شارك هذا الموضوع

السيد عدنان الكراني في ليلة الثالث من شهر محرم الحرام لعام 1442هــ

شارك الخطيب الحسيني السيد عدنان الكراني في ليلة الثالث من شهر المحرم الحرام لعام 1442 هـ ، و تحت عنوان " من مسائل فقه الحج " ، ابتدأ سماحته بالآية المباركة من سورة الحج " ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ ۗ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ ۖ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) " ، تعتبر هذه الآية من فقه الحج ، و نظرًا لأهميته فقد أخذ مساحة واسعة في الشريعة الإسلامية ، ذلك لأن أساس فكرة الحج هو تجسيد وحدة المسلمين عمليًا أو ميدانيًا و ذلك يقابل الجانب النظري .

قد يكون هناك إختلافًا بين جموع الحجاج ، ولكن حينما يلتقي الحاج مع الحاج الآخر في الحج تتغير الأفكار ، و تذوب الخلافات فيما بينهم و يجلسوا حول مائدة الإسلام ، وهي التي يجب أن نأكل ونلتف ونجتمع حولها ، و أن يأخذ المسلمين من بعضهم الآخر ، الآية ابتدأت بـ "ذلك" ، و هي أداة فصل لخطاب ، و تعمل على قطع الكلام السابق عن الكلام اللاحق ، وكأنما لا علاقة بينهما ، مفسرو المسلمين لهم رأيان في معنى الحرمات ، الأول هو تعظيم المناسك ، و أن الإنسان يجب عليه أن يؤمن بالحكمة الكامنة وراء تلك المناسك و الكثير منها أمور معنوية .

من يمتلك الوعي و الثقافة و الانفتاح كالمسلم يفهمها ، ولكن تلك المؤسسات الغربية قائمة اما على المعادلات الرياضيات او الأمور العقلية ، فهم يؤمنون انّ ما يتصوره العقل فهو موجود ، فما لا يستطيع الوصول اليها العقل يرفضها ، و هكذا يتعاطى الغربيون ، و للأسف أخذ بعض المسلمين هذه الفكرة حينما لا يستطيعوا فهم بعض الحقائق من واقع عقلي مادّي بحت ، الإنسان بالأمور المادية يستطيع أن يتعامل مع الماديات ، و لكنه لا يستطيع التعامل مع ما وراء المادة ، كالروح مثلُا . المشكلة العقائدية و الدينية ترجع فيها للعلماء المختصين ، كرجوع المريض للطبيب و رجوع المشكلة القانونية الى المحامي و المشكلة الأسرية الى الباحث الإجتماعي ، لا تبحث و تفتي عندما لا تمتلك قاعدة أساسية في الدين ، لن تستطيع من دون قواعد أساسية أن تهضم هذا الأمر .

يجب أن نرجع الى أصحاب الإختصاص وليس عيبًا أن تقول لا تعرف ، فالمفيد رحمه الله و أستاذ الشريف الرضي و المرتضى حكي عنه أنه رأى‏ في‏ منامه‏ كأنّ بضعة الرسول ( ص ) فاطمة الزهراء ( ع ) دخلت عليه معها ولداها الحسن و الحسين عليهما السلام فسلّمتهما إليه و قالت له: يا شيخي علّم ولديّ هذين الفقه. فانتبه متعجّبا من ذلك، فلما تعالى النهار في صبيحة تلك الليلة التي فيها الرؤيا، دخلت عليه في المسجد سيّدة العلوية و معها ولداها الشريف الرضي و المرتضى و قالت له: هذان ولداي قد أحضرتهما لتعلّمهما الفقه. فبكى الشيخ المفيد و قصّ عليها الرؤيا ، و تولّى تعليمهما الفقه حتّى أنعم اللّه عليهما، و فتح لهما من أبواب العلوم و الفضائل .

كذلك الشيخ النعمان حينما يُسئل في الجامع يقول ثلاث مرات " لا أعلم " حتى لا يدخل الإنسان الذي سأله في طريق قد لا يستطيع بعد ذلك الرجوع منه و هذا تشجيعٌ للناس ، فمهما بلغت من العلم يجب أن ترجع لذوو الإختصاص وأن تقول بأنك لا تعلم حينما لا تعرف الأمر . الله تعالى في كثير من الأحيان يتعبّد عقول الناس و يختبر مدى ميلان الإنسان و التفافه حول الأوامر الإلهية ، من ضمن تلك الأمور التي لا يستوعبها الغربي رجوع الميت يوم المحشر بعدما دفن و تحلل ، القرآن الكريم تعاطى مع هذه السألة من جانبين ، جان الدليل و البرهان و الجانب الثاني أن تكتفي بأن تتعبد الله بما أمرك و بيّن لك

الآية التي لا تبين لك الدليل ، من قوله تعالى في سورة النبأ " إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17) يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18) وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19)" ، أمّا الآية التي تبين لك الدليل ، من سورة ق " أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ ۚ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (15) ، وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) " تبيّن الآية كيف أخرج الله سبحانه و تعالى الإنسان من التراب الا أن دبت فيه الروح و النشاط و الحيوية في المجتمع الى أن توقف وضمته الأرض و عاد الى ما كان عليه ، فمن استطاع وامتلك قدرة على خلقه من التراب ، ألا يستطيع في أن يرجعه من تراب ! ، ولكن كيفية رجوعه و هيئته بعد الرجوع ليس في مورد حديثنا .

من سورة يس " وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ (80) " الذي استطاع أن يخرج الضد من الضد يرجع الحياة الى الميت ، اذا أردنا أن نضع جوابأ من الممكن أن يكون معنى لرمي الجمرات هو شحذ القوة والعزيمة لمحاربة الشيطان من المعاصي و الذنوب ، و من أراد التفصيل فيجده في قضية الإمام مع الشبل ، حيث يبين ويعلل معاني الأمور المعنوية لكل الحركات و الأفعال في الحج .

الرأي الثاني أن معنى حرمات الله هي المقدسات التي تحيط بالكعبة المشرفة ، الله سبحانه و تعالى أحاط البيت و شرفه بمجموعة من المقدسات و هي خمسة ، الكعبة المشرفة و المسجد الحرام و البلد الحرام و الحرم المحيط بالبلد و الزمن الحرام و المقصود به هو الزمان الذي يقع فيه الحج من أجل أن تنسج سياجًا وتعمل على عمل حيز يعمل على حفظ قدسية ذلك المكان ، حتى يتأمل الإنسان و يتأمل الفرد المسلم على عظمة تلك المكان ، أن تكرّس وجودك كله لله ، باعتبار الكعبة الأم العقائدية .

اذا أراد الإنسان الدخول الى مكة لا يدخلها كيفما شاء وكيفما أراد ، يجب عليه تأدية الأعمال لكي يظهر الله قدسية ذلك المكان أن ترتدي ثوبي الإحرام و تتجرد من كل ما لك صلة به بالدنيا و كل الناس يرتدون قطعتين بلون واحد كي تذوب الطبقيات و الفوارق ، قبل أن تدخل تعقد نية الإحرام فيحرم عليك بعدها عدة أمور . من تقليم الأظافر او اقتلاع الشعر من الجسد و مقاربة النساء ووضع الطيب . في جانب آخر عندما تحل من الإحرام فإن كل محرمات الإحرام تحل لك . لكن محرمات الحرم لا تحل للإنسان كأن يقتلع شجرة في حدود الحرم .

شارك هذا الموضوع