شارك الخطيب الحسيني الشيخ جعفر السعيد بحسينية الحاج احمد بن خميس وذلك في ليلة ذكرى استشهاد الإمام الصادق عليه السلام ( على الفضاء الإفتراضي ) ، ابتدأ سماحته بالآية المباركة من سورة القصص " وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) " سياق سورة القصص يبين ما جرى بين موسى و فرعون ، و هذه الآية وما سبقها تتحدث عن ما جرى في ذلك الوقت الا أنها لا تختص بذلك الوقت فحسب ، فهي تأخذ عنوانًا عامًا لتبين أن من استضعف في الأرض سيورثه الله مقامه و مركزه حتى بعد حين ، و يقول بعض المفسرين ان هذه الآية فيها اشارة أخرى لرسول الله ( ص ) و الى أصحابهم الخُلّص والى خلفاء رسول الله وهم أهل البيت عليه السلام .
الإمام الصادق ( ع ) عاصر فترتين مهمتين من حياة الحكم في الإسلام ، فعاصر أواخر الفترة الأموية و هم أربعة حكام ، هشام بن عبدالملك ، و يزيد بن هشام ، و ابراهيم بن الوليد ، و مروان الملقب بالحمار الذي انتهت دولة بني أمية على يديه ، و من ثم بداية الدولة العباسية و هم حاكمين ، السفاح و المنصور ، و الأخير هو الأشد ظُلمًا على الإمام ، وُلد ( ع ) سنة 83 هـ بالمدينة ، و توفي في سنة 148 هـ و دُفن بالبقيع . أم الإمام هي أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر و امها هي أسماء بنت عبدالرحمن بن أبي بكر ، حيث قال ( ع ) " ولدني أبي بكر مرتين " ، وقد استمرت امامته قرابة 34 سنة .
كانت فترة النزاع بين الدولة الأموية و العباسية من الفترات الحرجة على المجتمع الإسلامي لإنتشار الإنحراف و الفساد و الزندقة و التصوّف ، و بدأت ترجمة كتب الفلسفة من علماء الإغريق و اليونان و أُدخلت على المجتمع الإسلامي ، بالإضافة الى الإنحرافات العقائدية و الإنحرافات الفقهية و التشريعية ، فأدخل القياس و المصالح المرسلة و غيرها في مسألة التشريع و مصادر التشريع بل في فهم القرأن و فهم حديث رسول الله ( ع ) ، وفي مجال الفلسفة و الكلام ، صارت الانحرافات و كان على رأسهم ابن ابي العوجاء و أبي شاكر الديصاني و عبدالله المقفع وغيرهم ممن كانوا رأس الإنحرافات ، ولذلك واجهها الإمام عليه السلام في كثير من الشواهد و الروايات .
من هذه الروايات أنه قال لأبي حنيفة وقد دخل عليه فقال له: أيهما أعظم عند الله الزنا أم قتل النفس؟ قال: قتل النفس، قال: فقد جعل الله عز وجل في قتل النفس الشاهدين، وفي الزنا أربعة، ولو كان على القياس لكان الأربعة الشهداء في القتل، لأنه أعظم. وأيهما أعظم عند الله الصلاة أم الصوم؟ قال: الصلاة، قال: فقد أمر رسول الله (ص) الحائض بأن تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، ولو كان على القياس لكان الواجب أن تقضي الصلاة، فاتق الله يا نعمان ولا تقس فإنا نقف غدا نحن وأنت ومن خالفنا بين يدي الله عز وجل فيسألنا عن قولنا ويسألهم عن قولهم فنقول: قلنا: قال الله وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وتقول أنت وأصحابك: رأينا وقسنا، فيفعل الله بنا وبكم ما يشاء.
ومن شواهده مع الزنادقة و نقصد بالزنادقة أي الملحدين ،حيث سأله أحدهم " أيقدر الله أن يدخل الأرض في بيضة ولا تصغر الأرض ولا تكبر البيضة؟ "فأمره عليه السلام أن يصعد الى جبل ويخبره ما يرى ، فقال له ( ع ) " نعم وفي أصغر من البيضة، وقد جعلها في عينك وهي أقل من البيضة، لأنك إذا فتحتها عاينت السماء والأرض وما بينهما " ، وهذا جواب نقدي لأنه فرض محال . فقد دكان ( ع ) يدفع تلك الإنحرافات عن طريق العلم و البرهان و الدليل و قد خرّج ( ع ) علماء يشار اليهم بالبنان كهشام بن الحكم و زرارة . فقد اجمعت الأمة عليه ( ع ) ، و لذلك أراد المنصور أن يفتك به عليه السلام .
التعليقات (0)