل فأخبره بمولود فتغير لون الرجل، فقال النبي صلى الله عليه وآله، مالك؟ فقال: خير، قال:قل، قال: خرجت والمرأة تمخض فأخبرت أنها ولدت جارية، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: الأرض تقلها، والسماء تظلها، والله يرزقها، وهي ريحانة تشمها " . أول تلك الحقوق هي النفقة ، يجب على الأب النفقة على بنته من مأكل و مشرب و مسكن و علاج و غيرها ، لا يجب أن تكون الأمور الغير ضرورية أو الكمالية سببًا للمشاكل داخل الأسر ، فبقدر ما يستطيع الأب أو الزوج من بذل فيبذل . فإذا تكبّد الزوج أو الأب الديون و الهموم يكون المتضرر هو الأسرة بأكملها .
هناك بعض السنن الأخلاقية ، و أول تلك السنن هي الاسم الحسن كي لا ينابزها أحد أو يعايرها أحد . و أن تتعلم العقائد و المسائل الشرعية من وضوء وغسل وتعاليم القرآن ، و لو كان الأبوان مشغولان ، فهناك من يحمل ذلك العبء من مشاريع التعليم الديني وهم أحيانًا أكثر سلامة من الأبوين من حيث التحرّز و العلم . فلا تجعل البنت بلا تعليم فترفض الحجاب و ترفض التعاليم الديني . و بعد ذلك تكون البنت في وسط ثقافة موبوءة من التفسق والعري حيث أن وسائل التواصل الإجتماعية مشحونة بذلك . وندعو الأبوين أن يلتفتوا الى العفة و الستر لبناتهم من ستر للشعر و اليد و ظاهر الجسم كما تعلّمنا من مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، و منعها جميع ما ينافي ذلك و ما ينافي الآداب الإسلامية من تحية و تعامل مع الآخرين ، و أن تتحصل على تربية صالحة من أبويها .
الأمر الآخر أن يعدل الأبوان بينها وبين أخواتها و أخوانها ، أحيانًا لا يلتفت الأبوان الى ذلك ، فيكونا سببًا في الإنشقاق و الحسد و الغيرة و العداوات داخل الأسرة الواحدة بسبب عدم معاملتهم بعدالة وانصاف . عنه (ص): " إن لهم عليك من الحق أن تعدل بينهم، كما أن لك عليهم من الحق أن يبروك " . الأم هي الأولى في رضاعة البنت ولو طلبت الأم الأجر على رضاعتها جاز لها ذلك ولا ينبغي للزوج الإمتعاض من ذلك . و الأمهات (جازاهم الله الخير) يتعبون تعبًا شديدًا في الرضاعة ولا ينبغي أن يمرر الزوج ذلك بشكل عابر و ان لم تطالب ، فيراعي الزوج هذا التعب من الزوجة في هدية أو ما شابه . بعدها يكون من حق البنت الحضانة و أن تكون في رعاية الأبوان ، لو حدث الطلاق و الشقاق ( لا سمح الله ) فينبغي أن لا تتعلق ذمتك بظلم ، فالحضانة في السنتين الأولتين للأم ، واختلف الفقهاء ما بعد السنتين الى 7 سنوات ، و لكن في المحكمة الجعفرية تكون في أحضان الأم ، ذكرًا كان أو كانت أنثى ، بعد السبع سنوات تنتقل الحضانة للأب الى البلوغ ، و من حق من لا تكون له الحضانة الزيارة و النظرة . بعد بلوغ البنت أو الولد يُخير الولد أو البنت ، و لا ينبغي تلويث سمعة الآخر من كلا الطرفين و يعتبر ذلك من دائرة الظلم و غير جائز شرعًا .
حق البنت في الرعاية و الولاية الشرعية من مشروع الأب ، حيث يدير أموالها في صالحها و يترفق عليها و يتحنن عليها ، واذا أقبل زوج لها فيجب أخذ اذن الأب و بالخصوص ان كانت بكرًا و هناك تفصيل عند الفقهاء من رشد و ما شابه ينبغي الرجوع اليه ، ان إدخال الأذى على قلب الوالدين يسلب التوفيق ، فينبغي أن لا تتزوج البنت من دون الإذن أو تجبر وتُكره والديها على الزواج من غير الصالح ، و هذا ما لم يمكن تحمله . فالعلاقة الدائمة هي العلاقة مع الأبوين ، ونحن لا نتحدث عن عضل الأبوين عن الزوج المؤمن و الخلوق فتبطل ولاية الأب اذا ما تقدم الرجل الكفؤ والمتدين و أراد أن يعضلها فيكون فسادًا في الأرض ، ينبغي أن لا نرجع الى الزمن الغابر في المشاكل الأسرية ، فلا ولاية للأخ على اخته ، و لا ينبغي للبنت أن ترفض طاعة أبويها اذا ما أشفقا عليها من تأخر أو خروج من البيت أو أن ترفع صوتها عليهما لا سمح الله و تتأثر بما يُعرض من مشاهد خارجة عن القيم الإسلامية .
التعليقات (0)