شارك هذا الموضوع

الشيخ رائد الستري يوم الحادي من محرم لعام 1442 هـ

شارك الخطيب الحسيني الشيخ رائد الستري يوم الحادي من شهر المحرم الحرام لعام 1442 هـ ، و تحت عنوان " الشعائر الحسينية في زمن الكورونا " ابتدأ سماحته بالآية المباركة من سورة الحج " ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) " بحث يرتبط بالشعائر في هذا الزمن ، أولًا : موقعية الشعائر في ضمن منظومة الأحكام و المنظومة التي رسمها الإسلام ، ثانيًا : ضرورة الربط العقائدي بين الشعائر وبين المكلّف ، ثالثًا : التوجيهات الصادرة من المرجعية و العلماء .

أولًا : ما يرتبط بموقعية الشعيرة في التوجيه الاسلامي في ضمن المنظومة المتكاملة من الأحكام ، الشعيرة مشتقة من الشعار ، و الشعار يعني الرمز و العلامة للشيء ، و العلامة للشيء بالعادة تختزل جملة من المضامين ، أي أنها لا تكون أحادية في تعبيرها بل مجموعة من الرموز التي تعبر عن معانٍ متعددة . فأي مؤسسة تتخذ شعار ما لها ، فانه يعبر برسمه و طريقته عن مجموعة من المضامين التي تتبناها تلك المؤسسة ، ومن هذه الفكرة نقول بأن شعائر الدين هي تلك المجموعة من الأعمال التي تختزل جملة من تعاليم الدين ، و هي تكتنف جوهرًا مهمًا من تعاليم الدين .

يقول الله تعالى في سورة البقرة " إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158) " كل مناسك الحج من شعائر الله لأن الحج يكتنف في تفاصيله من تعاليم الدين و اختزل أحكام الإسلام في تجربة مصغرة . وهي مليئة بأعمال تعبر عن وحدانية الله تعالى وعقيدة التوحيد . ولذا من ميز الشعائر أن احياؤها احياءٌ للدين ، و ذكرى الحسين تشكل شعيرة من شعائر الدين و المذهب لاحتوائها على المميزات و الصفات ، فذكراه تشكل حياة للمؤمنين و اعادة لنبض القلب . يقول النبي ( ص ) " إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا " .

عاشوراء أكبر جاذب لك مع أهل البيت ، فيمثل النافذة لربطك بالنبي ( ص ) و بقية الأئمة نافذة للدين الإسلامي ، فيجب أن تبقى خالدة و هذا من مسؤولية الأجيال القادمة ، و ليس ذلك كاحتفالية بل ذكرى تشكل حياةً للدين . لأن الإمام الحسين قال " اني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي " . يجب أن يكون الإحياء مرتبطًا بحياة الدين الإسلامي ، وقضية الإمام الحسين ( ع ) ليست أحادية في مفاصلها بل متكاملة ، فليس الإحياء مرتبطًا بالجانب السلوكي و العاطفي فقط ، بل يجب أن يُبنى على منظومة عقائدية ، الشعائر لها موقعية مهمة في الدين الإسلامي و يجب أن نرتبط بالشعيرة ارتباط عقدي و سلوكي .

الإرتباط العقائدي هو الإرتباط الذهني الذي يحدث نوعًا من الإستقرار النفسي و الربط النفسي و التولّي بهم ، فنجد توجيهات علماؤنا على موضوع الشعائر الحسينية بأشكالها المتنوعة ، و أولها البكاء على الحسين ( ع ) ، و البكاء على الحسين مستحب و رابط عاطفي مع الإمام و بالتالي رابط عقائدي يجب أن يُفهم بأنه ممدوح في أي مكان حتى لو كنت منفردًا . فالله يثيبك على تلك العبرة عن الإمام جعفر الصادق (ع) :" من بكى أو تباكى على الحسين (ع) وجبت له الجنة " . وعن أَبُوعَبْدِ اللَّهِ (ع) فِي حَدِيثٍ ومَنْ ذُكِرَ الْحُسَيْنُ عِنْدَهُ فَخَرَجَ مِنْ عَيْنِهِ مِنَ الدُّمُوعِ مِقْدَارُ جَنَاحِ ذُبَابٍ كَانَ ثَوَابُهُ عَلَى اللَّهِ ولَمْ يَرْضَ لَهُ بِدُونِ الْجَنَّةِ. "

الشكل الثاني هو المآتم ، ورد عن الإمام الباقر وهو يخاطب الفضيل بن يسار - أحد أصحابه - ويقول له: "يا فضيل! أتجلسون وتتحدثون؟" قلتُ: بلى سيدي، قال: "إنّي أحبّ تلك المجالس، فأحيوا فيها أمرنا، من جلس مجلسًا يحيا فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب". هذا الإجتماع محل رضا الإمام ومحل رضا الله ، وهذه المآتم منعقدة من هذا النص و هذه الرواية ، أيضًا اللطم ، و لا يوجد نص صريح واحد على اللطم ، لكن عندنا ما أُثر أن النساء بعد مقتل الحسين أخذن يلطمن على الصدور و الروؤس بنظر من الإمام زين العابدين ( ع ) و هذا إقرارٌ وهو من مصادر التشريع ، و هناك مظاهر متعددة كالنعي ، فكان الأئمة يجمعون الشعراء ، و يسألون عن تفاصيل الزيارة . ومن هذا يجب أن نحافظ على هذه الشعائر الأساسية كما ذكر العلماء ، أولًا لابد من ادراك الجنبة العقائدية و الرجوع الى المآتم بعد الفتح بحرارة أكبر ، وثانيًا ضرورة استغلال أي جنبة فيها الإحياء كالإستماع الى البث أو الحضور وفق احترازات صحية ، ثالثًا الحفاظ على اللطم على الصدور ولو بمقدار مختصر .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع